Skip to content

30/12/15

الطباعة ثلاثية الأبعاد مهيأة لإعادة تشكيل بناء المساكن

3d printing houses.jpg
حقوق الصورة:Flickr/Forgemind ArchiMedia

نقاط للقراءة السريعة

  • لمعالجة أزمة الإسكان لا بد أن نفكر من جديد كيف نخطط ونبني
  • الطباعة ثلاثية الأبعاد قد تكون أسرع وسيلة اختُرعت للبناء حتى الآن وأقلها تكلفة
  • تنخفض تكلفة الطباعة ثلاثية الأبعاد سنويًّا للنصف بينما تتضاعف سرعتها ومساحات استغلالها

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

ترى أنيلا جويديس أن تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد يمكن أن تمثل أسرع وسيلة للتشييد شهدتها البشرية، وأقلها تكلفة وإضرارًا بالبيئة.

يميل المتفائلون إلى تصوير المستقبل مدنًا مؤتمتة بالكامل، فيها الكثير من التكنولوجيا، وبلا فقر ولا جوع، لكن أغلبهم لا ينشغل بالتفكير في المسار المطلوب لخلق هذا النسيج العمراني، وكأنه سيظهر فجأة بمعجزة، تمامًا كالمقرات المستقبلية المخططة لمدينة مصدر Masdar في أبو ظبي.
 
لكن ليس هذا هو السيناريو الأكثر احتمالًا لمستقبل المدن، على الأقل إذا لم نتوقف عن دعم النماذج المشوهة للتخطيط العمراني.
 
وبالنظر لقضية الإسكان، ربما يبدو الأمر عبثيا إذا علمنا أن 45% من المواد الخام تُهدر إذا تم بناء 100 متر مربع بالطرق التقليدية -باستخدام الكتل الخرسانية والملاط- في دول العالم النامي. وفي معظم المدن يمكن أن يستغرق بناء منزل واحد حتى ثلاث سنوات بتكلفة تصل إلى ثلاثين ألف دولار أمريكي.
 
يقدر برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية وجود ثلاثة مليارات نسمة على مستوى العالم بحاجة إلى مسكن، وهذا الرقم مهيأ لأن يتضاعف خلال الأعوام الخمسة عشر القادمة. حتى وإن قامت حكومات الدول بضخ مزيد من الأموال في إعمار البنى التحتية؛ لن تتمكن من تغطية احتياجات مواطنيها من المساكن قبل أن تتحول المدن إلى عشوائيات واسعة.
 
لهذا فقد حان الوقت لتبني تقنيات جديدة في التصدي لأزمة ملحة كتوفير المسكن والمأوى. ولا أشير في هذا السياق إلى العشوائيات الفقيرة فحسب، أو إلى عمليات إعادة الإعمار بعد الكوارث كما في هايتي أو نيبال، أو حتى إلى أزمة اللاجئين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا، بل أشير أيضًا إلى النهج العام للتوسع العمراني والتشييد؛ إذ علينا أن نعيد النظر بالكامل في كيفية البناء والتخطيط والتنظيم. فنحن لا نحتاج فقط أن نبني مباني أكثر، نحتاج أيضًا مباني أفضل.
 
إننا نمتلك الوسائل التقنية والذكاء المطلوبين لمواجهة هذا التحدي، ومن هذه الوسائل تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، التي برغم ابتكارها منذ ما يزيد على ثلاثين عامًا، إلا أنها الآن تثبت أقدامها وترسخ مكانتها منتجًا صالحًا للتسويق وتقنية قابلة للتطوير.
 
رواد الطباعة
 
تقوم تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد على تقنيات التصنيع الرقمي، والتصنيع بالإضافة، أي وضع طبقات رقيقة متتالية من مادة ما لتكوين شكل محدد. وهناك حفنة من الشركات والمجموعات البحثية حول العالم يختبرون تلك التقنية بغرض إنتاج مسكن أو مأوى عبرها.

علينا أن نعيد النظر بالكامل في كيفية البناء والتخطيط والتنظيم. فنحن لا نحتاج فقط أن نبني مباني أكثر، نحتاج أيضًا مباني أفضل

أنيلا جويديس      

 
ومن بين هؤلاء المجموعة البحثية الإيطالية ’واسب‘، التي قامت بتصنيع طابعة ثلاثية الأبعاد طولها 12 مترًا يمكنها طباعة أكواخ باستخدام الطين. هدف المجموعة الرئيس هو توفير المأوى في المناطق الصحراوية مثل شمال أفريقيا، حيث طبعت أولى منتجاتها في تلك المنطقة. تؤمن ’واسب‘ بضرورة استخدام المواد الخام المتاحة على المستوى المحلي؛ للحد من التكاليف اللوجستية والبيئية المتعلقة بنقل مواد البناء أو الأحجار.
 
كذلك قامت شركة ’وين صن‘ الصينية بتطوير وسيلة لطباعة المنازل صغيرة المساحة من الخرسانة سابقة التجهيز. ويزعم مخترع تلك التقنية أن الوحدة السكنية الواحدة يمكن بناؤها بتكلفة تقل عن الخمسة آلاف دولار، ويمكن طباعتها في 15 يومًا، لتكون جاهزة للتجميع في غضون ثلاث ساعات فقط. وتخطط الشركة لافتتاح 100 وحدة تصنيع خلال الأعوام القليلة القادمة.
 
وثمة شركة بادئة أخرى بهذا المجال هي ’إربان ثري دي‘ البرازيلية، التي تتبنى نهجًا مختلفًا؛ منطلقة من الإحساس بالأهمية البالغة لتوسيع نطاق المنتجات، سواء من ناحية حجمها الفعلي، أو عبر توفير الخدمة لآلاف الأشخاص. لذا تركز على استخدام الطباعة لاستحداث طريقة تشييد أقل تكلفة وأسرع بناء وأكثر نظافة واستدامة من الأساليب التقليدية، وذلك لتشييد مبان سكنية خرسانية متعددة الطوابق للمناطق الحضرية.
 
تشكل أيضًا فاعلية التكلفة جزءًا مهمًّا من الأحجية، مما يدفعنا إلى البحث عن خامات معاد تدويرها لصنع نوع جديد من الخرسانة، بحيث يخفض استخدام تلك المادة تكلفة المسكن الذي تتم طباعته بالتقنية ثلاثية الأبعاد بحوالي 30% في المتوسط. وبينما يتواصل تطوير هذه التقنية نتوقع أن تصبح عملية البناء بهذه الطريقة أقل تكلفة بنسبة تزيد على 80%، وأكثر سرعة بمعدل عشر مرات على الأقل من أساليب بناء الحوائط سابقة التجهيز السائدة حاليًّا.
 
طبقة تلو طبقة 

حاليا تُستخدم الطباعة ثلاثية الأبعاد في مجال البناء بأسلوب ’الترسيب المنصهر‘، وفيه يجري ترسب المواد وفق شكل محدد طبقة تلو طبقة، بالضبط مثلما تصنع الكعكات، وتُترك طبقات المواد المرسبة لتجف بصورة طبيعية، ويمكن فقط استخدام الخرسانة أو الطين أو المواد المحضرة من الرمل في هذه العملية.
 
استخدام لدائن البلاستيك على سبيل المثال، ليس متاحًا حتى الآن -والتي يمكن أن يُصنع منها المواسير البلاستيكية لتصريف المياه- أو على الأقل ليست متاحة بالطريقة التي تجعلها أقل تكلفة من المواسير البلاستيكية المصنوعة بالطرق التقليدية.
 
وتظل الطباعة ثلاثية الأبعاد تقنية واعدة للغاية، حيث تنخفض تكلفتها للنصف سنويًّا، بينما تتضاعف سرعتها ومساحات استغلالها.
 
تمثل التكلفة والسرعة وتوفر المواد الخام ثلاثة تحديات رئيسية لأي نظام جديد للبناء والتشييد، خاصة في الدول النامية، حيث يزداد الطلب على المساكن، بينما التمويل اللازم للبناء ضعيف. وهذه المؤشرات الثلاثة، إلى جانب النواحي الاجتماعية المتعلقة بتوفير المساكن، تخلق وضعًا معقدًا، ليس فقط من الناحية الفنية، لكن أيضًا من النواحي السياسية والاقتصادية والقانونية.
 
ينبغي أن تتضمن عمليات التحسين المستقبلية للطباعة ثلاثية الأبعاد في مجال الإسكان قدرًا أكبر من المرونة المعمارية، إضافة إلى تطويعها لأكواد البناء العالمية والأتمتة الكاملة لعملية البناء والتشييد. على سبيل المثال سوف يكون مطلوبًا إدراج الألياف الطبيعية -مثل البامبو- في أكواد البناء.
 
وسوف تجلب عمليات التحسين تلك إلى العالم أسرع وسيلة للتشييد شهدتها البشرية حتى الآن، وأقلها تكلفة وإضرارًا بالبيئة، ليس فقط لفقراء الناس، وإنما للجميع.
 
إنني أعتقد اعتقادًا جازمًا أن التكنولوجيا تعزز وتعمق ما نقوم به بالفعل، أي أن التكنولوجيا وحدها لن تتمكن من إنقاذ الموقف، الإنجاز هو كلمة السر في تحقيق النجاح، وحيث إن العملية معقدة فإنه لا يجب الاقتصار على الشركات والحكومات فحسب، وإنما ينبغي إشراك المستفيدين وأصحاب المصلحة.
 
ونظرًا لاتساع نطاق الأزمة العمرانية، وهو ما يتمثل في احتياجنا إلى مزيد من البنى التحتية على مدار الأعوام الخمسة والثلاثين القادمة، أكثر مما كانت عليه احتياجاتنا على مدار الثلاثة آلاف والخمسمائة عام الأخيرة، يجب علينا استخدام أساليب أكثر فاعلية للبناء، وأن نضمن إشراك كل أصحاب المصلحة في مواجهة الأزمة.
 
* أنيلا جويديس: المدير التنفيذي والمؤسس لشركة إربان ثري دي، ومقرها في ساو باولو بالبرازيل، ويمكن التواصل معها عبر البريد الإلكتروني التالي: anielle@urban3d.co
 
المقال جزء من ملف بعنوان: ’أزمة المأوى.. إعادة البناء بعد الكارثة‘، منشور بالنسخة الدولية، يمكنكم مطالعته عبر العنوان التالي: