كتب: طارق قابيل
أرسل إلى صديق
المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.
وعلى الرغم من أنه لا يزال غير مكتمل وفي مرحلة تجريبية، إلا أنه يوفر إمكانية بناء ترتيب عالمي جديد، وأن يكون ممثلًا على الأقل لأفضل الجامعات. ويأتي هذا الترتيب تجربة لاختبار مدى ملاءمة بيانات استشهادات جوجل الباحث العلمي في تصنيفات الجامعات، ومن ثَم فلا غرو ألا يزال يعتريه العديد من أوجه القصور التي يجب تداركها في الإصدارات المقبلة لهذا التصنيف.
كما اعتمد التصنيف على وجود الملفات الشخصية للباحثين على جوجل الباحث العلمي، ومن المعروف أن هذه الخدمة شخصية وتطوعية، ويقوم بها الباحثون أنفسهم دون أي دعم من مؤسساتهم الأكاديمية، ومن المعلوم أيضًا أن هناك حرية مطلقة لاختيار عضو هيئة التدريس أن يفتح صفحة خاصة به على هذا الموقع أو يكتفي بصفحته الشخصية على الموقع الرسمي للمؤسسة الأكاديمية التي يعمل بها، إذا كان متوفرًا أصلًا.
وبعد مراجعة سريعة لوجود أعضاء المؤسسة الأكاديمية التي أعمل بها حاليًّا -مثالًا للجامعات العربية- أجد نسبة لا تزيد على 2% فقط من أعضاء هيئة التدريس لديهم ملفات شخصية على موقع جوجل الباحث العلمي، وهذا بالطبع لا يشير إلى الوزن الحقيقي العادل لمثل هذه المؤسسة الأكاديمية، ويجعلها خارج أي مقارنة أو تصنيف عالمي.
سبيل التقدم الحقيقي
أقول: إن كانت ثمة رغبة في أن تتبوأ جامعات العالم العربي صدارة أو مكانة متقدمة، فإن هذه الجامعات تحتاج إلى النهوض بطرق التدريس، وإرساء مبدأ الجدارة الأكاديمية، وعليها أن تضع نظمًا جديدة فيما يخص تقييم أعضاء هيئة التدريس، بحيث تكافئ ما هو قيّم فعلًا في الأبحاث والتدريس والتواصل مع المجتمع عن طريق نشر المعرفة. ويجب كذلك أن تكون الأبحاث العلمية الصادرة عن الجامعات مرتبطة بالاحتياجات الفكرية والعملية للمجتمع. ويبدو هذا الهدف المزدوج متواريًا عن الأنظار وخارج نطاق الاهتمام غالبًا بالنسبة لمعظم المؤسسات الأكاديمية في المنطقة العربية.
وتحتاج الجامعات العربية إلى مزيد من الاستقلالية؛ كي تتحول إلى مؤسسات قائمة على الجدارة الأكاديمية، وأن تسعى إلى التفوق العلمي، وعندئذ تقود رياح التغيير نحو مزيد من الشفافية والكفاءة داخل مجتمعاتها. كما أن الجامعات بحاجة إلى إصلاح مناهج العلوم وطرق التدريس؛ إذ تحتاج الجامعات إلى تقديم المزيد من المواد متعددة التخصصات، وكذلك تعليم الجوانب الاستكشافية للعلوم، وتعزيز المقاييس الصحيحة، بحيث لا تشجع الإدارة على السرقة الأدبية، والعلم المغشوش، استجابةً لضغوط طلبة العلوم.
ما سبق هو الأهم والأجدى سبيلًا للرفعة والعلاء، بعدها يمكن الالتفات إلى الإنترنت؛ إذ إن كثيرًا من تصنيفات الجامعات أصبح لا يرتكز على جودة التدريس أو طبيعة المخرَجات التعليمية، بقدر اعتمادها على المعلومات المتوفرة على شبكة الإنترنت بشكل أساسي، وتقيم مدى توفر نتائج الأبحاث العلمية والمعلومات الأكاديمية على صفحة كل جامعة، وللأسف فإن معظم الجامعات في المنطقة العربية لا تهتم كثيرًا بالحضور الإلكتروني، ولا بإظهار أنشطتها وخدماتها التعليمية والبحثية بشكل كاف، هذا فضلًا عن عدم تحديث مواقعها الرسمية بشكل منتظم.
ويؤدي هذا القصور الواضح إلى صعود بعض الجامعات التي تهتم بحضورها الإلكتروني، على حساب جامعات أخرى تظل خارج المنافسة، لاهتمامها فقط بما يضمن التحاق الطلاب بها دون أي مجهود؛ لأن الدراسة تكاد تكون مجانية، وتظل تعاني من قلة الموازنات المالية المتاحة لتحقيق خدمة تعليمية وبحثية قادرة على المنافسة العالمية.
ورغم ما سبق، فنظرًا للتنامي الواضح في الاعتماد على محركات مثل جوجل الباحث العلمي كموقع مجاني متخصص، من المهم بمكان تشجيع المؤسسات الأكاديمية بمنطقتنا على إنشاء حساب لكل باحث فيها على مثل تلك المواقع؛ ليسهم في تسويق الأبحاث المنشورة، بما يرفع التصنيف العالمي للمؤسسة الأكاديمية، وكذلك تقييم الباحث لبحثه ومعرفه عدد المستفيدين منه، ومن المواقع التي تشجع النشر الأكاديمي على الإنترنت موقعا: أكاديميا، وريسرش جيت.
وإن تعزيز الوجود في الفضاء الإلكتروني للباحثين والمؤسسات الأكاديمية العربية، له أصول وطرق، وهناك في الفضاء الإلكتروني أفكار قيمة، تمثل دليلًا ضافيًا للوصول إلى أعرض جمهور، يمكن الاستعانة بها، وأشباهها يبلغ بعضه بعضًا إذا أردنا الاستزادة؛ بغية تحسين الأداء المؤسسي والحصول على ترتيب أعلى للمؤسسات الأكاديمية دون أي تكلفة تذكر، بدلًا من إفراد موازنات كبيرة لهذا الغرض، مثل تلك التي يستوجب على المؤسسات الأكاديمية توفيرها للحصول على ترتيب أعلى في التصنيفات العالمية.
** طارق قابيل: أستاذ التقنية الحيوية المساعد بكلية العلوم والآداب ببلجرشي، جامعة الباحة –المملكة العربية السعودية. متخصص في الوراثة الجزيئية والتكنولوجيا الحيوية بكلية العلوم، جامعة القاهرة –جمهورية مصر العربية. مستشار منظمة المجتمع العلمي العربي.
هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.