Skip to content

16/06/22

الجفاف بالمنطقة.. التكيف والتخفيف والاستعداد والاستجابة

50169334252_26841066a0_k
حقوق الصورة:IWMI

نقاط للقراءة السريعة

  • الأمن الغذائي والمائي في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عرضة للخطر
  • من المتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة مخاطر الجفاف في هذه البقعة من العالم
  • علم البيانات يساعد الحكومات والمزارعين على التكيف والتخفيف والاستعداد والاستجابة

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

لا حاجة إلى مطالعة أحدث التقارير لإدراك أن حدة نوبات الجفاف قد اشتدت على مدار العقود السالفة، وإنما يغني عن هذا سؤال الفلاحين فحسب، لمعرفة أن وتيرتها قد زادت أيضًا؛ فهم الذين يقفون على خط المواجهة مع ارتفاع درجات الحرارة وأمطار تهطل بلا انتظام، ما يعود على محاصيلهم ومداخيلهم بالتلف.

وهذه التقارير نفسها تُنبي بأن عدد نوبات الجفاف ومُددها قد ارتفعت بنسبة 30٪ تقريبًا منذ عام 2000، وأن 2.3 مليون نسمة يعانون شح المياه بالفعل، وإذ يُتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة مخاطر الجفاف واتساع رقعتها بالعديد من المناطق المعرضة لها، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فالراجح ألا تتحسن هذه الحال في أي وقت قريب.

والجفاف أكثر بكثير من مجرد مطر غير منتظم أو نقص في المياه؛ فآثاره تتقاطع مع الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية، إنه يدفع للهجرة، ويهدد الأمن الغذائي، ويُسهم في تدهور الأراضي وفقدان التنوع الحيوي، ويستنفد إمدادات المياه العذبة، ويؤثر على سبل العيش الريفية والنمو الاقتصادي، وهي آثار منها الفوري الآني، ومنها طويل الأجل.

هذا هو السبب في أن النتائج التي بدأنا نراها من مشروع ‘منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للجفاف‘ في الأردن ولبنان والمغرب- مهمة جدًا للبلدان الأخرى أيضًا، خاصة وأن الحكومات في جميع أنحاء العالم تبحث بشكل عاجل عن طرق لبناء المرونة في مواجهة تغيُّر المناخ.

مشروع ’منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للجفاف‘، هو مشروع متعدد الدول تقوده المنظمة التي إليها أنتمي، ’المعهد الدولي لإدارة المياه‘، ويرمي إلى مساعدة البلدان في واحدة من أكثر مناطق العالم جفافًا على التمكن من الاستعداد والتكيُّف والتخفيف والاستجابة لآثار الجفاف، على سبيل المثال، من خلال تطوير أنظمة الإنذار المبكر، يدعمنا في هذا المشروع ’الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية‘.

وإذا كان التقدم في العلوم والتكنولوجيا الرقمية يعمل على تغيير المشهد فيما يتعلق بالتنبؤ بالجفاف ورصده، فإن قدرتنا على النظر إلى المستقبل تتزايد على نحو أكبر بمساعدة البيانات المتاحة مجانًا القادمة من سواتل مراقبة الأرض.

إنه يمكن للبلدان الآن الحصول على تحذير قبل ثلاثة أشهر من أن الجفاف قادم، وأنه يجب تفعيل خطط الاستعداد له، قد يعني ذلك دعم الرعاة لنقل الثروة الحيوانية إلى المناطق التي ستكون أقل تأثرًا، أو تحسين تخصيص المياه واستخدامها، اعتمادًا على خصائص الجفاف القادم (شدته، ومدته، وحجمه)، والآثار المحتملة، فليست كل نوبات الجفاف متشابهة، ولربما أثرت على الأشخاص بشكل مختلف.

لقد بدأنا في فهم هذا الأمر بشكل أفضل الآن من خلال النظر في آثار موجات الجفاف الماضية والحالية على كلٍّ من أنظمة الزراعة البعلية والمروية، يعيننا على فعل ذلك استخدام نظام رصد قائم على الخرائط طوره المعهد بالتعاون مع وكالة ناسا، والذي يعتمد مؤشر الجفاف المركب المحدث.

وفي حين أن التقدم الهائل في علم البيانات يعني أنه يمكن لعلمائنا تطوير أدوات أفضل لدعم البلدان في إدارة مخاطر الجفاف، إلا أنها ليست كافيةً بمفردها لكي يتصرف صانعو السياسات والمخططون بطريقة هادفة وفعالة، فهم بحاجة أيضًا إلى معرفة مَن سيتضرر أكثر ولماذا، هذا هو السبب في أن مشروع ’منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للجفاف‘ فريد من نوعه؛ فهو يجمع كل العناصر معًا بطريقة تركز على الأنظمة.

لقد ساعدتنا تقييمات الأثر والضعف التي أجريناها من خلال المشروع في التعرف على المجتمعات والقطاعات الاقتصادية والبيئات الأكثر تأثرًا بالجفاف، ولماذا، هذا النوع من المعلومات مهم لتحديد أولويات الاستثمارات في البنية التحتية والسياسات والمؤسسات وأنظمة المعلومات، ولقد أدركنا أن النتائج قد لا تكون مرتبطةً بشكل مباشر دائمًا بإدارة المياه.

فيما يتصل بالجزئية السابقة، فإنه بضرب المثال يتضح المقال، في المغرب، مثلًا، 2.5٪ فقط من الأراضي المزروعة تمتلكها النساء الريفيات، وربع النسوة فحسب لديه حق الوصول إلى حساب مصرفي مستقل، وهذا يُقصي نساءً كثيرات من القطاع المالي الرسمي، ما يقلل من وصولهن إلى القروض قصيرة الأجل المنظمة في الأوقات العصيبة، مثل الجفاف، ويزيد من مخاطر انعدام الأمن الغذائي لديهن.

إننا عندما ندرك كل الأبعاد، ونعرف كل التفاصيل والدقائق، ومن خلال أخذ البيانات المجموعة من أنظمة الإنذار المبكر والرصد وتراكُبها مع التقييمات الخاصة بقابلية التأثر بالجفاف، يمكن أن تكون البلدان أكثر استهدافًا في إجراءاتها وسياساتها وخططها لمساعدة أولئك الذين يُحتمل أن يكونوا الأكثر تضررًا على الاستعداد أولًا.

والشيء الوحيد الذي يمكننا التأكد منه هو أنه إذا لم نتخذ إجراءات وقائية لتحويل الدفة في التأهب للجفاف، فمن المحتمل جدًّا أن نرى آثارًا مدمرة على الأمن الغذائي والمائي لملايين الأشخاص، لقد كشف ’مشروع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للجفاف‘ أن اعتماد البلدان على الذات في الإدارة الشاملة لآثار الجفاف أمرٌ ممكن بفضل العلم والحلول الرقمية.

 

*الدكتور يوسف بروزيين هو الممثل الوطني للمعهد الدولي لإدارة المياه في مصر، والممثل الإقليمي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

يوم الأمم المتحدة العالمي لمكافحة التصحر والجفاف لعام 2022 (17 يونيو) موضوعه النهوض من الجفاف معًا، وهو يركز على الجفاف والإجراءات المبكرة لمنع النتائج الكارثية، مبادرة ’منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للجفاف‘ هي مشروع للمعهد الدولي لإدارة المياه بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، المعهد مركز أبحاث يتبع المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية، وهي شراكة بحثية عالمية من أجل مستقبل آمن غذائيًّا.

**المقال إهداء من ’المعهد الدولي لإدارة المياه‘ بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

References