Skip to content

28/02/21

الموز المنتج محليًّا يطرق الأسواق الجزائرية

الصورة
حقوق الصورة:Riad Mazouzi/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • نجاح زراعة الموز في الجزائر، وإنتاجه شق طريقه إلى الأسواق المحلية
  • جودته العالية، وثمنه المرتفع عوامل جذب تغري بالإقبال على زراعته
  • صار يزاحم المستورد، وفوائد زراعته تعود على المواطن والدولة

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[الجزائر] بدأت بشائر الموز المزروع في الأراضي الجزائرية تعرف طريقها إلى الأسواق المحلية للبلد المغاربي.

قبل أربع سنوات من الآن، وتحديدًا في بداية عام 2017، كانت فكرة زراعة الموز بالجزائر ’نكتة‘ سخر منها الكثير وضحك.

لكن الباحثين والمستثمرين الوطنيين واصلوا جهودهم، حتى حققوا ’حلم‘ زراعة وإنتاج موز محلي بدايةً من الأشهر الأخيرة للعام الماضي، بل وصار سلعةً تشق طريقها -بالتصدير- إلى أسواق بلدان مجاورة.

لا التربة ولا المناخ يساعدان على نمو أشجار الموز بالجزائر، التي تنعم بأجواء البحر المتوسط، في حين تحتاج هذه الفاكهة إلى مناخ أقرب إلى الاستوائي حتى تجود زراعتها، وهو تحدٍّ احتاج إلى الحيلة والعلم معًا حتى يمكن مواجهته.

من الذين رفعوا التحدي شعارًا لزراعة الموز في التربات الجزائرية، سعيد أحمية، وهو مهندس زراعي ومستثمر من ولاية جيجل شرق الجزائر، واعتمد -وغيره- في هذا على بحوث محلية لتوفير المناخ الملائم لزراعة الموز.

صار سعيد اسمًا على مسمى بحق، إذ يقول: ”فرحتي لا توصف مع بداية دخول الموز الجزائري الأسواق الوطنية“.

يقول أحمية لشبكة SciDev.Net: ”مستقبلًا، سيجعل هذا تقنية زراعة الموز في الجزائر، من أبرز ما سوف يهتم له المزارعون“.

لجأ أحمية أولًا إلى توفير البيئة المناخية المناسبة لشجرة الموز، التي تتطلب رطوبة عالية، ودرجات حرارة مستقرة بين 12 و18 درجة مئوية، إضافةً إلى تربة رطبة متوسطة الملوحة.

وإن كانت رطوبة الجو لا تمثل مشكلة بالنسبة لجيجل وبعض الولايات الساحلية كما يقول سعيد، ”فإن الباحثين اجتهدوا من أجل توفير مناخ حار لإنماء شجر الموز باستعمال مادة من البلاستيك متوسط السماكة، يتم تركيبها على شاكلة الصوب“.

ويضيف: ”واعتمدوا على التقطير لجعل التربة رطبةً على الدوام، مع إضافات كيماوية على تربة مستوية؛ كي لا يتجمع الماء أسفل شجر الموز“.

وكان مرجع الكثير من هؤلاء المهتمين بزراعة الموز بولاية جيجل وبعض ولايات غرب العاصمة الجزائر وتيبازة، دراسة  للباحث مراد بن سيدهوم، من المدرسة الوطنية العليا للفلاحة.

هذه الدراسة التي قُدمت لنيل الدكتوراة عام 2015، أشارت إلى إمكانية إنتاج الموز في الجزائر، مع إرشاد إلى أكثر الولايات ملاءَمةً لإنتاج هذه الفاكهة، بإجراء بعض التعديلات في المحيط العام بالزراعة.

يقول بن سيدهوم للشبكة: ”الدراسة كانت شاملة، وقدمت كل ما يخص زراعة الموز، انطلاقًا من المناخ من خلال تعديلات في الرطوبة ودرجات الحرارة، مرورًا بنوعية التربة ومحتوياتها، وصولًا إلى طريقة الاعتناء بالشجرة والثمار“.

الولايات الساحلية في الجزائر، خاصةً جيجل وبجاية شرقًا، وتيبازة ومنطقة التنس بالشلف غربًا، ”تتمتع بالمقومات الأساسية لزراعة الموز، كالرطوبة الثابتة في الجو بنسبة 50٪، وحرارة المناخ المستقرة والدافئة التي لا تقل عن 12º“.

والتغلب على مشكلة تدنِّي درجات الحرارة في بعض الأيام بهذه الولايات ”يكمن في تغليف المساحات المزروعة على شكل بيوت بلاستيكية، مع  إحاطتها بقش أو قصب يسهم في الحفاظ على الدفء“.

”أما إذا كانت الإمكانيات متاحة، فهناك أجهزة تعديل الحرارة، كتلك التي تُستعمل في غرف التبريد والحفظ“، كما يقول بن سيدهوم.

ويواصل: ”التربة يجب أن تكون دائمة الرطوبة، لكون شجرة الموز تتطلب بطولها الذي يصل 7.6 أمتار، كميات ماء معتبرة، مع مراعاة طريقة الصرف المناسبة للمياه الزائدة عن اللزوم، وترك الشجرة تأخذ سقيها الذي يكفيها وحسب“.

يُشرف بن سيدهوم حاليًّا على إعداد دورات تدريبية للفلاحين الزارعين للموز أو الشباب الراغبين في التجربة، تشتمل على كل ما يلزم زراعته، بما في ذلك طريقة الغرس؛ إذ ”تتطلب كل فسيلة من الموز حفرة يكون متوسط عمقها 30 سم، وبتباعد يصل إلى 1.5 متر بين الشجيرة والأخرى“.

ويؤكد مراد أن دراسته كانت سببًا في تحرك عديد المستثمرين والباحثين لتطوير زراعة الموز، التي صارت اليوم تُسهم كما قال ”في التنمية المحلية والاقتصاد الوطني“.

وما من مبالغة في كلام بن سيدهوم؛ فالجزائر، البلد النفطي، اضطر اضطرارًا إلى تطوير قطاعات إنتاجية وخدمية لا ترتبط بالطاقة، لا سيما بعد هبوط أسعار النفط، إلى حدٍّ أضر بالاقتصاد، الذي تهيمن عليه الدولة.

من هنا لا يقف الأمر عند حماس مزارعين أو مستثمرين لزراعة الموز، بل يتعداه إلى توجُّه من قِبل  الدولة صوب إنتاج السلع المستوردة من الخارج، وجهد يرمي إلى تقليل عجز في الميزان التجاري.

وهذا الشأن صار أشد إلحاحًا مما مضى في الوقت الحاضر، الذي تشكل فيه واردات الجزائر من الغذاء خُمس مشترياتها من الخارج، وهي فاتورة زادت قيمتها عن ثمانية مليارات دولار في عام 2019.

وثمة خطط لخفض هذه الفاتورة نحو 2.5 مليار دولار، وفق ما أعلن وزير الزراعة عبد الحميد حمداني منذ أسبوعين في البرلمان، وقال إنها تعتمد ”زيادة الإنتاج المحلي وترشيد الإنفاق على الواردات“.

وأشار الوزير إلى ضرورة تحديث قطاع الزراعة ”وتوفير جميع التسهيلات للمزارعين“.

لذا تمنح الحكومة الراغبين الأراضي، وتشترط عليهم زراعة محاصيل بعينها، وفي حالتنا هذه كان الموز هو المطلوب، وتمنح المزارعين قروضًا بأسعار فائدة مخفضة.

وبدأت الخطط ومواجهة التحديات في إيتاء أكلها وأثمرت، لكن ثمة عقبة احتاجت إلى اللجوء إلى عمالة غير وطنية.

وفق أحمية، اعتمد الكثير من المزارعين في الجزائر -في البداية- على يد عاملة من أدغال أفريقيا، خاصة من السنغال؛ ”لكونها اشتغلت كثيرًا في زراعة وجني محصول الموز ببلدانهم قبل الهجرة إلى الجزائر“.

”مذاق الموز المحلي في الجزائر أجود بكثير من المستورد“، كما يقول أحمية، لكونه يصل ناضجًا مباشرة إلى السوق المحلية بعد قطفه بيومين أو ثلاثة، خلافًا للوارد من الخارج؛ إذ ”يخضع لضغط حراري ومواد حافظة له في أثناء نقله من مختلف البلدان“.

ويصل وزن عراجين الموز التي ينتجها حقل أحمية وعدد من أقرانه بولاية جيجل إلى 50 كيلوجرامًا، وأقصاها السبعين، تبعًا لنوع الأشجار وطولها، علمًا بأن هناك أكثر من 4 أصناف من شجيرات الموز يتم غرسها محليًّا في الجزائر، ويتراوح طولها بين مترين و8 أمتار.

”زراعة الموز في الجزائر مربحة للغاية“، وفق أحمية، الذي يتوقع رغبةً كبيرةً من الشباب في التجربة، كما هو شأن بعضهم في ولاية جيجل، ”الذين اعتمدوا على مشروعات الدولة في التشغيل، وتحصلوا على قروض بنكية، جعلت منهم مزارعين ناجحين ومنتجين متفوقين في زراعة الموز“.

يتوقع المحلل الاقتصادي الجزائري عبد النور جحنين أن تصل البلاد مع هذه التجربة إلى تحقيق اكتفاء بمحصول الموز المنتج محليًّا في الأسواق الجزائرية، ثم تتخطاه إلى مرحلة التصدير مستقبلًا.

يقول جحنين للشبكة: ”هناك أحد المستثمرين صدَّر شحنة موز إلى دولة تونس مؤخرًا“.

في الربع الأول من عام 2019 زادت ميزانية استيراد الموز في الجزائر على 35 مليون دولار، ”لو تم توجيهها لدعم الفلاحين الراغبين في زراعة الموز محليًّا، لكانت الأرباح مضاعفة، ولكان تأثيرها على الاقتصاد الوطني إيجابيًّا“.

ويضيف جحنين: ”هذا فضلًا عن فرص التوظيف واليد العاملة التي سيستفيد منها المهندسون في الفلاحة والتغذية، والعمال العاديون في مجال الغراسة والاعتناء والجَني والشحن، وهو ما سيقلص من نسبة البطالة في البلد“.

وإن جرى الاعتماد على سياسة تكثيف زراعة الموز، ”فإن الجزائر ستصل إلى إنتاج أكثر من ألف طن في السنوات الثلاث المقبلة، وهناك بالفعل مستثمرون جزائريون ينتجون حاليًّا أكثر من 100 طن من الموز سنويًّا“.

دخول الموز المحلي بقوة الى السوق الجزائرية، سيكسر الأسعار التي كان يتحكم فيها –وفق جحنين- عدد من رجال المال والأعمال، الذين كانوا يحددون السعر الذي يرونه مناسبًا، فهم ”أباطرة استيراد هذه السلعة في الجزائر“.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا