Skip to content

13/01/20

سجال بين القاهرة وأديس أبابا حول السد الإثيوبي

The gerd Nile dam
حقوق الصورة:Hellen Natu/Nile Basin Discourse

نقاط للقراءة السريعة

  • تطايُر بيانات رسمية وشعبية غاضبة بين القاهرة وأديس أبابا، إثر فشل آخر مفاوضات بشأن سد النهضة الإثيوبي
  • الجولة الأخيرة من المفاوضات ستجري في واشنطن برعاية أمريكية، وبحضور ممثلين عن البنك الدولي
  • طلب رئيس وزراء إثيوبيا الوساطة من جنوب أفريقيا، فربما كانت عونًا في إيجاد حلول للخلاف

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[القاهرة] استنكرت أديس أبابا موقف القاهرة من خطة ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي العظيم.

وأصدرت وزارة الخارجية الإثيوبية بيانًا عقب الاجتماع الوزاري الثلاثي بين مصر وإثيوبيا والسودان، الذي انعقد يومي 8-9 يناير الجاري بأديس أبابا، وتناول القضايا العالقة ذات الصلة بخطط الملء وسيناريوهاته.

جاء في البيان الإثيوبي: إصرار وفد مصر [المفاوض] على قبول مقترحه كاملا حال دون الوصول إلى اتفاق.. ففي الاجتماع، تقدمت مصر ’بنسختها‘ لخطة ملء السد.. والاقتراح المصري يقتضي ملء السد في مدة تمتد من 12 إلى 21 سنة“.

وفق البيان، ومن دون تحديد: قدمت إثيوبيا خطة ملء تستغرق من 4 إلى 7 سنوات اعتمادًا على التدفقات الواردة، واقترحت اتخاذ تدابير تخفيف التخزين في حالات الجفاف أو الجفاف المطول أثناء ملء السد وتشغيله“.

وردت نظيرتها المصرية ببيان صدر صباح الجمعة 10 يناير، تعترض فيه على ما ورد في البيان الإثيوبي.

ذكر نص البيان المصري أن البيان الصادر عن وزارة الخارجية الإثيوبية ”تضمَّن العديد من المغالطات المرفوضة جملةً وتفصيلًا، وانطوى على تضليل متعمد وتشويه للحقائق“.

ووفق البيان المصري فإن الإثيوبي ”قدم صورةً منافيةً تمامًا لمسار المفاوضات، ولمواقف مصر وأطروحاتها الفنية، ولواقع ما دار في هذا الاجتماع وفي الاجتماعات الوزارية الثلاثة التي سبقته، والتي عُقدت على مدار الشهرين الماضيين لمناقشة قواعد ملء وتشغيل سد النهضة“.

وأوضح: ”الاجتماعات الوزارية الأربعة لم تُفْضِ إلى تحقيق تقدُّم ملموس؛ بسبب تعنُّت إثيوبيا وتبنيها لمواقف مغالى فيها تكشف عن نيِّتها فرضَ الأمر الواقع وبسط سيطرتها على النيل الأزرق وملء وتشغيل سد النهضة دون أدنى مراعاة للمصالح المائية لدول المصب وبالأخص مصر بوصفها دولة المصب الأخيرة، بما يخالف التزامات إثيوبيا القانونية وفق المعاهدات والأعراف الدولية“.

”وفي مقدمتها اتفاق إعلان المبادئ المُبرَم في 23 مارس 2015، وكذلك اتفاقية ١٩٠٢ التى أبرمتها إثيوبيا بإرادتها الحرة كدولة مستقلة، واتفاقية ١٩٩٣ التي تعهدت فيها بعدم إحداث ضرر لمصالح مصر المائية، إلا أن إثيوبيا تسعى للتحكم فى النيل الأزرق، كما تفعل فى أنهار دولية مشتركة أخرى تتشاطر فيها مع دول شقيقة“.

وجاء تاليًا للبيان المصري رد فعل من المجتمع المدني الإثيوبي، ممثلاً في الأكاديميين والمتخصصين في مجال المياه، بالتوقيع على التماس للجهات الدولية يطالبون فيه بمساندة الموقف الإثيوبي وتأييده ضد مصر فيما يتعلق بملء خزان سد النهضة.

وبالمثل رد المجتمع المدني في مصر، بكتابة التماس للتأكيد على التمسُّك بحقوق مصر المائية والتزامها بالعمل الأمين من أجل التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن، وفى إطار السعي للحفاظ على مصالح الشعب المصري التي لا تقبل التهاون.

والواقع كما ورد في البيان المصري أن ”مصر لم تُحدد عددًا من السنوات لملء سد النهضة، بل إن واقع الأمر هو أن الدول الثلاث اتفقت منذ أكثر من عام على ملء السد على مراحل، تعتمد سرعة تنفيذها على الإيراد السنوي للنيل الأزرق، إذ إن الطرح المصري يقود إلى ملء سد النهضة في 6 أو 7 سنوات إذا كان إيراد النهر متوسطًا أو فوق المتوسط خلال مدة الملء“.

”أما في حالة حدوث جفاف، فإن الطرح المصري يمكِّن سد النهضة من توليد 80% من قدرته الإنتاجية من الكهرباء، بما يعني تحمُّل الجانب الإثيوبي أعباء الجفاف بنسبة ضئيلة“.

وكان سلشي بيكيلي -وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي- قد وصف المقترح المصري بأنه ”غير مقبول“، وأن بلاده ماضيةٌ إلى ملء خزان السد بدءًا في يوليو المقبل، وهو ما علق عليه البيان المصري باستنكار التلويح بالملء ”بشكل أحادي“، ما يمثل مخالفةً صريحةً لاتفاق إعلان المبادئ لعام 2015، ولالتزامات إثيوبيا بموجب قواعد القانون الدولي.

يوضح محمد داود -أستاذ الموارد المائية بالمركز القومي لبحوث المياه في مصر- أن بلاده طالبت بتحديد سنوات الملء وفقًا لظروف الفيضان في النيل الأزرق، وليس وفق عدد سنوات محدد.

ويستطرد: ”وفقًا لدراسات الباحثين المصريين، فإن تصريف ٤٠ مليار متر مكعب سنويًّا من مياه النيل هو الوضع الأمثل، وذلك في وقت الفيضان المنخفض أو المتوسط“.

ويُعد هذا الرقم أدنى مما تحصل عليه مصر في الوقت الحالي بحوالي ١٠ مليارات متر مكعب سنويًّا، إلا أن الطرف الإثيوبي يقترح تصريف حوالي ٣٠ إلى ٣٥ مليار متر مكعب فقط، كما يوضح داود، وهو ما ”سيُلحق أضرارًا بالغة بمصر“.

كما يطالب الطرف المصري في المفاوضات، بوجود ضمانات للحفاظ على منسوب بحيرة ناصر أمام السد عند ١٦٥ مترًا فوق سطح البحر، وهو المعدل الأدنى لضمان توليد السد للكهرباء، وفق داود.

يقول داود لشبكة SciDev.Net: ”المفاوضات يجب ألا تقتصر على مسألة التخزين وسنوات الملء فقط، بل يجب أن تشمل اتفاقًا طويل الأجل يستعرض سبل التعاون في تشغيل السد، فمن الأفضل أن تشارك مصر في عملية التشغيل مستقبلًا، وتوقع اتفاقيةً تشمل عمليتي الملء والتشغيل في آنٍ واحد“.

من جانبه يرى كيفن ويلر -الخبير الدولي في تخطيط الموارد المائية وهندستها ونمذجة النظم الهيدرولوجية والهيدروليكية- أن إدارة السد في فترات ”الوفر المائي“ لن تشكل عقبة، ولكن الاتفاق على بنود لإدارة السد في فترات الجفاف ”أمرٌ حيوي“.

ثمة مجموعة متنوعة من المنافع والمخاطر المحتملة للسد، يشير إليها ويلر، الذي يدعم حاليًّا التطوير المستمر لمنطقة شرق النيل من خلال تطوير النماذج، وتدريب أصحاب المصلحة، واستكشاف بدائل للتعاون والتنسيق من أجل البنية التحتية للأنهار.

المنافع الأولية هي توليد الكهرباء لإثيوبيا وأيٍّ من الدول المنتفعة والمتصلة بالشبكة، ”في السودان سيتيح الأمر كفاءةً أعلى لتشغيل السدود، وإحداث تطوير للزراعة، أما مصر فالأمر يعتمد على نتائج المفاوضات، وكيف ستتم إدارة السد على نحوٍ مشترك“.

يقول ويلر لشبكة SciDev.Net: إن أهم مزايا السد على المدى البعيد ”منح مصر والسودان أمنًا مائيًّا أعلى في فترات الجفاف، نظرًا لاحتياج دولة المنبع –إثيوبيا- إلى تمرير كميات من المياه بغرض توليد الكهرباء من خلال دفع كميات من الماء المخزَّن“.

ويستطرد: ”لذا لا بد من اتفاقيات بين الدول؛ لضمان إدارة جيدة للمياه في فترات الجفاف“، مشيرًا إلى أنه إذا لم تمرر إثيوبيا المياه على نحوٍ ثابت ومنتظم، ”فثمة خطر على دول المصب“.

ويطرح ويلر بُعدًا آخر متعلقًا بالطرف السوداني؛ إذ إن انتظام وصول المياه إلى السودان، من المرجح أن يدعم خطط التنمية المعتمدة على المياه، ويشجع البلاد على استهلاك حصة أكبر من مياه النيل.

حاولت الشبكة الحصول على تعليق من الجانب الإثيوبي، خاصةً حول المسائل الفنية، بالتواصل مع خمسة باحثين، ولكن لم تتلق ردًّا.

وعودة إلى المفاوضات، من المنتظر انعقاد المرحلة الأخيرة من سلسلة المفاوضات التي تجري برعاية أمريكية، وبحضور ممثلين من البنك الدولي في واشنطن اليوم وغدًا؛ ”لمراجعة نتائج الاجتماعات الفنية التي ستنعقد خلال الفترة القادمة في الخرطوم وأديس أبابا ووضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق“.

وفي حال عدم الوصول إلى تفاهم خلال هذه الجلسة، فمن المرجح أن يتم اللجوء إلى المادة 10 من إعلان المبادئ لعام 2015، التي تنص على أن ”تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتها الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقًا لمبدأ حسن النوايا“.

وتضيف في شطرها الثاني: ”إذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، أو الوساطة، أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول أو رئيس الحكومة.

أمس، طلب رئيس وزراء إثيوبيا الوساطة من جنوب أفريقيا، فربما كانت عونًا في إيجاد حلول للخلاف بين الدول الثلاث.

يعلق أشوك سوين، أستاذ في أبحاث السلام والنزاعات بجامعة أوبسالا بالسويد: ”في التسعينيات [السالفة] شهدنا توقيع 5 اتفاقات بين دول حول إنشاء سدود على أنهار عابرة للحدود، وهي نهر ميكونج، وزامبيزي، والنيل، والأردن، والجانج، تمت كلها -عدا الجانج- من خلال تدخُّل وساطة خارجية“.
   
 
هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع  SciDev.Netبإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا