Skip to content

27/07/14

شرر الجفاف وشح المياه أوقد نار الحرب في سوريا

SYRIA conflict  1024 x 768
حقوق الصورة: Flickr/ Oxfam International

نقاط للقراءة السريعة

  • جفاف ممتد نجم عنه تلفٌ للزراعات وتفشٍّ للبطالة وانتشارٌ للعنف ونزوحٌ للسكان
  • قرارات بئيسة في إدارة المياه، وسوء تخطيط، وأخطاء سياسية زادت الأزمة تأزمًا
  • مرافق الموارد المائية صارت هدفًا للمتحاربين في سوريا

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

]القاهرة[ ترجع جذور الحرب في سوريا إلى عوامل متشابكة، تضافر فيها السياسي والعقائدي والعرقي والاجتماعي والاقتصادي، كما تقرر ورقة بحثت في أصل الصراعات الدائرة رحاها هناك، نُشرت بمجلة ’الجمعية الأمريكية للأرصاد الجوية‘ منتصف يوليو الجاري.

لكن البحث يركز على سوء أوضاع العامين الأخيرين، ويجزم بأن ظروفًا بيئية مع سوء إدارة الموارد المائية في سوريا، فضلاً عن عواقب وخيمة لتغير المناخ زادت الاقتصاد تدهورًا، وجعلت الأحوال الاجتماعية أشد سوءًا، نتيجة تلف الزراعات ونقص الغلال، وانعدام الأمن الغذائي.

فعلى مدى قرن وسوريا يمر عليها الجفاف الذي ما يلبث أن ينقضي خلال موسم واحد. وقبل عام 2005 شهدت سوريا جفافًا امتد لموسمين. لكن منذ عام 2006 وحتى 2011 وهي تتعرض لجفاف ممتد، يوصف بأنه الأسوأ؛ إذ استطال لعدة مواسم فانقلب لسنين عجاف، لم تعان سوريا من مثلها منذ بدء الحضارات الزراعية في منطقة الهلال الخصيب.

من ثم فإن البحث الذي يحمل عنوان ’الماء، والجفاف، وتغير المناخ، والصراع في سوريا‘ ساق حججًا لمحللين تقول بأن ما سبق ذكره أسهم في انهيار الزراعة وتفكك الاقتصاد، ما ساعد على نشر البطالة وتفاقم حدتها، ونزوح سكان الريف إلى ضواحي المدن، ما أفضى في النهاية إلى انتشار العنف.

في هذا السياق رصد البحث أن بين عامي 2006 و2009 تأثر نحو 1.3 مليون نسمة من سكان شرق سوريا بسبب تلف الزراعات. وضاقت معايش 800 ألف، ونقصت ميرتهم. وخلال تلك المدة انخفضت غلة محاصيل الحنطة والشعير بنسبة 47% و 67% على التوالي، وهوت أعداد الماشية.

عندما حل عام 2011، زاد الوضع سوءًا؛ حيث قدرت الأمم المتحدة أن مليونين إلى ثلاثة ملايين سوري قد تأثروا جراء هذا الجفاف، وعَدِم مليون أمنهم الغذائي.

كما انتقل 1.5 مليون شخص -معظمهم من العمال والفلاحين وعائلاتهم- من المناطق الريفية إلى المدن والمخيمات في ضواحي المدن السورية الكبرى، مثل: حلب، ودمشق، ودرعا، ودير الزور، وحماة، وحمص.

ولم تكن العوامل الطبيعية وحدها المتهم، بل زادت الطين بلة، قرارات بئيسة في إدارة المياه، وسوء تخطيط وأخطاء سياسية ارتكبها الساسة. ومما رصده البحث في هذا الشأن أن نظام بشار الأسد منح إعانات مالية كبرى من أجل زراعة المحاصيل الشرهة للمياه.

فقد كانت 83% من الأراضي الزراعية السورية تُروى بالغمر، في حين أن 17% فقط تستخدم الأساليب الحديثة، كالرشاشات والري بالتنقيط.

وإذ تسهم المياه الجوفية بنصف حصة الري في سوريا، فإن التقارير تؤكد سحبًا جائرًا منها، حتى غار مستواها بعيدًا تحت الأرض، وبالتالي زادت تكاليف الإنتاج، فضلًا عن زيادة الأملاح والنترات بها، فلم تعد صالحة للاستخدام الآدمي.

هذه العوامل وغيرها أسهمت في انهيار الزراعة وتفكك الاقتصاد، وكان ينبغي التبصر ببواكير الاضطراب كما تقول الورقة، حيث لاحت أولاً عندما شهدت مدينة درعا تدفق أعداد كبيرة من المزارعين والشباب العاطلين، الذين نزحوا لتلف الزراعات وبوار الأراضي الزراعية.

كما فشل النظام في التدخل باتخاذ تدابير وإجراءات اقتصادية تحد من آثار الجفاف وتخفف من معاناة الشعب. 

كان هذا قبل اندلاع الحرب، وفي غمارها، أورد كاتب الورقة بيتر جلايك -رئيس معهد الباسيفيك بمدينة أوكلاند الأمريكية- ما ذكرته عدة تقارير حول تأثيرها؛ حيث ”ثبت تدمير مرافق توزيع المياه، وتلويث المياه الجوفية، وتدمير السدود ومحطات الطاقة التي تُستخدم في تشغيل مرافق المياه“.

يقول جلايك لشبكة SciDev.Net: ”إن القانون الدولي يجرم مهاجمة مرافق المياه وأي بنية تحتية ضرورية لاحتياجات الإنسان الأساسية، لذا يجب حماية مرافق المياه تلك من جميع الأطراف“.

ففي سبتمبر 2012 تضررت بشدة خطوط المياه المغذية لمدينة حلب، وعانى سكانها البالغ عددهم 3 ملايين نقصَ مياه الشرب.

وفي أواخر نوفمبر من العام نفسه، استولت القوات المناهضة للنظام على سد تشرين المقام فوق نهر الفرات بعد معارك ضارية، وفي فبراير 2013 استولت على سد الثورة، الذي يعد أكبر سد كهرومائي في سوريا، ويمد حلب بمعظم الكهرباء.
 
يقول أشوك سواين -الأستاذ بقسم أبحاث السلام والصراع، في جامعة أوبسالا بالسويد- لشبكة SciDev.Net: ”قبل الحرب الأهلية، كانت سوريا تعاني أزمة مياه خطيرة، غير أن الحرب الأهلية قد ضاعفت المشكلة“.

 وعلل ذلك ”بتدمير البنية التحتية لشبكات المياه، والتحكم في مرافق المياه واستغلالها لإلحاق الضرر بالخصوم، إلى جانب نزوح عدد كبير من السكان إلى مناطق بعيدة عن الصراع في وقت قصير“.

ويستطرد سواين: ”مما رفع احتياجات المياه في تلك المناطق إلى أضعاف ما تصلها بالفعل“، لذلك يشدد على ”وجوب تحرك المجتمع الدولي؛ ليتأكد على الأقل من أن الموارد المائية تبقى خارج خطط الحرب“.

 
هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط