Skip to content

25/12/17

مصر تسعى لتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر

main
حقوق الصورة:SciDev.Net/ Hazem Badr

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

ستة أشهر فقط، هي المدة التي مضت على المشروع البحثي المموَّل من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا في مصر لتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر، ولكن حجم الإنجاز كان متميزًا؛ إذ تمكَّن الباحثون من إنتاج ماكينة محلية للف الأغشية التي تستخدمها محطات التحلية.

فمع تعثُّر مفاوضات مصر مع إثيوبيا حول سد النهضة وآلية ملئه وتشغيله، تتصاعد المخاوف حول وضع مصر المائي، وسبل توفير العنصر الأهم للحياة بتكلفة مناسبة وكميات كافية، وهو ما أعطى دفعةً قوية لمساعي امتلاك التقنيات اللازمة لتحلية مياه البحر.

وخلال شهر نوفمبر الماضي، احتفلت الجهات المشاركة في المشروع، الذي حمل عنوان ’التحالف القومي للمعرفة والتكنولوجيا في مجال تحلية مياه البحر‘، بهذا الإنجاز الذي يمثل خطوةً من ثلاث خطوات أساسية لامتلاك تلك التكنولوجيا.

1

حسام شوقي -رئيس الفريق البحثي، ومدير مركز التميز المصري لأبحاث تحلية المياه بمركز بحوث الصحراء- يؤكد أن الخطوات الثلاث يسلِّم بعضها الآخر، ”وما أنجزناه هو الخطوة الثالثة في هذه التكنولوجيا، وهي تصنيع منظومة ماكينات لف أغشية الضغط الأسموزي المنعكس‟.
 
”ماكينات لف الأغشية أولًا! أليس المنطقي أن نمتلك تكنولوجيا تصنيع الأغشية بدايةً ثم نسعى لامتلاك ماكينة لفها؟‟، قلتها بلهجة شعر معها شوقي بأنها تحمل عدم تقدير كافٍ لهذا الإنجاز، فأشار إلى شخص كان يجلس في مكتبه، قائلًا: ”لن أرد عليك، سيتكفل محمد السيد بذلك‟.

2

السيد، هو أحد الباحثين في مركز بحوث الصحراء الذين عملوا على ماكينات لف الأغشية، بالتعاون مع كلية الهندسة جامعة أسيوط، وقبل سؤاله عن أهمية تلك الماكينات، قال: ”هناك مَن أقلقتهم تلك الخطوة من بعض مستوردي أغشية التحلية، الذين بدأوا يشعرون بأن ما توصلنا له بات يهدد تجارتهم‟.

مضيفًا وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة واثقة: ”سأتحدث معك عن أهمية تلك الماكينات، لتعرف في النهاية أن امتلاكها يوفر ما لا يقل عن 30 % من ثمن الغشاء‟.

ما قاله الباحث كان سببًا لمزيد من الشغف بمعرفه أهمية ماكينات اللف، فتحدث بحماس قائلًا: ”الغشاء الذي يبلغ عرضه مترًا مربعًا واحدًا، يمكنه أن يعطي 70 لترًا من المياه المحلاة في الساعة، وإذا كنا نريد كميةً كبيرةً من المياه، فهذا يعني أننا بحاجة إلى التوسُّع عرضيًّا، فنحتاج حينها إلى مساحة أرض كبيرة يتم بسط تلك الأغشية عليها، ولكن إن لُفَّت تلك الأغشية في شكل حلزوني، يمكن حينها زيادة مساحة سطح الغشاء داخل حيز صغير جدًّا‟.

3

ما قاله السيد ببساطة، احتاج إلى جهد بحثي كبير، لينتهي بإنتاج منظومة ماكينات اللف، التي يوضحها قائلًا: ”تتكون من ماكينة القطع، والألياف الزجاجية (الفايبر جلاس)، وأخيرًا اللف؛ إذ تعمل الأولى على تسوية أبعاد الغشاء، لتتولى الثانية وضع طبقة تُكسِبه بعض الصلابة، وتتولى الأخيرة لف الغشاء‟.

وحول التكلفة وهل ستعطي ميزة تنافسية مع المنظومة المستوردة من الخارج، قال السيد: ”هذه المنظومة مصرية التصميم والتصنيع والخامات بنسبة 100%، وتبلغ تكلفة تصنيعها حوالي 250 ألف جنيه مصري (14 ألف دولار أمريكي)، وهو مبلغ ضئيل جدًّا، مقارنةً بنظيرتها المستوردة‟.

حماس الباحث لمنظومة لف الغشاء، دفعني إلى تأخير السؤال الذي قد يبدو محرجًا، وهو: من أين حصلتم على الغشاء الذي استخدمتموه في تجاربكم؟

ليجيب شوقي: ”الأغشية التي استُخدمت في التجارب مستوردة من الخارج ولكن غير ملفوفة، ولذلك كان سعرها أقل بحوالي 30%‟.

”لكننا وضعنا قدمًا على طريق إنتاجها، وسترى ذلك بعينك‟.

4

ويلتقط شوقي من أحد أدراج مكتبه مرشِّحًا (فلتر) يشبه المستخدم في المنازل، مشيرًا إلى أنه أُعِد للاستخدام المنزلي المحدود لتحلية مياه البحر، ”لذلك لسنا قلقين من إمكانية الوصول إلى إنتاجه بالحجم الكبير الذي يسمح باستخدامه في محطات التحلية‟.

وعد شوقي برؤية ما تحقق على أرض الواقع، لم يكن يقصد به فقط هذا المرشح الصغير، ولكن كان يعني مشاهدة خط الإنتاج الموجود بالفعل في مركز بحوث الصحراء، وطلب من السيد اصطحابي لرؤيته.

5

تستطيع أن تشعر بسعادة السيد بهذا الإنجاز من الابتسامة العريضة التي ارتسمت على وجهه داخل المكان المخصص لخط الإنتاج في المركز، وشرع يشرح قائلًا: ”مراحل التصنيع ثلاث: مرحلة الإعداد حيث توضع الطبقة الحاملة للغشاء والمعدة من متعددات السلفون (بولي سلفون) على الطبقة الداعمة المعدة من عديد الإستر (البولي إستر)، وفي المرحلة الثانية يتم طلاؤهما بمادة متعدد الأميد (بولي أميد)، ليصبح لدينا غشاء جاهز للمرحلة الثالثة وهي اللف‟.

وأضاف: ”الأغشية الصغيرة المصنعة في المركز بهذا الخط، أعطت حوالي 187 لتر ماء محلّى في اليوم، وأظهرت كفاءة في احتجاز الأملاح بنسبة 92%‟، وتم نشر تلك النتائج في دراسة بشهر مارس 2017.

6

يؤكد شوقي: ”خلال عام ونصف، وهي المدة المتبقية من المشروع، نستطيع الوصول إلى تصنيع الحجم الكبير من الأغشية، فالوصول لتكنولوجيا ماكينات اللف خطوة مهمة في طريق تحقيق الحلم المصري بامتلاك تكنولوجيا تحلية مياه البحر‟. 

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.