Skip to content

15/11/20

أكاديميو فلسطين لا يرون فرجًا في التطبيع الأحدث مع إسرائيل

Palestine researcher
حقوق الصورة:Arne Hoel. CC license: (CC BY-NC-ND 2.0).

نقاط للقراءة السريعة

  • الإمارات والبحرين والسودان يعقدون مؤخرًا اتفاقات مع إسرائيل تفضي إلى إقامة علاقات دبلوماسية كاملة
  • تأثير موجة التطبيع الأخيرة قد يكون أكثر سلبًا على المجتمع الأكاديمي والبحثي في فلسطين
  • الباحثون الفلسطينيون منقسمون حول فصل الأكاديمي عن السياسي

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[القاهرة] يستبعد كثير من أكاديميي فلسطين وباحثيها أن تعود موجة التطبيع الأخيرة عليهم بنفع، بل يساور بعضَهم قلقٌ من أن تزيد معاناتهم فيما يتصل بمسألة ضعف التمويل وتقييد حركتهم ومرور المستلزمات البحثية من قِبَل الاحتلال.

ففي منتصف سبتمبر الماضي، اجتمع وزيرا خارجيتي الإمارات والبحرين ورئيس الوزراء الإسرائيلي في البيت الأبيض لتوقيع اتفاقيتين، يجري بموجبهما تطبيع العلاقات بين الموقِّعين، برعاية أمريكية.

وما لبث السودان أن لحق بركب المطبِّعين أواخر أكتوبر الذي يليه، وأعلن عن التوصل إلى تفاهمات حول تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

ولا يرجو بعض الرواد الفلسطينيين خيرًا من موجة التطبيع هذه، ومنهم جرير قسيس، وهو باحث فلسطيني نشأ في مدينة رام الله، وهاجر إلى الولايات المتحدة، ويدير حاليًّا قسم الأبحاث في شركة ناشئة بولاية كارولاينا الشمالية.

يقول قسيس لشبكة SciDev.Net: ”لا يوجد في هذه الاتفاقيات ما يشترط تقليل الخناق على حركة الباحثين الفلسطينيين أو تخفيف القيود المفروضة عليهم، بل تم تجاهلهم تمامًا“.

ويشير قسيس إلى أن الأمر يخص ذوي الشأن؛ فالتعاون بين المؤسسات العلمية في الدول المطبِّعة حديثًا وإسرائيل، قد بدأ قبل أن تدخل الاتفاقيات حيز التنفيذ، أما الحياة الأكاديمية الفلسطينية فليس لها فيه ناقة ولا جمل.

كانت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي الإماراتية قد وقعت مذكرة تفاهم مع معهد وايزمان للعلوم الإسرائيلي في 12 من شهر سبتمبر الماضي.

بل في منحنى صاعد، تشير بيانات مستقاة من قاعدة بيانات ’سكوباس‘ البحثية إلى نمو يقارب 100% في عدد الأوراق البحثية المشتركة بين الباحثين الإماراتيين والإسرائيلين خلال السنوات الثلاث الماضية –بعضها جزءٌ من تعاونات دولية كبرى.

يجري هذا في حين تشهد التعاونات البحثية بين الباحثين في أغلب الدول العربية ونظرائهم في فلسطين انخفاضًا، والمنحنى آخذٌ في الهبوط.

هذان المنحنيان، لا يحملان ’قسيسًا‘ على الاستبشار بما استجد من تطبيع، ، ويذهب به حدسه إلى أن الأحوال ستسوء، لافتًا النظر إلى وجود عدد كبير من الباحثين الفلسطينين في الجامعات الخليجية، قائلًا بلهجة قنوط: ”وستُبدي الأيام القادمة إن كان لهم دورٌ أو تأثير على تلك التعاونات، وعلى حالة أقرانهم في الداخل الفلسطيني“.

وإذ أفترض أن تثني الاتفاقات إسرائيل عن خططها لضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية وغور الأردن، إلا أن السلطات الإسرائيلية أعلنت مؤخرًا استكمالها بناء مئات المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.

نذير شؤم بالنسبة لإلهام الخطيب، عميد البحث العلمي في جامعة القدس الفلسطينية؛ إذ تقول: ”إن جامعتنا هي الوحيدة في العالم التي يحدها جدار فصل عنصري“.

تقول إلهام لشبكة SciDev.Net إن خطط الضم قد تعوق أبحاثها في مجال الصحة العامة؛ إذ تحتاج إلى التنقل بين ضواحي القدس ومناطق مختلفة في الضفة الغربية، يقع بعضها ضمن حيِّز التمدُّد الإسرائيلي المخطط له.

ولا يقف الأمر عند إلهام وحدها، فهي تؤكد أن الطلبة والعاملين بالجامعة يتعرضون لمضايقات متكررة، عند مرورهم بالنقاط الأمنية الإسرائيلية المحيطة بالحرم الجامعي.

ومن الباحثين الفلسطينيين مَن لا يأمن شر موجة التطبيع الثانية، ومن هؤلاء أيمن الحاج داود، مدير دائرة النشر وشؤون البحث والتطوير في أكاديمية فلسطين للعلوم والتكنولوجيا.

يرى داود أن ”الاتفاقات ستسهم في زيادة الانقسامات وتحفيز الاضطراب السياسي، الذي طالما أضر بالتعليم العالي والبحث العلمي في فلسطين“.

لدى داود ما يدفعه للتشاؤم؛ إذ إن الذي لحق اتفاقات التطبيع الأخيرة، كان توقيع اتفاقات تعاون علمي بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، تشمل معاهد منشأة في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة، التي تعدها أغلب الدول غير شرعية.

وهذا الذي يراه داود وقسيس له دلالة لا تخفى على التوجه إلى زيادة عزلة الأوساط الأكاديمية والبحثية الفلسطينية وإهمالها.

كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أعرب في بيان له أن اتفاقات التطبيع الأخيرة مع دول عربية، ستُنهي عزلة بلاده الجغرافية، وتقصِّر فترة الرحلات الجوية وكلفتها.

ولا تزال السماوات مغلقةً أمام باحثي الأراضي الفلسطينية وسكانها.

قديمًا، وافقت السلطات الإسرائيلية على بناء مطار للفلسطينيين في قطاع غزة بإدارة إسرائيلية خلال محادثات أوسلو للسلام في تسعينيات القرن الماضي، ليفتح أبوابه أخيرًا للمسافرين عام 1998 بعد ضغوط دولية.

وسريعًا أُغلق المطار مع اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000، ثم عملت الجرافات الإسرائيلية على تدميره.

تشير إلهام إلى أن الطريق أمام سفر الباحثين الفلسطينيين لحضور المؤتمرات العلمية الدولية، صعبٌ ومكلف.

وتوضح: ”كي يسافر الباحث من الضفة الغربية عليه أن يتوجه إلى نقطة أمنية فلسطينية في مدينة أريحا تُعرف بالاستراحة، حيث تُراجَع أوراقه وحمولته، ويُنقل بعدها بالحافلات إلى نقطة أمنية إسرائيلية على الحدود الأردنية، ومن ثم إلى نقطة أمنية أردنية ليعبر إلى الأردن، حيث يسافر عبر مطاراتها“.

”قد يُمنع الباحثون الأجانب أيضًا من الوصول إلى الأراضي الفلسطينية للتعاون معنا“، وفق داود.

يوضح داود أنه في الجامعات الفلسطينية التي يقارب عددها 20 جامعة، ويبلغ عدد طلابها أكثر من ربع مليون، بالكاد يمكن العثور على طالب أو عضو هيئة تدريس أجنبي، ما يحرم البيئة الأكاديمية الفلسطينية من التنوع الثقافي، الذي يحفز العمل البحثي ويثريه.

ثم إن ”القيود موجودة أيضًا على الأرض“، كما يقول لشبكة SciDev.Net مازن قميصة، مدير ومؤسس متحف فلسطين للتاريخ الطبيعي.

ويُردف: ”نُمنع من دخول المناطق الطبيعية في أغلب نواحي الضفة؛ لأن أغلبها يقع ضمن المنطقة ’ج‘، التي تقع إداريًّا وأمنيًّا تحت قبضة الاحتلال، تبعًا لاتفاقية أوسلو“.

يوضح قميصة أن المتحف يهدف إلى الحفاظ على الإرث الطبيعي لفلسطين ودراسته، مشيرًا إلى أن خطط ضم أجزاء واسعة من منطقة غور الأردن الطبيعية، ستزيد من صعوبة دراسته للبيئة الفلسطينية.

والسلطات الإسرائيلية تقيد أيضًا عبور بعض الأجهزة والمواد الكيميائية الضرورية للعمل البحثي، مما يضطر قميصة إلى تقطير بعض الكيماويات يدويًّا، وقد يتلقى في بعض الأحيان مساعدةً من باحثين إسرائيليين عبر تمرير كتب أو مواد كيميائية ممنوع على الفلسطينيين تمريرها.

يشير تقرير صدر برعاية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ’اليونسكو‘ عام 2007، حول سبل الحوار والتعاون بين الباحثين الفلسطينيين ونظرائهم الإسرائيليين، أن الأكاديمين من كلا الطرفين منقسمون بين فئة ترى العمل الأكاديمي منفصلًا عن البُعد السياسي، وأخرى ترى أهمية الدور السياسي والمجتمعي للأكاديميين.

وفي حين يرفض أكثر الأكاديميين الفلسطينيين فكرة التعاون في ظل ظروف من عدم التكافؤ، أظهر كثيرٌ منهم استعدادًا لبناء تلك التعاونات في حال تأسيس دولة فلسطينية بمحاذاة إسرائيل، على حد ما ورد في التقرير.

تشير إلهام إلى أن بعض الباحثين في جامعتها قد تعلموا في جامعات إسرائيلية، ويقيم بعض الباحثين بشكل فردي تعاونات مع باحثين من الجانب الإسرائيلي. إلا أنها لا ترى فرصةً لقيام تعاونات بحثية حقيقية دون رؤية شاملة مع حلول عادلة للنزاع.

توضح إلهام أن بعض المنح العلمية تشترط تعاونًا فلسطينيًّا -إسرائيليًّا لتضخ تمويلها، إلا أنها سرعان ما تفشل مع اشتعال فتيل الأزمات السياسية.

”شروط التعاون الفعال تتمثل في أن يتمتع طرفا التعاون بالقدر نفسه من الحرية“، على حد قولها.

 
هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع  SciDev.Netبإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا