Skip to content

02/09/21

إخفاقات الصحفيين تسهم في تعقيد قضايا المياه

Untitled-2new
حقوق الصورة:Abdallah Taha/ SciDev.Net

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

”صحفي متخصص في قضايا المياه أهم من صحفي متخصص في النفط، فنقص النفط لن يقتلك“، بتلك النصيحة التي رددها خبير في مجال المياه استهلت رحاب عبد المحسن -الصحفية العلمية المستقلة المتخصصة في تغطيات المياه- جلسةً خاصةً بعنوان ’التغطية الصحفية للأنهار العابرة للحدود‘، خلال فعاليات منتدى الإعلام العلمي الافتراضي في نسخته الثانية.

تمثل المياه العذبة نسبةً لا تتجاوز 3% فقط من إجمالي المياه على سطح الأرض، 0.5% فقط منها المتوافر على السطح للاستهلاك البشري، لذا لا بد أن تعتلي قضايا المياه قمة أولوياتنا؛ نظرًا لندرتها كمورد على كوكبنا، واستحالة حياة البشر من دونها.

إغراءات عديدة تدفع الصحفيين لتناول موضوعات المياه، مثل سهولة الوصول إلى مقترح صحفي، فزوايا التغطية الإعلامية في مجال المياه كثيرة وتحظى باهتمام مختلِف المنصات الإعلامية، كما يسهل إضفاء الجانب الإنساني عليها من خلال ربط الفكرة بالبشر وحياتهم اليومية.

ويتمثل الإغراء الأكبر في جاذبية الحديث عن المياه باعتبارها حدثًا ساخنًا يتابعه القراء، وبالتالي يحمل مقوِّمات النجاح التي يرغب فيها الصحفي والمنصات الإعلامية على حدٍّ سواء.

مؤخرًا، تزايَد الطلب على التغطيات الصحفية في مجال الصحافة المائية في منطقتنا مع تزايُد معدلات الفقر المائي في العالم العربي، الذي يُعد من الأفقر مائيًّا في العالم.

ويمثل تنوع المصادر الصحفية وسهولة الاستعانة بالمتخصصين في مجال المياه سلاحًا ذا حدين، فالجغرافي والمهندس والجيولوجي والزراعي والسياسي والصحي والقانوني يشتركون في زوايا مختلفة من قضايا المياه، ولكن تكمن المشكلة في مراعاة مَن يجب أن يتحدث وفيمَ سيتحدث، وهنا تكثر المشكلات، ويقع الصحفي في العديد من الأفخاخ.

استعرضت رحاب في عدة نماذج إخفاقاتٍ إعلاميةً مختلفة، تمثلت في استخدام معلومات من مصادر غير موثوقة مثل فيسبوك وتويتر دون تحرٍّ، وتغطية بعض الأبحاث دون الرجوع إلى الباحث، فيقع الصحفي في فخ التهوين أو التهويل لبعض نقاط البحث، كما قد يحاول بعض الصحفيين تصيُّد كلمات من الباحث لخلق سبق صحفي.

صحفيون آخرون ينخرطون في تسييس قضايا المياه ومداعبة مشاعر القراء، وناقشت رحاب نماذج لبعض الأعمال الصحفية، يُبدي فيها مصدرٌ جيولوجي متخصص رأيًا فنيًّا فيما هو هندسي أو قانوني أو أمني، والعكس.

ناهيك بالمبالغات مثل استخدام صيغة ”الخبير فلان يفجر مفاجأة“، أو ”لجنة الخبراء تعلن عن مفاجأة“، وهو ما نلحظه مؤخرًا وبكثرة، خاصةً حول تغطيات سد النهضة.

تتوالى المفاجآت الهادفة إلى الضغط على روابط المواقع الإخبارية وتحقيق مشاهدات أعلى دون مصداقية أو مهنية حقيقية، كما تتعاظم التحديات أمام الصحفيين والمواقع صاحبة المصداقية لتغطية الملف بدقة، وتضيع الفرصة على القارئ تحت نيران المبالغات ودويِّ المدافع الصحفية، فتصم آذان القارئ.

لا تتوقف التحديات عند المهنية؛ إذ تمثل حساسية الملف المائي أمنيًّا أكبر التحديات التي تواجه صحافة المياه عربيًّا، إذ إن 60% من المياه الواردة إلى الدول العربية من خارج أراضيها، وأغلب الدول العربية دول مصب، أما دول المنبع فهي غير عربية غالبًا.

تؤدي خطورة الملف أمنيًّا إلى صعوبة في الوصول إلى بيانات دقيقة، كما قد يرفض بعض المصادر التعليق تجنُّبًا للمشكلات، تبدو المشكلات مؤديًا بعضها إلى بعض، فغياب المعلومات وحساسية الملف تشجع بعض المواقع على مداعبة مشاعر القراء، وتدور عجلة التحديات من جديد بلا توقف.

تنظر رحاب إلى المشكلات المهنية في تغطية ملف المياه باعتبارها مشكلةً عالميةً وليست عربية فحسب، وتستعرض نماذج لوكالات أجنبية تمثل تحيزًا إعلاميًّا يسلط الضوء على التهديدات والمناوشات والصراعات المحتملة، في مقابل ضوء خافت على الحلول المائية والمشروعات المشتركة المحتملة.

يوهمنا عدم تكافؤ الأعمال الصحفية بفردية حالة الصراع حول الأنهار العربية، تقول رحاب: ”الحقيقة أن هناك الكثير من الحالات في الكثير من الدول لأنهار مشابهة لحالة الأنهار العربية، ويمكن الاقتداء بها بعيدًا عن سيناريو الحرب“.

تقع بعض الوكالات الأجنبية في فخ التسييس أيضًا، فتتناول أحد نزاعات المياه في أغلب أعمالها الصحفية من وجهة نظر أحادية، فتناصر إحدى الدولتين المتنازعتين ضد الأخرى، وكأنها مباراة كرة قدم، بل تستغل القضية سياسيًّا بإشعال الأزمات الصحفية وإثارة الرأي العام؛ للضغط على بعض حكومات المنطقة العربية.

قد يزداد الملف المائي سخونةً مستقبلًا، لذا فالحل -كما تشير رحاب- هو التزام المهنية والمصداقية والإنسانية في تناول قضايا المياه لاحقًا باعتبارها أحد أكبر التهديدات التي تواجه ملايين البشر من سكان المنطقة العربية وحول العالم.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا