Skip to content

09/08/18

رنا الدجاني.. والعدالة بين الجنسين

Rana Dajani
حقوق الصورة:Image courtesy of Rana Dajani

نقاط للقراءة السريعة

  • العالِمات بمنطقتنا أفضل حالًا مما توحي به الأفكار النمطية
  • يحتاج الرجال والنساء إلى مقاييس للنجاح بخلاف المال والأسبقية
  • تدابير استبقاء المقيمات من العالمات، واستعادة المغتربات، تغفل رغباتهن

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

تضيق الأسطر التالية عن استيعاب سيرة ومسيرة رنا الدجاني، عالِمة الأحياء الجزيئية بالجامعة الهاشمية في الأردن، وداعية التعليم المعروفة؛ فبيت القصيد تناول القضايا التي لها تهتم.

رنا باحثة شقت طريقها حتى تبوأت مكانةً علميةً على مستوى العالم، وحازت من التقدير الدولي الشيء الكثير، سواء لقاء إسهاماتها في دراسات عن مرض السكري وأمراض أخرى في المجتمعات المعزولة جينيًّا، أو لتأثيرها الأوسع نطاقًا كامرأة عربية في مجال العلوم.

خلافًا للصور النمطية عن حال المرأة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، غالبًا ما تكون العالِمات أسعد حالًا منهن في مناطق أخرى من العالم، هكذا تقول رنا الدجاني.

والإحصاءات الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومنظمة اليونسكو، وجهات أخرى، تكشف عن وجود نسب عالية من النسوة في الميادين العلمية.

تقرر رنا أن صورة عدم المساواة بين الجنسين معقدة ولها جذور تاريخية عميقة على مستوى العالم. وقد نُشر لها في وقت سابق من هذا الصيف كتاب ألفته عن المساواة بين الجنسين ومفاهيم النجاح، الذي رسم مسار رحلتها الشخصية.

برأيها أن المفاهيم في هذا الصدد مغلوطة، والأمر عندها يشبه قطع "البازل"، الذي عند إعادة تجميعه، أو كشف غموضه، تخفق التدابير الرامية إلى تعزيز أعداد النساء في مجال العلوم؛ لأنها تفتقر إلى أجزاء رئيسة من مكونات الأحجية، وهذا الذي حوله حاورت شبكة SciDev.Net رنا.

تعتقدين أن عدم المساواة بين الجنسين في مجال العلوم ليس مشكلةً خاصةً بدول المنطقة والعالم النامي، رغم أن الشائع غير ذلك، فما تفسيرك؟

بشكل عام، ينظر الناس إلى الإحصائيات [الإقليمية] بمعزل عن الإحصاءات العالمية. فهم يرون أن لدينا عددًا أقل من النساء في الأوساط الأكاديمية [في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا]، على سبيل المثال. ويُرجعون ذلك إلى كونهن مضطهدات، أو بسبب الدين، أو الثقافة وما إلى ذلك. ومع ذلك، إذا قارنَّا الإحصائيات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالإحصاءات الخاصة بالمرأة في مجال العلوم بالعالم أجمع، أو بالتحديد في ’البلدان المتقدمة‘، نجد أن أعدادنا ليست أسوأ -إن لم تكن أفضل.

في السياق العربي الأردني، أُدرّس في كليات العلوم والصيدلة والعلوم الصحية المساعدة، ونسبة الإناث فيها جميعًا أكثر من 70%. وتبلغ النسبة في قسم علم الأحياء 90%.

تكتسي مشكلة [عدم المساواة] بصبغة أساسية أكبر وأعمق من الناحية التاريخية، ولم تحدث في دول المنطقة بمعزل عن [البلدان] الأخرى.

هذا ما تقوله الأرقام. فماذا عن السلوكيات بين الزملاء؟

في الدول العربية، تتشابه السلوكيات والشكاوى [من جانب النساء] مع ما نسمعه في الولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا.

العديد من العالِمات يؤكدن أنه على الرغم من أنهن يشعرن في بعض الأحيان بعدم تكافؤ الفرص في العالم العربي، فإنهن لم يشعرن بالاضطهاد من جانب زملائهن إلا حينما ذهبن إلى الغرب.

احترام من نوع مختلف للمرأة -وأنا أتحدث [عن السلوكيات] في مكان العمل. إنها أشياء دقيقة للغاية… فلدينا المزيد من الاحترام للأنثى كما هي، وأعتقد أن لدينا احترامًا أكبر لدورها في المجتمع.

على سبيل المثال، كنت في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا منذ شهر، وكانت النساء يشتكين من أنهن إذا أردن إرضاع أطفالهن فما من مكان يمكنهن الذهاب إليه [في العمل]. في حين أنه في الأردن، إذا كانت المرأة حاملًا وتحتاج إلى إجازة، فإن جميع زملائها الذكور يحترمون ذلك.
 
دعينا نتحدث عن العقبات الأعم التي ربما تواجهها أي امرأة. هل تعتقدين أن عدم الاستبقاء إحداها؟

نعم ولا … تشير العديد من التقارير إلى أنه حتى بعد اعتماد تدابير [مثل إجازة الأمومة أو ساعات العمل المرنة]، لا يترجم ذلك بالضرورة إلى زيادة الاستبقاء في مكان العمل. لذلك، لا بد من وجود شيء آخر.

أعتقد أننا نطرح السؤال الخطأ. بدلًا من أن نتساءل: "كيف يمكننا استبقاء المزيد من النساء؟"، دعينا نسأل أولًا عما تريده النساء. لا تريد كل امرأة بالضرورة أن تكون من كبار القادة أو أستاذًا محاضرًا. لكن من المهم جدًّا التأكد من وجود إنصاف، وأن هناك فرصًا جيدة.

الطريقة التي ننظر بها كمجتمع إلى النجاح لا تمثل سوى جانب واحد، الجانب الرأسمالي نوعًا ما – وهي كم تكسب من عملك، ودرجة أقدميتك. وهذه طريقة ذكورية جدًّا للنظر إلى العالم.

ربما تكون هناك تعريفات أخرى للنجاح تراها النساء. بل حتى الرجال أنفسهم -فمن قال إنهم كلهم متشابهون؟ يتعلق هذا الأمر بمساعدة البشر على تعرُّف ما يثير شغفهم، ومنحهم التدريب المناسب، وحرية السعي لتحقيق ما يَنشدونه. قد لا يترجم هذا إلى وجود المزيد من النساء في مجال العلوم. ولكن هذا يتعلق بوجود الأشخاص المناسبين في المكان المناسب، في ظل تكافؤ الفرص.
 
كيف سنروِّج لهذا التعريف المختلف للنجاح؟

أولًا، ينبغي الاهتمام بالتعليم -لكي يعرف الناس حقًّا ما يريدونه، لا بد من أن يتعرفوا كلَّ شيء. ينبغي أن نتأكد من أنهم يملكون المهارات اللازمة للسعي [لتحقيق ما يَنشدون]، وأن يتحلوا بالشجاعة ووضوح الهوية والثقة ليقولوا: "هذا ما نريده بغض النظر عن رأي [المجتمع]".

ثانيًا، [ينبغي] العمل على أن يحترم المجتمع [الآخرين] بغض النظر عن اختيارهم. كيف نفعل هذا في أرض الواقع؟ هناك طريقتان: الأولى تتمثل في وجود المزيد من القدوات الحسنة المختلفة لما يبدو عليه النجاح -النموذج الوحيد الذي نراه هو رجل الأعمال الناجح الذي يكسب الكثير من المال. لا يوجد نموذج يحتذى به يولي أهمية [للمساهمة] الاجتماعية، على سبيل المثال. والطريقة الثانية هي التوجيه -أنا أساعد في تمكين [الشباب] من التفكير بشكل مستقل.

ما النصيحة التي قد تُسدينها لعالِمة شابة تنظر إليك كقدوة يحتذى بها؟

أود أن أقول: لا بد أن تعرفي ما الذي يثير شغفك، وأن تثقي بنفسك وتؤمني بقدراتك في تحقيق ما تَنشُدينه بغض النظر عن المجتمع المحيط بك. لا بد أن تعلمي أنه لا شيء مستحيل، وأنكِ سوف تحققين ما تريدينه -إذا كنتِ حقًّا تريدينه- على المدى الطويل، فكوني صبورة.

لقد أردت يومًا ما أن أصبح عالِمة، ولم أحصل على فرصة حتى بلغت سن الثلاثين لأشرع في نيل درجة الدكتوراة. الحلم كان موجودًا، ينضج ببطء، حتى حان الوقت المناسب. ما عليكِ سوى أن تعثري على ما يثير شغفك وتسعي لتحقيقه، وستنجحين في مسعاكِ.

ونصيحتي للعلماء، وللمجتمع بأكمله، أن يثقوا بالنساء. المجتمع لا يثق بالنساء بما فيه الكفاية، ويفترض دائمًا أنه يعرف بشكل أفضل ما يصلح للمرأة. كلما وثقنا أكثر بالنساء، كان ذلك أفضل لنا جميعًا.
 
هذا الموضوع أنتج عبر النسخة الدولية لموقع SciDev.Net. 

الحوار الصوتي للصحفية رحاب عبد المحسن.