Skip to content

24/10/20

ناتالي خويري.. مَثَل في الريادة والتأسيس

Nathalie Khoueiry
حقوق الصورة:Nathalie Khoueiry/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • الأهل والزوج والأبناء كانوا داعمين لا معوِّقين لصعودي وتميُّزي
  • لم أشعر بالهضم لكوني امرأة.. سواء في دراستي أو في عملي
  • المجال مفتوح للراغبات في العلم والبحث والعمل

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

من بين أكثر من 460 مرشحًا متميّزًا، اختيرت ناتالي خويري زغيب، الأستاذة المشاركة في كلية الطب بالجامعة الأميركية في بيروت، لتتوج بجائزة عبد الحميد شومان للباحثين العرب، هذا العام، عن فئة العلوم الطبية والصحية (علم الأدوية الجيني).

تُمنح الجائزة المرموقة، منذ 38 عامًا، للباحثين العرب الذين يُجرون أبحاثًا في حقول عدة، منها: العلوم الطبية والصحية، العلوم الهندسية، العلوم الأساسية، العلوم الإنسانية والاجتماعية والتربوية، العلوم التكنولوجية والزراعية، العلوم الاقتصادية والإدارية.

اشتهرت ناتالي بعملها المميز في علم الوراثة الصيدلاني، تحديدًا دراسة تفاوُت استجابة المرضى للعلاج الدوائي على أساس وراثي. خاصةً فيما يتعلق بعلاج الأمراض غير المُعدية مثل السرطانات، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وهشاشة العظام، والاضطرابات العصبية.

شاركت ناتالي في أكثر من ثمانين بحثًا نُشرت في دوريات مرموقة. وكانت المؤلفة الرئيسية في أكثر من خمسين منها.

كذلك أسست ناتالي مختبرًا لعلم الصيدلة السريرية وعلم الوراثة الصيدلاني بالجامعة، ويُعد من قلائل المختبرات المجهزة تجهيزًا كاملًا لهذا الغرض في المنطقة.

حول سيرتها ومسيرتها العلمية كان لشبكة SciDev.Net هذ الحوار مع ناتالي.
 
-كيف بدأت مسيرتك العلمية؟

بعد تخرجي في كلية الطب في الجامعة الأميركية ببيروت عام 1998، تخصصتُ طبيبة عائلة، وبعد مدة أدركت أنه يمكنني إعطاء المزيد في مجال البحث العلمي، وخصوصًا في مجال علم الأدوية الذي كان يثير فضولي واهتمامي.

ومن خلال مشاركة تنافسية، نلت في عام 2004 منحةً بحثيةً للمشاركة لمدة ثلاث سنوات في جامعة بيتسبرغ في بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية؛ للتخصص والتعمق أكثر في مجال علم وراثة الأدوية ’‘Pharmacogenetics.

وفي عام 2007، عدتُ إلى لبنان باحثةً علميةً في هذا المجال بالجامعة الأميركية في بيروت.
 
ما سبب اختيارك لهذا التخصص؟ وما أهميته؟ وما تطبيقاته؟

في البداية كانت هناك ندرة في هذا التخصص بلبنان وحاجةٌ إليه، فشعرت أنه يمكن لي الإسهام في تطوير هذا المجال والاستفادة من تطبيقاته في مجتمعي.

بدأ علم الوراثة الدوائي منذ أربعين عامًا، غير أنه شهد تطورًا كبيرًا في السنوات العشر الأخيرة؛ إذ أصبحت تطبيقاته ملموسةً أكبر في عالم الطب.

فعلى سبيل المثال، تلحظ بعض الدراسات العلمية اختلاف تجاوُب الأشخاص مع الأدوية بسبب خصائص جينية. ما يسلط الضوء على أهمية الطب الدقيق أو الشخصي، الذي يرتكز على إعطاء الدواء للمريض وفق خصائصه الذاتية والجينية؛ للحدّ من الآثار السميّة، وتعزيز الفاعلية.

ويسجّل هذا التخصص تطوُّرًا في مجال أمراض السرطان، وخصوصًا عند الأطفال، وكذلك سرطان الثدي، وأمراض القلب والأوعية الدموية؛ إذ يُسهم إجراء فحص جيني قبل إعطاء الدواء في تحديد أدقّ لوصف الدواء المناسب والحدّ من المضاعفات، أو أفضل جرعة دوائية.
 
-كيف تحاولين ربط نتائج البحوث العلمية بالمجتمع؟

لعل هذا هو الهدف الأول من أبحاثي العلمية؛ إذ لا فائدة من إجراء بحوث علمية ووضعها في الأدراج طي الكتمان.

تهدف البحوث العلمية في مجال علم الوراثة الدوائي إلى مساعدة الأشخاص والمرضى في الحصول على العلاج المناسب، وهذا ما شهدته في تجارب عديدة مع مرضى القلب، أو مع الأطفال المصابين باللوكيميا.

كما أنني أهتم بإجراء بحوث علمية مرتبطة بالعوائق الاجتماعية، والاقتصادية، والتعليمية التي تحدّ من تنفيذ نتائج البحوث العلمية المرتبطة بعلم الوراثة الدوائي في المجتمع.

فعلى سبيل المثال، يمكن للكلفة المادية أن تشكّل عائقًا أمام بعض التطبيقات العلمية في هذا المجال، أو إجراء الفحوص الجينية للمرضى.

من جهة أخرى، يستقبل المختبر الذي أديره بالجامعة طلاب الثانويات؛ لتوعيتهم بأهمية البحث العلمي في هذا المجال، ولكي يصبحوا، بدورهم، ناقلي معرفة ومعلومات عن هذا المجال، كذلك لتشجيعهم على خوض تجربة البحث العلمي في المستقبل.
 
-حدثينا عن تجربة إنشاء مختبر علم الوراثة الدوائي؟

في عام 2007، عدت إلى ’الجامعة الأميركية في بيروت‘، وبدأت في تجهيز المختبر الأول في علم الوراثة الدوائي في لبنان والمنطقة. وبعد العمل على كتابة طلبات عدة للحصول على التمويل، نجحت في الحصول على منحة مالية من الجامعة ومن هيئات خارج لبنان؛ لتأمين التجهيزات المخبرية اللازمة.

بعدها بدأت في التعاون مع الأطباء في مختلِف التخصصات الطبية (أمراض القلب، والسرطان، والغدد، وغيرها)؛ لتسهيل الوصول إلى المرضى والحالات المرضية ودراستها، والبحث في خصائصها.

كما استقطب المختبر طلابًا جددًا في مجالي الطب وعلم الأدوية؛ لمتابعة الدراسات العليا من ماجستير أو دكتوراة، ما أتاح تطور المختبر وتوسعه، ليشكل اليوم المختبر الأكثر رسوخًا في المنطقة العربية من حيث عدد المنشورات الأكاديمية، والهبات المالية، والأثر المجتمعي.
 
-ما العوائق والتحديات التي واجهتك في أثناء رحلتك؟ ومَن دعمك؟

لا يمكن تحقيق النجاح والإنجازات بسهولة؛ إذ واجهت خلال مسيرتي البحثية الكثير من العوائق بشكل يومي. غير أن العائق المادي كان الأبرز، خصوصًا في ظل تحديات كبيرة في الحصول على الهبات المادية.

ثمة فرص تمويل أقل، وصعوبة أكثر في الحصول على التمويل في لبنان تحديدًا، مقارنةً بالدول الغربية.

على المستوى المهني، تلقيت دعمًا كبيرًا من قِبَل الأساتذة والهيئات المانحة في الجامعة، ما منحني الثقة والدعم المادي والمعنوي في مسيرتي البحثية.

أما على المستوى الشخصي، فقد تلقيت الدعم من أهلي، الذين شجعوني على المثابرة، خاصةً زوجي وأولادي الأربعة الذين يفتخرون بعملي وبإنجازاتي، ويتفهمون خصائص عملي وتحدياته.

كذلك تلقيت دعمًا من الطلاب الذين عملت معهم لسنوات طويلة بثقة.
 
كيف استطعتِ الموازنة بين حياتك الشخصية والمهنية؟

تمكنتُ من تحقيق التوازن بين حياتي الشخصية والمهنية بسبب أمور عديدة، ومن أهمها الدعم العائلي الذي تلقيته من أهلي ومن زوجي كما ذكرت. إذ حظيتُ بزوج مقتنع بعملي، وفخور بإنجازاتي، ومشجع للمضي قدمًا.

كما أنني ربيت أولادي على أهمية أن يكونوا مستقلين فكريًّا، ومتكلين على ذواتهم، من دون أن يعودوا إليَّ في جميع تفاصيل يومياتهم.

أما على المستوى المهني، فإن التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية يستوجب إدارة الوقت على نحو جيد، والتنظيم، والتركيز على الهدف والمسار.

فأنا أعرف هدفي جيدًا، وأحاول ألا أضيّع وقتي وتركيزي، بل أصبّ جهدي لتحقيق هدفي المرتكز على إجراء البحوث العلمية واستثمار نواتجها في المجتمع.
 
-هل ترين أن المرأة تنال حقها من المناصب القيادية في مجال العلوم بالمنطقة مقارنةً بأقرانها من الرجال؟

على عكس الاعتقادات السائدة، تجربتي في البحث العلمي رائعة. إذ لم أشعر يومًا بأن حقي مُهدَر أو أنني لم أنل الفرص التي أستحقها. لقد تلقيت كامل الدعم والتشجيع والاحترام من قِبَل جميع الأشخاص الذين تعاملتُ معهم.

كَوني امرأةً مثَّل لي ميزةً في مسيرتي المهنية وإضافةً غنية. وأنا ألحظ اليوم أن الأمور تتغيّر، إذ تحقق المرأة الإنجازات في المجال البحثي، وتتوافر لها الفرص على نحوٍ أفضل من ذي قبل. 
 
-ما نصائحك للباحثات الشابات؟

أرغب في توجيه نصائح عدة للشابات اللواتي يرغبن في خوض تجربة البحث العلمي، أُولاها عدم التخوف من صعوبة هذا المجال واعتباره حكرًا على الرجال، إذ على الفتاة أن تبرهن على قدرتها على النجاح في هذا المضمار.

كذلك أهمية العمل ضمن فريق والتعاون مع الآخرين في سبيل تحقيق النجاح وخدمة المجتمع.

أيضًا عدم التوقف عن العمل وترك المجال البحثي في حال الزواج والإنجاب، فعلى العكس، يمنح العمل السعادة للمرأة المتزوجة والأم، كما يجعل أولادها فخورين بأمهم العاملة.

يمكن للنساء أن يحققن النجاح، وبشكل متوازٍ، على المستوى العائلي والمهني معًا، دون إهمال جانب لحساب الآخر.

 

 هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع  SciDev.Netبإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا