Skip to content

27/08/13

على حافة الربيع العربي.. البحث العلمي يتأثر

Arab spring revolution_Panos.jpg
حقوق الصورة:Espen Rasmussen/Panos

نقاط للقراءة السريعة

  • ازداد تمويل البحث العلمي في الجزائر إلى نحو 1% من إجمالي الناتج المحلي
  • يقول العديد من العلماء في الأردن والمغرب إن زيادة تمويل البحث العلمي لم تثمر الكثير
  • خطة التقشف السودانية أضرت بالقدرات البحثية المحدودة أصلا

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

ما الذي جلبه الربيع العربي للعلوم في الدول التي لم تشهد تغييرا في أنظمتها؟ هذا ما يبحثه SciDev.Net في هذا التحقيق.

[الخرطوم، عَمّان، الرباط، الجزائر] انطلقت شرارة الربيع العربي على أمل تحقيق الإصلاح وزيادة الحريات، وهو ما من شأنه -إلى جانب عوامل أخرى- تحسين أحوال العلوم والتنمية.

قبل موجة الثورات كان هناك نقص ملموس في دعم البحث العلمي من جانب صانعي القرار، مع فرض الحكومات نفوذًا لا مسوغ له على الجامعات. وقد رأى الكثير في الربيع العربي فرصة لتغيير هذه الأوضاع.

يقول عبد الله النجار -رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا- لـ SciDev.Net: "رأينا اهتماما حقيقيا للنهوض بالبحث العلمي في دول الربيع العربي".

لكن رياح التغيير لم تؤثر على الدول التي أُطيح بحكامها وحسب، بل تركت بصماتها على تلك التي رغم احتفاظها بحكوماتها أو أنظمتها الملكية إلا أنها واجهت احتجاجات شعبية، أو أصابتها آثار ثانوية من الأحداث في دول الجوار.

يرصد SciDev.Net كيف أثر الربيع العربي على البحث العلمي في أربع من تلك الدول، هي: الجزائر والأردن والمغرب والسودان.
 
الجزائر

سياسيا لم تتأثر بالربيع العربي بدرجة كبيرة، لكن الاحتجاجات التي اندلعت بالجزائر في مايو 2011 دفعت الحكومة إلى طرح حزمة إصلاحات والإقدام على تنفيذها، وبعضها يرتبط بالبحث العلمي.

وجاءت استجابة الساسة السريعة للاحتجاجات متأثرة بأحداث سابقة في تاريخ البلاد لا يرغبون أن تتكرر. فقد عانت الجزائر حقبة من الصراع المسلح بين النظام والإسلاميين، سادته حلقات من التوتر السياسي والاضطرابات أضعفت القطاع البحثي. 

"الاضطرابات التي حدثت في تسعينيات القرن الماضي ومطلع الألفية الحالية كان لها آثار كارثية على البحث العلمي، وأدت إلى هجرة آلاف الباحثين"، وفق ما أوضح لمراسل SciDev.Net عبد المالك رحماني، منسق المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي بالجزائر.

"عملت الحكومة على ربط البحث العلمي على نحو أكبر بالأولويات الاقتصادية للبلاد وبمشكلات المواطنين".. عبد الحفيظ أوراغ

بتفصيل أكثر، جاء في تقرير أعده المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالجزائر أن 71500 من الجامعيين هاجروا بين عامي 1994 و2006، وهي "أكبر موجة من هجرة الكوادر منذ استقلال الجزائر عام 1962"، وأفاد أن معظمهم لم يعد به رغبة للعودة، رغم جهود الحكومة لاجتذاب الباحثين منهم.

يقول رحماني إن هذه الفترة العصيبة علّمت سياسيي البلاد كيفية التعامل مع الاحتجاجات الشعبية، لذلك كانت استجابتهم لمطالب التغيير في 2011 معقولة، وأدت إلى الحفاظ على الاستقرار السياسي.

وساعد هذا الاستقرار على إدخال إصلاحات لصالح البحث العلمي على مدى العامين الماضيين، وجرى دعمها من خلال زيادة الإنفاق على العلوم، وتحول إيجابي في سياسة الحكومة تجاه البحث العلمي.

رفعت الحكومة الجزائرية موازنة البحث العلمي من نحو 250 مليون دولار أمريكي في 2012 إلى نحو 340 مليون دولار عام 2013. يقترب هذا الرقم من هدفها الرامي إلى إنفاق 1% من إجمالي الناتج المحلي على البحث العلمي، كما أنه يمثل ثلاثة أضعاف ما كان يتم إنفاقه في هذا الصدد قبل خمس سنوات.

وأنفقت هذه الزيادة في تدشين عدد من المنشآت البحثية المجهزة، ورفع المستوى المعيشي للباحثين، كما تم استقدام باحثين أكثر كفاءة من دول أخرى.

أيضا "عملت الحكومة على ربط البحث العلمي على نحو أكبر بالأولويات الاقتصادية للبلاد وبمشكلات المواطنين" كما يقول عبد الحفيظ أوراغ، المدير العام لقطاع البحث العلمي والتنمية التكنولوجية بوزارة التعليم العالي.

ورغم ما سبق، لم يتجاوز البحث العلمي في الجزائر عنق الزجاجة.

يقول رحماني: "لا تزال هناك عقبات يجب معالجتها، منها قلة العلماء ذوي الكفاءات العالية بالبلاد، والحرية الأكاديمية المحدودة، بالإضافة إلى ضعف إقبال القطاع الخاص على المبتكرات والبحوث العلمية المحلية والتشكيك في كفاءتها".
 
المغرب

بدأت موجة من الاحتجاجات بالمغرب في فبراير 2011، واستمرت حتى يونيو من العام نفسه، ثم تجددت في مايو 2012.

"اتجهت الحكومة لدعم الابتكار وتعزيز البحث العلمي باعتباره سبيلا رئيسيا لإيجاد فرص للعمل".. عبد القادر إعمارة

أدت هذه الاحتجاجات إلى تسريع معدل الإصلاح هناك، حيث أطلقت الحكومة عدة مشروعات في 2011 استهدف بعضها ربط البحث العلمي بالصناعة؛ على أمل أن يساعد ذلك في خفض معدلات البطالة التي كانت دافعا أساسيا لعدة تظاهرات.

ويقول عبد القادر إعمارة -وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة- لموقع SciDev.Net: "خلال العامين الماضيين، استطاعت الحكومة الاستمرار في تطبيق خطة البلاد الاستراتيجية لدعم الابتكار وتعزيز البحث العلمي؛ باعتباره سبيلا رئيسيا لإيجاد فرص للعمل".

وأوضح أن الحكومة أنشأت ثلاثة صناديق للابتكار والبحث العلمي في 2011 بموازنة مجمعة بلغت نحو 65 مليون دولار أمريكي. وتُوَجَّه هذه الصناديق لمساعدة نحو 800 مشروع بحثي ابتكاري حتى عام 2014.

بيد أن علماء مغاربة يرون أن هذه الجهود لم تسهم بالكثير في تعزيز البحث العلمي.

من هؤلاء: محمد درويش، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي في المغرب؛ إذ يقول: إننا لم نزل نعاني انعدام استراتيجية شاملة لتعزيز العلوم والابتكار. من ثم فإن الجهود المالية والبشرية المبذولة من أجل دعم البحث العلمي لا يقابلها نتائج.

وفي رأي عزيز بن صالح -مدير الشؤون العامة والتعاون بالمركز الوطني للبحث العلمي والتقني بالمغرب- "لم يكن البحث العلمي في وضع جيد، لا قبل الربيع العربي ولا بعده، وثمة حاجة إلى إجراء إصلاحات تضمن استخداما أمثل للموارد البشرية المتاحة".

أيضا هناك حاجة -كما يضيف بن صالح- إلى التنسيق بين الهياكل المختلفة التي تعمل في مجال البحث العلمي في البلاد، وعلى القطاع الخاص أن يقوم بدوره في تمويل البحث العلمي، خاصة المشروعات التي تُعد من أولويات التنمية المغربية.
 
الأردن

اندلعت بالأردن احتجاجات متكررة على مدار العامين الماضيين في إطار الربيع العربي، ما ألجأ الملك عبد الله الثاني إلى تكليف أربع حكومات متعاقبة منذ فبراير 2011. طالب المحتجون بإصلاحات سياسية واقتصادية، خاصة ما يتصل بأسعار الطاقة.

فالمملكة، التي تستورد تقريبا كل احتياجاتها من الطاقة، تأثرت بشكل مباشر بالثورة في مصر -أحد أكبر موردي الطاقة لها- إذ انقطعت إمدادات الغاز الطبيعي المصري لها عدة مرات خلال عام 2011، ومن ثَمَّ اندفعت المملكة لتخصيص المزيد من التمويل للبحث العلمي، في خطوة لحل مشكلة الطاقة.

يقول عبد الله الزعبي -مدير عام صندوق دعم البحث العلمي الأردني-: "إن البحث العلمي هو الحل الرئيسي لمشكلة ارتفاع تكلفة الطاقة التي أزكت احتجاجات المواطنين الأردنيين خلال العامين الماضيين".

"إن البحث العلمي هو الحل الرئيسي لمشكلة ارتفاع تكلفة الطاقة".. عبد الله الزعبي

والأولوية الأولى لهذا الصندوق -وهو مؤسسة حكومية مستقلة- هي مشروعات الطاقة، خاصة تلك المرتبطة بالمصادر المتجددة، كما يقول الزعبي.

ويضيف: "لهذا السبب قامت الحكومة بتخصيص أكثر من 39 مليون دولار أمريكي لصالح تمويل البحث العلمى بين عامي 2012 و2016، بهدف دعم المراكز والمؤسسات البحثية في الأردن".

لكن منيف الزعبي -مدير عام أكاديمية العالم الإسلامي للعلوم- يرى أن رياح التغيير التي عصفت بالدول العربية لم تغير الكثير من أوضاع البحث العلمي في الأردن. مشيرا إلى أن النسبة المخصصة للبحث العلمي -0.34% من إجمالي الناتج المحلي- تقل كثيرا عما تستثمره الدول الصناعية في هذا المجال.

وبالمثل يقول عيسى بطارسة -رئيس جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا- لموقع SciDev.Net: "لا أرى تغيرا كبيرا في نهجنا تجاه البحث العلمي والأنشطة التنموية بمؤسسات التعليم العالي والجامعات، ما نحتاجه هو قرارات استراتيجية تتخذها الحكومة من أجل إيجاد القيادات والموارد اللازمة لتنفيذها".
 
السودان

أطل الربيع العربي إطلالة بالسودان في يناير 2011، في وقت كانت تعقيداته أكبر، متمثلة في انفصال جنوب السودان في يوليو من العام ذاته. وفي يونيو 2012، بدأت موجة أكبر من الاحتجاجات بعد أن مررت الحكومة خطة تقشف، تضررت منها قدرات البحث العلمي المحدودة أصلا.

يقول الطيب إدريس -مدير أكاديمية السودان للعلوم- لموقع SciDev.Net: "رغم وجود إرادة سياسية لتعزيز البحث العلمي -وقبل عامين استُحدِثت للعلوم والتكنولوجيا وزارة مستقلة؛ بهدف التركيز على مشكلات ذلك القطاع وتطوير مخرجاته- إلا أن الاقتصاديات السيئة والظروف الأمنية غير المستقرة في 2012 أدت إلى دمج الوزارة في وزارة الاتصالات".

وفي ظل موازنة تقشف، يقول إدريس: "علينا أن نقبل بالمخصصات المتدنية جدا للبحث العلمي، التي تعادل نحو 0.04% من إجمالي الناتج المحلي".

"القطاع الخاص في السودان لا يدعم البحث العلمي بأي شكل من الأشكال".. ميرغني بن عوف  

يذكر أن الخطة الخمسية الجديدة المستمرة حتى عام 2017 ضمت البحث العلمي باعتباره حلاًّ رئيسيا لبعض المشكلات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

أما الدكتور ميرغني بن عوف -أستاذ العلوم في جامعة الخرطوم- فيصف البحث العلمي في السودان بأنه "قطاع راكد"، ويعزو سبب ضعف الاهتمام الحكومي بهذا القطاع إلى أن العديد من الباحثين "كُسالى" ولا يبذلون "الجهد المناسب في العمل على أبحاث مفيدة للمجتمع السوداني".

ويؤكد ابن عوف لموقع SciDev.Net أن الباحثين السودانيين فشلوا في الضغط من أجل وضع استراتيجية تربط البحث العلمي باحتياجات المجتمع، كما يضيف أن القطاع الخاص في السودان لا يدعم البحث العلمي بأي شكل من الأشكال.

التحليل منشور بالنسخة الدولية ويمكن مطالعته عبر العنوان التالي:
the scientific ripple from the edge of the arab spring