Skip to content

19/08/13

صحافة البيانات.. كيف تجد قصصًا خبريةً في ثنايا الأرقام

data-journalism-pract guide-wellcome
حقوق الصورة:Pablo Rojas, Wellcome Images

نقاط للقراءة السريعة

  • تعني صحافة البيانات إعداد قصص خبرية عن طريق معالجة مجموعات كبيرة من البيانات
  • تُيسّر الأدوات المجانية المتوفرة على الإنترنت الآن إمكانية معالجة المعلومات الرقمية، وتفسيرها، وعرضها
  • قد تبدو المهمة شاقّة، لكن صحافة البيانات وُجِدتْ لتبقى

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

 تقدم ساندرا كروشيانيللي الحيل والأدوات لتقصي الحقائق، وتقديم قصص خبرية من البيانات

كثيرا ما يسألني زملاء عن ماهية صحافة البيانات. ما يُحيّرهم هو سبب اختصاصها بهذا الاسم –ألا يستخدم جميع الصحفيين البيانات؟

المصطلح هو اختصار لـ‘صحافة قواعد البيانات’ أو ‘صحافة تعتمد على البيانات’، حيث يجد الصحفيون قصصهم الخبرية، أو يضيفون أبعادًا جديدةً لها، من بين طيّات قواعد البيانات.

وبين صحافة البيانات والصحافة الاستقصائية مساحة مشتركة؛ إذ يتطلب كلاهما عمليات بحث مضنية، تكون في بعض الأحيان على غير رغبة البعض. ويمكن لها أن تتداخل كذلك مع عملية تصوير البيانات بصريًّا، حيث إنها تتطلب تعاونًا وثيقًا بين صحفيي المجال الرقمي ومتخصصيه؛ لإيجاد أفضل السبل لعرض البيانات.

فلماذا إذًا خوض غمار جداول البيانات الإلكترونية وأدوات التصوير البصري؟ يكمن الجواب في أن عملية إضافة بيانات للقصة الخبرية –في أبسط صورها– قد تضفي بعدًا واقعيًّا جديدًا. وقد يكشف التعمُّق في قواعد البيانات أيضًا عن قصص جديدة، أو جوانب جديدة لها، لم تكن لتظهر بطريقة أخرى.

ويمكن لصحافة البيانات أحيانًا أن تسرد قصصًا معقّدةً بشكل أوضح وأيسر من الاعتماد على الكلمات وحدها؛ لذا فهي مفيدة بشكل خاص للصحفيين العلميين.

قد تبدو المهمة شاقة إذا تلقيت تدريبك في وسائل الإعلام المطبوعة أو المرئية أو المسموعة. لكنني سوف أعرض عليك بضع مهارات جديدة، كما سأستعرض بعض الأدوات الرقمية الممتازة؛ كي تتأقلم على العمل كصحفي في مجال صحافة البيانات.

من أين نبدأ

شأنها في ذلك شأن سائر العمل الصحفي، يمكن استقاء أفكار لقصص صحافة البيانات من مصادر عديدة. قد تغريك إحصائية لا تبدو صحيحة بالبحث في البيانات التي أنتجتها. أو على سبيل المثال عند سعيك إلى الإجابة عن سؤال كيف تَغيّر تمويل العلوم في المملكة المتحدة؟

وتختلف صحافة البيانات عن النماذج الأخرى في أنه قد لا يكون لديك فكرة جيدة عن القصة الخبرية حتى بعد بدء تحقيقك الصحفي. هذا لا يعني جمع أي بيانات قديمة متوقّعًا العثور على قصة، لكن الأحرى هو أن البيانات ستروي لك القصة. ويعطيك هذا العرض التقديمي، على صفحة مدونة البيانات Datablog بموقع صحيفة الجارديان، فكرةً عن سير العمل في صحافة البيانات.

إذًا كيف تختار موضوعًا لتتعمّق فيه؟ من الجيد أن تتعرف على أنواع البيانات والمصادر في ‘مجالات اختصاصك’، وما المواعيد المحتملة لنشر تلك البيانات، تمامًا كمعرفتك بتواريخ انعقاد المؤتمرات أو نشر المجلات.

ويُفضَّل أن تكون بدايتك متواضعة في أول مشاريعك بصحافة البيانات، لا سيما أثناء تمرسك في معالجة البيانات واستخدام كل الأدوات المتاحة. سيكون التحدي الرئيسي بالنسبة لك –على الأرجح– هو الوقت اللازم لمعالجة البيانات. وقد أَعدَّ بيتر أُلدهاوس، مدير مكتب سان فرانسيسكو بمجلة New Scientist، برنامجًا تعليميًّا حول كيفية مقاربة مشاريع علمية بمجال صحافة البيانات، ويحتوي كتيب صحافة البيانات أيضًا على نصائح ترشدك من أين تبدأ.

إيجاد البيانات والوصول إليها

يقول خبراء صحافة البيانات إن أدوار الصحفيين تتغير من التنقيب عن معلومات شحيحة وجمعها، إلى معالجة المعلومات في ‘عصر الوفرة’.

"تشير دلائل إلى أن صحافة البيانات هي صحافة المستقبل" ساندرا كروشيانيللي

قد تكون البيانات وفيرة، لكن الحصول على بعض نوعياتها أسهل من غيرها. وعلى حين بدأت حكومات إدراك أهمية نشر البيانات –بما في ذلك نتائج البحوث– فالأمر يختلف من بلد إلى بلد، وقد تفتقر حكومات مؤمنة بالانفتاح إلى نظم ملائمة لجعل البيانات في المتناول.

تُبادر بعض الدول، مثل كينيا، بإتاحة البيانات، بينما سيكون عليك طلب الحصول عليها في دول أخرى -أحيانًا- من خلال أنظمة مثل قانون حق الحصول على المعلومات في الهند.

وتتيح بعض الهيئات الدولية –مثل البنك الدولي– بياناتها، بينما تقوم مشاريع مثل Gapminder وGoogle Public Data Explorer بجمعها من مختلف المنظَّمات. وبالنسبة للصحفيين العلميين أو المعنيين بالصحة، يُقدم موقع clinicaltrials.gov سجلا لبيانات تجارب سريرية. ويستطيع صحفيو البيئة أو علوم الأرض –على سبيل المثال– الوصول إلى معلومات ذات صلة من موقع هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية.

وقد تجد بعض البيانات جاهزة تحت تصرفك دون عناء، حيث يوفر موقع Data Dredger –وهو نتاج تعاون بين منظمة Internews ومبادرة البيانات الحكومية المفتوحة في كينيا– وصلات لتقارير الصحة في كينيا، ومن خلاله يمكنك تحميل رسوم بيانية حول قضايا الصحة واستخدامها في القصص الخبرية.

إنّ شبكة الإنترنت ملأى بالبيانات، لكن العثور عليها يتطلب شحذ مهارات استخدام محرك البحث. أحيانًا يمكنك البحث عن مصطلح مع إضافة كلمة ‘بيانات’ فقط، أو استخدام محرك بحث أكاديمي متخصص مثل Google Scholar أو Scirus. لكن من المفيد أيضا استخدام موارد شبكة الإنترنت "الدلالية"، مثل موقع Wolfram|Alpha؛ الذي يمكّنك من البحث باستخدام بيانات إضافية، وليس كلمات البحث المفتاحية ضمن الصفحة فقط.

وتتيح ميزة البحث المتقدم بموقع جوجل خاصية تضييق نتائج بحثك عن طريق اختيار امتداد النطاق، مما يساعدك في البحث عن البيانات الأكاديمية أو الحكومية، أو اختيار صيغة الملف -مثل ملفات برنامج Excel التي تتضمن جداول الأرقام أو الإحصاءات- على الأرجح. غالبًا ما يتم تحميل الجداول والرسومات كصور، لذلك ينبغي أن يشمل تنقيبك عن البيانات موقعي Flickr وGoogle Images.

بل تستطيع كذلك استرداد بيانات تم حذفها من شبكة الإنترنت، بعد أن تم ‘تخزينها مؤقتًا’ أو حفظها كلقطات شاشة. جَرِّب موقع Internet Archive، وخاصية Wayback Machine، في استرجاع الملفات القديمة أو عناوين المواقع المعطّلة.

يمكن لمواقع التواصل الاجتماعي أيضًا أن تكون مصدرًا للبيانات. حيث تتيح لك أدوات مثل SocialMention، و48ers، وTwitterfall، وAddictomatic، وBoardreader، وWhostalkin إجراء عمليات البحث بالاسم، والموضوع، والوقت، والتوزيع الجغرافي. أَطرحُ هنا مثالاً مثيرًا للاهتمام حول كشْفِ الشبكات الاجتماعية لأخبار، وهو مشروع عين على خطة الإنقاذ الاقتصادي لمؤسسة ProPublica –وهي منظمة للصحافة الاستقصائية– والذي استخدم ما يُتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتنبيه الصحفيين إلى أية بيانات جديدة بشأن ما حدث لأموال خطة الإنقاذ الأمريكية للبنوك في عام 2008.

تَذكّر -إنَّ وضْع رابط لمصادر بياناتك أو ذكرها بشكل واضح؛ هو عادةٌ طيبة.

معالجة البيانات
لقد حصلت إذًا على البيانات، ولكن هل يمكنك استخدامها؟ في البداية ستحتاج إلى إيرادها في جدول بيانات، مثل الجداول المستخدمة في برنامج Excel أو موقع Google Drive، لذا عليك تحميل البيانات في صيغة ‘قيم مفصولة بفواصل’ إذا أمكن.

قد تحصل على جدول في ملف بصيغة PDF، أو صورة بصيغة JPEG. جَرِّب استخدام خدمة تحويل الملفات التي يقدمها موقع Zamzar –مثلاً– لوضع البيانات في صيغة جداول إلكترونية. وقد تُمثّل برامج التعرف على الحروف بصريًّا كذلك عونًا كبيرًا؛ إذ يقدم موقع Free Ocr خدمة مجانية وسهلة. وكملاذ أخير، قد تضطر إلى إدخال البيانات يدويًّا، وهو ما يستغرق وقتًا طويلاً، كما أنه عرضة للخطأ.

وأيًّا كان مصدر بياناتك، فمن المحتمل أن تكون في حاجة إلى ‘تنقيح’ لجعلها مفيدة. هذا قد يعني حذف بيانات لا تحتاج إليها، وإعادة تنظيمها، واستخدام أدوات مثل OpenRefine أيضًا (سابقًا Google Refine) لجعل البيانات أكثر اتساقًا (شاهد مقاطع الفيديو الخاصة بالبرنامج التعليمي للحصول على إرشادات بشأن ما تعنيه عملية التنقيح). ويتعين على الصحفيين العلميين الوصول إلى بيانات علمية منظَّمة؛ حيث تحتاج إلى تنقيح أقل.

سوف تحتاج البدء ببعض عمليات المعالجة الأساسية. قد تُصنِّف البيانات من الأصغر إلى الأكبر، أو حسب الموقع. وقد تكون ضالتك هي إيجاد متوسطات مجموعتين من البيانات، أو دمجهما، أو عقد مقارنة بينهما.
تعامل مع البيانات على أنها ‘مصدر’، واسألها الأسئلة التي قد يطرحها جمهورك. واطرح الكثير من الأسئلة، قد لا يكون الجواب هو ما يتبادر إلى الذهن أولاً، على سبيل المثال، قد يوحي جدول بيانات يشير إلى تراجع شعبية مجلة بضرورة اكتشاف الغشّ والتزوير بها، لكن عليك أيضًا أن تسأل ما إن كانت هناك تفسيرات أخرى.

فكّر مليًّا في نتائجك –هل تبدو معقولة؟ من الأفضل فحص الحسابات ومراجعتها. لا تدمر سمعتك لارتكابك خطأ أوليًّا.

وبإمكانك تعزيز استنتاجاتك، أو تحديد أسئلة جديدة عقب القيام بتحليلات إحصائية بسيطة. قد تلاحظ مثلاً تزايد العواصف الكارثية في بلدك كل عام، ولمدة 20 عامًا. ولكن هل هذه نتيجة مهمة؟ أم قد يكون هذا تنوعًا طبيعيًّا عارضًا؟ يمكن لأدوات مثل R-Project وRStudio مساعدتك في الحكم على النتائج. وقد ترغب كذلك في مراجعة استنتاجاتك مع خبراء، أو صحفيين متمرسين في المجال، لا سيما عندما تكون قد بدأت لتوك.

عرض البيانات

سيعتمد عرضك التقديمي على القصة الخبرية. قد يكون ما ستقدمه متواضعًا جدًّا، وقد تكدح للحصول على رقم واحد –ولكنه مهم– من أجل تقديمه في خبر تقليدي، مثلاً: إنفاق حكومتك نصفَ ما وعدت به على العلوم.

أو يمكنك استخدام أسلوب تصوير البيانات بصريًّا باعتباره جزءًا لا يتجزأ من القصة. ويجمع هذا التحقيق من صحيفة The Seattle Timesفي الولايات المتحدة بين قصة بارزة، ورسوم بيانية، وخرائط، ومستندات أصلية لدعمها. أحد هذه العناصر هي خريطة تفاعلية؛ ويمكن استخدام هذه العناصر في قصص ومشاريع أكبر، أو قد تُمثّل خبرًا مستقلاًّ بذاته، مثل هذا التصوير البصري لأسباب الوفاة الذي استضافته صحيفة الجارديان البريطانية.

وتستطيع أدوات الإنترنت مثل Tableau PublicوMany Eyes تصوير البيانات بصريًّا بطرق شتّى، بينما تمكننا الأدوات Google Fusion Tables، وGeocommons، وIndiemapper من إنتاج خرائط جيدة باستخدام إحداثيات خطوط الطول والعرض، أو بيانات نظم المعلومات الجغرافية الأكثر تعقيدًا. وتتيح لك العديد من هذه الأدوات أيضا إضافة طبقة رسوم متحركة –مثلاً– لإظهار جداول زمنية.

وفي بعض الأحيان، لا يدور العمل حول عرض البيانات فقط، ولكن السماح لجمهورك برؤية ما قد تعنيه لهم. يُبين مشروع منظمة ProPublica للمستخدمين ما إذا كان الطبيب يتلقى أموالاً من شركات أدوية، في حين أن مسعى صحيفة Texas Tribune يُظهر لك كيفية إنفاق المال العام في الولايات المتحدة.

وبالمضي قدمًا، يطلب مشروع صحيفة الجارديان من القراء المساعدة في تحليل بيانات حول الإنفاق العام في المملكة المتحدة. وتتطلب هذه النوعية من المشاريع -التي تسمى ‘تطبيقات إخبارية’- تعاونًا بين صحفيين ومبرمجين؛ لتصميم وبناء تطبيقات يمكنها معالجة متغيرات عديدة في قواعد بيانات كبيرة أو عبر العديد من مجموعات بيانات، وتحليلها.

لقد شاركت في تطبيق إخباري بصحيفة La Nación  الأرجنتينية كجزء من زمالة مؤسسة نايت للصحافة الدولية. ويستخدم التطبيق معلومات التعداد الوطني في المدة من 2001 إلى 2010، مما يسمح للناس باستكشاف عملية تغيّر التركيبة السكانية في مناطقهم.

ويقدم موقع  Information is Beautifulأمثلة لتصوير البيانات بصريًّا بشكل إبداعي، ويُبيّن كيف يصبح العمل مع فريق المجال الرقمي أو فريق الرسومات –في الجريدة التي تعمل بها– مثمرًا.

قد تحتاج إلى إقناع محرريك بتخصيص وقت لصحافة البيانات. غير أن رؤية النتائج قد يمهد لك الطريق، وقد يساعدك أيضًا هذا التقرير (الذي شاركت في كتابته) على دمج صحافة البيانات في غرف الأخبار.

قد يبدو المطلب جليلاً، لكن الدلائل تشير إلى أن صحافة البيانات هي صحافة المستقبل. وإذا استطعت استثمار الوقت فيها، فلن تحصل على قصص خبرية أفضل فحسب، لكنَّك ستقدّم خدمة أفضل لجمهورك وللصالح العام.
 
 

ساندرا كروشيانيللي، زميل مؤسسة نايت للصحافة الدولية. وتعمل صحفية استقصائية، ومدرّبة، ومتخصصة في الموارد الرقمية وصحافة البيانات. كما أنها مؤسس موقع Sololocal.info ورئيس تحريره؛ وهي مجلة على شبكة الإنترنت توفر أخبارًا محلية بامتياز من مدينة باهيا بلانكا بالأرجنتين. للاطلاع على المزيد.. انظر: www.visualcv.com/sandracrucianelli

References