Skip to content

13/03/13

قناة البحرين يمكنها تجنب الطريق المسدود

EthiopiaRedSea_Flickr_NASA_2832x4256
توفر القناة مياه الشرب وتمنع تجفّف البحر الميت حقوق الصورة:Flickr/NASA

نقاط للقراءة السريعة

  • * أصدر البنك الدولي دراسات تقييم المشروع المائي المثير للجدل
  • * تحذّر الدراسات من أن القناة المقترحة غير آمنة من الناحية الإيكولوجية
  • * لكن الأردن عازم على المضي قدما، وقد يكون مشروع تجريبي أفضلَ الحلول

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

بعد تأخير دام أكثر من ستة أشهر، أصدر البنك الدولي أخيرا المسودات النهائية لدراستي الجدوى والتقييم البيئي لمشروع توصيل البحرين الأحمر والميت، الذي يهدف إلى شق قناة بطول 180 كيلو مترا لنقل نحو 1.2 مليار متر مكعب من مياه البحر الأحمر إلى البحر الميت. [1]
 
ترمي الخطة المثيرة للجدل إلى ضخ المياه من البحر الأحمر، وتمريرها عبر سلسلة من محطات تحلية المياه، ومن ثم استخدام المياه المحلاة للشرب، وتصريف المياه المالحة إلى البحر الميت، ما يساعد على إعادة منسوبه إلى مستوياته بالقرن العشرين، ومنعه من التلاشي مثل بحر آرال.
 
ورغم أن الدراسات توصي بالمضي قدما في المشروع، فهي تطرح من الأسئلة أكثر مما تجيب عليه، ملقية بظلال من الشك على مستقبل المشروع.
 

ردود فعل متباينة

طُرح المشروع لأول مرة في عام 2002 لإنقاذ البحر الميت من الانهيار، وإرواء عطش المنطقة بتوفير 850 مليون متر مكعب من مياه الشرب سنويا، وكمثال على التعاون السلمي في منطقة الشرق الأوسط المتوترة.
 
لكنه جر ردود فعل استقطابية؛ إذ يحذر منتقدو المشروع من أن مزج مياه البحرين ستكون له عواقب بيئية سلبية، وسوف يستنفد الطاقة -النادرة بالفعل- متزايدة التكلفة.
 
يمثل البحر الميت منظومة بيئية فريدة؛ فهو البحيرة الأشد ملوحة العالم، وتقع في أدنى الأرض، إذ ينخفض حاليا تحت مستوى سطح البحر بنحو 420 مترًا. كان الاستخدام المفرط لمياه روافده من نهري الأردن واليرموك قد أدى إلى خفض مستوى البحر الميت بمعدل 27 مترًا منذ ستينيات القرن العشرين، وهو اتجاه تفاقَم بفعل تغيّر المناخ وزيادة معدلات التبخّر.
 
وفي استجابة نمطية مستندة إلى الهندسة، اقترحت الشركات الاستشارية التي تعمل بتكليف من الأردن وإسرائيل قناةً تصل بين البحرين الأحمر والميت حلا للمشكلة.

وعلى أية حال، فإن القرار النهائي سيستند إلى دراستي الجدوى الاقتصادية والتقييم البيئي، وفقا للشروط المرجعية لدراسة البنك الدولي التي تدعمها العديد من الجهات الدولية المانحة.

 
خلط المشكلات

تشير تجارب نمذجة مياه البحر المستخدمة في الدراسات إلى مأمونية تفريغ كمية قدرها 350 مليون متر مكعب من المياه إلى البحر الميت سنويًّا كحد أقصى، لكن أي تصريف إضافي ستكون عاقبته وخيمة على البيئة.
 
يعمل التفاعل بين الكبريتات الموجودة في مياه البحر الأحمر والكالسيوم الموجود في مياه البحر الميت على تكوين طبقة بيضاء من الجبس على سطح البحر الميت، مما يدمّر القيمة الجمالية والسلامة الإيكولوجية التي تجذب السياح حاليا إلى المنطقة. أيضا سيتسبب مزج المياه في زيادة نمو الطحالب، ما يدمر الصناعات المعدنية التي تزدهر بطول شواطئ البحر الميت.
 
يعني الحد الأقصى المفروض على حجم التصريف أن المشروع لن يتمكن من إدراك هدفه الأصلي؛ إذ إن أية استعادة واقعية للمستوى الذي كان عليه البحر الميت قبل نحو أربعة عقود سيتطلب إضافة 700 مليون متر مكعب سنويا، وهو ضعف العتبة التي تُعد آمنة على البيئة.
 

مشكلات التمويل والطاقة

ليست السلامة البيئية هي الخطر الوحيد؛ فالمشروع تهدده المقدرة على تحمل التكاليف، إذ إنه بحاجة إلى جمع عشرة مليارات دولار، وخيار التمويل الوحيد في استثمارات خاصة ضخمة من قبل شركة يمكنها بيع المياه بسعر مرتفع بما يكفي لتعويض استثماراتها الرأسمالية.
 
افترضت دراسة الجدوى المالية أن توفر القروض والجهات المانحة نحو 80% من تكاليف المشروع، في حين توفر البلدان خُمس التمويل اللازم فقط، وكلاهما أمر صعب في ظل حالة التقشف العالمية.
 
يحتاج المشروع إلى 800 ميجاوات من الطاقة لدفع عمليات التحلية، والضخ، وتشغيل المرافق، وهو شرط لا يمكن أن يتحقق في ظل التوقعات قصيرة المدى الحالية حول إمدادات الطاقة في المنطقة.
 

الاستماع إلى المخاوف

نُوقشت هذه الدراسات في شهر فبراير مع أصحاب المصلحة المحليين في جلسات علنية جمعت الأكاديميين، والمجتمع المدني، والمؤسسات الحكومية، ووسائل الإعلام في كل من إسرائيل، والأردن، وفلسطين.
 
وفي الأردن، أثار المشاركون العديد من المخاوف التقنية، مثل تكلفة مياه الشرب، والتهديدات الزلزالية، والآثار على إيكولوجية البحر الأحمر. [2] وقد شدد الاجتماع المنعقد في رام الله على ضرورة منح حقوق للفلسطينيين في موارد المياه وتمكينهم من الوصول إلى البحر الميت. أما في إسرائيل، فقد دعت وزارة حماية البيئة إلى توخّي الحذر عند تنفيذ المشروع؛ بسبب تأثيراته المحتملة على البحر الميت. [3]
 
بالنسبة للحكومة الأردنية، وهي المؤيد الأقوى للمشروع، فهي تنظر إليه بحسبانه حلاًّ استراتيجيًّا لخطر نقص المياه؛ إذ يمتلك الأردن إحدى أدنى الحصص السنوية من المياه للفرد الواحد في العالم.
 
وفي ضوء المخاوف التي أثيرت في الاجتماعات العامة، دعت الحكومة الأردنية إلى مشروع تجريبي من شأنه أن يضخ نحو 350 مليون متر مكعب من المياه إلى البحر الميت، وتوفير 250 مليون متر مكعب من مياه الشرب سنويا، وتقديم أدلة على التأثيرات البيئية المحتملة. وتقول الحكومة الأردنية إنه إذا لم يُوافَق على المشروع الإقليمي، فلن يكون أمامها خيار سوى تنفيذه وحدها.
 
سوف تتخذ الدول الثلاث القرار النهائي في وقت لاحق من هذا الشهر؛ وإذا تمت الموافقة عليه، فمن المرجح أن يتم الإعلان عنه خلال الاجتماع الإقليمي للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي سينعقد في الأردن خلال شهر مايو.
 
إن التوقعات المستقبلية للمشروع غير مشجّعة، لكن الحاجة الملحة لمياه الشرب قد تتغلب على أهمية استعادة منسوب البحر الميت.

 
ينبغي على البلدان الثلاثة النظر في المضي قدما في تنفيذ المشروع من خلال اتخاذ خطوة صغيرة واحدة. إن المشروع التجريبي المقترح قد يكون أفضل الخيارات المتاحة- إذا تم اتخاذ التدابير اللازمة لتخفيف الآثار البيئية وحشد الموارد المالية الكافية للتنفيذ.