Skip to content

20/04/17

تدوير القمامة في مصر.. الصحة مقابل المال

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

تخرج القمامة من المنازل مصنفةً في كثير من الدول، فتكون هناك أكياس مخصصة للمواد الصلبة بتصنيفاتها المختلفة، وأكياس أخرى مخصصة للمواد العضوية، بينما في مصر تخرج مختلطة، فيصبح تصنيفها تمهيدًا لإعادة تدويرها إحدى مهام جامعي القمامة، والتي تعرِّضهم لمخاطر صحية جسيمة.
 
ورغم القرار الذي اتخذه محافظ القاهرة مؤخرًا بوضع أكشاك لفصل القمامة من المنبع، إلا أن جامعي القمامة اعترضوا بشكل واضح على هذا القرار.
 
فكرة الأكشاك هي نهج جديد، بدأ تجريبه في بعض أحياء محافظة القاهرة في مارس الماضي؛ لتشجيع الأهالي على فرز القمامة من المنبع، والذهاب بها إلى تلك الأكشاك لبيع المواد الصلبة منها لصالح جمعيات خيرية.
  
ولأن الدخل المادي لجامعي القمامة يعتمد اعتمادًا كبيرًا على بيع المواد الصلبة التي يحصلون عليها من فرز أطنان القمامة، فقد سجلوا اعتراضهم بعد اجتماعهم مع نقيب جامعي القمامة في القاهرة شحاتة المقدس، الثلاثاء الماضي، وطالبوا بزيادة تكلفة جمع القمامة من منازل الأحياء الموجودة فيها الأكشاك من 5 جنيهات إلى 30 جنيهًا.
 
يُوجَد أغلب العاملين في مجال تدوير القمامة بمصر في ’عزبة الزبالين‘، الواقعة في بداية الطريق المؤدي إلى حي المقطم بالقاهرة، حيث تقصد هذا المكان عربات تحمل أطنانًا من القمامة، جمعها أهالي العزبة من المنازل، ليتم تفريغها تمهيدًا لفرزها ثم تجهيزها لإعادة التدوير.
 
1
 
ما إن تطأ قدمك العزبة حتى تطاردك رائحة كريهة يصعب تحمُّلها، ليثور تساؤل: كيف يستطيع الآلاف من سكان هذه العزبة التكيُّف معها؟
 
مجدي مسعد -أحد متعهدي جمع القمامة من المنازل- يقول، وقد بدا معتزًّا بقدرته على تحمل الرائحة، بينما وضعت يدي على أنفي لأتمكن من الحديث معه: ”مثلما لا أستطيع الكتابة مثلك، لا تستطيع أنت تحمُّل هذه الرائحة، بينما هي بالنسبة لي أصبحت مثل العطر، فهي مهنتي التي أكسب منها المال“.
 
محمد بكرى( 57 عامًا)، أحد العاملين في تصنيف القمامة وفرزها، إذ تُفصل المواد الصلبة منها مثل البلاستيك والزجاج لإرسالها إلى المصانع تمهيدًا لإعادة تدويرها، بينما تُلقى المواد العضوية في مقالب عامة تتبع محافظة القاهرة.
 
يحدثني بكري وهو يضع لفافة من القماش حول يده التي جُرحت في أثناء فرز القمامة، لكن ذلك لم يثنه عن مواصلة العمل، ويقول: ”هذه مهنتي لا أعرف غيرها، ولكل مهنة أضرارها“.
 
2
 
عرفت لاحقًا أن بكري مصاب بفيروس ’ج‘، وبالرغم من ذلك لا يتمنى مهنة بديلة؛ لأنه وصل إلى العمر الذي لا يستطيع معه إيجاد عمل بديل، ويضيف، وقد ارتسمت على وجهة ابتسامة تحمل معاني الرضا والقناعة: ”من هذه المهنة أكسب يوميًّا 80 جنيها أنفق بها على أبنائي، ربنا يديمها نعمة ويبعد عنَّا موضوع أكشاك القمامة“.
 
فكرة الأكشاك يرفضها سعيد كرلس، الذي كان يعمل في تصنيف القمامة مع زوجته وابنتيه، ولا يبالي بالمخاطر الصحية التي قد تمس عائلته، ويقول: ”المحافظة بدأت بعشرة أكشاك يعمل في كل واحد منها 3 أشخاص، أي وفرت 300 فرصة عمل، وفي المقابل ستقضي على آلاف الأسر العاملة في هذا المجال“.
 
3
 
نقيب جامعي القمامة شحاتة المقدس يتوقع فشل تلك الفكرة، ويرى أنها ستجعل القاهرة أكثر تلوُّثًا. ويقول، وهو يشير إلى أطنان من الزجاج حصل عليها من القمامة: ”ما الحافز الذي يجعلني أجمع القمامة، إذا كنت أعرف أنها لا تحتوي على المواد الصلبة التي سأستفيد بها؟“.
 
ويحدثني بلهجة تملؤها الثقة قائلًا: ”هذه الرائحة التي لا تستطيع تحمُّلها في أثناء وجودك لفترة قصيرة لإنجاز تقريرك، ستصبح في كل شوارع القاهرة، إذا قررنا الإضراب عن العمل“.
 
4
 
المشكلة ليست في الرائحة فقط، ولكن في الغازات السامة التي يمكن أن تتسلل إلى الهواء بفعل تحلُّل المواد العضوية، مثل غازات الميثان وأكاسيد النيتروجين وكبريتيد الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون، كما يقول إسلام جمال الدين، المدرس بقسم العلوم الطبية والبيئية في معهد الدراسات والبحوث البيئية بجامعة عين شمس.
 
5
 
مصر بحاجة إلى منظومة متكاملة لإعادة تدوير القمامة، يكون لشحاتة المقدس ورفاقه من جامعي القمامة دور فيها لتجنُّب هذا الخطر. ويطالب جمال الدين فى الوقت ذاته أن يتم تصميمها بطريقة لا تجعلهم عرضة للأمراض التي يمكن أن تنتقل إليهم في أثناء فرز القمامة.
 

ويؤكد أن أغلب العاملين في هذا المجال مصابون بفيروس ’ج‘، لاحتكاكهم بشكل مباشر مع النفايات الطبية الخاصة بالمنازل، مثل الحقن التي يمكن أن يكون أصحابها حاملين للفيروس.

 
6
 
هذا الموضوع أُنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع  SciDev.Netبإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.