Skip to content

10/08/20

س و ج حول حقيقة الجاني في نقص مياه فرات سوريا

Abdul Razzaq Al-Aliwy
حقوق الصورة:Abdulrazzak Alaliewi

نقاط للقراءة السريعة

  • انخفاض في مخزونات بحيرات السدود السورية على نهر الفرات
  • الدولة التركية لم تحبس الماء عن النهر، وهي بريئة من هذا الانخفاض
  • ميليشيات غير وطنية هي التي تسببت في هذا الانخفاض عن عمد لاتهام تركيا

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

تعاني سوريا أزمة مياه خانقة، تفاقمت شدتها خلال الأشهر الأخيرة، وصدرت تحذيرات من كارثة، بسبب انخفاض منسوب المياه في نهر الفرات.
 
قبل أسابيع ، كانت الإدارة العامة للسدود، لدى ما يُدعى ’الإدارة الذاتية‘ لشمال وشرق سوريا، وهي كردية الانتماء، قد وجهت الاتهام إلى الحكومة التركية بأنها المسؤولة عن قطع المياه عن المنطقة.
 
وفق هذه الإدارة، ”الوارد المائي لنهر الفرات من قبل تركيا بلغ أقل من ربع الكمية المتفق عليها دوليًّا“، وانخفض عن سطح البحر منسوبا بحيرتي سد تشرين وسد الفرات، إذ بلغ الأول 322.30 مترًا، في حين وصل الثاني إلى 301.27 متر، ”وهو منسوب منخفض جدًّا، قياسًا بهذه الفترة من كل عام“.
 
حول حقيقة الموضوع وأسبابه وتأثيراته وطرق التعامل معه كان لشبكة SciDev.Net هذا الحوار مع عبد الرزاق فرج العليوي، خبير الموارد المائية والسدود في سوريا، المكلف سابقًا بإدارة دائرة صيانة مشروعات الري والصرف في المؤسسة العامة لاستصلاح الأراضي بالرقة، وعضو المكتب السياسي للهيئة السياسية في محافظة الرقة.
 
بداية، ما هو الوضع القانوني لنهر الفرات بين الدول المتشاطئة عليه؟
 
يجب في البداية توضيح الامتداد الجغرافي للنهر، حيث ينبع من الدولة التركية، ويجري في أراضيها مسافة 1070 كيلومترًا، ويدخل سوريا عند معبر مدينة جرابلس السورية، ويجري في أراضيها مسافة 610 كيلومترات، ثم يخرج من مدينة البوكمال السورية ليمضي في الدولة العراقية مسافة 1130 كم.
 
حتى الآن، ليس بين الدول المستفيدة من النهر اتفاقية دولية موقعة وموثقة في هيئة الأمم المتحدة، ولا يوجد اعتراف من الدولة التركية بأن الفرات نهر دولي، بل تقول تركيا إن هذا النهر هو نهر تركي ينبع من أراضيها، وهو نهر عابر للحدود وليس دوليًّا.
 
وثمة كثير من المفاوضات أُجريت بين الدول المتشاطئة، على مدار أكثر من ٣٠ عامًا؛ من أجل توقيع اتفاقية دولية يحدد فيها وضع النهر قانونيًّا، وتوزيع الحصص المائية وفق طول جريانه في كل دولة، وجرى الاتفاق أخيرًا في عام ١٩٩٢ على برتوكول تفاهم بين الدول، وليس اتفاقية دولية ثلاثية تحدد فيها حصة كل دولة من الوارد المائي.
 
وفق هذا البروتوكول، فإن حصة سوريا والعراق 500 متر مكعب/ثانية، نصيب سوريا منها 42%، أي 210 أمتار مكعبة/ ثانية، وحصة العراق 58%، أي ما يعادل 290 مترًا مكعبًا/ ثانية.
 
هل هناك نقص في مياه شرق الفرات، الداخلة إلى سوريا تحديدًا؟
 
لا، لا يوجد نقص طيلة السنوات السابقة، ولكن في أشهر الذروة (يونيو ويوليو وأغسطس) من كل سنة، وهي أشهر الجفاف، وقلة الأمطار، وكثرة الطلب على مياه الري، يتذبذب منسوب النهر، وينخفض انخفاضات متفاوتة.
 
أكبر نقص كان 150 مترًا مكعبًا/ ثانية من أصل 500 متر مكعب/ ثانية، والتذبذب في أشهر الذروة عادة يكون ما بين 350 – 470 متر مكعب/ ثانية، وتعاود الدولة التركية تعويض النقص في الأشهر اللاحقة، عندما يبدأ موسم الأمطار، فترسل أحيانًا 600 وحتى 800 متر مكعب/ ثانية.
 
على سبيل المثال، في العام الماضي 2019 لم ينخفض الوارد لنهر الفرات الداخل إلى سوريا عن 1000 متر مكعب/ثانية، وهذا يعادل ضعفي حصة سوريا والعراق.
 
إذًا ما سبب النقص هذا العام بالتحديد؟ وما تأثيره على الزراعة والمعيشة؟
 
ذكرت لك في السؤال السابق أسباب النقص المعتادة، بالإضافة إلى ذلك فقد قطع الجانب التركي مياه نهر الفرات لمدة ثلاثة أيام بعد إعلام الجانب السوري بهذا الموضوع؛ من أجل صيانة سد في تركيا، وأعيد ضخ المياه بشكل طبيعي بعدها لسوريا.
 
ولكن الآن هناك أسباب أخرى لنقص مياه النهر، تسببت في تدهور المخزون الإستراتيجي من بحيرات الفرات في سوريا، وفقدانها كميةً لا تقل عن 3.258 مليارات متر مكعب.
 
وهذا بسبب الاستنزاف الجائر، والمقصود وفق معلومات خاصة وردتني، المتسبب في هذه الكارثة قوات سوريا الديمقراطية ’قسد‘، المسيطرة على سدود الفرات في البلاد، وذلك بسبب تشغيل عدد كبير من توربينات توليد الكهرباء في السدود الثلاثة ( تشرين، الفرات، المنصورة)، التي ولَّدت في عام 2010 ما مجموعه 9% من حاجة سوريا إلى الكهرباء.
 
و’قسد‘ هذه لها أجندات غير وطنية، وتتبع لحزب العمال الكردستاني (الـPKK) ذي المنشأ التركي؛ إذ يغلب عليها الطابع الكردي، ويوجد فيها أفراد متعددة الأعراق والأديان للميليشيات الكردية، التي تقود كذلك ميليشيات عربية سريانية، وجماعات تركمانية وأرمينية تتبع لها بحكم المصلحة المالية، والبعض منها جُند قسرًا في صفوفها تحت سلطة الأمر الواقع.
 
المهم، يضم سد الفرات ثماني توربينات كهرومائية لتوليد الكهرباء، أربعٌ منها صالحة للاستخدام، والباقية غير صالحة، بسبب أعطال ناجمة عن القصف الذي تعرضت له من قِبَل قوات التحالف في إطار صراعها مع تنظيم ’داعش‘، وتولّد كل عنفة نظريًّا 110 ميجاواط/ساعة كهرباء، لكن اليوم لا تُحمَّل أكثر من 100 ميجاواط/ساعة، وتشغل ’قسد‘ عنفتين وأحيانًا ثلاثًا.
 
وهذا يحتاج إلى مقنن مائي ما بين (٥٠٠ حتى ٧٥٠ مترًا مكعبًا/ ثانية)، وهو ما يفوق حصة سوريا من الوارد المائي الطبيعي.
 
وعملت ’قسد‘ على تعويض الكمية المائية الكبيرة المطلوبة لتوليد الكهرباء من المخزون الإستراتيجي للبحيرات، وقللت كمية المياه المستخدمة في الري، مما أدى إلى عدم زراعة أكثر من 45% من الأراضي الزراعية بمنطقة حوض الفرات في المحافظات السورية الثلاث (حلب والرقة ودير الزور)، خلال هذا العام.
 
كما تسببت في خسارة كبيرة للفلاحين الذين بذروا وغرسوا زراعاتهم، ولم يصلهم مقنن الري الكافي لأراضيهم، إذ إن بعضًا منهم وضع كافة مستلزمات الإنتاج من (فلاحة وبذور وأسمدة.. إلخ) ولم يحصد إلا الخسائر الفادحة للأسف.
 
أرى أن سلطات ’قسد‘ تُجري عملية إفقار ممنهجة لهذه المناطق الزراعية لأسباب عديدة، منها أسباب أيديولوجية، ومنها سياسية، وتخلق من خلال إفقار المزارعين حالة من ’البروباجندا‘ الإعلامية ضد الدولة التركية، بقولها: انظروا، إن مَن تسبب في خسارتكم هم الأتراك وليس نحن.
 
وللأسف، الشعب السوري الذي يخضع لسلطة ’قسد‘ في المناطق التي تسيطر عليها مغلوبٌ على أمره، ويُحكم بقوة السلاح، ويعيش ظروفًا معيشية قاسية، ولا مراعاة لحقوق الإنسان في ظل حكم هذه الميليشيات وغيرها من سلطات الاستبداد في الجغرافية السورية كافة.
 
كيف يمكن تلافي سلبيات نقص المياه إن وُجدت؟
 
يمكن تلافي تلك ’المصائب‘ من وجهة نظري وليس السلبيات بعدة إجراءات، منها كف يد سلطة ’قسد‘ نهائيًّا عن إدارة الموارد المائية في سوريا، وكذلك إدارة السدود، ووضعها تحت رعاية دولية (هيئة الأمم المتحدة)، كي تشرف مباشرةً على إدارة هذه الموارد، مع الإبقاء على الكوادر الوطنية المشغلة لتلك السدود في المؤسسة العامة لسد الفرات، وكذلك إعادة الكوادر الفنية للمؤسسة العامة لاستصلاح الأراضي، كي تتابع أعمال صيانة شبكات الري والصرف، وتتابع تشغيل شبكات الري، ومحطات الضخ وفق المعايير الفنية المعمول بها في السابق.
 
منها أيضًا أن يُطلب من الدولة التركية المحافظة قدر المستطاع على المقنن الوارد للدولة السورية البالغ 500 متر مكعب/ثانية.
 
وكذلك وضع سلم أولويات تطبق من خلاله الإدارة الرشيدة الصارمة للموارد المائية على الشكل التالي:
أولًا- مياه الشرب.
ثانيًا- مياه الري.
ثالثًا- توليد الطاقة الكهربائية من المياه الفائضة عن حاجة الشرب والري.
رابعًا- تخصيص جزء من بترول الرقة ودير الزور لتوليد الكهرباء للمواطنين بواسطة محركات الديزل في فترات تقنين الكهرباء الواردة من سد الفرات.

  
هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا