Skip to content

17/05/20

س و ج مع ’الفاو‘ حول الأمن الغذائي في ظل ’كوفيد-19‘

Nasr Al-Ameen
حقوق الصورة:FAO/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • الجائحة هددت الأمن الغذائي، إذ أثر توقف حركة النقل على شبكات إمداد الغذاء، لكن الوفرة تداركت الأمر
  • ثمة قلق من أن يدفع الخوف الدول إلى وقف تصدير الغذاء لتأمين الحاجة المحلية إلى بعض المحاصيل الغذائية
  • توصية بتسهيل إجراءات قطاع الغذاء إنتاجًا وتوزيعًا، لتسهيل الحصول على الغذاء وضمان وصوله إلى المستهلكين

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

الحديث عن الجائحة العالمية ’كوفيد -19‘ دائمًا ما يأخذ أبعادًا صحية تتعلق بالعلاجات واللقاحات، أو اقتصادية تتعلق بتأثيرها على الاقتصاد، لكن ثمة بُعدًا آخر ربما لم يأخذ حظه من الاهتمام، وهو تأثيرها على الزراعة والأمن الغذائي.

حول هذا البُعد، تحاورت شبكة SciDev.Net مع نصر الدين حاج الأمين، ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في مصر.

تطرق الحديث مع ممثل ’فاو‘ إلى تأثير الأزمة على سلاسل إمداد الغذاء، وكشف عن الحلقة الأضعف فيها والأكثر تأثرًا بالأزمة، وأشار إلى وجه إيجابي لها، يتمثل في كونها فرصةً لدعم المنتج المحلي، ووضع أربع توصيات للدول من أجل التعامل مع الأزمة على نحو أفضل.
 
هل كانت ’فاو‘ مستعدةً لجائحة ’كوفيد-19‘؟

الجائحة كانت مفاجأةً للكثيرين، سواء على مستوى الدول أو المنظمات أو غيرها، وكان يُنظر إليها في البداية على أنها محلية النطاق، ثم ما لبثت أن تحولت إلى أزمة عالمية.

والفاو منظمة دولية، يُعَد مجال الأوبئة أحد اهتماماتها، فقد تحرك قسم الطوارئ في المنظمة بسرعة كبيرة فيما يتعلق بالرصد والمتابعة، إذ لم يكن هناك في البداية وضوح حول مصدر الفيروس، وهل له علاقة بالحيوان أم لا، ثم تحركت لاحقًا أقسام المنظمة كلها.
 
كيف كان تحرُّك المنظمة؟

المنظمة اهتمت بالجائحة من كل الأبعاد، بدايةً من قطاع الغذاء؛ إذ جرى رصد ومتابعة التطورات، من حيث وفرة الغذاء، وسلامته، وسلاسل إمداد الغذاء، بدايةً من المنتجين ووصولًا إلى المستفيدين، ومدى تأثرها بالأزمة.

كما اهتم قسم صحة الحيوان بمتابعة تطورات الأبحاث فيما يتعلق بمصدر الفيروس، وركز قسم الطوارئ اهتماماته على تأثيرات الأزمة على الأمن الغذائي في دول الصراعات في المنطقة (اليمن– ليبيا– سوريا– العراق).
 
هل رصدتم تأثيرات مباشرة على الأمن الغذائي بسبب الأزمة؟

الجائحة بلا شك تشكل تهديدًا للأمن الغذائي؛ بسبب الإجراءات التي اتخذتها الدول لتحقيق التباعد الاجتماعي، إذ يؤثر توقف حركة النقل على شبكات إمداد الغذاء، ولكن حتى الآن فإن تأثيرات هذا الجانب أخف من المتوقع، وهناك وفرة في الغذاء.

لكن المشكلة الأكبر التي بدأت تظهر هي في الوصول إلى الغذاء بسبب انعدام القوة الشرائية لقطاعات تأثرت بالأزمة من العمالة اليومية والعمالة غير الرسمية، فهذه الفئات فقيرة في الأساس، وجاءت الأزمة لتزيدهم فقرًا، وهذا أكبر تحدٍّ يواجه الأمن الغذائي.

وإن أخذنا -على سبيل المثال- أسرةً في الريف المصري، لديها ثلاثة أبناء، أحدهم يعمل في الزراعة، وثانٍ يعمل في قطاع السياحة، والآخر يعمل في الخارج، فإن الثاني لم يعد يعمل بسبب الأزمة، والثالث انقطعت تحويلاته المالية، أو جرى الاستغناء عنه بسبب الأزمة.

كل ذلك يؤثر على دخل هذه الأسرة، ويقلل من قدرتها الشرائية.
 
هل من المتوقع أن تتأثر الوفرة لاحقًا بسبب الأزمة؟

إذا استمرت الجائحة بالقوة نفسها، فقد تحدث مشكلة في الوفرة أشبه بما حدث في أزمة الغذاء العالمي في عامي 2007 و2008، ولكن لأسباب مختلفة، فالأزمة القديمة كانت على خلفية الأزمة المالية التي ضربت العالم بسبب مشكلة الرهن العقاري في أمريكا، واستخدام الحبوب في إنتاج الوقود الحيوي، الذي تزامن مع انخفاض في إنتاج الحبوب، وأدى ذلك إلى انخفاض مخزون الغذاء إلى أقل من المتوسط.

ولكن استمرار الجائحة قد يؤدي إلى اتجاهات مغايرة، فقد يدفع الخوف دولةً ما إلى وقف تصدير الغذاء من أجل تأمين الحاجة المحلية إلى بعض المحاصيل الغذائية، لترد دولة أخرى بإجراءات مماثلة.

وإذا استمر الحال وتصاعدت مثل هذه الإجراءات فقد نصبح أمام أزمة غذاء عالمية.
 
في مثل هذه الأزمات دائمًا ما تتجه الأنظار إلى الدول الأَولى بالرعاية والاهتمام، وهي الدول ذات الأنظمة الزراعية والصحية الهشة بسبب الصراعات، فما الإجراءات التي تتخذها الفاو مع تلك الدول في الأزمة الحالية؟

كانت هذه الدول تعاني أوضاعًا صعبة قبل ’كوفيد-19‘، ثم أضاف الفيروس المزيد من الصعوبات، والفاو بدورها كانت تعمل على استعادة القطاع الزراعي في تلك الدول لقدرته على الإنتاج، وهذا التوجه لن يتوقف، بل سيزيد خلال الفترة القادمة.
 
في إطار الحديث أيضًا عن تأثيرات الأزمة، ما الحلقة الأضعف الأكثر تأثرًا بالأزمة في سلاسل إمداد الغذاء (المنتجون أم الموردون أم المستهلكون)؟

الحلقة الأضعف هي الفئات الفقيرة من صغار المنتجين، الذين كانت الأسواق غير الرسمية تمثل منفذًا مهمًّا لتصريف منتجاتهم، ومع اختفاء تلك الأسواق بسبب إجراءات السيطرة على الفيروس، تأثر دخل هذه الفئات.

 وفي المقابل فإن منتجي الأغذية المصنَّعة الذين تمثل محال السوبر ماركت الكبيرة منفذًا لمنتجاتهم، قد حدثت لديهم قفزة في الإنتاج؛ بسبب الطلب الإضافي على الغذاء خلال الأزمة خشية حدوث أي تأثيرات غير متوقعة.

وهذه القفزة يمكن وصفها بأنها ”قفزة مؤقتة“.

هناك أيضًا بطء في الاستيراد؛ بسبب الاضطرابات في حركة النقل.

هذه المصانع التي حققت قفزة مؤقتة، اعتمدت على الإنتاج الزراعي من الخضر والفاكهة والمحاصيل الأخرى، فهل استمرار الأزمة يمكن أن يحرم تلك المصانع من مُدخَلات الإنتاج؟

الجائحة لها تحديات، كما أن فيها فرصًا، والتصنيع الغذائي -في رأيي- يمثل إحدى الفرص، فقد أدت الصعوبات في التصدير فى بداية الأزمة إلى وفرة في المواد الخام للإنتاج، ساعدت على دعم التصنيع الغذائي المحلي.

وبالتالي يجب على الحكومات استغلال هذه الفرصة، بدعم التصنيع الغذائي، فالأزمة أظهرت أن لدى هذا القطاع طاقات غير مستغلة، تم تفعيلها لتلبية الطلب المتزايد.

فإذا أخذنا قطاع الخضر والفاكهة في مصر على سبيل المثال، فقد حدث في هذا القطاع انخفاض في التصدير بنسبة 10– 15% خلال شهر مارس، وقد يكون ذلك ضمن العوامل التي أسهمت في زيادة الإنتاج المحلي.
 
ماذا عن الأسعار ومدى تأثرها بالأزمة؟

عالميًّا كان هناك انخفاض في الأسعار، وداخليًّا كان لدى بعض الدول ارتفاعات في الأسعار بسبب تأثر شبكات التوزيع بالإجراءات التي اتُّخذت لاحتواء الجائحة، فلم تكن هناك إمدادات تلبي الطلب المتزايد على الغذاء خلال الموجة الأولى من سَحب الطعام المرتبط بالأزمة.

 وفي دول أخرى، اتُّخذت إجراءات حافظت على انتظام شبكات التوزيع بحيث تلبي الطلب المتزايد، لذلك لم يظهر تأثير واضح على الأسعار، اللهم إلا في ارتفاعات بسيطة في بعض الأغذية، وانخفاضات بسيطة في البعض الآخر، ولكنها تبقى غير مؤثرة.
 
 ختامًا، ما هي توصياتكم للدول من أجل تجاوز أزمة ’كوفيد -19‘؟

هناك عدة توصيات تقدمها المنظمة، أُولاها عدم وضع قيود على التجارة دون مسوِّغ؛ لأن مثل هذه القيود وعدم ترك الحرية لأسواق الغذاء قد يسبب أزمة غذاء عالمية.

والتوصية الثانية هي أنه مع الالتزام بإجراءات مكافحة ’كوفيد– 19‘، يجب تسهيل إجراءات قطاع الغذاء إنتاجًا وتوزيعًا، بحيث تكون هناك سهولة في الحصول على الغذاء وضمان وصوله إلى المستهلكين.

كما يجب التركيز على عدم التفريط في الموسم الزراعي الحالي، وتوفير كل الدعم للاستعداد للموسم القادم.

وأخيرًا يجب دعم الزراعة الرقمية، بحيث يمكن للمزارع الحصول على الإرشاد الزراعي دون الحاجة إلى حضور المرشد إليه، ويحصل على التمويل دون الحاجة إلى الذهاب إلى البنوك الزراعية، وينجح في تسويق منتجه دون الحاجة إلى الذهاب إلى المدن.
   
 
هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع  SciDev.Netبإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا