Skip to content

05/01/14

من محاسن ’النيوميديا‘ ومعايبها في الإعلام العلمي العربي

New Media and science
حقوق الصورة:SciDev.net/ wordle

نقاط للقراءة السريعة

  • الآنية والعالمية والتفاعلية أبرز المميزات التي تتحلى بها وسائل الإعلام الجديد.
  • والنقيصة الأكثر خطرا فيها هي عدم موثوقية بعض المعلومات.
  • في سياق الإعلام العلمي قد يَحُول الخطأ اللغوي دون الفهم، أو يقلب المعنى كلية.

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

حسنات عدة وفرتها الشبكات الاجتماعية على الإنترنت للمحتوى العلمي باللغة العربية، وكذا ثمة سيئات تقتضي الحذر يرصدها صالح الشاعر.

لوسائل الإعلام الجديد مميزات لم تتوافر لغيرها من وسائل الإعلام التقليدي، في مقدمتها: الآنية والعالمية، بحيث بلغت سرعة إنتاج الخبر معدلا قياسيا، من إعداده وحتى نشره للجمهور في جميع أنحاء العالم.
 
ومن المميزات ذات الأهمية القصوى –وخاصة في الإعلام العلمي-: التفاعلية، التي أضافت بُعدًا جديدًا مهمًّا إلى أنماط وسائل الإعلام الجماهيري، التي تتكون في العادة من منتجات ذات اتجاه واحد تصدر من مصدر مركزي –مثل الصحيفة أو قناة التلفاز أو الراديو- إلى المستهلك[1]، وشتان بين تقديم المعلومة فحسب، وتقديمها في صورة تفاعلية تُستقبل بالحواس كلها، وهو ما يقوم عليه ’التعليم التفاعلي‘ الذي قد يحول المعلومة إلى معرفة. ولا شك أن تقديم المعلومة وترسيخها من أغراض الإعلام، واستخدام الوسائل الفعالة في ذلك يعدُّ مطلبا.
 
ومن تطبيقات ذلك: ما يقدمه أحد المواقع الطبية العربية، رافعا شعار: ’المعرفة خير من قنطار علاج‘، من برنامج يشخص الأمراض، يسمى ’طب تشيكر‘، تعريبا لبرنامج صممته كلية هارفارد الطبية؛ وفيه يحدد زائر الموقع منطقة الشكوى بالجسم، ثم يجيب عن بعض الأسئلة المطروحة لتشخيص الحالة، فيحصل على معلومات عن الأسباب المحتملة لتلك الأعراض، على سبيل تقديم المعلومات الطبية، التي لا تغني عن زيارة الطبيب.
 
أيضا من المميزات الأخرى لوسائل الإعلام الجديد: الدقة في الإحصاءات المتعلقة بالزوار والمتابعين، وتوافر الأرشيف الإلكتروني، وإمكانية القياس الفوري لرجع الصدى (Feedback)، والتكلفة المنخفضة للبث الإلكتروني، مقارنة بالبث الفضائي، وكثير غيرها.
 
ومن حسنات وسائل الإعلام الجديد أنها تتيح تحسين الوصول إلى المحتوى العربي على الإنترنت، فقد أصبح بإمكان المكفوفين الناطقين بالعربية استخدام تويتر، وهو ما يعني اتساع قاعدة الجماهير المتاح الوصول إليها، بل لا مبالغة لو قلنا إن وسائل الإعلام الجديد قد تكون الفرس الرابح في تنفيذ معاهدة مراكش لتيسير النفاذ إلى المصنفات المنشورة لفائدة الأشخاص المكفوفين أو معاقي البصر أو ذوي إعاقات أخرى في قراءة المطبوعات.
 

عيوب ومساوئ
 
على الجانب الآخر، لاستعمال وسائل الإعلام الجديد في الجانب العلمي عيوب تقتضي التجنب، ومحاذير تقتضي التقييد، منها ما يتصل بالمنهجية العلمية أو الإعلامية، وبعضها الآخر متصل باللغة. 
 
فمما يتصل بالمنهجية، قد يكون العامل الأكثر خطورة هو عدم موثوقية بعض المعلومات، ويزيد الأمرَ خطورةً سرعةُ انتشار المعلومات المغلوطة بشكل يصعب معه تتبعها، وقد ينمحي معه أي أثر إيجابي لتصحيح المعلومة فيما بعد.
 
وهنا يُلاحَظ أن كل ما ذكر ضمن إيجابياتها، من سرعة إنتاج الخبر، وسهولة انتشاره واتساع قاعدته، قد يتحول إلى عيوب خطيرة، تؤدي إلى معلومات مضللة تتركز في أذهان عموم الجمهور.
 
ومما يجب تجنبه أيضا في منهجية الإعلام العلمي بوسائل الإعلام الجديد، غلبة الطابع الإخباري، في مقابل قلة الموضوعات الاستقصائية، وهيمنة السلبيات التي وقعت فيها الصحف المطبوعة[2]، مع الوضع في الاعتبار أن قابلية ’النيوميديا‘ للوقوع فيها أكثر؛ نظرا لميلها إلى الاختصار والإيجاز، ربما المخل أحيانا.
 
محاذير لغوية
 
وضمن سرعة دورة العمل وخفض النفقات، قد لا تستعين وسائل الإعلام الجديد بمتخصص لغوي في مراجعة ما تنشر من مادة علمية، مقروءة أو مرئية ومسموعة، ولئن كان الخطأ اللغوي ضمن خبر سياسي أو اقتصادي يمثل مشكلة، فإنه في سياق الإعلام العلمي قد يتحول إلى عقبة تحول دون الفهم، أو كارثة تقلب المعنى كلية.
 
لدى مراجعتي لأحد التحليلات، وقفت أمام عبارة للكاتب وردت هكذا: ”لا يجب على الدولة أن تحرم الباحث حقَّه في العمل بالمجال الذي يريده“، ومحال أن يكون الكاتب أراد المعنى الذي أوحى به تركيب العبارة، فالصواب: ”يجب على الدولة ألاَّ تحرم الباحث حقَّه في العمل بالمجال الذي يريده“، أي أن الدولة ليس من حقها ذلك الحرمان، عكس الجملة الأولى التي أوحت بجواز ذلك مع كونه غير واجب! وذلك مجرد مثال لا يعبِّر عن حجم الأخطاء اللغوية المتوقَّع في وسائل الإعلام الجديد التي قد لا تهتم بالصياغة اللغوية لإنتاجها.
 
ومن نافلة القول أن أتحدث عن انتشار اللغة الهجين، لغة ”العربيزي“ أو ”الفرانكو“ في مواقع التواصل الاجتماعي؛ إذ لا أظن أن ذلك ممكن الحدوث في سياق الإعلام العلمي، ويبقى الحديث هنا حول لغة الصحافة العلمية عموما؛ حيث تحتاج إلى نمط خاص من اللغة، ولا تحتمل استعمال المجاز والمحسنات، بل هي أحوج إلى لغة علمية، واضحة منطقية، مغايرة للغة الأدب والفن، لا تلقي بالا لما تعكسه الكلمات من ظلال، بل تبوح بمكنونها ظاهرا من الوهلة الأولى، ولا مجال فيها للآراء والانطباعات والتجارب الذاتية التي تنوء بها الكتابة الأدبية، بل سرد الحقائق واضحةً هو المنهج السليم، وصوغ المفاهيم العلمية بلغة دقيقة وبسيطة في آن، بعيدا عن الغموض الذي يحجب الفائدة، والتبسيط الذي ينحرف بالمعلومة عن سياقها.
 
ولو أتيح لنا استشراف مستقبل الإعلام العلمي من خلال مواقع ’النيوميديا‘ في عالمنا العربي أو تصوره، فأظن أن التغيير السياسي الجارف في المنطقة لم يكن يتصوره أحد، وقد انطلق من خلال تلك المواقع، فهل سيكون الإعلام العلمي العربي كذلك؟
 
المراجع:
[1] سميرة شيخاني،  الإعلام الجديد في عصر المعلومات (مجلة جامعة دمشق، 2010).
[2] نيرمين عبد الغفار الصابر، أزمة الإعلام العلمي: دراسة للخطاب الصحفي العلمي في جريدة الأهرام في الفترة أكتوبر-ديسمبر2012. (جامعة الأهرام الكندية، 2013)

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط

* صالح الشاعر: المحرر والمدقق اللغوي للنسخة العربية من SciDev.Net. حاصل على دكتوراه النحو والصرف والعروض من كلية دار العلوم– جامعة القاهرة.