Skip to content

04/03/14

لا تغفلوا عمن وراء البيانات الضخمة

Sri Lanka Party_Robin Hammond_Panos
حقوق الصورة:Robin Hammond/Panos

نقاط للقراءة السريعة

  • قد تتخطى نظم جمع البيانات، مثل نظام Citizens.lkالخاص بسريلانكا، حدود المراقبة الرسمية
  • تحتاج البلدان إلى قواعد البيانات الحديثة، والبيانات الضخمة تساعد في تقديم الخدمات
  • المساءلة أمر بالغ الأهمية، وإلا فستصبح البيانات الضخمة أداة لتقويض الديمقراطية

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

يقول سانجانا هاتوتووا إن ضرر مجموعات البيانات الضخمة يمكن أن يفوق منافعها، إن طالتها أيادٍ غير أمينة، لذا فإن المساءلة أمر بالغ الأهمية.

في عام 2009، وقرب نهاية الحرب الأهلية الدامية في سريلانكا التي امتدت 27 سنة، جاء لمقابلتي شرطي كان دمثًا ويتبع التعليمات.

وطلب مني الشرطي أن أدخل بياناتي الشخصية على موقع على الإنترنت يسمى citizens.lk، أطلقته وزارة الدفاع المُسيرة لأمور البلاد، فسألته بأدب عن المرجعية القانونية لذلك. لم يكن يعلم، فقلت له: اذهب واسأل رؤساءك، فذهب ولم يعد.

تم إطلاق Citizens.lk بدعوى تسجيل جميع ’المقيمين الدائمين والمؤقتين في سريلانكا‘ و’ضمان سلامة الجزيرة وأمنها‘، ولكونها الوصي على البلاد، فإن وزارة الدفاع يمكنها استخدام المعلومات كما يتراءى لها، بأقل قدر من الرقابة.

وحتى الآن، فإن إدارة المعلومات بمنظور حقوق الإنسان –من تعامل مع المخاوف المتعلقة بانتهاك الخصوصية، وحقوق الاستخدام، والوصول للمعلومات، وتسييل البيانات الشخصية– تظل أمرًا غريبًا عند طرح موضوع البيانات الرسمية الضخمة في سريلانكا وغيرها من البلدان التي تعاني غياب الديمقراطية.
 
حواجز تفتيش رقمية

ربما كانت هذه الخطوة أمرًا ملحًّا في سريلانكا من وجهة نظر العمليات الاستخباراتية التي تهدف إلى مكافحة الإرهاب، ولقد كانت وزارة الدفاع صريحة حول الغاية من استخدام البيانات– ألا وهي مراقبة الناس. [1]

ولكن الخطر الملموس هو أن البيانات المجموعة -الاسم والعنوان والعرق ورقم الهوية الوطنية ورقم جواز السفر ورخصة القيادة والجنس وتاريخ الميلاد- من شأنها إفراز بنية مراقبة أكثر اتساعًا وتطورًا واقتحامًا، مع استمرار تضييق الخناق على المعارضة وقمع الحكم الديمقراطي.

في ذلك الوقت، كانت وزارة الدفاع مَهيبةً بشكل كبير لتكميمها أفواه الإعلام المستقل –بالقوة في غالب الأمر، وبإفلات تام من العقاب- ولتبنِّيها خطابًا (مُحرِّضًا على الكراهية) ضد كبار الناشطين في مجال حقوق الإنسان، وكان Citizens.lk مؤسسةً حكوميةً مستترة، تجمع البيانات لاحتواء الحقائق المُزعجة والسيطرة عليها ومراقبتها– الأمر الذي وصفه أحد أبرز المدونين على أنه ”امتداد منطقي لحواجز التفتيش إلى الفضاء الرقمي“.[2]

فور جمع البيانات، تصبح المعلومات في قواعد البيانات الرسمية الضخمة تحت سيطرة الحكومة تمامًا، ولا يوجد أي تشريع بخصوص حقوق المعلومات -فيصبح الأفراد مجرد أهداف رقمية للحكومة- لديهم سلطة ضئيلة أو معدومة للاستفسار عن سجلاتهم أو عن الطريقة التي تُستغل بها.

فائدة موضع شك

بعد خمس سنوات من نهاية الحرب، لا يزال موقع citizens.lk متاحًا على الإنترنت، ولكنه منسي، إلا أن وكالة المعلومات والاتصالات في الحكومة اقترحت -في أواخر عام 2013- نظامًا للهوية الفريدة (UID) خاصًّا بسريلانكا، يوصف بأنه ”توثيق إلكتروني آمن جدًّا“، ويدّعون أنه نظام يستطيع معالجة ’التزوير والازدواجية‘ في بطاقات الهوية الوطنية.[3]

هذا الوصف يشير إلى التثبت والتوثيق والقيد والتسجيل. لكن المعلومات المجموعة عرضة لخطر إساءة الاستخدام؛ بسبب سياسات المسؤولين وممارساتهم التي تزيد من تهميش أفراد معينين وجماعات محددة أو طوائف بعينها، أو التمييز ضدهم.

تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي الأخير عن البيانات الضخمة يشير إلى الأهمية المحورية لتمكين الناس من التحكم في المعلومات الخاصة بهم، الأمر الذي يعكس قلقًا بالغًا بخصوص إنشاء قواعد بيانات ضخمة في سياق تعسفي.[4]

والواقع أن تجميع البيانات سوف يكون له دور في الدعم بالمعلومات بشكل أدق لاتخاذ قرارات على نطاق أصغر. بعبارة أخرى، ستؤثر البيانات الضخمة على ’حياة الفرد‘ على نحو متزايد، وفرضية أن أولئك المستضعفين بالفعل في المجتمع سيستفيدون من البيانات على الإنترنت يجب أن يكون موضع تساؤل.

معضلة رقمية

ينبع قلقي الرئيسي من انعدام الشفافية وغياب المساءلة. قلق بشأن تعزيز قدرة الحكومات على استنتاج أنماط وسلوكيات من خلال الجمع بين مجموعات ضخمة من معلومات يعطيها الناس طوعًا، وكذلك على كيفية استخدام شركات القطاع الخاص -مثل الاتصالات- لمثل هذه البيانات.

في الديمقراطيات الناضجة المكتملة الأركان، يمكن للبيانات الضخمة أن تكون مفيدة للغاية في حفز قدر أكبر من المساءلة والشفافية وإيصال الخدمة عند دمجها مع غيرها من المعلومات المتوافرة في كثير من الأحيان في المجال العام –مثل البيانات السكانية والإحصاءات الجغرافية للجريمة، ولكن في بلد مثل سريلانكا يمكن أن تؤدي إلى المزيد من التقييد والمراقبة والرصد المتفشي للحركات والمعاملات والاتصالات.

ثم إن هناك مسألة صعبة، فبعد انتهاء الحرب، كانت سريلانكا في حاجة ماسة لاستغلال بيانات ضخمة؛ ليصبح الشعب هو محور اهتمام الحكومة، بحيث تستجيب لاحتياجاته من خلال تغيير آليات الحكم العتيقة، ومع ذلك فإن أي مبادرة من هذا النوع ستقع تحت سيطرة وزارة الدفاع والجهات الأمنية الحكومية الأخرى.

المطلعين على البيانات

ما زلت أتساءل عن ذلك الشرطي الذي جاء لمقابلتي. هل كان يفهم الآثار المترتبة على طلبه؟ هل حاول مقاومة رؤسائه؟ وكيف؟ وإن كان أي من هذا قد حدث، هل قام بالمواءمة بين دوره كشرطي وحقوقه كمواطن؟

هذه الأسئلة تشكل تحديا أساسيا للمجتمع المدني في مرحلة ما بعد الحرب في سريلانكا والحالات المشابهة؛ خاصة عند إقناع المواطنين بأن البيانات التي تدور في فلك الشأن العام يمكن أن تعزز الديمقراطية بعد الحرب، ولكن توعيتهم أيضًا إلى حقيقة أنه مهما بدت نظم البيانات خيرة، إلا أن أي جهة تحشد المعلومات دون مساءلة أو رقابة حقيقية تهدد الأمن وتؤدي إلى صراع عنيف.

هناك تدابير بسيطة يمكنها المساعدة في مواجهة هذا التحدي. يمكن للبيانات الخاضعة للمبادرات الصحفية التي تستخدم البيانات الضخمة للتحقيق في القضايا الاجتماعية والسياسية أن تساعد في إظهار الاتجاهات والأنماط حول طريقة الحكم، كما يمكن للمجتمع المدني استخدام البيانات الضخمة لتعزيز أبحاثه وأنشطته، دون الاعتماد على الأدلة الشفهية وحدها.

التوعية الجماهيرية، من جهة، يمكنها تنبيه الناس إلى كل من فوائد البيانات الضخمة وأخطارها، كما أن المؤسسات العالمية مثل الأمم المتحدة لها دور في هذا، ويمكنها تحسين فاعليتها من خلال البيانات الضخمة.

والأهم من ذلك، هو أن تراعي هذه المداولات الأوجه الإنسانية لهذه البيانات –لمعاملة مجموعة البيانات لا بحسبانها معلومات منحِّية لشخصية الفرد، والنظر إليها على أنها مجموعة من الأرقام، بل على أنها مجموعات واسعة من الأفراد الذين يملكون كل الحقوق- فإن حدث أن أغفلنا هذا، فإننا نخاطر بتحول البيانات الضخمة لأداة تُحدث أسوأ الأضرار لنا، في حين كان ينبغي أن تخلق حياةً، وتعززِّ مستقبلاً أكثر ديمقراطية.
 
سانجانا هاتوتووا ناشط سريلانكي في مجال حقوق الإنسان، مؤسس جراوندفيوز وزميل TED، وهي مبادرة المواطن الصحفي. ويمكن التواصل معه على [email protected] أو عبر @groundviews.

المقال منشور بالنسخة الدولية ضمن ملف بعنوان البيانات الضخمة من أجل التنمية يمكنكم مطالعته عبر العنوان التالي:

 Don’t lose sight of the people behind big data

 

References

[1] One on one with the Defense Secretary (Daily Mirror 28 February 2010)
[2] Information and power – citizens.lk  (Indi Samarajiva, Blog 15 January 2009)
[3] The Unique ID System for Sri Lanka (ICTA, 2013)
[4] Big data, big impact: new possibilities for international development  (World Economic Forum, 2012)