Skip to content

25/10/15

سياسات المناخ تحتاج إلى رؤية جديدة

National Climate March in London
حقوق الصورة:David Rose/Panos

نقاط للقراءة السريعة

  • فصل الجهود الرامية إلى الحد من التغير المناخي عن تلك الهادفة إلى التكيف معه لن تنجح
  • يتعين على السياسة دعم التنمية المحلية المنسجمة مع البيئات
  • على محادثات المناخ في باريس استبعاد السياسات ’القطاعية‘ وإعادة التركيز على الاحتياجات المحلية

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

يؤكد عاصم وزميلته كيتلين أن السياسات التي فصلت التخفيف عن التكيُّف لا تجدي نفعًا، وأن أوان التغيير قد آن.

تميل سياسة تغير المناخ التي أقرتها اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وصادقت عليها الدول الأطراف إلى العمل بنهجين منفصلين: التخفيف بخفض الانبعاثات أو ’امتصاص‘ تلوث الكربون، والتكيف مع تغير المناخ. وهذا ما ينطبق بالفعل على جميع القطاعات، بدءًا من إدارة الغابات والزراعة وصولا إلى الطاقة والنقل وتخطيط المدن. وهو ما يزيد من صعوبة تخصيص الموارد الشحيحة للتنمية المستدامة والمجتمعات سهلة التكيف.
 
وعندما تقسم الحكومات سياساتها بين التخفيف والتكيف -ومن ثَم تلحقها، دون تكاملها، بصناديق تمويل التنمية الثنائية ومتعددة الأطراف– فإن الموارد الثمينة ستهدر؛ لأنها تنساب شيئًا فشيئًا للمجتمعات المحلية.

”يمكن لمشروعات التكيف بناء الطرق والجسور في ضوء المخاطر المتزايدة للفيضانات، ولكن المزيد من الطرق والجسور يزيد انبعاثات غازات الدفيئة أيضًا، ما يقوض أهداف التخفيف“.

عاصم زيا وكيتلين واديك

”التخفيف من أثر التغيرات المناخية مشكلة عالمية، ولكن التكيف معه قضية محلية“، غالبًا ما تتكرر هذه العبارة كالتعويذة في المؤتمر السنوي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ للقاءات الدول الأطراف. وهي صحيحة بالمعنى الحرفي لها، ولكن من الناحية العملية، فإن تقسيم الجهود على التوازي بين هذين المحورين يفضي غالبًا إلى أهداف متعارضة.

على سبيل المثال، قد تلبي مزارع الوقود الحيوي الأهداف العالمية للتخفيف، ولكنها عندما تحل محل الغابات الاستوائية والمعتدلة التي تستخدمها المجتمعات الأصلية، عندئذ ستصارع هذه المجتمعات من أجل التكيف مع تحديات الأمن الغذائي والمائي، التي كان من الممكن تلبيتها بشكل أفضل من خلال الحفاظ على نمو الغابات القديمة. وبالمثل، تلبي السدود الكهرومائية الضخمة أهداف التخفيف، ولكن التغيير من البيئات المألوفة للمجتمعات يقوض قدرتها على التكيف مع تغير المناخ.

وعلى النقيض يمكن لمشروعات التكيف بناء الطرق والجسور في ضوء المخاطر المتزايدة للفيضانات، ولكن المزيد من الطرق والجسور يزيد أيضًا انبعاثات غازات الدفيئة، مما يقوض أهداف التخفيف.
 
سياسة ذات نتائج عكسية

ولتحفيز العمل بشأن التخفيف والتكيف، تحتاج الدول إلى زيادة التركيز على ’التطوير المجتمعي التكاملي والمتجدد‘. هذا يعني أنهم بحاجة لتقييم خدمات النظام البيئي التي توفرها بيئاتهم، وتطوير هذه الخدمات باستخدام مبادئ التصميم البيئي، وتنسيق السياسات بحيث تتناسب مع الحدود الطبيعية والبيئية والمجتمعية (المناطق البيولوجية).
 
 وسيتطلب هذا تغيير السياسات ’القطاعية‘ الابتكارية بشكل دقيق، بحيث تتكامل على نحو أفضل مع الأشخاص والأماكن، كما سيستلزم هذا أن تركز كل معاهدة مجمع عليها في اجتماع الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، المنعقدة في 21 ديسمبر المقبل، على التنمية التي تخدم مناطق بيولوجية مختلفة.

في قطاع الغابات، على سبيل المثال، ترغب الوكالات الدولية الرائدة -كاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة- في معالجة قضية الانبعاثات والخطط التي تدفع مقابل خدمات النظام البيئي التي توفرها الغابات. تحفز تقنية REDD+ الرسوم التي تدفعها البلدان الصناعية الغنية إلى البلدان النامية الاستوائية التي تخزن الكربون من خلال المحافظة على الغابات، وتعرف تقنية الـREDD+ بأنها (خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها: تشير ’إشارة +‘ إلى الحماية والإدارة المستدامة وتعزيز مخزونات الكربون).

”لا بد من إحلال رؤية محلية تؤكد الاهتمام بالبشر والأرض والمستقبل محل الرؤية الغربية للتنمية الاقتصادية من خلال العولمة والتجارة الدولية والمساعدات التقليدية“
 

عاصم زيا وكيتلين واديك

ولكن، وبالمقارنة مع طرق التفكير التقليدية، لم يكن لهذه التقنية تأثير يُذكر في وقف إزالة الغابات الناجم عن المشروعات التنموية الكبيرة التي تدعم التجارة، وقد تسبب هذا في أغلبية حوادث إزالة الغابات.

الأهم من ذلك، أنه نتيجة لكون العديد من المجتمعات المحلية الفقيرة لا تمتلك حقوق حيازة أراض صريحة ومحددة فإن المستفيد من مدفوعات تقنية REDD+ هي الدول على الأرجح، لا السكان المحليون.[1] ويمكن لمثل هذه الخطط أن تلقي بالضغوط الناجمة عن إزالة الغابات على عاتق الدول والمجتمعات المجاورة بعيدًا عن مدفوعات REDD+.

وفي قطاع الطاقة، يمكن لآلية التنمية النظيفة في بروتوكول كيوتو والمخططات الأخرى الخاصة بتداول الانبعاثات، تعزيز كفاءة استخدام الطاقة في بعض المجالات، ولكن يمكن أن يسفر صافي تأثيرها عن زيادة إجمالي الانبعاثات أيضًا.[2] وذلك لأن بعض المستفيدين من آلية التنمية النظيفة -مثل شركات توليد الطاقة أو إنتاج الإسمنت في البلدان النامية- قد يزيد بشكل مصطنع انبعاثاته من الكربون في فترة التأسيس، ومن ثم يستخدمها مستندا مرجعيا في عمله الاعتيادي المستمر خلال عمل المشروع. أو من الممكن أن تتسرب انبعاثات غازات الدفيئة داخل البلدان أو عبرها، مما يؤدي إلى إغفالها في حساب تلك الآلية المستخدمة لإصدار ’القروض المعتمدة لخفض الانبعاثات‘.

وعندما يتعلق الأمر بإدارة الكوارث، فإن رعاية نظم الإنذار المبكر مع صناديق دعم التكيف قد تحفز استثمارات باهظة لرصد الطقس والمناخ، ولكن من دون الوسائل التي تربط بين نظم المخاطر والإنذار المبكر وبين الأشخاص المستهدفين.

إعادة التركيز على الموارد المحلية

في الواقع، تفشل سياساتنا المعتمدة في مجال التخفيف والتكيف في مواجهة النموذج ’الغربي‘ للتنمية الاقتصادية الذي يعتبر وقود عملية التغيير المناخي. وبدلا من ذلك تحافظ على العولمة الجائرة التي تُحدث خللا في المجتمعات وتزيد في حقيقة الأمر من التعرض للفيضانات والجفاف والآثار الأخرى لتغير المناخ.

تكمن مشكلة التطور الغربي في تجاهله للبيئات والثقافات المحلية، مما يؤدي إلى فشله في مراعاة الابتكار والتكيف المنتج محليا. فهو يوصي باستخدام أسلوب بناء ونهج زراعي موحد لكافة النظم البيئية، وهي سابقة مثيرة للقلق حيال سياسات المناخ التي ستحتاج إلى تغييرات جذرية في طريقة عمل الأشياء؛ وذلك للحد من ارتفاع معدلات انبعاثات غازات الدفيئة في القرن الحادي والعشرين.

ولكي تكون سياسة المناخ العالمية فعالة حقا لا بد من تغييرها جذريًّا، وبهذا فهي تحتاج إلى تشجيع من الشركات والمشروعات التي تزكي الموارد المحلية، كما تتطلب استخدام مبادئ التصميم البيئي وتلبية الاحتياجات المحلية والإقليمية.

وهذا يعني عمليًّا بناء المنازل باستخدام المواد والأيدي العاملة المحلية، وزراعة أصناف متنوعة من المواد الغذائية في التربة الغنية بالكربون، وتوليد الكهرباء والحرارة محليًّا، مثل الاستفادة من طاقة الشمس والرياح والمياه والكتلة الحيوية وموارد الطاقة الحرارية. وقبل كل شيء، هذا يعني تجديد واحترام المجتمعات البشرية والحيوانية والنباتية المحلية التي تُقتلع وتندثر حاليا، ويجب العمل على ذلك مع أخذ العلاقات الرابطة بينها بعين الاعتبار.

تعتبر محادثات cop التي ستُعقد في باريس فرصة لاستبدال السياسة المناخية المتكاملة مع تنمية المجتمع والتي تعمل لصالح الطبيعة لا ضدها بنهج العمل القطاعي الاعتيادي. على سبيل المثال ينبغي على المفاوضين إدراج قواعد صريحة للربط بين مشروعات تقنية REDD+ والتنمية المجتمعية المتكاملة التي تلبي الاحتياجات المحلية صحيا من هواء وغذاء وماء وسكن ودواء.

لا بد من إحلال رؤية محلية تؤكد الاهتمام بالبشر والأرض والمستقبل محل الرؤية الغربية للتنمية الاقتصادية من خلال العولمة والتجارة الدولية والمساعدات التقليدية.

عاصم زيا هو أستاذ مشارك في السياسات العامة ومدير معهد الدبلوماسية والأمن البيئي بجامعة فيرمونت، الولايات المتحدة الأمريكية. وكيتلين واديك هي أخصائية في الزراعة المستدامة، وناشطة في العدالة الاجتماعية والتخطيط البيئي. يمكن الاتصال بزيا على [email protected] ومتابعته على تويتر عبر الرابطasim_zia_

هذا المقال جزء من ملف منشور بالنسخة الدولية بعنوان إضاءات.. العمل المشترك بشأن تغير المناخ، يمكنكم مطالعته عبر العنوان التالي:
Climate policy needs a new vision
 
 

References

[1] Betsy Beymer-Farris and Thomas Bassett The REDD menace: resurgent protectionism in Tanzania's mangrove forests (Global Environmental Change, 2013).
[2] Asim Zia Post-Kyoto Climate Governance: confronting the politics of scale, ideology and knowledge. (Rutledge, London, 2013)