Skip to content

12/06/22

أثر أزمة الغذاء بالمنطقة سيتجاوز مجرد رفع الأسعار

3780856217_d4fa6a6f74_k
حقوق الصورة:Shaun Metcalfe. CC license: (CC BY 2.0).

نقاط للقراءة السريعة

  • الحديث بدأ يتحول الآن من أزمة غذاء بالمنطقة وانعدام الأمن الغذائي إلى الكلام عن المجاعة
  • صحيح أن الكلام لا يدور على نطاق إقليمي ولكنه يتردد على المستوى القُطري لعدة بلدان
  • شبح المجاعة أقرب إلى بلدان الصراع والحروب، وهو من دول الخليج العربي أبعد قليلًا

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

أثار حظر الهند على صادرات القمح انتقاداتٍ من مجموعة الدول السبع، ففي مؤتمر صحفي في شتوتجارت في 20 مايو قال وزير الأغذية والزراعة الألماني جيم أوزدمير: إنه إذا بدأت الدول في فرض قيود على الصادرات، فلن يؤدي ذلك إلا إلى تفاقُم النقص.

وكانت الحكومة الهندية قد أعلنت في 12 مايو عن خطط لتصدير 10 ملايين طن من القمح خلال 2022-2023 وحددت من المشترين المحتملين كلًّا من الجزائر ومصر وإندونيسيا ولبنان والمغرب والفلبين وتايلاند وتونس وتركيا وفيتنام.

ولكن بعد ذلك بيومين، انقلب الحال وتحول الاتجاه؛ إذ أصدرت إدارة التجارة التابعة لوزارة التجارة والصناعة إشعارًا يقيد صادرات القمح إلا من خلال القنوات الحكومية.

وقد ساقت الحكومة مسوِّغات الإقدام على ذلك الحظر خلال مؤتمر صحفي عُقد في 14 مايو، إذ بيَّن وزير التجارة، ب.ف.ر سوبرامانيام، أن قيود التصدير ستساعد الأمن الغذائي المحلي وكذلك البلدان المجاورة والضعيفة، أفغانستان وبنجلاديش وسريلانكا، من الدول المجاورة التي تتلقى القمح من الهند.

قد يكون هذا التسويغ مقنعًا أو غير مقنع، لكن العجيب أن الصين –وهي العدو التقليدي للهند- دافعت عن تحرُّك الهند للسيطرة على صادرات القمح؛ إذ كتبت جلوبال تايمز -وهي البوابة التي تسيطر عليها الحكومة الصينية- في 15 مايو: ”إلقاء اللوم على الهند لن يحل مشكلة الغذاء، على الرغم من أنه لا يمكن إنكار أن تحرُّك الهند لوقف صادراتها من القمح قد يرفع أسعار القمح قليلًا“، وقالت أيضًا: ”لماذا لا تتحرك دول مجموعة السبع نفسها لتحقيق الاستقرار في إمدادات سوق الغذاء من خلال زيادة صادراتها؟“.

وكما فعلتها الهند وقبلها ماليزيا وروسيا وأوكرانيا والأرجنتين وغير هؤلاء، حظرت دول تصدير حاصلاتها الزراعية أو سلعها ومنتجاتها الغذائية، وبلغت حتى الآن 22 دولة.

والقوس مفتوح بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، لا سيما أنه ما من بادرة تسوية أو تهدئة بدت حتى الآن، بل إن حديثًا عن توسيع نطاق الصراع يدور، ومن ثم فالقائمة مرشحة لأن تطول.

وهذا الذي حدا ببلدان عربية للانضمام إلى القائمة، مثل مصر والجزائر وتونس، وقد لجأت إلى هذا اضطرارًا واحترازًا من جوع مواطنيها، وهي في حظرها هذا تختلف كثيرًا عن غيرها من منتجي الغذاء؛ فهي تجلب جُل غذائها من الخارج.

نعم، الواقع والمعلوم أن المنطقة العربية تُعد أكبر مستورد للغذاء في العالم؛ إذ يعتمد معظم الدول العربية بشكل كبير على واردات المواد الغذائية من الخارج، لذلك، وحال توقُّف استيراد المواد الغذائية، ستواجه تحدي الجوع وخطر كارثة إنسانية كبيرة.

ففي مارس 2020، ذكرت بوابة روسيا اليوم أن المملكة العربية السعودية تستورد 75-80% من احتياجاتها الغذائية، الكويت وقطر والإمارات واليمن 90%، البحرين ولبنان 85%، مصر 65%، العراق أكثر من 60%، الأردن 60%، عمان 60%، تونس أكثر من 50%، المغرب 50%، الجزائر 40%، فلسطين 65%..

والحال كذلك، يرى علاء الدين حموية -الممثل الإقليمي للمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) بمصر- أن مثل هذا القرار، وقبله وقف تصدير القمح الروسي والأوكراني يؤكد الحاجة المُلحة لدول المنطقة إلى التفكير على نحوٍ إستراتيجي وغير تقليدي لتحقيق أمنها الغذائي.

ويقول: ”ثمة ضرورة للاتجاه إلى المحاصيل غير التقليدية التي تحتمل الملوحة والجفاف، وتبديل سلوكياتنا الغذائية، والاعتماد على محاصيل ذات قيمة غذائية عالية مثل الجلبان والشعير“.

ويوضح حموية لشبكة SciDev.Net أن هذا القرار سيرفع الأسعار، وبالتالي سيؤدي إلى زيادة الأعباء على بلدان مثل سوريا ولبنان واليمن، إذ ستواجه تلك البلدان تحديًا كبيرًا لتوفير مخصصات مالية إضافية لشراء القمح، بالإضافة إلى صعوبة وجود (المصدر) البديل نظرًا للأزمة العالمية.

ويأمل حموية ألا يصل الأمر إلى حدوث مجاعات في البلدان ذات الاقتصاديات الهشة في منطقتنا، مثل تلك التي تعاني من الحروب.

لكن الأمور لا تسير في اتجاه مطمئن، فقد أسفَرَت الحرب في أوكرانيا عن تَعطيل الإمدادات العالمية من الغذاء والوقود والأسمدة، بتعطُّل سلاسل التوريد العالمية، ودَفَعَت بأسعار هذا الثلاثي المهم إلى مستويات قياسية.

ولم يكن الوضع أصلًا بالطيب قبيل الحرب، فإن وباء كورونا كان قد خنق سلاسل التوريدات في المعروض من الحبوب والمنتجات الغذائية منذ مارس الماضي خنقًا شديدًا، مع انتشار النزعة القومية والدعوة إلى الاكتفاء الذاتي من الطعام؛ بسبب الكارثة الصحية التى أدت إلى إغلاق الحدود ووقف الرحلات الجوية بين الدول للحد من انتشار العدوى بالمرض المميت.

جديرٌ بالذكر أن روسيا وأوكرانيا من أكبر الدول المُصدِّرة للحبوب مثل القَمح والذرة والزيوت النباتية مثل زيت دوار الشمس، كما تُعدّ روسيا أحد أهم مُصدّري الأسمدة عالميًّا.

وإذا كان حموية يتخوف المجاعة، فإن كريستوفر باريت -أستاذ الزراعة والاقتصاديات التطبيقية والتنمية في جامعة كورنيل الأمريكية- يرى أن التأثير الرئيس لهذا القرار، سيكون على الأسعار.

ويضيف باريت لشبكة SciDev.Net أن الموردين الجدد يكلفون دائمًا تكلفةً أعلى، سواء كان ذلك بسبب ارتفاع تكاليف النقل لسلسلة إمداد أطول، أو لحث أولئك الذين لديهم مخزون -كاستثمار- على البيع من الحبوب المخزنة لديهم.

لكن باريت لا يقف عند الأسعار، بل يتعدى حديثه الارتفاع إلى أحوال مصاحبة ومواكبة ومترتبة أسوأ كثيرًا من مجرد ارتفاع الأسعار.

”ستترجم الأسعار المرتفعة إلى تأثيرات على البلدان المستوردة وزيادة تكلفة المعيشة لمستهلكي الغذاء، للأسف سيؤدي هذا إلى المزيد من عدم الأمن الغذائي، خاصةً في بلدان أفريقيا جنوب الصحراء ودول شمال أفريقيا والشرق الأوسط“، وفق باريت.

من ثم يدعو خبير الاقتصاد والتنمية الدول والحكومات إلى تحمُّل التبعات والمسؤوليات، مطالبًا إياها برفع هذا الحمل عن كواهل المواطنين، لا سيما الفئات الهشة.

يقول باريت: ”يجب توسيع تغطية الحماية الاجتماعية للفقراء؛ لضمان الوصول إلى النظم الغذائية الصحية، وسيتطلب ذلك نفقاتٍ ماليةً إضافية، مما يعني مزيجًا من سحب الاحتياطيات الأجنبية، وخفض النفقات المالية في المجالات الأخرى، وزيادة طلب المساعدة الخارجية وقبولها، والاقتراض أو سعي الحكومات لإعادة جدولة الديون أو هيكلتها أو الإعفاء منها؛ لتقليل أعباء خدمة الدين“.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا