Skip to content

30/04/23

احتلال المعمل القومي بالسودان يؤذن بفصل بالغ الخطورة على الصحة العامة

8267207410_a8bdfaf1cb_c
استيلاء مقاتلين على المعمل القومي للصحة العامة في الخرطوم يهدد بخطر بيولوجي كبير حقوق الصورة:Albert González Farran/ UNAMID. CC license: (CC BY-NC-ND 2.0).

نقاط للقراءة السريعة

  • أحد طرفي القتال الدائر في السودان يسيطر على مختبر يحتوي على مسببات الحصبة والكوليرا وغيرها من المُمْرضات
  • الخبراء الفنيون التابعون لمنظمة الصحة العالمية لم يتمكنوا من دخول المختبر لتأمين المواد الخطيرة
  • الخطر من استخدام العينات البيولوجية الموجودة حاليًّا في المختبر أسلحةَ حرب ضئيل

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[القاهرة] حذرت منظمة الصحة العالمية من ”خطر بيولوجي كبير“، قد يهدد صحة المواطنين في السودان، بعد اقتحام مقاتلين واحتلالهم ’المعمل القومي للصحة العامة‘ في العاصمة الخرطوم، في ظل المعارك الدائرة بين الجيش ومليشيات ’قوات الدعم السريع‘، منذ الخامس عشر من أبريل الجاري.

التحذير تداولته وسائل الإعلام عن ممثل المنظمة الأممية في السودان، نعمة سعيد عابد، في غضون حديثه للصحفيين في جنيف عبر دائرة تلفزيونية.

ومن دون الكشف عن هوية الطرف الذي سيطر على المعمل، أبدت المنظمة قلقًا ”إزاء احتمالية إساءة تعامل الأفراد غير المدربين مع هذه العينات المُعدية، ما يعني إصابة أنفسهم ثم انتقال الإصابة إلى غيرهم“، كما ورد في بيان صدر منذ أيام.

المختبر يحتوي على مسببات أمراض مثل الحصبة والكوليرا والسل المقاوم لأدوية متعددة، وفيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاحات، ومواد خطرة أخرى.

 وفي تصريحات خاصة لشبكة SciDev.Net قال مصدر سوداني مسؤول من المعمل، (طلب عدم الكشف عن هويته لضمان سلامته الشخصية): ”المعمل يُعد أكبر معمل طبي يخدم جميع المرافق الصحية بالسودان، لكونه يقع في منطقة حيوية داخل الخرطوم وبجوار مستشفيات تعليمية، كما يحتوي على المختبرات المتخصصة في عدة فحوص، ذات الطابع المرجعي والأمراض الوبائية“.

ويستطرد المصدر في مكالمة هاتفية للشبكة: ”تم اقتحام المعمل من قِبل أشخاص يرتدون زي ’قوات الدعم السريع‘، وتحديدًا خلال فترة عيد الفطر الماضي، وكان هدفهم الرئيس هو الحصول على الأموال والطعام، ولكن يظل المبنى تحت سيطرتهم حتى وقتنا الحالي“.

وأوضح المصدر أن المعمل يقع في منطقة مركزية بالخرطوم بالقرب من مقر قيادة الجيش، (منطقة اشتباكات بين أطراف النزاع)، وحين تم اقتحامه تعرض العاملون بالمختبر للتحقيق من قِبل الجهة المحتلة، ثم قاموا بطردهم من المكان، ليصبح مقرًّا آمنًا لهم.

كما بيَّن أن اقتحام المعمل ”لم يمثل أي خطر بيولوجي حتى وقتنا الحالي“؛ لأن عينات الفيروسات والبكتيريا ما زالت آمنةً داخل الثلاجات، ولم تتعرض لها القوات المحتلة، لكن الخطر يكمن في انقطاع التيار الكهربائي عن المبنى من وقتٍ إلى آخر، وبالتالي سيحدث تلف في العينات المسببة للأمراض، ومنها (كوفيد-19).

”احتلال المعمل تسبب في حدوث قصور في خدمات توفير الدم ومشتقاته للمصابين والمرضى في الخرطوم، وتعطُّل أجهزة وثلاجات حفظ الميكروبات، كما حذرت منظمة الصحة العالمية من ذلك قبل أيامٍ قليلة“.

وفي صباح 27 أبريل الجاري، وجهت ’اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان‘ نداءً عاجلًا لطرفي الصراع في السودان، بضرورة إيقاف هذه الحرب العبثية فورًا وعدم التعرض للمرافق الطبية والصحية أو اتخاذها منطلقًا لعملياتهم العسكرية.

وكانت المنظمة قد وجهت أيضًا نداءً عاجلًا على لسان المدير الإقليمي لشرق المتوسط، أحمد المنظري، إلى كل أطراف الصراع في السودان للانسحاب من جميع المرافق الصحية فورًا، وأكدت حتمية ضمان توفير الرعاية الصحية، وعدم إعاقة عمل مرافق الصحة العامة الحيوية، ويشمل ذلك عمل المختبرات شديد الأهمية.

وفي تصريح خاص للشبكة قال المنظري: ”يتمثل الخطر الرئيس على الصحة من احتلال المختبر في أنه لا يقوم بدوره الحيوي في مجال الصحة العامة، من خلال تشخيص الأمراض المعدية ومكافحتها، بسبب رحيل الموظفين ونقص الوقود والكهرباء اللازمَين لتشغيل معدات المختبر الأساسية“.

ويوضح المنظري: ”انقطاع التيار الكهربائي عن المبنى المقتحَم يعني أن درجة حرارة المختبر سترتفع، مما يؤدي إلى تعطيل بعض -وليس كل- الفيروسات بمرور الوقت، ومع ذلك، سيستغرق الأمر بعض الوقت (ربما أشهرًا) قبل أن تعتبر الفيروسات مصدرًا للخطورة“.

ويستكمل المصدر السوداني المسؤول بالمعمل حديثه: ”إذا تم تبادُل إطلاق النيران بين القوات المحتلة للمعمل والقوات الأخرى في الخارج، فستحدث أزمة كبيرة في المنطقة، بسبب أنابيب الغاز داخل المعمل، التي تُستخدم في الفحوص الكيميائية الدقيقة“.

ويؤكد: ”لا نستطيع الوصول إلى المعمل في الوقت الحالي، من أجل توفير حلول آمنة تساعدنا على إنهاء أزمة احتلال المختبر، والعودة إلى مقر العمل، ولكن تسعى منظمة الصحة العالمية لإنهاء الأمر، وإجراء تقييمات لأوضاع المعمل بعد الاقتحام“.

”لم تُبلَغ المنظمة بتغير وضع المختبر، منذ أن سيطر عليه أحد طرفي النزاع في الأيام الماضية، وأجرت المنظمة تقييمًا أوليًّا للمخاطر، بناءً على المعلومات المتاحة، وحددت مخاطر الصحة العامة لهذا الحدث على أنها متوسطة“، وفق المنظري.

ويتوقع المنظري أن يحتفظ المختبر بالمجموعة المعتادة من العينات المستخدمة لتشخيص الأمراض، في ظل تقييم المنظمة لمخاطر الصحة العامة المحتملة المتعلقة بذلك الأمر، في غضون ذلك، ”لا يزال الخطر الأكبر هو عدم الحصول على الغذاء والمياه النظيفة والكهرباء والرعاية الصحية والسلامة العامة، نظرًا لشدة القتال“.

من جانبه قال علي بشير، نائب رئيس اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السـودان: ”نتوقع حدوث العديد من الوفيات إثر تعطُّل الخدمات الصحية في السودان، والسيطرة على معظم مصادر المستلزمات الطبية، ومباني بنوك الدم، وكان المعمل يُعد أحد أهم المصادر التي نعتمد عليها في توفير احتياجات المرضى والمصابين، لكن ما حدث عطلنا كثيرًا عن استكمال المهمة الطبية“.

واستطرد: ”منذ احتلال المعمل، واجهنا أزمةً كبيرةً في الحصول على اللقاحات المضادة للفيروسات والأمراض المُعدية من داخل المعمل، والتي نستخدمها في علاج شلل الأطفال، وأيضًا أمصال الحمى الصفراء وفيروس الكبد، فالاقتراب من هذه المنطقة أشبه بالانتحار“.

وأوضح بشير في حديث خاص لشبكة SciDev.Net: ”هناك خطر بيولوجي محتمل الحدوث في السودان، إذا تعرض المعمل لأي عملية قتال بين طرفي النزاع، خاصةً مع وجود عينات لفيروسات مسببة للأمراض المعدية“.

”المعمل يحتوي على عينات حساسة للغاية، لا يمكن التهاون في استخدامها من قِبل أشخاص غير مؤهلين، أو استغلالها سلاحًا بيولوجيًّا في الحرب الراهنة”، وفق بشير.

يعلق المنظري: ”أثبت تقييم الوضع الحالي للمختبر أن المخاطر من هذا النوع محدودة، ولكننا نتابع الموقف عن قرب، وتقوم قيادة منظمة الصحة العالمية بالاتصال بممثلها في السودان يوميًّا بشأن هذه المسألة، وغيرها من القضايا المتعلقة بالعنف وتأثيره على صحة الشعب السوداني وأمنه“.

وأضاف: ”لا تعتبر العينات الرئيسة في المختبر عادةً أسلحة بيولوجية محتملة، مثل الكوليرا وحمى الضنك والحصبة وشلل الأطفال، وبالإضافة إلى ذلك، يتطلب تسليح العينات البيولوجية مستوىً عاليًا من الخبرة التقنية، التي لا نعتقد أنها موجودة في السودان“.

”نعتقد في المنظمة أن هناك خطرًا ضئيلًا من استخدام العينات البيولوجية الموجودة حاليًّا في المختبر أسلحةَ حرب“.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا