Skip to content

10/10/20

إطلاق مشروع جينوم للمصريين وقدماء المصريين

Egyptian Genome
حقوق الصورة:MIKI Yoshihito. CC license: (CC BY 2.0).

نقاط للقراءة السريعة

  • رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري، ودراسة الجينات المتعلقة ببعض الأمراض القاتلة والأورام السائدة فيه، والأمراض الوراثية الشائعة فى مصر
  • يساعد على تفعيل الطب الشخصي والطب الدقيق، ويمثل عماد أي منظومة صحية متطورة
  • ثمة تبايُن مع الجينوم المرجعي البشري المبني على أفراد من أصول أوروبية

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[القاهرة] أعلن مجلس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا في مصر، بدء تنفيذ مشروع ’الجينوم البشري المرجعي للمصريين‘، ضمن الخطة التنفيذية للأكاديمية لعام 2020-2021.

أُعلن عن المشروع يوم السادس من أكتوبر الجاري، مرتكزًا على ثلاثة محاور، أولها بناء جينوم مرجعي مصري يحمل المتغيرات الجينية الطبيعية والأكثر شيوعًا بين المصريين.

والثاني هو دراسة جينوم المصريين القدماء، والثالث يكمن في البحث عن التغيرات الجينية المرتبطة بالأمراض الشائعة لدى الشعب المصري.

توفر الأكاديمية مليار جنيه مصري، تكفي لمعرفة المحتوى الجيني لنحو 20 ألف متطوع، يدرسها المشروع على مدار سنوات عمره الخمس، لكن المخطط زيادة مصادر التمويل كي يتسنى رسم التسلسل الوراثي لمئة ألف شخص.

يوضح محمود صقر رئيس الأكاديمية: ”ستتولى الأكاديمية تنسيق المشروع، مع تشكيل مجلس إداري من ممثلي عدة مؤسسات وطنية وعلمية، تنبثق منه لجنة علمية لوضع الخطة التنفيذية ومتابعتها، ولجنة لوضع المعايير الأخلاقية وقواعد خصوصيات المعلومات“.

وسيجري إنشاء المعمل المركزي للمشروع داخل مركز البحوث الطبية والطب التجديدي التابع لوزارة الدفاع. وسيشرف المركز على التنسيق بين المجموعات البحثية المشاركة، المكونة من عدة جامعات ومؤسسات علمية مصرية.

حول أهمية المشروع يقول صقر لشبكة SciDev.Net: ”معرفة النمط السائد والطبيعي من خلال بناء جينوم مرجعي للمصريين، سيمهد للبحث عن المتغيرات الجينية المختلفة والمرتبطة بالأمراض المنتشرة وقابلية الإصابة بها بين المصريين“.

ويستطرد: ”ويجري ذلك من خلال مقارنة المادة الوراثية للمرضى مع الجينوم المرجعي“. وتُعد تلك العملية الأساس الذي يرتكز عليه ’الطب الشخصي‘.

يشير مصطلح ’الطب الشخصي‘ إلى التوجه الطبي الحديث نحو تصميم الرعاية الصحية والعلاج وأساليب الوقاية لكل فرد، بناءً على تركيبته الفريدة من المادة الوراثية وطبيعة بيئته.

ويضيف صقر: ”اعتمادنا الكبير على استيراد الأدوية قد يكون بالغ الخطورة؛ لأن علاجات المستقبل سيجري تصميمها وفقًا للعوامل الجينية، ولذلك لا يمكننا التأخُّر أكثر من ذلك في تأسيس قواعد بيانات جينية خاصة بالمصريين، وتأهيل وتدريب كوادر قادرة على دراسة تلك البيانات واستخدامها في تطوير نظام صحي أكثر مواءمةً للمصريين“.

ثمة سابقة لفريق بحثي بجامعة المنصورة في مصر وجامعة لوبيك بألمانيا، إذ نجح في بناء جينوم مرجعي مصري اعتمادًا على البيانات الجينية لحوالي 110 أشخاص مصريين، ونُشرت نتائج الدراسة في دورية ’نيتشر كومينيكشن‘ يوم 18 سبتمبر الماضي.

يعلق صالح إبراهيم -أستاذ الوراثة بجامعة لوبيك الألمانية، والباحث في الدراسة- لشبكة SciDev.Net: ”إنها لحظة تاريخية للعلوم في مصر“، مشيرًا إلى محورية الجينوم المرجعي لدفع عجلة الطب الحديث في مصر.

يوضح صالح أن الحافز وراء تلك الدراسة كان ”الصعوبة التي واجهناها عند محاولتنا دراسة التغيرات الجينية المرتبطة بأمراض جلدية وأخرى عصبية لدى المصريين“، مشيرًا إلى أن الجينوم المرجعي البشري  بُني بالاعتماد الأكبر على أفراد من أصول أوروبية. 

وأظهرت نتائج الدراسة اختلافًا في عدة مواقع وراثية بين المصريين والأوروبيين، منها شفرات جينية مرتبطة بأمراض وراثية. وهو ما يؤكد عدم فاعلية الجينوم البشري العالمي مرجعًا لدراسة المصريين في بعض الأحيان.

كذلك أظهرت النتائج تقاربًا بين المصريين وباقي سكان شمال أفريقيا، وهو ما يشير إلى أن فائدة الجينوم المصري المرجعي لن تكون مقتصرةً على المصريين فقط.

من المتوقع أن يكون المصريون مزيجًا من أعراق مختلفة تشمل العرب والأفارقة والبربر وبعض المنحدر من أوروبا، إلا أن ذلك لا يقلل من رجاحة احتمال وجود نمط جيني سائد يميز المصريين.

ويشدد إبراهيم على أن الدراسة كانت بمنزلة خطوة أولية أكدت ضرورة تدشين مشروع قومي لبناء جينوم مرجعي مصري، فمع زيادة عدد المتطوعين تزداد موثوقية الجينوم المرجعي، وكذلك كم البيانات الجينية التي يمكن البحث فيها عن شفرات جينية ترتبط بأمراض مختلفة.

وفي حين شملت الدراسة بيانات متطوعين من الصعيد والدلتا والقاهرة، يشير صالح إلى ضرورة الاهتمام بالتنوع السكاني في المشروع القومي.

من جانبه يقول أحمد مصطفى -أستاذ المعلوماتية الحيوية وعلم الجينوم في الجامعة الأمريكية بالقاهرة-  لشبكة SciDev.Net: ”إلى جانب التنوع، من المهم أن يخضع المتطوعون لتشخيص طبي وتوصيف دقيق، يشمل بيانات أساسية كالعمر والوزن والطول والتاريخ المرضي، وتُحفظ تلك المعلومات في قاعدة بيانات خاصة، حتى يتسنى للفرق البحثية مقارنة تلك المعلومات ببيانات المتطوعين الجينية، والوصول إلى أنماط ونتائج موثوقة“.

وتعلق ياسمين عجيب -مدير قسم علوم الحياة والأبحاث الجزيئية في مؤسسة مجدي يعقوب للقلب بأسوان- بأن فريقها البحثي عمل على بناء قاعدة بيانات لجينات خاصة بصحة القلب من متطوعين مصريين أصحاء، وقورنت بمثيلاتها لمتطوعين مصابين بأمراض قلبية مختلفة، لتوضح البيانات ”وجود متغيرات جينية صحية وأخرى مُمْرِضة بين المصريين، لم يجرِ التعرف على بعضها في أيٍّ من قواعد البيانات الكبرى الحالية“.

يتفق إبراهيم مع ياسمين على أن جهاز نوفاسيك Novaseq –المتوقع استخدامه في المشروع- ضروري لدفع عجلة الطب الدقيق في مصر، إلا أنهما يؤكدان أن كيفية استخدام تلك الأداة هي عاملٌ أساسي في نجاح المشروع وضمان دقة النتائج.
 
ويوضحان أنه ”من الضروري قراءة التتابعات الجينية لكل فرد مرات عديدة، وذلك لضمان دقة النتيجة وتجنُّب الأخطاء الواردة حتى من أحدث التقنيات“.

تُعرف تلك العملية من القراءات المتعددة للشفرة الجينية نفسها باسم ’التغطية‘.    

ومن المخطط -وفق صقر- أن يشمل المشروع عدة مجموعات بحثية، منها مجموعة لبناء الجينوم المرجعي، وأخرى لدراسة الجينوم الوظيفي، أي الجينات الفعالة في أمراض مختلفة، ومجموعة لدراسة جينوم قدماء المصريين، ومجموعة المعلوماتية الحيوية التي ستستخدم أدوات برمجية لتحليل البيانات الجينية الناتجة عن سائر المجموعات.

وينوه مصطفى بأن تحليل كم البيانات الهائل الذي من المتوقع أن ينتج عن المشروع من قِبَل متخصصي المعلوماتية الحيوية، سيتطلب توافر قدرة حاسوبية عالية، ونظام أمن سيبراني قوي لحماية البيانات، وسعة تخزين عالية لحفظها.

ويتمثل العامل الأبرز في الخبرات البشرية، وأن يقدم المشروع فرصةً لتدريب صغار الباحثين في مجال المعلوماتية الحيوية وتحسين مستواهم، وفق مصطفى.

يعلق أحمد سيد -مدير برنامج أبحاث الجينوم بمؤسسة مستشفى سرطان الأطفال 57357– لشبكة SciDev.Net: ”إحدى الأزمات التي تواجه الباحثين عند دراستهم للأنماط الجينية المرتبطة بأمراض مختلفة، تكمن في تأخُّر وصول الكيماويات التي يجري استيرادها من الخارج، أو ارتفاع أسعار موزعيها المحليين“.

ويستطرد: ”تدشين مشروع مشابه قد يغري بعض الشركات للاستثمار في ذلك المجال بمصر، وهو ما سيخفض أسعار منتجاتها، ويوفر الوقت ويحسِّن العملية البحثية“.

ويشير سيد إلى أن توافر جينوم مرجعي مصري لا غنى عنه في تطوير علاجات أكثر فاعليةً لبعض أنواع السرطانات المستعصية، بل كل الأمراض تقريبًا؛ إذ يُسهم العامل الوراثي بدرجات متفاوتة في كل الأمراض.

وعليه، فإن إتاحة البيانات الناتجة عن المشروع ضمن قاعدة بيانات محمية ستسهل على الباحثين في مصر دراسة تلك الأمراض على نحو أعمق.

بالحديث عن دراسة جينات قدماء المصريين، يوضح صالح أن المادة الوراثية التي يجري استخلاصها من المومياوات تكون بحالة حفظ غير جيدة بسبب التحنيظ ، وسيتطلب التعامل معها تدريبًا من ذوي الخبرة.

”توافر جينوم مرجعي للمصريين سيزيد من موثوقية نتائج الدراسات التي تسعى لمقارنة جينوم المصريين بقدماء المصريين، حيث أن عدة دراسات سابقة كانت تستخدم بيانات جينية محدودة  من المصريين مرجعًا، وهو ما يقلل من دقتها“، وفق صالح.

يتفق جميع الباحثين على أهمية المرحلة الأولى من المشروع المتمثلة في تحديد الجينوم المرجعي والتغييرات الجينية المرضية، إلا أنهم يؤكدون أن المراحل المقبلة تشمل تحديات كبرى تتمثل في توطين تقنيات العلاج الدقيق، وتدريب الكوادر القادرة على استخدامها والتعامل معها، بحيث يحقق المشروع هدفه الرئيس في تحسين حياة المصريين.

جدير بالذكر أن عدة دول عربية وإقليمية قد بدأت مشروعها الوطني الخاص لبناء قاعدة بيانات جينية، تشمل الإمارات والسعودية وقطر وتركيا. بينما تفتقر منطقة شمال أفريقيا إلى مشروعات واسعة لدراسة تركيبتها الجينية.
 
 
هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع  SciDev.Netبإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا