Skip to content

09/03/18

ضد التطعيم

Anti vaccination
حقوق الصورة:Panos

نقاط للقراءة السريعة

  • مسح في القارات الخمس يكشف عن المعتقدات التي وراء المشاعر المضادة للتطعيم
  • معارضة الكثير للتطعيم تنبع من كونه مصدرًا للقلق أو الجزع أو الاضطراب
  • استخدام التعليم وحده استراتيجيةً لإزاحة الدوافع الرافضة له ليس كافيًا

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

يتشبث الرافضون للِّقاحات بمواقفهم، وعلى الأرجح، لن يغيروها استنادًا إلى الأدلة العلمية التي توصي بتعاطيها؛ فالأخيرة وحدها لن تفلح في تغيير قَناعاتهم هذه؛ إذ كشف مسح دولي أن دوافعهم تذهب لأبعد من كون تدنِّي المستوى التعليمي للرافضين سببًا لمخالفة الإجماع العلمي على جدواها.

شمل هذا المسح 3235 شخصًا في 24 بلدًا، وجاءت الدراسة التي تضمنته كاشفةً عن ميلٍ لدى أولئك الرافضين لها أو الذين لا يثقون بفاعليتها إلى الاعتقاد في المؤامرات، وإلى الشعور بالتمرد أو الاختلاف، وإلى الحفاظ على مواقف لا تحظى بشعبية مثل التشكُّك في تغيُّر المناخ.

لدى هؤلاء وجهات نظر أو آراء ”تنزع إلى الارتياب في المستحضرات الصيدلانية، وتستشعر التدخلات الإمبريالية. وهم أيضًا يتمتعون بإحساس المغايرة والاختلاف لأنهم أقلية“، وفق ما أدلى به لشبكةSciDev.Net  الباحث الرئيس بالدراسة، ماثيو هورنزي، من جامعة كوينزلاند بأستراليا.

وهم ينفرون من الإبر والدم، ويميلون أكثر إلى العزوف عنهما. ”أن تكون ضد اللقاحات، فهو موقف يعبر عن مسلك أو طريقة لتجنُّب شيء يتسبب في الجزع أو الاضطراب“، كما يقول هورنزي، ومن ناحية أخرى فإن التعليم لا يُحدث فارقًا حقيقيًّا في المواقف تجاه التطعيم.

الدراسة التي نُشرت في مجلة ’علم النفس الصحي‘، والمسح الذي تضمنته، استندا إلى تقييم مواقف المستطلَعين على أساس أربعة معايير، هي: الاعتقاد في المؤامرات، والسلوك الانعزالي، وكراهية الإبر والدم، وفردانية التفكير. 

ولكل معيار من هذه المعايير، طُلب من المُستطلَعين اختيار رد من نطاق يتراوح بين 1 و5، ومعنى 1 ”أختلف بشدة“، في حين أن 5 تعني ”أتفق تمامًا“.

مثلًا، لتقييم مدى اعتقادهم في المؤامرات، كان عليهم أن يتفقوا أو يختلفوا حول ”مقتل الأميرة ديانا“، أو ”الحكومة الأمريكية كانت على علم بالهجوم على البرجين التوأمين وسمحت بحدوثه“، أو ”النخبة في العالم تحاول خلق نظام عالمي جديد“.

أما تقييم مواقفهم حيال التطعيم من حيث المناهضة للقاحات فقد كانت الاختيارات تشمل ”الأطفال يحصلون على تطعيمات أكثر مما هو صالح لهم“، أو ”قد لا يمنع اللقاح المرض“.

ثم عمد الباحثون إلى مضاهاة درجة الاتفاق مع كل بيان، ودمجوا المعايير الأربعة في مقياس واحد من أجل إنتاج مقياس متوسط ​​للمواقف لكل مواطن في كل بلد.

ومن المفاجئ، أن مواطنين من بلدان صناعية كبرى مثل كندا وألمانيا ونيوزلندا أظهروا أعلى المستويات من الاعتقاد في المؤامرات والمواقف المضادة للقاحات، وكثير منها كان أعلى من المتوسط ​​عبر 24 دولةً شملها الاستطلاع.

وقال هورنزي: ”من الممكن أن تكون هذه العلاقة أقوى في البلدان ’الغنية‘؛ نظرًا لأنها تتمتع بإمكانية أفضل للوصول إلى الإنترنت، حيث تعيش مجتمعات التآمر وتزدهر“.

ولا يختلف الأمر كثيرًا في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما يوضح مصطفى أورخان، المدير الأسبق لمركز الإنفلونزا التابع لمنظمة الصحة العالمية بمركز المصل واللقاح في مصر، فالاعتقاد ذاته موجود، وله شواهد كثيرة على مر السنين.

وبغض النظر عن المستوى التعليمي أو حتى الاجتماعي -كما تؤيد الدراسة- يرى أورخان أن ”السبب وراء هذا الإحجام والرفض، هو تردد الإشاعات حول بعض اللقاحات، إضافةً إلى ضعف الثقافة الصحية العامة المتعلقة بالتطعيم“، مشيرًا إلى جهل الكثيرين بأهمية الجرعات التنشيطية ومن ثَم ظهور المرض والاعتقاد الخطأ بعدم جدوى التطعيم.

ومن بين أبرز الإشاعات حول التطعيمات، الهلع الذي انتشر بين الكويتيين في الخمسينيات من اللقاح المضاد للسل، ما دفع بالأهالي لإخراج أبنائهم من المدارس خوفًا من التطعيم الذي أُشيع عنه أنه يؤدي إلى ’العقم‘.

كذلك يشير أورخان إلى الشائعات المستمرة حول فساد بعض اللقاحات، أو أنها تتسبب في بعض الأمراض لدى الأطفال، يقول أورخان: ”من أشهر تلك الشائعات التي لا تزال تتردد إلى الآن، علاقة اللقاح الثلاثي بمرض التوحد؛ وذلك لاحتوائه على الثيومرسال“، وهو مركب يحتوي على الزئبق الإيثيلي، ويُستخدم مادةً حافظة لمنع النمو البكتيري والفطري في بعض اللقاحات.

ويستطرد أورخان: ”ولكن لا يوجد دليل علمي على صحة هذا الكلام“، إذ رصدت منظمة الصحة العالمية عن كثب البينات العلمية التي تتعلق باستخدام الثيومرسال مادةً حافظةً وعاملًا معطلًا للقاحات لمدة تتجاوز عشر سنوات، وقد تم ذلك في معظمه من خلال مجموعة خبراء مستقلين. وخلصت النتائج إلى عدم وجود بينة تشير إلى أن كمية الثيومرسال المستخدمة في اللقاحات تنطوي على مخاطر صحية. 

والخطر الناجم عن اقتناع الناس بأن اللقاحات غير فعالة أو مُمرضة هو أن كلًّا من البالغين والأطفال يتوقفون عن تعاطي التحصينات. يقول هورنزي: ”لا تحتاج إلا إلى عدد قليل من الأشخاص الذين لا يحصلون على اللقاح من أجل فقدان ’الحصانة الجماعية‘ التي تجعل الأمراض تظهر من جديد“.

وثمة ستة من المفاهيم الغلط حول التحصينات، يتشارك فيها العامة في القارات الخمس، أوردتها منظمة الصحة العالمية، خلاصتها أن ”الأمراض تختفي بالفعل قبل إدخال اللقاحات؛ بسبب النظافة الصحية والصرف الصحي الجيد“، وأن ”غالبية الذين يصابون بالأمراض تم تحصينهم“، وأن ”هناك لقاحات ’ساخنة كثيرة‘ مرتبطة بظهور آثار عكسية، وهذه يجب على الآباء ألا يسمحوا لأطفالهم بتلقِّي أي جرعةٍ منها“، وأن ”للقاحات العديد من الآثار الجانبية الضارة، والأمراض، وحتى الموت -ناهيك بالتأثيرات المحتملة على المدى الطويل التي لا نعرفها حتى“، وأن ”الأمراض التي تمنعها اللقاحات قُضي عليها في بلدي، ولا حاجة إلى تطعيم طفلي“، وأخيرًا فإن ”إعطاء الطفل لقاحات متعددة للأمراض المختلفة في الوقت نفسه يزيد من خطر الآثار الجانبية الضارة، ويمكن أن يرهق جهاز المناعة، ويحمِّله ما لا يطيق“.

واستشهدت المنظمة بتجارب العديد من البلدان المتقدمة، مثل بريطانيا والسويد واليابان، بعد أن سمحت بخفض مستويات التحصين لعدد من الأمراض، ما أدى إلى تأثيرات دراماتيكية وفورية بانتشار الأوبئة.