Skip to content

28/07/21

لم يجد عمالًا فاخترع منظمًا يسقي نخيله

مخترع جهاز السقي الذاتي علي بن هجيرة
حقوق الصورة:Riad Mazouzi/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • فلاح من جنوب الجزائر يخترع منظمًا ذاتيًّا يسقي أشجار النخيل
  • يعمل تلقائيًّا، ولا يحتاج إلى أي نوع من الطاقة، وقد يعمر ويعمل بكفاءة لعشرين سنة
  • ينتَج محليًّا بعيدًا عن نفقات الاستيراد، وفلاحون من بلدان المغرب يطلبونه لسقي بساتينهم

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[الجزائر] حاليًّا يتفرغ المزارع علي بن هجيرة لتلبية الطلبيات التي يتلقاها من داخل الجزائر وخارجها؛ لتوريد منظم سقي ذاتي ألجأته الحاجة إلى اختراعه.

يقول ابن هجيرة لشبكة SciDev.Net: ”النقص الشديد في الأيدي العاملة كان وراء هذا“.

لم يكن الجزائري يفكر في الاستثمار بإنتاج هذا المنظم ولا حتى اختراعه؛ فهو مجرد فلاح كان يؤرقه سقي أرضه المزروعة بنخيل التمر في ولاية ورقلة في جنوب شرق البلاد.

وما كان يشغل بال ابن هجيرة سوى البحث عن العمالة وتوفيرها، لكن العمال عزفوا عن خدمة الأرض، فما كان منه إلا أن اخترع المنظم.

والآن كما يقول ابن هجيرة: نتلقى طلبيات من مختلف الولايات الجنوبية، ومن فلاحين أرهقتهم طريقة السقي التقليدية، لا سيما بعد ”ثبوت فشل تقنية السقي بالتقطير، وعدم جدواها ونجاعتها في زراعة النخيل“.

ففي الجزائر، خاصة بالجنوب، حيث الواحات وحيث تنتشر زراعات نخيل التمور، يعتمد السقي على إحاطة النخلة بحوض يملؤه بالماء عامل ثم ينتقل إلى غيره وهكذا دواليك، وهي عملية تستغرق من الوقت والجهد الكثير.

وفي الفيافي المترامية التي لا نهاية لها، والأحوال المناخية القاسية، الحارة الجافة، يحتاج النخيل إلى تكرار تلك العملية، بيد أن انصراف المواطنين عن أدائها، جعل الفلاح في تلك المناطق يعاني كثيرًا.

معاناة سقي مساحات واسعة ملأى بأعداد كبيرة من أشجار النخيل، تزيدها صعوبة توصيل المياه عن طريق الشق التقليدي لمجاري الماء في الأرض.

وإذ لم يكن من بُد، اهتدى ابن هجيرة إلى تجهيز وحدات صنعها من خامات ومواد متوافرة محليًّا، تعمل على إمداد الزرع بما يحتاج من ماء، دونما استعمال أي نوع من الطاقة.

”وتدخل مادة الإسمنت ليعمر أكثر من 20 عامًا دون أن يتلف أو يصيبه عطب“.

”جهازٌ مُجدٍ للغاية أملك براءة اختراع له“، هكذا بفخر واعتزاز يتكلم ابن هجيرة.

تدمج الوحدات ضمن نظام عبارة عن شبكة أنابيب متصلة بمصدر الماء، إذ ينصب منظم واحد أمام كل نخلة، يوفر الماء بالقدر الذي تحتاجه الشجرة، بالنظر إلى عمرها وحجمها، بعد ضبط تحكم ميكانيكي بسيط جدًّا، يحدد مستوى الماء المرغوب بلوغه بالسنتيمتر، وحينذاك تتوقف الوحدة عن العمل؛ ليتدفق الماء إلى الجهاز التالي، حتى تسقى جميع أشجار النخيل في وقت وجيز.

يقول ابن هجيرة: ”يخسر الفلاح من وقته ربع ساعة أو نصف ساعة فقط لتحديد تلك القياسات وينصرف؛ لأن السقي يجري بعد ذلك تلقائيًّا، ويتوقف النظام عن العمل مباشرة بعد آخر نخلة يتم سقيها“.

تستطيع هذه التقنية أن توفر الماء لأكثر من ألف نخلة في ظرف نصف يوم، بعدما كان هذا الرقم في ما سبق يتطلب سقيه يومين إلى ثلاثة أيام، وبجهد كبير ويد عاملة أكبر.

فلاحون من دول الجوار أبدوا اهتمامًا باستعمال هذه التقنية؛ إذ يؤكد ابن هجيرة أنه على اتصال مع فلاحين من الجنوب الليبي والتونسي، خاصةً من منطقة الدوزر التونسية المعروفة بزراعة النخيل، من أجل نقل التقنية والعمل بالجهاز.

ولا يكتفي ابن هجيرة ومَن معه من تقنيين مساعدين ببيع الجهاز للمهتمين، بل يقوم أيضًا بترتيب ورشات تدريب تمكِّن الفلاحين من استعمال نظام السقي الذاتي بطريقة صحيحة.

لكن الفلاحين استثقلوا الوحدة المصنوعة من الأسمنت، لذا يسعى ابن هجيرة لإدخال البلاستيك على المنظم لتيسير النقل والتخزين، وهذا يتطلب تعبئته بعد تنصيبه جانب شجرة النخيل بالتراب أو أي شيء يثقله كي يحفظ ثباته على الأرض واتزانه.

وبعد هذا فالاستحسان والاهتمام والثناء ينهال على المنظم من الفلاحين، ومنهم الفلاح عبد الغني سليم من ولاية بشار جنوب غرب الجزائر؛ إذ يراه ضروريًّا لكل مهتم بترقية زراعته لأشجار النخيل.

يقول سليم للشبكة: ”أكبر مشكلة واجهتني طوال مشواري الفلاحي في إنتاج التمور منذ أكثر من 20 عامًا، هي سقي أشجار النخيل، لا سيما خلال مراحل الغرس الأولى“.

وهي مشكلة جِد معضلة بالجنوب الجزائري الكبير، في ظل درجات الحرارة المرتفعة طوال السنة تقريبًا، وعدم الإمكانيات المساعدة على العمل والاستقرار، مع ترامي بساتين النخيل بقلب الصحاري حيث تكثر الزوابع الرملية.

من ثم فإن هذه التقنية تخفف من الأعباء والجهد، وتنعش زراعة النخيل في بلد معروف بإنتاجه للتمور وجودتها العالمية.

وثمة اهتمام من بعض السلطات في الجزائر ”لترقية المنظم وتوسيع استعماله في الجنوب الجزائري، حيث تنتشر واحات النخيل، لا سيما بولايات ورقلة، والوادي، وبسكرة بشار، وغرداية، وأدرار، وإيليزي“.

فلربما كان هذا المنظم هو الحل الذي يقضي على ”مشكلة كبيرة تعترض شعبة زراعة النخيل بوزارة الفلاحة في جنوبنا الكبير؛ بسبب عدم وجود تقنية ناجعة واقتصادية تساعد الفلاحين في السقي“، على حد وصف منسق العمليات بغرف الفلاحة في الجزائر، عبد الرحمان سعيدي، لشبكة SciDev.Net.

وثمة أنباء عن توصيات صدرت من قبل ’المصالح الفلاحية‘ لولاية ورقلة، من أجل تقديم كل التسهيلات لمخترع المنظم.

ووفق ابن هجيرة فإن الوالي السابق لورقلة قام أكثر من مرة بزيارته وتشجيعه، كما زاره سابقًا وزير الفلاحة الجزائري، ووفد من المنظمة العربية للتنمية الزراعية؛ بغرض تشجيعه ومرافقته في تطوير نظام السقي الذاتي لأشجار النخيل.

يقول بن هجيرة: ”كل ما أطلبه من الحكومة تقديم تسهيلات أكثر“، وهو يطمح إلى دعم مالي ”لتطوير التقنية وتعميمها على مختلف الولايات المشهورة بإنتاج التمور بالجنوب الجزائري الكبير“.

وهو يأمل أيضًا من السلطات الجزائرية أن تسهل له عملية تصدير الأجهزة، ما دام هناك فلاحون من دول المغرب العربي مثل ليبيا وتونس يريدون العمل بنظام السقي الذاتي لأشجار النخيل.

لابن هجيرة حديث يتجاوز منطقه منطق فلاح حصرته ’أم الاختراع‘، إذ يتحدث عن تحسين الاقتصاد الوطني بالنظر إلى أن التمور الجزائرية ”تُعد الأكثر جودةً على مستوى العالم، خاصةً دقلة نور“، أحد أوسع التمور التي تُنتج في الجزائر شهرةً.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا