Skip to content

14/07/13

أهداف للعلوم بالأجندة الإنمائية بعد 2015

تُظهر أهداف القضاء على الجوع قيمة المعايير القياسية لرصد التقدم المحرَز

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

أوائل شهر نوفمبر، انعقد في لندن الاجتماع الثاني لفريق الشخصيات البارزة رفيعة المستوى التابع للأمين العام بشأن خطة التنمية لما بعد عام 2015. يُذكرنا هذا بأن الوقت قد حان كي نخطّط لمستقبلنا بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة المقترحة.

ثمة مناقشات مثيرة تجرى. وقد أتت الوثيقة الختامية لمؤتمر ريو +20، المنعقد في يونيو الماضي، على ذكر دور محدد للمعرفة العلمية في التنمية المستدامة.[1] وكرر فريقُ الشخصيات البارزة هذا الذكر بأول اجتماع له في نيويورك سبتمبر الماضي، مشيرا إلى أن اتخاذ قرار بناء على أدلة هو عماد الحكم الرشيد.

بيد أن طريقا طويلة علينا أن نقطعها للانتقال من هذه الطنطنة إلي تحسين التواصل بين العلم والتنمية. ورغم ترحيبنا بتلك الشهادة، فقد همّشت الوفودُ المشاركة بمؤتمر ريو +20 العلومَ لصالح المناقشات المتعلقة بالمقايضات المالية حول الاقتصاد الأخضر، وأشياء أخرى.

أين  أهداف العلوم؟

إذا أردنا أن يكون للعلم أثر ملموس على أهداف التنمية المستدامة الجديدة، كما تضمنت الوثيقة الختامية لمؤتمر ريو +20، فإن كلا من مجتمعي العلوم والتنمية بحاجة إلى التعلّم من تجربة الأهداف الإنمائية للألفية.

وربما لا يثير الدهشة، أن نخرج بدرس مهم، من عمل فريق مشروع الألفية، المعني بالعلوم والتكنولوجيا والابتكار؛ إذ باعتباره واحدا من فرق العمل الثلاث عشرة، التي أعدت تقارير حول الجوانب الإنمائية الثمانية للألفية، فقد ضم الفريق مجموعة مؤثرة من أكاديميين، ومسؤولي السياسة العامة، وفائقين من المجتمع المدني. يثبت تقريرهم بحجة دامغة قيمة العلوم في كل أهداف الألفية الإنمائية وأهليتها. [2]

وبشكل لافت أيضا، يحدد ثلاث أولويات استراتيجية للاستثمار، من شأنها تمكين العلوم لتسريع الأهداف الإنمائية واستدامتها، وهي: البنية التحتية، والتعليم، وتحفيز الأعمال.

لكن التقرير انطوى على مشكلة كبيرة، عند النظر إليه، جنبا إلى جنب، مع مخرجات معظم فرق العمل الأخرى؛ فما من أهداف واضحة بالنسبة للعلوم ضمن الأهداف الإنمائية للألفية، يمكن رصد التقدم المُحرَز بناء عليها. على سبيل المثال، كان لفريق العمل المعني بالجوع ثلاثة أهداف (على قائمة الأهداف الثمانية) يعمل على تحقيقها: الأول (القضاء على الفقر المدقع والجوع)، والرابع (خفض وفيات الأطفال)، والخامس (تحسين صحة الأمهات).

إذا أردنا أن نحسن تطبيق العلوم والتكنولوجيا في جدول أعمال ما بعد عام 2015، فإننا سنحتاج إلى أمرين: إطار من المفاهيم يربط بين التنمية المستدامة ودور العلوم والتكنولوجيا؛ وإطار مؤسسي للمساعدة في التخطيط والتنفيذ.

نماذج لبناء الإطار

يتسم الإطار الأول بسهولة نسبية لتحقيقه. وفي هذه الحالة، يمكن الاستفادة من تجربة المنظمات غير الحكومية في بناء السلام. وقد استخدم هذا المجتمع ستة أطر في بناء السلام لمراجعة الأهداف الإنمائية للألفية، ومن ثَم تقديم توصيات للجيل القادم من الأهداف.

أما المثير للاهتمام بوضوح، فهو الطريقة التي أدى بها اختيار تلك الأطر إلى تعزيز تقبّلها من قبل شريحة واسعة من المؤسسات العاملة في القطاع المعني. وفي المواضع التي شعروا فيها بأن الأهداف الإنمائية للألفية لا توفر العناصر الرئيسية لبناء السلام، حددوا ما كان غائبًا، واختصوه بأن يكون مجالاً للاستكشاف في جدول الأعمال لما بعد عام 2015. [3]

ويمتلك مجتمع العلوم والتكنولوجيا من الاتفاقات بين المؤسسات، ومجالات التخصص ما يكفي للقيام بعملية مماثلة.

هناك بالفعل عدد من المفاهيم تصوغ الصلات بين العلم والتنمية المستدامة. وقد قام فريق العمل التابع للأمم المتحدة بإعداد 'تقرير تصوري' حول العلوم في جدول أعمال الأمم المتحدة الإنمائي بمرحلة ما بعد عام 2015 ، أما في مجلة لانسيت The Lancet فقد بلور الخبير الاقتصادي جيفري ساكس قضية مقنعة لأهداف التنمية المستدامة، وثورة في مجال إدارة المعرفة. [4، 5]

وربما يتمثل أكثرها وعدا في نموذج "اقتصاديات الكعك المحلّى"، الذي وضعته منظمة أوكسفام، وهي تقدم رؤية جذابة للتعاون بين الاختصاصات المختلفة، ترسمت فيها خطى أعمال مركز ستوكهولم لأبحاث المرونة. [6] إذ يقر هذا النموذج بقصور النظم الإيكولوجية للأرض من جهة، وبحتمية وجود قاعدة نظم اجتماعية قائمة على العدل والإنصاف من الجهة الأخرى. أما المساحة الواقعة بينهما فهي ما يجب أن نتناقش حوله من أجل التنمية المستدامة.

يتمثل التحدي، إذن، في توليف هذه الأطر -أي وجود حد أدنى من إجماع الآراء بشأن كل منها- بطريقة يسْهُل الوصول إليها من قبل جمهور التنمية. وثمة مقاربة أكثر وضوحا، قد تكون في شكل تحديث لتقرير فريق العمل الخاص بمشروع الألفية، المعني بالعلوم والتكنولوجيا والابتكار، وطلب مراجعة التقدم المحرَز على مدى السنين الاثنتي عشرة الماضية، ولفت انتباههم إلى التنمية المستدامة.

إعادة التفكير على نحو جذري

العودة لتقرير فريق العمل تقودنا لمشكلة أخرى: ففي حين أن الإطار المفاهيمي واضح نسبيًّا، فإن خلق مساحة مؤسسية لتنفيذه أكثر تعقيدا. يُنظر إلى العلم بوصفه مؤشر عمليات أكثر من اعتباره أحد نتائج التنمية؛ فهو الوسيلة التي يمكن من خلالها تحقيق الأمن الغذائي وغيره من الأهداف، وليس هدفًا في حد ذاته.

من شأن هذا أن يجعل التباحث لإدراج العلوم ضمن قائمة الأهداف أمرًا أكثر صعوبة، أما إذا كان الهدف في قائمة قصيرة فيمكن الدفاع عنه بسهولة.

في مقالته المشار لها أعلاه، يحاجج ساكس بأن أهداف التنمية المستدامة ستتطلب ثورة في نظم المعرفة تدشن عهدا جديدا. ومن خلال الاعتراف بالحاجة إلى إعادة التفكير بصورة جذرية في الطريقة التي ننظم بها مجتمعاتنا وصناعاتنا، فهو يشير إلى أننا بحاجة لشيء أبعد أثرا من مجرد هدف يتعلق بالحوكمة، ويستشهد باستخدام صانعي القرار للأدلة.

يدعو هذا لإعادة نظر جوهرية في بنية الأهداف الإنمائية للألفية. ولعل الطريق إلى الأمام قد يتمثل في مجموعة من أهداف التنمية المستدامة؛ بعضها مخرجات للمجتمعات، مثل الأمن الغذائي والإدماج الاقتصادي، في حين يمثل البعض الآخر نتائج للخبراء، الذين يقومون بتحديد أهداف مثل الدمج بين عمليتي صنع السلام والبحث العلمي.

وبهذه الطريقة، ستكون هناك معايير وتوقعات بالنظر في قضايا معينة في الاستراتيجيات الرامية لتحقيق الأهداف. ومن شأن هذا أن يزودنا بذلك النوع من المساءلة عن القضايا المتقاطعة التي افتقرت إليها الأهداف الإنمائية للألفية على نحو مؤسف.