Skip to content

30/11/15

معالجة مختلفة أو انتشار أوسع للإيدز بالإقليم

HIV/ AIDS
حقوق الصورة:Flickr/ ILO in Asia and the Pacific

نقاط للقراءة السريعة

  • وباء الإيدز في إقليمنا لا يزال في مرحلة الانتشار لا الانحسار
  • المهجرون واللاجئون من أكثر الفئات عرضة للعدوى، وجهود الوقاية محدودة، والإمداد بالأدوية غير منتظم
  • القضاء على الوباء يعني السيطرة على انتشار عدوى فيروس الإيدز، وتقليص تأثيره على الأفراد والمجتمعات

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

ثبت أن أسلوب تعاملنا مع الوباء أضعف من أن يقضي عليه، لذا يدعو هاني زيادي إلى تغييره
 
يُعتبر إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا صاحب العدد الأقل عالميًّا في المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية، إلا أنه أيضًا الأقل على مستوى العالم في نسبة توفير العلاج الذي يساعد على كبت الفيروس لديهم مدى الحياة.
 
ويُقدَّر عدد المتعايشين مع فيروس الإيدز بالإقليم في عام 2014 بنحو 240 ألف شخص، وفق إحصاءات برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالإيدز، إلا أنه لا يتم توفير العلاج إلا لنسبة 14% منهم فقط، مقارنة بنحو 41% في أفريقيا جنوب الصحراء، و47% في أمريكا اللاتينية.[1]
 
كما بلغ عدد الوفيات نتيجة الإيدز في عام 2014 نحو 12 ألف حالة، وهو ما يمثل ثلاثة أضعاف العدد في بداية الألفية. وتُعزى الزيادة الحادة في الوفيات جزئيًّا إلى المستويات المنخفضة جدًّا في إتاحة عقاقير علاج عدوى فيروس الإيدز المضادة للفيروسات القهقرية.
 
وفي إطار المبادرة الإقليمية لإنهاء أزمة عدم توفر علاج فيروس نقص المناعة البشرية، ضمن الرؤية العالمية لإيصال العلاج لكل المتعايشين مع الفيروس في الإقليم بحلول عام 2020. تم اختيار ’علاج فيروس نقص المناعة البشرية للجميع‘ موضوعًا ليوم الإيدز العالمي لعام 2015. [2]، [3]
 
غير أن استمرار جهود تلك المبادرة لتحقيق هدفها تواجهه عراقيل ليست هينة؛ فما يشهده الإقليم من صراعات مسلحة، وحروب أهلية، وعدم استقرار أمني في عدد غير قليل من دول الإقليم، وانهيار البنى التحتية في بعضها، ترتب عليه عدم قدرة السلطات المركزية على تقديم الخدمات الصحية بصورة مستمرة وبالكفاءة اللازمة، إلى جانب توقف حركة الاستيراد، بما في ذلك استيراد عقاقير علاج عدوى فيروس الإيدز.
 
هذه الأوضاع تنذر بحدوث مشاكل كبرى في مكافحة وباء الإيدز؛ مثل توقف أنشطة الوقاية والرعاية، مع عدم انتظام توفر جرعات العلاج للمرضى، وبالتالي هناك احتمال كبير لازدياد أعداد الحالات الجديدة وتدهور صحة المتعايشين الذين توقفت إمدادات العقاقير لهم، وارتفاع أعداد الوفيات بينهم نتيجة لذلك.
 
ويبلغ تقدير عدد الحالات الجديدة المصابة بالعدوى في الإقليم خلال 2014 نحو 22 ألف حالة، أي بزيادة قدرها 26% على مطلع الألفية، معظمها حدث في دولتين فقط هما إيران والسودان، فأكبر عدد من المتعايشين بالإيدز في الإقليم يتركز في خمس دول هي: إيران، السودان، والصومال، والجزائر والمغرب، حيث تشكل مجتمعة حوالي 88% من الحالات.[1]
 
ويمكن من التأمل في الأرقام السابقة استنتاج أن الوباء في إقليمنا لا يزال في مرحلة الانتشار وليس الانحسار، وأن معدلات انتشار العدوى الجديدة أسرع من قدرات جهود المكافحة على كبحها والسيطرة عليها. وهو ما يجعل معدلات الحالات الجديدة مؤهلة للاستمرار في الازدياد خلال السنوات القادمة.
 
فئات عرضة للإصابة
 
وأكثر الدول المرشحة لاستمرار ازدياد الحالات في السنوات القادمة هي إيران، صاحبة أعلى تقديرات لأعداد المتعايشين في الإقليم، وفيها يتركز الوباء في مدمني المخدرات عن طريق الحقن، ويمثلون 15% من المصابين بالعدوى، ورغم وجود برامج لتقليل مخاطر العدوى بين أفراد هذه الفئة كبرامج استبدال المحاقن والإبر. إلا أن هذه البرامج قليلة في الإقليم، بما ينذر بانتشار أكبر للحالات الجديدة بين هذه الفئة.
 
ولا شك أن عدوى فيروس الإيدز في كل دول الإقليم تصيب العاملات في مجال الجنس التجاري أو الدعارة بشكل أكبر من عامة المواطنين، وإن كان هناك نقص في المعلومات حول عبء العدوى ومدى انتشارها في تلك الفئة؛ نظرًا للظروف الاجتماعية والثقافية التي تحيط بهن، كما تعتبر ممارسات الرجال المثليين مجرمة قانونًا في دول الإقليم، وتصل عقوبتها إلى الإعدام في كل من إيران والسعودية والصومال والسودان واليمن، وبالتالي لا يحصل أعضاء تلك الفئة على ما يكفي من التوعية حول مخاطر العدوى وكيفية الحصول على الخدمات الصحية.
 
كما برزت في الإقليم خلال السنوات الأخيرة فئة أخرى معرضة للإصابة، وهي فئة المهجرين واللاجئين، حيث تساعد ظروف الحياة بين هؤلاء على انتشار عدوى الإيدز؛ فجهود الوقاية محدودة، والإمداد بالأدوية غير منتظم أو منقطع، إلى جانب كون خدمات الفحص والتشخيص غالبًا منعدمة.
 
وقد تدفع الظروف المعيشية والاجتماعية اللاجئينَ إلى ممارسات تؤدي إلى حدوث الإصابة بالفيروس؛ مثل الاختلاط بثقافات أخرى وعدم توفر وسائل لضمان مكافحة العدوى، وازدياد فرص الانخراط في إدمان المخدرات، والممارسات الجنسية المحفوفة بالمخاطر، والتي قد يكون جزء منها نتيجة الابتزاز أو شرطًا لضمان استمرار الحياة أو الحصول على بعض الحقوق، أو حتى لقمة العيش.
 
القضاء على الوباء 2030
 
ومع اتفاق الخبراء الدوليين في مجال الإيدز على أن الوباء يمكن القضاء عليه في عام 2030، قاموا في سبتمبر 2013 بصياغة أهداف تشمل تقليل حالات العدوى الجديدة، والوفيات، ومظاهر الوصم والتمييز، بنسب لا تقل عن 90% عن مستوياتها في عام 2010.
 
ويُقصَد بالقضاء على الوباء هنا السيطرةَ على انتشار عدوى فيروس الإيدز، وتقليص تأثيره على الأفراد والمجتمعات؛ وذلك في صورة تخفيض نسب الاعتلال والوصم والوفيات وأعداد الأيتام، وكذلك ارتفاع متوسط أعمار المصابين، وحصولهم على حقوقهم، وخفض الأعباء الاقتصادية المترتبة على الوباء، خاصة أسعار العلاج.
 
ورغم وجود مؤشرات إيجابية لجهود المكافحة، مما يوحي بتحسن الوضع العالمي، مثل انخفاض أعداد المصابين بالعدوى الجديدة بنسبة 35% عن مطلع الألفية مع نهاية عام 2014، وكذلك انخفاض الوفيات الناتجة عن الإيدز بنسبة 42% عن ذروتها في 2004، إلا أن بلوغ هدف 2030 لن يتحقق بمستوى جهود المكافحة الحالية، وإنما يستلزم مستوى أعلى كثيرًا من الجهود للوصول إلى أغلبية أفراد الفئات الأكثر عرضة للعدوى مع أفراد المجتمع العام، وتقديم خدمات الوقاية والرعاية والعلاج للجميع. [1]
 
وإذا أردنا أن نحقق هذه الأهداف في إقليمنا فيجب –بدايةً- التوسع في خدمات الفحص والمشورة؛ لاكتشاف أكبر قدر ممكن من حالات العدوى، فمعظم دول إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتم التقديرات الإحصائية لوباء الإيدز فيها اعتمادًا علي دراسات يتم إجراؤها على الفئات الأكثر عرضة.
 
وبعض الدول لديها دراسات عديدة في هذا المجال، كإيران والمغرب مثلا، مما يخدم حساب تقديراتها، أما البعض الآخر فيكاد لا يكون لديه دراسات على تلك الفئات؛ لظروف ثقافية واجتماعية وقانونية، مثل بعض دول الخليج، مما يعوق حساب التقديرات، أو يجعلها غير دقيقة بسبب ندرة البيانات، أو بسبب اللجوء في حساب التقديرات إلى دراسات أجريت في دول أخرى قريبة منها.
 
كما يجب توفير خدمات الوقاية لتقليل انتشار العدوى الجديدة، بالإضافة إلى تقديم خدمات الرعاية والعلاج لكل من يحتاجها، وخاصة تحسين نسب توفير العلاج للمتعايشين؛ حتى تتحسن نوعية حياتهم، وتقل أعداد الوفيات بينهم.
 
هذا بالإضافة لمواجهة عدوى الإيدز في المجموعات الأكثر عرضة للإصابة، عبر استراتيجيات قائمة على الأدلة العلمية، وهذا العنصر في غاية الأهمية إذا أردنا فعلا القضاء على الوباء؛ حيث إن تلك الفئات هي أهم مصدر لانتشار العدوى في هذه المرحلة من الوباء في الإقليم.
 
وللوصول إلى تلك الفئات يجب على برامج مكافحة الإيدز التنسيق مع منظمات المجتمع المدني التي عادة ما يكون لديها مرونة في العمل تجعلها أقدر على الوصول للفئات الأكثر عرضة والتعامل معها، وكذلك يمكنها أن تمد البرامج ببيانات ونتائج دراسات تساعد على تقدير حجم تلك الفئات ومدى شيوع العدوى فيها؛ وذلك لاستخدامها في تخطيط برامج المكافحة الموجهة لها. [4]
 
ويجب تكثيف الجهود لمكافحة الوصم والتمييز، لإزالة العوائق أمام اكتشاف الحالات، وتشجيعها على المتابعة والعلاج، إلى جانب التنسيق مع المنظمات الدولية والمحلية التي تتعامل مع اللاجئين وترعاهم؛ لإيجاد وسائل لإيصال خدمات الوقاية والعلاج إلى تلك الفئة المظلومة التي أصبح يعج بها الإقليم.
 
ومن البدهي أن كل ما سبق لن يتحقق دون التزام سياسي قوي يوفر المناخ الإداري والقانوني والاقتصادي الذي يسخِّر جانبًا من إمكانيات الدول لصالح برامج مكافحة الإيدز. كما أنه لن يتحقق دون وجود الموارد المالية اللازمة، سواء من الموارد المحلية من ميزانيات وزارات الصحة أو منظمات المجتمع المدني، أو الموارد الخارجية عبر الجهات المانحة والمنظمات الدولية.
 
فإذا أردنا أن نقضي على الوباء في عام 2030 في الإقليم كما هو مستهدَف في بقية أقاليم العالم، فعلينا أن نغير من أسلوب عملنا الحالي في التعامل مع الوباء؛ لأنه أثبت أنه أقل من أن يسيطر عليه، وبالتالي فإن تحقيق هذا الهدف يحتاج إلى مستوى آخر من العمل على جميع الأصعدة.
 
 
 
**هاني حسن زيادي: أستاذ الصحة العامة بكلية الطب، جامعة الإسكندرية، مصر، عمل سنوات عديدة مسؤولًا طبيًّا بوحدة الإيدز ثم بوحدة الأمراض المدارية بالمكتب الإقليمي لشرق المتوسط، منظمة الصحة العالمية، القاهرة، مصر.
 

References