Skip to content

03/10/13

حرية البحث العلمي بمصر.. هبة دستورية يجحدها أهلها

Egypt Constitution3
حقوق الصورة:Flicker/ Kodak Agfa

نقاط للقراءة السريعة

  • مادة بالدستور المصري تضمن حرية البحث العلمي، وتخصص له 1% من إجمالي الناتج القومي
  • باحثون يشددون على عدم إطلاق هذه الحرية، وضرورة تقييدها بخدمة المجتمع وتوجهات الدولة
  • والوزير يرد بأن الحرية ليست مطلقة، بل تقيدها مواد دستورية أخرى، وضوابط أخلاقية

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

مادة في الدستور تكفلها، والمفاجأة أن باحثين يرفضون إطلاقها، ويشددون على وضع ضوابط لها

تراوحت مواقف باحثين مصريين بين رفض لما أقرته لجنة تعديل الدستور المصري الجديد من ضمانة لحرية البحث العلمي، وتحفُّظ آخرين حول إطلاقها، مطالبين بضوابط لهذه الحرية.

وجاء فيما نصت عليه المادة ذات العلاقة: "وتضمن الدولة حرية البحث العلمي واستقلال مؤسساته ومراكزه البحثية، وتخصص له ما لا يقل عن 1% من إجمالي الناتج القومي".

وعلى عكس المتوقع، لم تحز المادة الجديدة قبول الباحثين، الذين تخوفوا إساءة فهم الحرية التي ضمنتها المادة الدستورية وتأويلها على نحو خطأ، في وقت يحتاج فيه البحث العلمي إلى التوجيه من جانب الدولة.

من المركز القومي للبحوث المصري، شعبان أبو حسين يصرح لموقع SciDev.Net قائلا: "أنا أرفض الإقرار بحرية البحث العلمي، في وقت تحتاج فيه الدولة إلى البحث العلمي الموجه".

وبحدة، يتابع الأستاذ في الشعبة الزراعية بالمركز: "مشكلتنا الأساسية في البحث العلمي أن كل باحث يفعل ما يروق له، وأخشى ما أخشاه أن يعطي الدستور لهذه الفوضى غطاءً".

وتساءل أبو حسين: "كيف يسهم البحث العلمي في نهضة المجتمع، وأنا لا أضع ضوابط من أهمها أن يكون البحث العلمي موجها للخدمة العامة؟!"، مقررا: "هذا ما يحدث في الغرب، فهل تشذ مصر عن القاعدة؟".

ووجد أبو حسين في قصة زميل له سافر إلى إحدى الجامعات البريطانية للحصول على درجة الدكتوراه ما يبرهن به على رؤيته؛ إذ لم يُسمح له –حينها- بالعمل على مشكلة تعاني منها مصر، وطُلب منه العمل على مشكلة محلية لديهم.

متخذا من معيار المصلحة العامة هذا مدخلا، يرفض محمد شاكر -الأستاذ بكلية العلوم في جامعة أسيوط- ما سماه "الفوضى في تمويل الأبحاث العلمية"، التي قد تنشأ –حسب رأيه- عن هذا النص الدستوري.

وأعرب الدكتور شاكر لموقع  SciDev.Net عن تخوفه "أن يسمح هذا النص الدستوري بحرية بلا ضوابط، فيعطي غطاء دستوريا لتمويل أبحاث عديمة الجدوى، أو لا تعم جدواها".

يقول شاكر: "في بلد يستورد أكثر من نصف ما يأكله من القمح، لا يجوز أن يُوجَّه جزء من التمويل لبحثٍ عن الجبن 'القريش'، وهو ما حدث قبل أكثر من عامين"، في إشارة لأحد أنواع الأجبان المحلية قليل القيمة الغذائية، وعديم الأهمية تقريبا.

ويتفق علي رسمي -أستاذ علم الحشرات بالمركز القومي للبحوث- مع الآراء السابقة فيما ذهبت إليه، وفي الوقت ذاته يرى ضرورة ترك مساحة من الحرية للباحث.

وكما استشهد أبو حسين بقصة زميل له، ساق الدكتور رسمي قصة كان هو بطلها؛ للتأكيد على فكرة التوازن بين التوجيه والحرية.

يقول رسمي: "سافرت إلى كندا بعد حصولي على الدكتوراه في منحة وفرها لي المركز القومي للبحوث، وهناك طُلب مني العمل على حشرة تصيب فاكهة الكمثرى؛ لما تسببه من مشاكل لهم. قلتُ: تخصصي العناكب.. وبعد جدال معهم، يئسوا من حالتي، وقالوا لي: افعل ما يروق لك".

وتابع رسمي: "بعدها فكرت مليا؛ لأقول لهم: سأفعل ما تطلبونه مني، لكن في نفس الوقت إن أنجزت ما تطلبونه فمن حقي أن أعمل في الاتجاه الذي أريده".

هذا التوازن فتح للدكتور رسمي آفاق الاستفادة من المنحة؛ حيث استقبلوا ما قاله بترحاب شديد، ووعدوه بتوفير كل ما يحتاج لإنجاز أبحاثه الخاصة، إذا نفذ ما يطلبونه منه، وهو التوازن نفسه الذي يطالب بتحقيقه في مصر.

وأضاف: "هناك مشكلات يعاني منها المجتمع، وحقه علينا أن نعمل على حلها، وفي المقابل، إذا أنجز الباحث المطلوب منه، فمن حقه أن تكفل له الدولة مساحة من الحرية، وتساعده فيها، مثلما تساعده في الأبحاث الأخرى".

ومن خلال تجربته الشخصية، يقول رسمي لموقع  Scidev.Net: "أنا من أنصار الحرية، لكن بما لا يتعارض مع مصلحة المجتمع، وهذه المعادلة لا بد من صياغتها بشكل دقيق في القانون المنظِّم لعمل البحث العلمي؛ حتى لا يُساء استخدام النص الدستوري".

ويطرح د.محمد عبد المطلب -رئيس قسم النانو تكنولوجي بجامعة النيل- رؤية مختلفة، مفادها أن الحرية التي يقرها الدستور لا تتعارض مع توجيه الدولة للأبحاث في مجال معين.

وقال عبد المطلب لموقع  Scidev.Net: "من حق الدولة أن تعلن اهتمامها بمجال معين توجه له تمويل البحث العلمي، وعلى من يريد من الباحثين أن يحصل على تمويل الدولة أن يعمل في هذا الإطار، ومن لا يريد فليعمل بإمكاناته الذاتية".

لكن في المقابل -والكلام لا يزال للدكتور عبد المطلب- يجب على الدولة ألا تحرم الباحث حقَّه في العمل بالمجال الذي يريده، وهذه هي الحرية التي يوفرها ظاهر النص الدستوري، "فيجب ألا يكون هناك عائق يحد من تفكير الباحث، حتى لو ذهب لأبعد الحدود"، مشترطا ألا تكون هناك مواد أخرى في الدستور تتعارض مع هذه المادة.

وقال عبد المطلب: "الخوف أن تكون هناك مواد بالدستور تتعلق باعتبارات الأمن القومي، تُفقد هذه الحرية مغزاها".

من ناحيته، يؤكد وزير البحث العلمي بمصر، الدكتور رمزي استينو، على حقيقة أنه لا حرية دون ضوابط، "وهذه الضوابط تمت تغطيتها في مواد أخرى بالدستور، وستتناول القوانين ضوابط أخرى".

ونفى استينو ما قد يُفهم من إطلاق للحرية، "فهو يتعارض مع مواد أخرى تؤكد أهمية الالتزام بقيم وأخلاق المجتمع، وعدم الإتيان بأشياء تخالف الشرائع السماوية".

وقال استينو لموقع Scidev.Net: "هذا الضابط الأخلاقي تم تناوله في مواد أخرى بالدستور، فلا يجوز أن يخرج البحث العلمي عنه بحجة الحرية".

أما فيما يتعلق بأهمية أن يكون البحث العلمي في خدمة المجتمع، فأوضح استينو أن "القوانين ستؤكد على ذلك؛ لأن التوجه الذي تهتم به الدولة هو ربط البحث العلمي بالصناعة، وهي المستفيد النهائي؛ حتى يكون له قيمة".

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط