Skip to content

28/11/15

بحوث الهندسة الوراثية بمصر.. لا تشريع ولا تطبيق

Genetic Engineering
حقوق الصورة:Flickr/ IAEA Imagebank

نقاط للقراءة السريعة

  • لا إطار تشريعيًّا منظمًا للضوابط الصحية والقانونية لأبحاث الهندسة الوراثية بمصر
  • السوق المصرية ليست خالية من المحاصيل المهندسة وراثيًّا طالما تُتداول ببلد المنشأ
  • قانون السلامة الأحيائية ينتظر دورة البرلمان المقبلة لإقراره

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

تتقدم معظم الدول العربية بحذر تجاه وضع إطار تشريعي يضبط وينظم إنتاج المحاصيل المعدلة وراثيًّا وتداولها، فالخوف من مأمونيتها على الجنس البشري يطغى على ما قد تحققه في مجال الأمن الغذائي من إيجابيات.

فلا دولة عربية حتى الآن أصدرت قانونًا يحكم تلك المسألة، اللهم إلا السعودية، وفي مصر ينتظر مشروع قانون حول السلامة الأحيائية الدورةَ البرلمانية القادمة، المتوقع بدؤها في يناير 2016 لإصداره، رغم أن مسودته مصوغة منذ عام 2004.

كان لعدم الاستقرار السياسي وتعاقب الحكومات والبرلمانات دور في تأخر إصدار القانون، بالإضافة إلى ”الخلاف بين وزارتي الزراعة والبيئة، المعنيتين بالقانون، حول اختصاصات كل منهما“، كما توضح نجلاء عبد الله، مدير مركز معلومات التكنولوجيا الحيوية في مصر.

قوانين الأمان الحيوي بشكل عام هدفها وضع إطار يضبط وينظم إنتاج الكائنات الحية المعدلة وراثيًّا وتداولها واستخدامها، بالإضافة إلى  ضبط البحث والتطوير في مجال الهندسة الوراثية، وذلك بهدف ضمان مستوى آمن لصحة الإنسان والحيوان والنبات والبيئة.

أبحاث معطلة

هالة عيسى، الباحثة في معهد بحوث الهندسة الوراثية الزراعية في مصر، تنتظر صدور القانون بفارغ الصبر، فأبحاثها في مجال إنتاج سلالات جديدة من بذور القمح، لم تغادر حقيبتها إلا للنشر في الدوريات العلمية، وبعض تلك الأبحاث يعود تاريخها إلى عام 2005.

هالة وزملاؤها في المعهد محرومون حتى من مجرد اختبار أبحاثهم على نطاق حقلي ضيق، فلا يوجد إطار تشريعي منظم للضوابط الصحية والقانونية لمثل هذه الأبحاث التي تواجَه في العالم العربي برفض شعبي وإعلامي.

تقول هالة لشبكة SciDev.Net: ”اقتصر جهدنا البحثي على النتائج المعملية، لكننا غير قادرين على التطبيق العملي“، وصدور القانون سيعطي هذا الجهد البحثي ”قبلة الحياة“.

تقول هالة هذه الكلمات، وهي تمسك بنسخة من بحثها المنشور في مارس 2015 بمجلة بيولوجيا النبات، حول إنتاج سلالات من القمح مقاومة للحشرات التي تصيب المحصول عند تخزينه، لتواصل حديثها قائلة: ”توصلت في البحث إلى عزل الجين المسؤول عن تكوين بروتين الأفيدين من الدجاج، لإدخاله إلى أحد أصناف القمح المحلية، لينتج صنفًا جديدًا من مميزاته أنه قاتل للحشرات التي تتغذى عليه“.

جهد بحثي آخر استغرق سنوات آل مصيره إلى الأدراج، إذ يقول مؤمن سيد حنفي، الباحث المساعد في قسم التكنولوجيا الحيوية النباتية بشعبة بحوث الهندسة الوراثية والبيوتكنولوجي في المركز القومي للبحوث: ”نشرت بحثًا حول إنتاج أصناف من الفول البلدي مقاومة للجفاف والملوحة، لكن غياب القانون حرمني حتى من التجارب الحقلية“.

لذا يقتصر نشاط الباحثين المصريين في مجال الهندسة الوراثية على التجارب المعملية، والصوَب فقط، ”ويعد خروجهم إلى التجارب الحقلية، ولو على النطاق الضيق جدًّا، مخالفة قد تضعهم تحت طائلة القانون“، وفقما أدلى مؤمن لشبكة SciDev.Net.

ويضيف مؤمن: ”من المفترض أن ينص القانون حال صدوره على بعض التحاليل التي تجرى على المنتج المعدل وراثيًّا، قبل خروجها إلى الحقل“.

ولا مانع من التداول

على الرغم من كل هذه القيود فإن السوق المصرية ليست خالية من تلك المحاصيل، وفق مؤمن. فهناك بعض المستورد منها، والتي تنفذ إلى السوق تحت غطاء تشريعي، هو قانون تداول المحاصيل الزراعية.

وفق هذا القانون، لا يوجد مانع من تداول البذور الزراعية، طالما أنها تُستخدَم في بلد المنشأ، وهو ما يعطي تأشيرة مرور لكثير من البذور الأمريكية المعدلة وراثيًّا.

أسامة الطيب -أحد المشاركين في إعداد مسودة قانون السلامة الأحيائية بمصر- لا يجد مشكلة قانونية أو أخلاقية تقع على الدول التي تورد بذورًا معدلة وراثيًّا.

يقول الطيب -الأستاذ المتفرغ بكلية الصيدلة جامعة القاهرة، والمدير السابق لمركز التكنولوجيا الحيوية بالجامعة- لشبكةSciDev.Net : ”في ظل غياب القانون المنظِّم لتداول تلك المحاصيل، لا يوجد ما يُلزم الدول بالكشف عن كونها معدلة وراثيًّا أم لا“.

وأشار الطيب إلى أول شحنة دخلت مصر من الذرة المعدلة وراثيًّا في ديسمبر 2010 بموافقة وزارة الزراعة، كان حجمها 70 طنًّا، ووزعت في 10 محافظات، وكانت من شركة مونسانتو الأمريكية، من كبريات الشركات المنتجة للبذور المعدلة وراثيًّا في العالم. 

يرى الطيب أن السبب وراء تأخر إصدار القانون منذ عام 2004 هو ”الضغط الأمريكي“، فلم تكن الولايات المتحدة ضمن الدول الموقعة على بروتوكول قرطاجنة بشأن السلامة الأحيائية التابع للاتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي؛ لتبنيها توجهًا تشاركها فيه عدة دول، من بينها كندا وإسرائيل، يقضي بعدم خضوع أبحاث الهندسة الوراثية لأي قيود تشريعية، وهو ما يصفه الطيب بأنه ”ينطوي على مغالطة كبيرة“.

وأضاف الطيب: ”أي توجه جديد، لا بد أن ينظمه قانون، فعلى سبيل المثال، صدرت قوانين منظِّمة لعمليات الحقن المجهري، مع بداية ظهورها، تحدد متى يلجأ إليها الطبيب، والضوابط التي ينبغي عليه الالتزام بها“.

القانون قريبًا

النظرة المتشائمة حيال احتمالية إصدار القانون، والتي جاءت على لسان الطيب، تقابلها نظرة متفائلة من نجلاء، قائلة: ”الخلافات بين وزارتي الزراعة والبيئة تم حلها مؤخرًا، وانتهت الوزارتان من إعداد القانون، وأُرسلت مسودته إلى رئاسة الجمهورية“.

وتضيف نجلاء لشبكة SciDev.Net: ”من المقرر إرسال القانون إلى البرلمان لإصداره في الدورة البرلمانية المقبلة“، وتأمل ألا يتأخر البرلمان عن تحقيق هذا الأمل الذي طال انتظاره.

عادل سليمان، المنسق الوطني لمشروع تحقيق الإطار الوطني للسلامة الأحيائية بمصر، وأحد المشاركين في صياغة القانون، يتوقع أن يكون القانون في مقدمة القوانين التي يُصدرها البرلمان المقبل.

 ويقول سليمان لشبكة SciDev.Net: ”وزارة العدالة الانتقالية، التي كانت مسؤولة عن مراجعة القوانين، قبل إلغائها في التشكيل الوزاري الجديد، أعطت توصية بأن يكون القانون ذا أولوية قصوى“.

القانون، كما يوضح سليمان، سيفتح الطريق أمام التطبيق البحثي على نطاق أكبر، وكذلك أمام تسويق المنتج على نطاق تجاري، عبر مجموعة من الخطوات التي يحدِّدها بدقة، ويعاقب مخالفيها بالحبس والغرامة.

أولى الخطوات التي يشير إليها سليمان، هي تقديم الباحث طلبًا للجنة يشكلها القانون، لتمنحه ترخيصًا بدراسة تُسمى ”تقييم مخاطر“، تُجرى على المنتج المعدل وراثيًّا، تشمل إطارًا نظريًّا، وآخر عمليًّا يتضمن تجربة حقلية على نطاق ضيق في البيئة التي ينوي الباحث العمل بها.

هذه الدراسة تخضع لعدة جهات رقابية، وفقًا للقانون، فتكون وزارة الصحة هي المعنية بدراسة تأثير المنتج على صحة الإنسان، وتتولى وزارة الزراعة دراسة تأثيره على البيئة والحيوان، من خلال معاهدها المتخصصة، مثل معهد بحوث صحة الحيوان، ومعهد بحوث الأراضي والتربة.

الهدف من تلك الدراسة -كما يوضح سليمان- هو معرفة مدى تأثير هذا المنتج على البيئة المحيطة وجميع الكائنات الحية، وفي حال كون النتائج إيجابية، يُسمح في المرحلة التالية بالتطبيق على نطاق أكبر.
وفي هذه الحالة يخضع التطبيق لرقابة ومتابعة دورية من الجهات المعنية؛ لتطبيق العقوبات في حال المخالفة.

ولم يُغفل القانون مسألة التداول، ”فالمستورَد من تلك المنتجات سيخضع هو الآخر لدراسة تقييم مخاطر على البيئة والصحة، حتى وإن كانت هذه المنتجات مستخدمة في بلد المنشأ“، وفق سليمان.

ويوضح سليمان أن مواصفات التربة المصرية قد تختلف عن مواصفات التربة في البيئات المستخدم فيها أي منتج مستورد، كذلك الأمر بالنسبة لصحة الإنسان؛ إذ قد لا يتوافق المنتج مع طبيعة النظام الغذائي للمصريين.

يؤكد سليمان: ”إصدار القانون سيحمي البلاد من أي منتج معدل وراثيًّا، سواء كان مستوردًا أو منتجًا محلِّيًّا“، مشيرا إلى أن مصر لم تتمكن، في ظل تعطيل القانون، من منع نفاذ شحنة الذرة المعدلة وراثيًّا إلى البلاد في عام 2010.
 
 
هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا