Skip to content

22/01/19

تيسير أبو النصر.. وعودة الابنة البارة

Taysser Abu AlNassr
حقوق الصورة:Rasha Dewedar / SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • منذ نصف قرن، وجود امرأة بهيئة تدريس جامعة أمر عادي بمصر، غريب لافت نادر في كندا
  • هبطت مصر عرضًا، فنازعتها نفسها البقاء، وسوَّفت في العودة لكندا، ثم استقرت في النهاية
  • وقت عمادتها لكلية الهندسة بجامعة أوتاوا، كانت الكلية الأكثر صداقةً للنساء بين الكليات

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

تيسير أبو النصر، أستاذ الهندسة الكهربائية، ورئيس مكتب نقل التكنولوجيا بجامعة النيل في مصر حاليًّا.
 
حصلت تيسير على درجتي الماجستير والدكتوراة في الهندسة الكهربية من جامعة كوينز.
 
سافرت مع زوجها إلى كندا، وعملت بالتدريس الجامعي هناك، وارتقت وظيفيًّا إلى أستاذ الهندسة الكهربية في كلية أوتاوا لتقنية المعلومات والهندسة، ثم عُيِّنت العميد المشارك بها من 1996 إلى 1998، ثم شغلت منصب العميد من 1998 إلى 2004.
 
تلقت وسام أونتاريو في عام 2004.
 
قبل هذا في 2003، سُمِّيت زميلةً للأكاديمية الكندية للهندسة، وفي 1999 انتُخبت زميلةً للمعهد الهندسي الكندي. وفي السنة نفسها حازت جائزة أوتاوا كارلتون للتميز النسائي، وهي السنة التي سُميت فيها واحدةً من أكثر الناس تأثيرًا في أوتاوا، وتكرر الأمر في عام 2001.
 
شغلت منصب عميد كلية العلوم التطبيقية بجامعة بريتيش كولومبيا عام 2008.
 
دُعيت للمشاركة في التخطيط الإستراتيجي لأعضاء هيئة التدريس والإدارة في العديد من المؤسسات الكندية الكبرى ومراكز الأبحاث والمنظمات الدولية. وشاركت في مبادرات العلوم والتكنولوجيا في كندا وفيما وراء البحار.
 
نُشر لها أكثر من 100 مقالة، وتحدثت في العديد من المؤتمرات. كما أنها تشارك بشكل كبير في زيادة الوعي وتعزيز فهم التواصل بين الثقافات. كما أن لها باعًا في المشاركة بالعديد من المجموعات المجتمعية التي تهدف إلى مد الجسور وتعزيز التفاهم بين الكنديين.
 
وقت توليها عمادة كلية الهندسة بجامعة أوتاوا، اختيرت الكلية الأكثر صداقةً للنساء.
 
حول هذه المسيرة وما أعقبها كان لشبكة SciDev.Net هذا الحوار مع تيسير.
  
لماذا عدتِ إلى مصر؟
 
لم أكن أخطط للعودة، كان سفرًا فحسب، لذا سافرت؛ إذ تفرغت عامًا من الجامعة الكندية، وفق النظام المعمول به مع الأساتذة، وكانت مصر هي الاختيار المنطقي بالنسبة لي، ولم تكن النية وقتها أن أمكث. عدت أواخر عام 2011، وبعد السنة الأولى، مددت سنة أخرى، ثم وجدت أنه لم تبق لي إلا سنة واحدة لأكمل الستين، وكنت قد قررت التقاعد عند هذ السن، مع أنه لا سن للتقاعد بالنسبة لأساتذة الجامعات في كندا.
 
هنا شعرت أنني أقوم بشيء حقيقي وجاد، ووجدت أنني أريد المكث في مصر لأرى البذرة التي غرستها وأتعدها بالرعاية؛ حتى تنمو ولا تموت.
 
أشعر الآن أن هذا النمط من العمل والحياة يناسبني، فمن ناحية لستُ مُلزمةً بعمل بدوام كامل فيمكنني الاستمتاع بوقتي فيما أريد، ومن ناحية أخرى، ما زلت أعمل ما أحب وأرى ثمرة عملي. وأنا على قناعة تامة بأن الزكاة والصدقة ليست مالًا فقط؛ فالوقت قد يكون أحيانًا أغلى من المال.
 
وكيف ترين الفارق بين العمل هنا وهناك؟
 
تخرجت عام 1976 في كلية الهندسة بجامعة القاهرة، ثم عملت بها سنةً معيدة، مع معيدات غيري، ووقتها لم يُبدِ أحدٌ الدهشة أو الاستهجان من وجودهن، أو وجودي.
 
لكن عندما ذهبت إلى كندا، فوجئت بندرة عضوات هيئات التدريس، وأذكر أنني ذهبت مرةً للطبيب، وسألتني الممرضة عن عملي، ولما أخبرتها، سألتني في دهشة: "لماذا تُقدِم امرأة على شيء كهذا؟"، وأجبت وقتها: لأن هذا ما أحب.
 
وعندما عملت بجامعة أوتاوا، قال لي العميد إن هناك العديد من النسوة العاملات بالجامعة يُفصَلن لأسباب عدة، منها عدم تقديم مجهود بحثي جاد، وأنه يتمنى وجود نماذج نسائية بالجامعة، حتى يعتاد الطلبة وجودهن، ويصبح عمل المرأة أمرًا طبيعيًّا في هذا المجال.
 
الوضع تغير، فثمة برامج في كندا لتشجيع النساء على دراسة العلوم والهندسة، وتقام معسكرات للناشئة لنشر الوعي بهذا. أيضًا هناك مرونة في الإجازات، فالمرأة قد تأخذ فترةً أطول من إجازة الوضع أو الأمومة المعتادة، وأذكر أنني أخذت سنةً كاملةً بعد الولادة، وظللت محتفظةً بوظيفتي.
 
من خلال عملي، لم أر تحيزًا ممنهجًا ضد النساء في مجالي، ولكن أعتقد أن بعضهن تختار أسرتها وتفضلها على عملها، أو أن تعمل بوظيفة تحتاج إلى جهد أقل، ومن ثم تستطيع رعاية بيتها مع الاحتفاظ بوظيفتها.
 
أما أنا، فقد رأيت في وجوه البعض الدهشة، ولا أقول التحيز، فأنا أمثل أقليات عدة، أو أجمع بين أكثر من أقلية؛ فأنا امرأة وعربية ومسلمة.
 
كيف كان التوفيق بين الأسرة والعمل؟
 
حالتي كمغتربة، قد تكون مختلفةً بعض الشيء، فمثلًا لم أحصل على مساعدة من أهلي، لكن أتصور أن شغفي وحبي لما أعمل هو ما ساندني دائمًا في رحلتي.
 
كذلك كانت مهمتي صعبة، فمن ناحية أشعر دائمًا بالذنب؛ ربما لأني لا أعطي أولادي الوقت الكافي (وهم ثلاثة أبناء). ومن ناحية أخرى، عليَّ أن أقوم بما يقوم به الرجال للترقِّي، بالإضافة إلى كوني النموذج الوحيد للنساء في كليتي، وهو ما وضع عليَّ مسؤولية إضافية لإنجاحه.
 
لكن مع الوقت، أقلعتُ عن الشعور بالذنب، وبِتُّ مقتنعةً بأنني أفعل كل ما أستطيع، وأنني قد أكون قدمت لأولادي بالفعل ما لم تقدمه أمهات أخريات لا يعملن. في النهاية المقارنة هي ما يخلق الشعور بالذنب، لذا أرى أن تختار كل امرأة ما يناسب شخصيتها وظروفها وطموحاتها، ولا تقارن نفسها بغيرها.
 
ومن وجهة نظر هندسية، التوازن ليس بالضرورة توازنًا ساكنًا، لكن يمكنه أن يكون توازنًا ديناميكيًّا، بمعنى أنني أحيانًا قد أنحاز وأميل ناحية العمل، وفي أحيان أخرى، أفعل المثل مع الأولاد، المهم ألا أقع.
 
وماذا عن البحث العلمي بمصر؟
 
الهدف يجب أن يكون أبعد من البحث في حد ذاته، وأن يكون البحث أداةً أكثر منه هدفًا، وعلى الباحثين أن يأخذوا في اعتبارهم تحسين حياة الناس. فعندما يسألك أحد المواطنين لماذا يُخصم جزءٌ من دخله لدعم البحث العلمي، يجب أن يكون لدى الباحثين ردٌّ مقنعٌ على ذلك، من واقع ما أنتجته الأبحاث لتغيير حياة الناس إلى الأفضل.
 
لا بد من ربط البحث العلمي بالمشكلات الموجودة على أرض الواقع، في المدى القصير والمتوسط والطويل، وهذا ما أحاول التركيز عليه.
 
هناك الآن مكاتب نقل التكنولوجيا في أغلب الجامعات، بحيث يذهب إليها الباحث في مختلِف مراحل البحث العلمي؛ لتوجيهه وتدريبه، أو للحصول على براءة اختراع، أو لتمويل بحثه.
تقوم هذه المكاتب بتدريب الباحثين، وقد شاركتُ في بعض هذه التدريبات، ولكننا في مرحلة التعلم؛ لأن مجالًا كهذا ليس سهلًا.
 
الفكرة من هذه المكاتب أن تقوم بتوجيه الباحثين في مختلِف مراحل البحث العلمي، فيمكن أن يكون ذلك قبل الشروع في البحث، بحيث يساعد المكتب الباحث باختيار الموضوع الذي يساعد في حل مشكلة موجودة بالفعل، من خلال أسئلة مثل مَن هو المستفيد ومَن هم أصحاب المصلحة.
 
على سبيل المثال، يمكن أن يصل المكتبُ الباحثَ بشركة الأدوية، لتعمل على تمويل مشروعه البحثي من بدايته، وتُوجِّه الباحث إلى قدرات التصنيع الموجودة، وكذا رد فعل المرضى، وغيرها.
 
بدأت الفكرة تلقى قبولًا بالتدريج، وأتصور أن الاستدامة لن تتحقق إلا بالخطط طويلة المدى وبعمل حوافز للمميزين، مثل ارتباط التقدم في السلم الوظيفي بحل مشكلات المجتمع، مثلما يحدث مع نشر الأبحاث.
 
أتمنى أيضًا الاستعانة بالعلوم الاجتماعية في هذا الإطار؛ لأننا ربما نصل إلى حل لمشكلة مثل الطاقة، في حين لا يتوافر الوعي الكافي لدى المواطنين لتطبيقها.
 
أرى أن جزءًا من حل معضلة الابتكار يكمن في تعلُّم التفكير النقدي وقبول الاختلاف؛ فلن يحدث تقدم بغير ذلك، والاحترام يجب أن يكون القاعدة لأي اختلاف.
 
بِمَ تنصحين الباحثات في المنطقة العربية؟
 
أنصح الفتيات بشكل عام بالاهتمام بمرحلة الاختيار، بمعنى أن تكون كلٌّ منهن متأكدةً مما تريد أن تفعل في حياتها، هل تريد العمل أم التفرغ لأسرتها. وأرى أن ذلك من حقهن دون الضغط عليهن في أي اتجاه.
 
بالنسبة لي، كان الشغل يمثل لي الكثير من المعاني والطموحات. فقد نشأتُ أحب القراءة والكتابة، لذا كنت حائرةً بين دخول كلية الهندسة أو الإعلام، واخترت الهندسة في النهاية؛ لأني اعتدت التفكير بشكل مرتب وشعرت أن الهندسة هي ما يناسب ذلك. وبالنسبة للتدريس، فقد كانت أمي معلمةً ثم مديرة مدرسة، لذا مثَّل التدريس دومًا شيئًا مقدسًا وذا معنى كبير بداخلي.
 
أريد أيضًا أن أخبرهن أنه قد تمر بهن أوقات صعبة، لكنها ستمضي ويحققن ما يردن.
 
ما ساعدني كثيرًا أنني توقفت عن البحث عن الكمال، وتقبلت فكرة حدوث أخطاء وعدم توازن في بعض الأحيان.
 
 
هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع  SciDev.Netبإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا