Skip to content

20/07/13

تبشير للعلم بمستقبل أفضل بعد الربيع العربي

نقاط للقراءة السريعة

  • • اتخذت معظم البلدان في المنطقة خطوات إيجابية، مثل زيادة تمويل الأبحاث أو تطوير قدرات القوى العاملة
  • • وشرع بعضها في تنفيذ استراتيجيات جديدة للعلوم والتكنولوجيا، إضافة لزيادة مخصصاتها نسبة إلى إجمالي الناتج المحلي
  • • النزاعات، وهجرة الأدمغة، والافتقار إلى السياسات ونقص التمويل عقبات رئيسية لا زالت تعترض سبيل التقدم

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

 تقول بثينة أسامة إن الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يتزايد وعيها بالروابط بين الانتفاضات السياسية وحركة العلم من أجل التنمية.

أدت انتفاضات الربيع العربي، التي بدأت في ديسمبر 2010، إلى إشعال جذوة التغيير في وضع العلوم بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأسرها، لا في البلدان التي أطاحت بحكامها فحسب. وحاليا باتت الغالبية العظمى من دول المنطقة تنظر إلى العلم باعتباره قوة دافعة للتنمية، مصعدة في أنشطة برامجها العلمية خلال العامين الماضيين.

بيد أن هذه الجهود تتباين من بلد لآخر؛ فقد زادت بلدان في تمويل البحوث، ومنح بعضها أولوية للجهود الرامية إلى زيادة قدرة القوى العاملة، في حين لجأت بلدان أخرى إلى ترجمة رؤيتها الوطنية للعلوم إلى قضايا تنموية.

ورغم أن العديد من البلدان لا يزال يواجه مشكلات رئيسية فيما يتعلق بعدم الاستقرار السياسي، فإن الحكومات تتفهم الآن أن ارتفاع معدلات البطالة يمثل واحدًا من الأسباب الرئيسية للثورات، وأن البحث العلمي يمكن أن يمهد الطريق نحو تحقيق تنمية اجتماعية اقتصادية.
 
بذور التغيّر العلمي

وفقا لتقرير اليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة) عن حالة العلوم في العالم، الذي نشر عام 2010، فإن الإنفاق على البحث العلمي، في المدة بين عامي 2005 و 2010، بلغ نحو 0.3% من الناتج المحلي الإجمالي في معظم الدول العربية (باستثناء قطر، وتونس، والمغرب، التي بلغت معدلات إنفاقها 2.8% و 1.25% و0.7% على الترتيب).[1]

لكن رياح التغيير عظمت الأموال المخصصة للبحث العلمي؛ ففي مصر مثلا، ارتفعت الموازنة الوطنية للبحث العلمي من 0.23% من الناتج المحلي الإجمالي قبل الثورة إلى 1% عام 2012. وفي المغرب والجزائر ارتفعت موازنتا العلوم إلى 1% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 0.7% و 0.3% على الترتيب عام 2010.

وفي حين تُعد زيادة التمويل إشارة على التقدم، فإن وضع استراتيجيات أفضل لتوجيه البحوث يمثل خطوة أكثر تقدما نحو دعم العلوم. في تونس -حيث انخفضت موازنة البحث العلمي بعد الثورة- خصصت الحكومة مبلغا يساوي 16.5 مليون دولار أمريكي لمشروع يهدف إلى إصلاح منظومة العلوم والتكنولوجيا في البلاد.

وعند إطلاقه، قال عبد العزيز الرصاع -وزير الصناعة والتكنولوجيا التونسي-: إن هذا المشروع يمثل "فرصة ممتازة لتعزيز المنظومة الوطنية للبحث والابتكار في تونس، التي تحتاج إلى الفاعلية من أجل التنفيذ الناجح لأية استراتيجية للتنمية الاقتصادية".

وفي شهر أكتوبر من العام الحالي، كشف العراق النقاب عن استراتيجية طموحة لإعادة بناء البنية التحتية للعلوم في البلاد، وقد شرعت الجزائر في وقت سابق من هذا العام (أغسطس) في تطبيق استراتيجية لدعم مواردها البشرية في مجال البحوث. وفي الوقت نفسه، تقوم البحرين ومصر وتونس بتسويق نتائج أبحاث علمائها؛ من أجل ردم الفجوة القائمة بين العلم والتنمية الاجتماعية الاقتصادية.

بلدان تعصف بها الصراعات

ولا تحرز البلدان جميعها تقدما في هذا المجال. ففي ليبيا واليمن، حيث أطاحت ثورتان داميتان بحاكمي البلدين، تكافح الحكومتان الضعيفتان في البلدين لإحكام قبضتيهما على السلطة، وبالتالي لا تغيير يذكر في موازنة العلوم، التي لا تزال تراوح عند 0.3% من الناتج المحلي الإجمالي في كلا البلدين.

ومع ذلك، يعمل كلا البلدين على إقامة شراكات مع المنظمات الدولية لتعزيز قدراتهما البحثية. على سبيل المثال، تتلقى ليبيا دعما من المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا).

لكن النزاع المسلح الدائر في سوريا أدى إلى انخفاض الموازنة المخصصة للعلوم -التي لم تكن تزيد عن 0.1% من الناتج المحلي الإجمالي- إلى نحو 0.04%- لصالح الإنفاق العسكري. وفي السودان، لم تتمكن الحكومة من الوصول إلى الهدف -الذي حدده برلمان البلاد قبل عامين- المتمثل في تخصيص 1% من الناتج المحلي الإجمالي للبحث العلمي بحلول عام 2013؛ نظرا لأعباء الحفاظ على الأمن، وحصول دولة جنوب السودان -التي استقلت عن السودان العام الماضي- على جزء من العائدات النفطية للبلاد.

 
استعادة الاعتبار

أسهم الربيع العربي في زيادة الإرادة السياسية لدعم العلم. ومثل إلقاء حجر في الماء الراكد، فقد ساعد المجتمعات العلمية على استعادة الاعتراف بها باعتبارها مسهما رئيسيًّا في تنمية بلدانها، ومن ثم ألقى الضوء على دورها وأبرزه للعامة.

ولهذا فإن موجة الحماسة الوطنية للعلوم، التي اشتعلت جذوتها بعد الثورة، قد "عملت على تحفيز العلماء المصريين" كما يقول أشرف شعلان، رئيس المركز القومي للبحوث، وهو أكبر مركز للبحث العلمي في مصر.

لكن طريقا طويلة أمامنا لنقطعها، ورغم زيادة بعض البلدان لموازنات البحث العلمي، لم تبلغ هذه الموازنات نصف مثيلاتها في البلدان المتقدمة (متوسطها ​​نحو 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي). ومن ثم، فإن مثل ذلك التمويل لا يكفي لإحداث تغيير هائل في البحوث الجارية في البلدان العربية، أو لتحقيق الاستغلال التجاري الأمثل لنتائجها.

كما يمثل نقص العاملين المؤهلين في مجالات البحوث تحديًا آخر ينبغي التصدي له، وفق ما أشار إليه تقرير منظمة اليونسكو عن العلوم؛ إذ إن تدني جودة تعليم العلوم يؤدي إلى "الفشل في إعداد العلماء المؤهلين القادرين على معالجة القضايا الوطنية الملحة".[2] فضلا عن أن الهجرة واسعة النطاق للعقول تعني فقدان العديد من البلدان لباحثيها المؤهلين.

ربما يؤدي بناء الشراكات مع العلماء المغتربين إلى عكس اتجاه هجرة الأدمغة إلى حد ما. لكن نبيل السالم، وهو مدير شبكة العلماء العرب المغتربين، يقول: "على الحكومات أن تدعم جهودنا من خلال توفير بيئة بحثية مشجّعة" من أجل استبقاء المواهب والاستفادة من الإمكانات التي أطلقها الربيع العربي.

تحرير الإمكانات الكامنة

هذا من شأنه أن يجعل السياسات الداعمة للعلوم والتكنولوجيا هي الخطوة الأكثر أهمية التي يمكن للدول العربية اتخاذها لدعم بيئاتها البحثية. ومن جانبه، فإن محمد عيد -مدير مكتب إدارة التكنولوجيا والتسويق في مركز البحوث الزراعية بمصر- يقول بأن المعرفة البحثية ستبقى "أسيرة على الورق، حيث تقبع هناك إلى الأبد، دون تأثير يُذكر على المجتمع أو الاقتصاد، حتى يتم تغيير القوانين المنظِّمة للعلوم والتكنولوجيا والابتكار".

لكن تعزيز العلوم من أجل تحقيق تنمية اقتصادية اجتماعية في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يتجاوز البنية التحتية للعلوم والتكنولوجيا- إذ يتطلب الدعم الثقافي، والاجتماعي، والاقتصادي لمخرجات البحث العلمي.

وتعاظم الإرادة السياسية خطوة بالغة الأهمية نحو بناء القدرات العلمية؛ حتى تتمخض عن فوائد تنموية في بلدان المنطقة. في الوقت الحالي، تحتاج الحكومات إلى متابعة تنفيذ التزاماتها بتمويل تعليم عالي الجودة وبيئة بحثية داعمة.

 بثينة أسامة هي المنسق الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بموقع SciDev.Net