Skip to content

18/01/18

تحسين السلالات النباتية سيصير في سنين لا عقود

Lebanon genebank 2
حقوق الصورة:International Center for Agricultural Research in the Dry Area

نقاط للقراءة السريعة

  • باحثو المستقبل لن ينتظروا عقودًا لتهجين السلالات النباتية وتحسينها
  • تقنية ’التربية السريعة‘ تختزل الوقت اللازم لإنتاج ستة أجيال في سنة واحدة
  • مُخرَجات هذه التقنية قد تُزرع بالحقول والبساتين فيما لا يزيد على عقد من الزمان

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[بلجرشي] طور فريق بحثي تقنية ’التربية السريعة‘ للنباتات، بإنباتها في ظروف بيئية محكمة، على نحوٍ يمكِّن الباحثين من تسريع عمليات أبحاث وبرامج تحسين الأصناف النباتية، واستنباط السلالات الجديدة.

عن طريق هذه التقنية، استطاع الباحثون إنماء ستة أجيال متعاقبة من عدة نباتات في سنة واحدة، داخل غرف محكمة الغلق، مع التحكم الكامل في درجة الحرارة ونسبة الرطوبة، وزيادة مدد الإضاءة، ما رفع معدل نمو النباتات وسرعته، ومن ثَم تقصير مدة الجيل.

ترفع التقنية عائق الزمن الذي يعترض الباحثين عند الإنسال والتهجين بين مختلِف سلالات الأصناف النباتية، لا سيما في المحاصيل المهمة ذات العلاقة بالأمن الغذائي، إذ صار بمكنتهم اختزال العقود في سنوات معدودة قليلة، خاصةً والمعدلات الحالية في هذا الصدد لن تفي بالمطلوب لتأمين الغذاء في المستقبل، في ظل عوامل زيادة سكان العالم، وتغيُّر البيئة والمناخ.

و’التربية السريعة‘ للنباتات، تقنية طُوِّرت على هدى من تجارب أجرتها وكالة ’ناسا‘، أدامت فيها تسليط الضوء على القمح من أجل زراعته في الفضاء، ما أدى إلى تبكير إكثاره، وفق توضيح لي هيكي، قائد الفريق البحثي، ومن كبار الباحثين بجامعة كوينزلاند في أستراليا.

شارك في ذلك الجهد المميز 34 باحثًا ينتمون إلى عشر جهات بحثية مختلفة تقع في ثلاث دول هي أستراليا والمملكة المتحدة وماليزيا، وإن كانت غالبيتهم تنتمي للجامعة الأسترالية.

ما يميز الورقة البحثية، التي حوت الجهد، والمنشورة في دورية نيتشر للنباتات، مطلع شهر يناير الجاري، هو تركيزها على دراسة عدد كبير من أهم المحاصيل الاقتصادية العالمية، كالقمح والشعير والحمص والكانولا والذرة والأرز والبازلاء والتريتيكال والشوفان وغيرها.

”والمعروف أن إنتاج صنف تجارى جديد من أي محصول اقتصادي، يحتاج إلى ما يصل إلى عقدين من الزمان، وهي مدة طويلة“، وفق توضيح قاسم زكي، أستاذ الوراثة بكلية الزراعة في جامعة المنيا بمصر؛ ويعلل هذا بأنه لا يمكن أن تغل الأرض في السنة الواحدة أكثر من جيلين من المحاصيل في ظروف الحقل الطبيعية. وحتى عند الاستعانة بالدفيئات الزراعية (الصوبات)، لا يمكن أن تتجاوز ثلاثة أجيال في أفضل الأحوال.

تغلب الفريق البحثي على هذه العقبة، إذ تمكن باحثوه -في سنة واحدة- من إنماء ستة أجيال من نباتات القمح، والحمص، والشعير، والبازلاء، وأربعة أجيال من نبات الكانولا.

كي يصل الباحثون إلى هذه النتيجة، أطالوا مدة الإضاءة التي يتعرض لها النبات، واستخدموا لذلك لمبات كهربية، تعمل بنظام الصمام الثنائي الباعث للضوء، وتعطي إضاءة تسمى ’الثبلية‘، وبالإنجليزية تُعرف اختصارًا (LED)، فكان عدد ساعات الإضاءة 22 ساعة، وقصروا مدة الإظلام على ساعتين فقط، وهذا خلاف الطبيعي والمعهود، وتم لهم التحكم في كثافة الضوء، ودرجة الحرارة (22 درجة في الضوء و17 درجة في الظلام)، أيضًا تم ضبط نسبة الرطوبة (70% غالبًا).

يقول هيكي: “توفر هذه الإضاءة الجديدة أطوالًا موجية أفضل لنمو النباتات، بالإضافة إلى كونها اقتصادية في استهلاك الكهرباء”.

ويمكن تطبيق هذه التقنية على نطاق واسع، فقد استخدمها الباحثون في منشآت زجاجية كبيرة، أي يمكن إنبات عشرات الآلاف من النباتات (لأغراض بحثية) في آن واحد، وفق هيكي.

يشير هيكي إلى أن التقنية حظيت باهتمام عالمي؛ ”إذ يتعين على العالم عندما يحل عام 2050 زيادة إنتاجه من الأغذية بنسبة 60-80% لإطعام تسعة مليارات نسمة“.

يقول هيكي لشبكة SciDev.Net: ”يمكن نقل عناصر هذه التقنية إلى البلدان النامية عبر حاويات شحن منخفضة التكلفة، لاستخدامها في برامج تحسين المحاصيل الأساسية“.

”وبالمثل، يمكن استخدام نهج مماثل من أجل ’تكييف‘ أنواع أخرى من المحاصيل تحت ظروف التربية السريعة“، كما يؤكد هيكي.

حتى الآن، لم يحاول الفريق زراعة أيٍّ من الأنواع البستانية الأخرى باستخدام هذه التقنية، ”ولكن بعض الباحثين يجربون مع الفلفل. غير أن التعرض للضوء لفترات طويلة يسبب ضررًا لبعض الأنواع النباتية، مثل الطماطم“، وفق هيكي.

ويثني زكي على أداء الفريق البحثي، ويصف الدراسة بأنها ”عمل بحثي مميز“. فالنتائج تؤكد أن صفات النباتات النامية تحت ظروف (التربية السريعة)، تفوقت على مثيلاتها من كافة المحاصيل التي كانت قيد الدراسة.

ولم يفت الفريق البحثي دراسة اقتصاديات تكاليف النظم العاملة بهذه الطريقة ومقارنتها بالطرق التقليدية، بل طوروا طرقًا بسيطة لتقنيتهم المبتكرة أثبتت فاعليتها.

يقول زكي: ”بعد تأكيد نتائجها من فرق بحثية أخرى، وإشراك باحثي فسيولوجيا النبات في الدراسة، ربما تكون مفيدة جدًّا للإسراع في تنفيذ برامج تربية النباتات، وإنتاج أصناف جديدة تزيد من غلة المحاصيل وتجابه الزيادة السنوية السريعة في معدل السكان وما يقابلها من زيادة في الطلب على الغذاء“.

وبالرغم من ذلك، يرى البعض أن سرعة الدورة الزراعية في هذه التقنية، ينتج نباتات تبدو صغيرة وغير مهمة، ولن تنتج سوى عدد قليل من البذور.

لكن براندي وولف –من باحثي الفريق- يؤكد أن التقنية تنتج نباتات تبدو أفضل وأكثر صحةً من تلك التي تستخدم الظروف القياسية. ”حتى إن أحد الزملاء لم يستطع تصديق ذلك عندما رأى النتائج لأول مرة“.

ويذهب وولف إلى القول: ”أعتقد أنه في غضون 10 سنوات من الآن يمكنك السير في الحقل لتشير إلى النباتات التي تم تطوير خصائصها وسماتها باستخدام هذه التقنية“.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا