Skip to content

04/12/13

الأمن الغذائي: حقائق وأرقام

Food security F&F _Spotlight FAO
حقوق الصورة:FAO

نقاط للقراءة السريعة

  • • لا يمكن تناول قضية الأمن الغذائي -أي وجود غذاء جيد وكافٍ- بمعزل عن الفقر والصحة
  • • من شأن العلم المساعدة في زيادة الإنتاج الزراعي، ولا بد من إيقاف الهدر أيضًا
  • • ضمان وصول موارد عادلة للمُزارِعات يمكنه تعزيز الأمن الغذائي للأسرة

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

تتناول قضية الأمن الغذائي حاجة أساسية؛ هي أن ينال المرء قوتا مغذيا يكفيه يومه. وهو حقٌّ نصّ عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الصادر عن منظمة الأمم المتحدة.
 
ورغم ذلك، لا يزال في شتى بقاع العالم 842 مليون شخص يعانون نقص التغذية، يعيش منهم 98% في بلدان نامية.[1] وينعدم الأمن الغذائي في أفريقيا جنوب الصحراء بنسبة أكبر من أي منطقة أخرى، في حين يقطن جنوب آسيا أكبر عدد من الجوعى، يُقدَّرون حاليًا بنحو 295 مليونا. (انظر الشكلين 1 و2).
 
الشكل 1. توزيع نقص التغذية على الصعيد العالمي
Global distribution of undernourishment.
اضغط للتكبير
 
 الشكل 2: خريطة الجوع 
map of progress towards reducing hunger
اضغط للتكبير
 
المصدر[1] ما مفهوم الأمن الغذائي؟
 
في واقع الأمر، يصف مفهوم الأمن الغذائي عددًا من الظواهر ذوات الصلة على تمايزها. على سبيل المثال، هو لا يعني توافر الغذاء فقط، بل أيضا إمكانية الحصول عليه، واستخدامه بشكل آمن. تعريف منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) للأمن الغذائي أنه يتحقق عندما ”تتوافر لجميع الناس، وفي كل الأوقات، الإمكانات المادية، والاجتماعية، والاقتصادية؛ للحصول على غذاء كاف، ومأمون، ومغذٍّ؛ لتلبية احتياجاتهم التغذوية، وأفضلياتهم الغذائية؛ ليعيشوا حياة مفعمة بالنشاط، والصحة“.[2]
 
أما مقلوبه، أي انعدام الأمن الغذائي، فمنظوره أوسع من مجرد الجوع (أو نقص التغذية)؛ وذاك لاشتماله على سوء التغذية أيضًا، وهي عدم وجود ما يكفي من المغذيات الدقيقة (أو وجود كميات مفرطة أو غير متوازنة) في الوجبة الغذائية.
 
وتتصل حلقة الأمن الغذائي بحلقتي الفقر والصحة. وفق حسابات البنك الدولي، فإن قدرة الاستثمارات الزراعية على الحد من الفقر ضِعف قدرة الاستثمارات في أي قطاع آخر.[3] إضافة إلى ذلك، غالبًا ما يعجز عن الإنتاج أولئك الذين يعانون انخفاض مستويات الطاقة، أو سوء الحالة الصحية. وعليه، من لا يجد عملاً يكفيه، تقل قدرته على شراء الغذاء. وكثيرًا ما يشار إلى هذه العلاقة باعتبارها همزة الوصل بين الغذاء والتغذية وسبل العيش.
 
من الناحية العملية، قد يمثل قياس الأمن الغذائي، ورصد اتجاهاته تحديًا بمرور الوقت. تضاعف عدد سكان العالم منذ عام 1950، وزاد ليصل إلى 7.2 مليارات نسمة، ومع ذلك، فإن مجمل عدد الجوعى أو من يعانون سوء التغذية ظل كما هو إلى حد كبير (انظر الشكل 3).[4] من حيث النسبة المئوية، كان هناك جائع بين كل ثلاثة أشخاص، والآن صار لدينا واحد من كل ثمانية، ما يُعَدّ حدًّا هائلاً من هيمنة الجوع، وقد أسهم في هذا زيادات نسبية في الإنتاجية الزراعية وفي التجارة (التي تخفِض من أسعار الغذاء). المصدر:[5]

 
الشكل 3. رسم بياني: عدد سكان العالم مقابل جوعى العالم
 
Global population vs. global hungry. G3

اضغط للتكبير

غير أن حساب الأمم المتحدة لنقص التغذية يستند إلى الحد الأدنى من السعرات الحرارية للرجال والنساء والأطفال لكل بلد، ويفترض حياة مستقرة. والمفارقة أن الغالبية العظمى من الجوعى في العالم (80% في الواقع) يعملون في صناعات الأغذية كثيفة العمالة، وربما يحتاجون سعرات حرارية إضافية ليقيموا أودهم.[6]
 

لهذا السبب، يجادل البعض بأن قياسات الجوع الحالية قد تكون متحفظة جدًّا، وتُقلل من حجم المشكلة الحقيقي.[7] في حين يتحاجُّ آخرون من أجل تعريف للمشكلة أكثر تعقيدا، بما يشمل تطوير ممارسات زراعية أكثر حساسية تجاه التغذية تحديدًا، بحيث تُبرز أهمية توفير المغذيات الدقيقة، إضافة إلى اتخاذ تدابير لزيادة الإنتاجية.[8] ويذهب البعض لاستكشاف تقنيات المعلومات والاتصالات كي يتخذها وسيلة موثوقة لجمع بيانات عن الجوع وسوء التغذية بشكل أكثر فاعلية.[9]
 
ومن عجب، أن غالبية السكان الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي يعيشون في مناطق ريفية، وهم في الأصل مزارعون أو يعملوا بالمَزارع. يعانون انعدام الأمن الغذائي إما لأنهم لا ينتجون ما يكفيهم من غذاء، أو لأنهم لا يتكسبون دخلاً كافيًا لشرائه، أو ربما لفساد حصادهم وقت التخزين، أو لتلفه بسبب إصابته بالآفات.
 
أضف إلى هذه المشكلات، أن القيود المفروضة على الموارد وتغيّر المناخ ربما تكون آثارهما السلبية أشد على من يعانون انعدام الأمن الغذائي في السنوات القادمة. تشير تقديرات إلى أنه بحلول عام 2050، سوف يتجاوز استخدام المياه في الزراعة الكمية التي تتجدد.[10] وبالمثل، فإن تأثيرات تغيّر المناخ –مثل ارتفاع درجات الحرارة، والفيضانات، والجفاف– يُنتظر أن تصير لأسوأ ما تكون في مناطق انعدام الأمن الغذائي، مثل أفريقيا جنوب الصحراء، وجنوب آسيا، ويتوقع البنك الدولي انخفاض غلّة المحاصيل آنذاك بنسبة 15% و18% في المنطقتين، على الترتيب.[11]
 
وبالتالي، فإن انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية لا يحدثان في فراغ، بل يرتبطان إلى حد بعيد بتحديات تنموية وبيئية أخرى؛ مثل الفقر في المناطق الريفية، وإدارة الموارد، وعدم مواكبة التكيف مع تغيّر المناخ. وبسبب تعقيد المشكلة، فإن الحد من انعدام الأمن الغذائي على الصعيد العالمي ليس بالمهمة اليسيرة. 
 
زيادة الإنتاج والتغذية

تقدر منظمة الأغذية والزراعة أن إنتاج المحاصيل بحاجة إلى زيادةٍ نسبتها 70%؛ لإطعام سكان العالم عام 2050.[12] وإذا تحقق هذا الهدف، فستشهد العقود الأربعة المقبلة إنتاج أغذية تفوق المنتج في آخر 10 آلاف سنة مجتمِعًا.
 
كيفية إنتاج هذه الأغذية الإضافية موضوع نقاش ساخن. لجنة مونبلييه، المُشكَّلة من 12 خبيرًا في مجالات الزراعة والتجارة والتنمية الريفية، تدعم نموذجا يسمى ’التكثيف المستدام‘ بوصفه حلاًّ. ويجادل أعضاؤها بأن هذا يمكن تحقيقه بثلاث طرق: طريق الإيكولوجيا الزراعية، والطريق الوراثي، والطريق الاجتماعي والاقتصادي.
 
 ويساعدنا العلم على مواجهة هذا التحدي بسلوك طرق عدة. ويجمع الجدول1 عددًا من الحلول الواعدة، التي حققت جميعها نتائج جيدة في مواقع محددة.
 
 
الجدول1. الجهود العلمية الرامية لتعزيز الأمن الغذائي والإنتاجية الزراعية (المستمدة أساسا من تقرير لجنة مونبلييه[13])

 
طريق الإيكولوجيا الزراعية الطريق الوراثي الطريق الاجتماعي والاقتصادي
استخدام مقادير صغيرة جدًّا من الأسمدة
– يستخدم المزارعون ملء غطاء زجاجة صغيرة من الأسمدة في كل حفرة
قبل الزراعة، لتحسين وصول العناصر المغذية للنباتات بأقل تكلفة ممكنة
البطاطا الحلوة البرتقالية، والأرز الذهبي – طُورا من خلال عملية استنباط
وراثي تسمىالتقوية البيولوجية، وكلاهما يوفر من
طليعة فيتامين ’أ‘ الضروري مستويات أعلى من الأصناف التقليدية
  شركة كينيا لبورصة السلع الزراعية (  KACE 
– تُقدِّم للمزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة
أسعار السوق والاتجاهات بواسطة نظام خدمة الرسائل القصيرةعبر الهاتف المحمول
 
أشجار الحراز –زراعة أشجار بقلية، تتساقط أوراقها خلال
موسم الأمطار، يزود المحاصيل المزروعة تحتها بالمغذيات

 
أرز جديد لأفريقيا – تقوم الأنواع الآسيوية والأفريقية المهجّنة بتعظيم
الغلّة، وزيادة المرونة
فاسو جيجي – جمعية تسويق تستهدف مساعدة صغار المزارعين في مالي على النفاذ للتقنيات وأسعار السوق العادلة
حُفر ’زاي‘ ​​– هي نُظُم زراعة تُعزِّز كفاءة استخدام المياه.
ويُجمع فيها الروث في حُفر متوسطة الحجم
في الأرض، ثم تُزرع فيها البذور
ذُرة تتحمل الجفاف – مصممة لإنتاج غلال أعلى في ظل
ظروف الإجهاد المائي
تعزيز وصول النسوة المنتجات إلى الأسواق   (  WARM)
برنامج يحرك صغار المزارعات للدفاع عن حقوقهن في الحصول على تدريب، وبذور، وأسمدة، ودعم في مختلف القضايا الزراعية
مستلزمات الري بالتنقيط العاملة بألواح الطاقة الشمسية
– تروي المحاصيل بكفاءة، وبتكلفة معقولة
تهجين ماشية تورين-زيبو – تهدف إلى تعظيم إنتاج
الحليب، إضافة إلى تحملها ظروفَ الحرارة والجفاف
 
الإنتاج وحده لا يكفي
 
لا يتفق الجميع على أن زيادة الإنتاج هي الوسيلة المثلى لمعالجة انعدام الأمن الغذائي، وحجتهم أن العالَم يُنتج بالفعل ما يكفي من الغذاء لإطعام سكانه كافة، ولكنه يحتاج فقط إلى توزيعه بكفاءة وإنصاف أكثر، وبأقل قدر من الهدر.
 
وتلعب العادات الاستهلاكية دورًا مهمًّا في انعدام الأمن الغذائي، بسبب تأثيرها على أنواع الأغذية التي تنتج، والموارد اللازمة لزراعتها. 
 
لنضرب مثلا بإجمالي ما يستهلك من لحوم في العالم. لقد زاد حاليًّا إلى قرابة أربعة أضعاف في السنوات الخمسين الماضية؛ لتلبية طلب قطاع الطبقة المتوسطة المتنامي. إن النظم الغذائية التي قوامها اللحوم تتسم بكثافة استهلاك الطاقة والمياه، بشكل يفوق بكثير النظم الغذائية القائمة أساسًا على الكربوهيدرات. إذ يتطلب إنتاج كيلوجرام واحد من القمح –مثلاً- 1500 لتر من المياه، في حين أن نفس الكمية من لحم البقر تتطلب عشرة أضعاف كمية المياه.[19] وبالمثل، يُستخدم نحو ثلث إنتاجنا من الحبوب في تغذية الحيوانات بدلاً من البشر.[20] 
 
كما أن كمية الأغذية المزروعة كل سنة لتحويلها إلى وقود حيوي في تزايد؛ حيث يتم استغلال 25% تقريبًا من محاصيل الحبوب في الولايات المتحدة الآن لإنتاج الإيثانول.[21]
 
وستصبح التغيّرات في أنماط الاستهلاك أكثر وضوحًا بتزايد أعداد الطبقة المتوسطة في العالم بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين؛ نتيجة تحولات ديموغرافية متوقعة، وقودها زيادة أعداد الميسورين في الصين أولاً، ثم في الهند لاحقًا. ومع زيادة الدخل المتاح، سوف تتطور النظم الغذائية لتشمل أغذية أكثر تنوعًا على غرار النمط الغربي، وهي أكثر استهلاكًا للموارد.
 
ولدينا سبب آخر للتفكير وراء زيادة الإنتاج، هو خطر تلف المحاصيل أو خسارتها. وباستطاعة المزارعين الضعفاء أن يستفيدوا من التأمين ضد مخاطر فشل المحاصيل، ومن شأن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المساعدة كذلك في توفير حماية تأمينية لصغار الملاك بتكلفة أيسر. 
 
ومن الأمثلة على ذلك برنامج التأمين متناهي الصغر ’كيليمو سلامة‘ في شرقي أفريقيا، الذي تُنظِّمه مؤسسة ’سينجنتا‘ للزراعة المستدامة، وشركات تأمين مختلفة، بالإضافة إلى منظمات أهلية، ووزارات حكومية. الاسم يعني ’الزراعة الآمنة‘ باللغة السواحيلية، ويستخدم برنامج ’كيليمو سلامة‘ معلومات أقمار اصطناعية للأرصاد الجوية؛ من أجل سداد المدفوعات تلقائيًّا للمزارعين الذين اشتروا تأمينًا منخفض التكلفة ضد الخسائر المرتبطة بالطقس.

ويمكن توفير التأمين بأسعار في متناول الجميع لعدم وجود زيارات ميدانية مكلفة، ما يجعل المزارعين أكثر مرونة في مواجهة الكوارث المتعلقة بالمناخ، والمؤثرة على الإنتاج.
 

هدر الأغذية وخسائر ما بعد الحصاد
 
ينتهي بنا الحال سنويًّا إلى هدر ثلث الأغذية المنتجة عالميًّا. ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة، قد ترقى هذه النسبة إلى 1.3 مليار طن من الأغذية، أو خسارة اقتصادية تعادل 750 مليار دولار أمريكي، وانبعاث 3.3 مليارات طن من غازات الاحتباس الحراري بلا داع.[22]
 
في العالم المتقدم، ينجم كثير من الهدر من جراء إلقاء المجمّعات التجارية والمستهلكين للأغذية في القمامة. في حين يحدث الهدر في العالم النامي -على الأغلب- عندما تفسد المحاصيل الغذائية بعد الحصاد. وترجع أسباب خسائر ما بعد الحصاد إلى التخزين غير المناسب، أو عدم القدرة على نقل المحصول أو الوصول إلى الأسواق.
 
يساعد في علاج هذا الهدر فهمٌ أفضل لنظم التخزين، في ظل التزام سياسي. بل إن العلم والتكنولوجيا يقدمان إسهامات في هذا المجال. ولدينا مثال واعد، وهو أكياس ’بوردو‘ المحسَّنَة لتخزين اللوبياء، وهي تقنية تعبئة ثلاثية الطبقات، محكمة الإغلاق، تجنب المحاصيل وصول الآفات إليها واختلاطها بها. وتساعد أدوات تجهيز أخرى -مثل تلك التي يصنعها ’اتحاد الأعمال التجارية الزراعية والصناعات الزراعية الأفريقية‘، والمنظمة الدولية للتكنولوجيا المتوافقة- على طحن الحبوب، وتقوم –من ناحية أخرى– بتجهيز وتجفيف محاصيل مثل الفلفل والفول السوداني وفاكهة الخبز.
 
وتُعِين تكنولوجيا المعلومات والاتصالات –أيضًا- المزارعين على حماية محاصيلهم وسبل عيشهم. على سبيل المثال، أنشأت مؤسسة ’جرامين‘ برنامج عمال على دراية بالمعرفة المجتمعية (CKW)، الذي يزود مندوبي المزارعين في المجتمع بهاتف محمول. وجُهِّز كل هاتف بتطبيق يمكن للمندوبين استخدامه بغية مساعدة أبناء جلدتهم من المزارعين على تشخيص المشكلات الشائعة ومعالجتها (على سبيل المثال، من أجل التعرّف على الآفات أو شذوذ النمو أو أمراض الحيوانات) أو الاتصال المباشر عبر خط ساخن بخبراء من أجل طلب المشورة.
 
وتبحث شراكات مبتكرة أخرى ربط تدابير منع هدر الأغذية بمساعدة المزارعين على وصول منتجاتهم بشكل أفضل إلى الأسواق. 

[الإطار 1: محاربة السموم الفطرية لمنع الهدر]
مركبات الأفلاتوكسين (أو السموم الفطرية) هي نواتج تمثيل ثانوية تنتجها الفطريات الموجودة في الطبيعة، والتي تلوث الأغذية من خلال التربة؛ إما أثناء النمو أو عند معالجة الغذاء على الأرض (فرزا أو تجفيفا أو درسا). ويتعرض نحو 4.5 مليارات شخص لخطر مركبات الأفلاتوكسين في وجباتهم الغذائية كل عام. وهي تزيد من مخاطر الإصابة بجميع حالات سرطان الكبد بنسبة 80%، وتسهم كذلك في ارتفاع خطر الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي وأمراض الكبد الأخرى.[23]
وفي ملاوي، يتصدى لهذه المشكلة برنامج ’أفري-نَتّ‘، الذي تشارك في تشغيله الرابطة الوطنية لصغار المزارعين في ملاوي ومجموعة شركات تسويق. يجمع البرنامج بين خدمات الإرشاد وتحسين عمليات التجهيز الأساسية، ويوفر تدريبا وأدوات للمزارعين. تتراوح الأدوات بين أشياء بسيطة مثل بساط يوضع على الأرض ليمنع ملامسة الأغذية للتربة، وصولاً إلى مصنع جديد يطحن الفول السوداني الملوث ويحوله إلى زيت، وهي عملية تقضي على الأفلاتوكسين، وتنتج للمزارعين أيضا منتجًا ذا قيمة أعلى].
الوصول للأسواق

 
يبيع العديد من صغار المزارعين ما يفيض عن حاجاتهم من المحاصيل بعد الحصاد مباشرة، وتحديدًا عندما تكون الأسعار عند أدنى مستوياتها بسبب زيادة المعروض. وغالبًا ما يحدث هذا من جراء الخوف من خسارة المحصول فيما بعد؛ نتيجة للآفات والأمراض، أو بسبب حاجة ملحة إلى المال من أجل إنفاقه على احتياجات ضرورية، مثل الرسوم المدرسية أو مصروفات الرعاية الصحية.
 
 يعني هذا أنه إذا احتاج المزارعون لشراء مواد غذائية في وقت لاحق من العام، عند نفاد مخزونهم، سترتفع الأسعار كثيرا، ما يجعل تحمل تكاليفها أمرًا شاقًّا. في ظل هذه الظروف، يشار عادة إلى الأشهر القليلة التي تسبق الحصاد بأنها ’موسم الجوع‘؛ عندما لا تكون الأغذية متوافرة، أو يكون ثمنها مرتفعًا للغاية.[24]
 
أيضًا فقراء الحضر عرضة للتأثر بتغيّرات أسعار الأغذية؛ لأنهم ينفقون فعليًّا من 60 إلى 80% من دخلهم على غذائهم (بالمقارنة، ينفق الأمريكي العادي 9% تقريبًا).[25، 26] 
 
وفي أغلب الأحيان، لا يمثل ارتفاع أسعار الأغذية معضلة مثل تقلب أسعارها. ففي حين تعوض زيادات موازية في الأجور ارتفاع أسعار الأغذية في أحايين كثيرة، يحدث تقلب أسعار الأغذية نتيجة لصدمات قصيرة الأجل، ما يجعل تقلب الأسعار كبيرًا وغير متوقع. ويُذكر أن ارتفاعًا حادًّا في أسعار الغذاء في عامي 2007/2008، وفي عام 2012 تسبب في معاناة الملايين من الجوع لمدة قصيرة، ما سلّط الضوء على الحاجة إلى مزيد من الشفافية في تجارة المخزون العالمي من الأغذية.
 
وتجتذب اهتمام بلدان أفريقية الآن مبادرة يشترك فيها القطاعان العام والخاص في إثيوبيا، تأسست عام2008 وتهدف للحد من مخاطر تقلبات الأسعار.[27] وبفضلها فإن ’بورصة السلع الإثيوبية‘ تزود التجار بمعلومات التسعير آنيا، وهي بمنزلة سوق مُنظمة يجتمع فيه المشترون والبائعون للتجارة، وفيها ضمانات للجودة، والكمية، والسداد، والتسليم، ما يسهم في تخفيف الارتفاعات الحادة لأسعار العرض والطلب.
 
مبادرة أخرى في الهند، تدعى e-Choupal، تستخدم سلسلة من أكشاك الإنترنت في القرى، ويديرها تكتل شركات زراعية اسمه ITC Limited، يضطلع بتوفير معلومات السوق حسب الطلب آنيا لأكثر من أربعة ملايين مزارع، كما يوفر ما يشبه منصة، يمكنهم التفاوض من خلالها مع مجموعة ITC بشأن مبيعات منتجاتهم. ما يساعد في ضمان حصولهم على أسعار أكثر عدلاً مقابل محاصيلهم.
 
الفجوة بين الجنسين
 
قد تُحدث التكنولوجيا فارقًا، لكن من المهم أن ننظر إلى من يقدر على استخدامها. لعل المرأة الريفية هي أهم فئة مهيأة لمعالجة انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية؛ لأنها أكثر من يشارك في إعداد الطعام بالمنزل، ولأنها تنتج عادة ما بين 60 و80% من الأغذية في معظم أنحاء العالم النامي.[28]
 
ورغم ذلك، تكون غلّة المزارعات أقل –في المتوسط– بنسبة 20-30% من غلّة الرجال. يرجع هذا عادة إلى فروق في قدرتهن على النفاذ للموارد؛ مثل التعليم، والتدريب، والمياه، والأرض، والبذور والأسمدة ذات الجودة العالية.[29] ترجع أسباب هذه الفروق إلى اختلاف المعايير الثقافية، والحقوق غير المتساوية في الأراضي.
 
يمكن تقليص عدد ناقصي التغذية في العالم بنحو 100-150 مليون نسمة (12-17% من المجموع الحالي)، بتجسير الفجوة بين الجنسين، في الحصول على الموارد، وتحسين الأمن الغذائي، ليس بين النساء فحسب، بل للجميع.[30] 
 
لقد أظهرت دراسة أُجريت عام 1995 في ساحل العاج أن تحسين دخل المرأة بمبلغ 10 دولارات أمريكية فقط أثر على صحة أطفالهن وتغذيتهم التأثير نفسه الذي يحدث عند زيادة دخل الرجل بمبلغ 100 دولار.[31] وفي دراسة أخرى قاست انخفاض نسبة سوء التغذية لدى الأطفال بمرور الوقت، عزا الباحثون ما يقرب من نصف هذا الانخفاض إلى توفير فرص تعليم أفضل للنساء، مقارنة بحوالي الربع فحسب من الانخفاض، الذي يمكن نسبته إلى توافر الأغذية بشكل أفضل.[32]
 
ثمة طريق للمضي قدمًا
 
في بعض النواحي، أحرز العالم تقدمًا حسنًا في الحد من انعدام الأمن الغذائي، ولكن لا يُوزع هذا التقدم بالتساوي عبر كل المناطق، ويكون لهذا في بعض الأوقات تكلفته. ففي حين أن الصين، مثلاً، قد خفضت عدد ناقصي التغذية بأكثر من 100 مليون نسمة على مدى السنوات العشرين الماضية (من 272 مليونًا إلى 158 مليون نسمة)، فقد تسبب النشاط الزراعي أيضًا في انتشار التلوث على نطاق واسع، وتدني نوعية المياه.[1، 33]
 
وبحلول عام 2050، سيزيد عدد سكان العالم بأكثر من ملياري شخص، نصيب الأسد منهم سيكون في أفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا. ويمكن مواجهة التحدي المتمثل في تأمين إمدادات الغذاء لأعداد سكان العالم المتزايدة –من جانب– ببذل الجهد لزيادة الإنتاجية الزراعية، ولكن لا بدّ أيضًا من معالجة قضايا التوزيع والهدر في الوقت نفسه. وسيضطلع بدوره كل من البحث العلمي والابتكار بنفس درجة الأهمية في تأمين مستقبل الأمن الغذائي، ولكن الحل يكمن كذلك في ضمان قدرة الجميع على المشاركة، واستخدامهما بالتساوي.
 
 
تعريفات    
سلاسل الأنشطة الزراعية المضيفة للقيمة سلسلة من الأنشطة المضطلع بها لزراعة السلع الزراعية وحصادها، وتجهيزها، وتوزيعها، وبيعها، واستخدامها.  
علم البيئة الزراعية (الإيكولوجيا الزراعية) دراسة كيفية إدارة النظم الإيكولوجية الزراعية، وكيفية ارتباط الإنتاج بالمناطق الطبيعية الأوسع نطاقًا، بما في ذلك الكائنات الحية والبيئة المادية، بدلاً من النظر إلى عناصر فردية مثل النباتات والتربة.  
التقوية البيولوجية (التدعيم الحيوي):  عملية إنتاج محاصيل ذات قيمة غذائية أعلى من قيمتها الطبيعية. ويمكن تحقيق هذا من خلال الاستنباط التقليدي أو التعديل الوراثي.  
الوقود الحيوي مصدر طاقة مستمد من المادة الحية. وتتراوح مصادره من مواد النفايات مثل قشور البذور وسيقان النباتات، إلى الطحالب ومحاصيل تشمل قصب السكر والذرة.  
التهجين عملية مزاوجة نوعين أو سلالتين أو صنفين مختلفين من النباتات أو الحيوانات؛ لإنتاج كائن حي جديد يتشارك صفات الإثنين معًا.
نُظُم الإرشاد برامج تعليم للمزارعين، تهدف إلى نشر أدوات وتقنيات ومهارات لاستخدامها على نطاق أوسع في المزارع.  
المدخلات والمخرجات المدخلات هي المكونات الأساسية المطلوبة للإنتاج الزراعي، على سبيل المثال البذور والأسمدة والعمالة والمياه، وكذلك المعارف والموارد المالية. والمخرجات هي النتيجة النهائية لمرحلة الإنتاج؛ الحصاد.  
البقلية عائلة من النباتات، تتشكل على جذورها عقيدات تحتوي على بكتيريا يمكنها تثبيت النيتروجين: أي تحويل غاز النيتروجين في الغلاف الجوي إلى مركبات تحتوي على النيتروجين في التربة. وتساعد هذه النباتات على إثراء المحتوى الغذائي للتربة.  
سوء التغذية حالة تحدث عندما يفتقر الجسم إلى ما يكفيه من المواد المغذية للحفاظ على عافية أنسجته، وقيامه بوظائفه المعتادة. وهي تنتج عن عدم تناول الفيتامينات والمعادن اللازمة لصحة جيدة بشكل متوازن، إما بكميات قليلة جدًّا، أو أكثر من اللازم.  
المغذيات الدقيقة الفيتامينات والمعادن التي يحتاجها الناس بكميات ضئيلة لأداء الجسم وظائفَه بشكل سليم. وتشمل الأمثلة عليها الحديد والنحاس والزنك.  
طليعة الفيتامين ’أ‘ مادة يستطيع الجسم استخدامها لإنتاج الريتينول (فيتامين ’أ‘)؛ وهو من المغذيات الدقيقة الأساسية للوقاية من أمراض مزمنة، مثل التقزّم والعشى الليلي. ويتم الحصول على طليعة الفيتامين ’أ‘ من تناول أغذية حيوانية ونباتية المنشأ.  
المرونة (القدرة على التكيف) تشير إلى قدرة شخص ما أو شيء ما على تحمل اضطرابات أو التعافي منها، سواء كانت صدمات قصيرة المدى (على سبيل المثال، جفاف أو انتشار آفات) أو إجهاد أكثر انتظامًا، مثل انخفاض متوسط هطول الأمطار، أو عدم القدرة على الوصول للأسواق.  
التكثيف المستدام عملية إنتاج المزيد من المخرجات -مثل المحاصيل- على أساس طويل الأجل؛ عن طريق زيادة كفاءة استخدام المدخلات على الأراضي الزراعية الحالية، مع الحد من الضغط على البيئة وبناء القدرة على التكيف.  
نقص التغذية ينتج عن عدم كفاية الغذاء المتناول لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات اليومية من الطاقة، إما على المدى القصير (نقص تغذية مؤقت) أو على المدى الطويل (نقص تغذية مزمن). ويتسبب نقص التغذية في الشعور بالجوع.  
التحليل جزء من ملف منشور بعنوان: ضمان الأمن الغذائي في المستقبل 

التحليل منشور بالنسخة الدولية يمكنكم مطالعته عبر العنوان التالي:
food security facts and figures

مايكل هوِفِيل النائب السابق لمدير الفريق البحثي ’الزراعة التي تترك أثرًا‘ في كلية لندن الملكية، ولا يزال يعمل مستشارًا لمنظمات مختصة بالقطاع الزراعي. ويمكن التواصل معه على m[email protected].

References

[1] The FAO’s Hunger Portal (Accessed November 2013)
[2] An introduction to the basic concepts of food security (FAO, 2008)
[3] Agriculture for Development (The World Bank, 2008)
[4] World Population Prospects: the 2012 revision UN Department of Economic and Social Affairs, accessed November 2013)
[5] Food and Nutrition Security (Roots for Growth, accessed November 2013)
[6] UN Special Rapporteur: Agro-ecology is the answer (Gaia Foundation, 15 November 2010)
[7] Conway, G. One Billion Hungry: Can we feed the world? (Cornell University Press, 2012)
[8] Nutrition-Sensitive Agriculture and Food-Based Approaches (FAO, accessed November 2013)
[9] Haddad, L. Work with IDS on mobile nutrition surveillance! (Development Horizons, October 2013)
[10] Charting our water future 2030 (Water Resources Group, 2009)
[11]  World Development Report 2010 (World Bank, 2009)
[12] Global agriculture towards 2050 (UN High Level Expert Forum — How to Feed the World in 2050, accessed November 2013)
[13] Sustainable Intensification: A New Paradigm for African Agriculture  (The Montpellier Panel Report, 2013)
[14] Mollins, J. Forest foods should be used in fight against global malnutrition (Forests News blog, April 2013)
[15] Lab-grown beef taste test: ‘Almost’ like a burger (Washington Post, August 2013)
[16] Edible forest insects (FAO, 2013)
[17] The contribution of insects to food security, livelihoods and the environment (FAO, accessed November 2013)
 [18] World Water Day, Frequently Asked Questions (FAO, March 2012)
[19] FAOSTAT (FAO, 2013)
[20] One quarter of US grain crops fed to cars — not people, new figures show (The Guardian, January 2010)
[21] Save food: Global Initiative on Food Losses and Waste Reduction (FAO, 2013)
[22] Combating aflatoxin contamination in nuts (Twin, accessed November 2013)
[23] Thurow, R. The last hunger season (2012)
[24] Growing greener cities: food and nutrition security (FAO, 2010)
[25] How much people in different countries spend on food (The Economist’s Graphic Detail, March 2013)
[26] Gabre-Madhin, E.  How Africa's first commodity exchange revolutionised Ethiopia's economy (The Guardian Development Network, December 2012)
[27] Women and sustainable food security (FAO, accessed November 2013)
[28] Yield gap infographic (Farming First, accessed November 2013)
[29] The State of Food and Agriculture Report 2010-11 — Women in agriculture: closing the gender gap for development (FAO, 2011)
[30] Hoddinott, J. and Haddad, doi: 10.1111/j.1468-0084.1995.tb00028.x (1995)
[31] Explaining child malnutrition in developing countries: a cross-country analysis (International Food Policy Research Institute, 2000)
[32] Eutrophication a growing problem in China's lakes (CCTV News, August 2013)