Skip to content

29/05/18

نظرة إلى ’أرزقية‘ البحر

نقاط للقراءة السريعة

  • ’فاو‘ أول جهة دولية تخط توجيهات تراعي صغار الصيادين بالجزر والسواحل
  • حماية البيئة البحرية ليست مسوِّغًا لقطع أرزاق الصيادين أو غمطهم حقوقهم
  • على واضعي السياسات مراعاة معايش هؤلاء الضعاف والاستماع لهم

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

 تحرُّك منظمة ’فاو‘ من أجل تعزيز حقوق صغار الصيادين يُحدث ضجة في كوستاريكا.

في أغسطس 2015، تلقت حكومة كوستاريكا رسالةً من مجتمع صيد صغير على الساحل الشمالي من الكاريبي، على تصويت دستوري أُجري في 2013، وجرى بموجبه حظر الصيد بشباك تجر على القاع؛ لكونها طريقةً قد تضر بالبيئات البحرية عن طريق سحب أنواع من الأسماك غير المرغوب فيها، وتدمر الموائل القاعية.

ألفا شخص حُرموا مصدر الرزق والقوت؛ فقد كانوا يعتاشون على صيد الجمبري، جيلًا بعد جيل بهذه الطريقة.

استهدف التصويت عمليات الصيد بشباك الجر الصناعية وشبه الصناعية، لكنه لم يستثنِ الصيادين الذين يعملون على نطاق أصغر لصيد الأسماك من أجل الغذاء أو لبيعها محليًّا للحصول على دخل أساسي. بالنسبة للمجتمع -الذي كان يُدعى ’بارا ديل كولورادو‘- والمجتمعات المماثلة، فإن ذلك يعني فقدان الحق القانوني في مصدر رزقهم الوحيد، وأسلوب حياتهم.

تقول ليجيا ميهيا جوزمان، بينما تقوم بتنظيف صيد يومها من الجمبري ببراعة: ”في هذا المكان، هذا هو العمل الوحيد الذي يمكننا القيام به“. لا يوفر هذا العمل -الذي يمتهنه معظم النساء في المجتمع- ضمانًا اجتماعيًّا؛ فهو يترك أصابعهن تنزف بسبب تآكل الجلد بفعل الحمض، وتكسب منه المرأة حوالي 20 ألف كولون (35 دولارًا أمريكيًّا) يوميًّا -في يوم العمل الجيد- خلال موسمي صيد قصيرين في العام. تعلمت جوزمان هذه الحرفة وهي طفلة، وهي ممتنة -مثل بقية النساء- لعملها هذا.

مثلت رسالة مجتمع بارا ديل كولورادو بداية الكفاح للحصول على ترخيص لصيد الأسماك، والذي لا يزال مستمرًّا حتى اليوم. أحد حلفاء هذا المجتمع هي CoopeSoliDar R.L (كوباسوليدار)، المنظمة غير الحكومية للتنمية المحلية التي سهلت عمليات رسم سياسة توافق الآراء -الحوار الوطني من أجل الاستخدام المستدام للجمبري- التي تضمنت المؤسسات الحكومية، والمنظمات غير الحكومية، وجميع قطاعات الصيد المنتجة.

تقول فيفيان سوليس ريفيرا -عالِمة الأحياء في المنظمة: ”لقد كنا نتعامل مع خلافات على مستوى القاعدة الشعبية، وهي خلافات خطيرة للغاية، بينما نحاول التوصل إلى توازُن بين الحفاظ على البيئة البحرية والاستخدام المستدام لهذه الموارد التي تحقق التنمية للكثير من الناس“.

وتعمل المنظمة غير الحكومية في بارا ديل كولورادو على بناء قدرة المجتمع على استعادة ترخيصه. ويعني هذا إجراء الأبحاث، وعقد ورش العمل، والتنظيم للحصول على صوت في المناقشات المتعلقة بالسياسات، وهو العمل الذي تقول سوليس ريفيرا إنه حظي في السنوات الأخيرة بدفعة من إضافة جديدة إلى أدوات العمل: مجموعة من المبادئ التوجيهية الدولية بشأن تأمين مصائد الأسماك صغيرة النطاق المستدامة التي اعتمدتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) في يونيو 2014.

تُعَد المبادئ التوجيهية نتاج مشاورات مطولة مع أكثر من 4000 من أصحاب المصلحة في أكثر من 120 دولة، وهي ”أول صك دولي مكرس بالكامل لقطاع بالغ الأهمية، ولكنه غالبًا ما يُهمَل حتى الآن، وهو قطاع مصائد الأسماك صغيرة النطاق“، وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة. وتؤكد المبادئ على حقوق صيادي الأسماك الحرفيين، وتوفر مبادئ توجيهية لإدارة هذا القطاع وتطويره.

ليست كوستاريكا بأي حال فريدة في تغاضيها عن المصائد صغيرة النطاق، غير أن منظمة ’فاو‘ تعتقد أنها البلد الوحيد الذي يضع المبادئ التوجيهية، التي تُعَد طوعية، جزءًا من خطتها للتنمية الوطنية. وهذا يجعلها حالة تحرص وكالة الأمم المتحدة على مراقبتها.

مياه عكرة

كان هذا الجهد مثيرًا للجدل؛ إذ كان يتصادم بشكل مباشر مع حملة البلد القوية لحماية البيئة، والتي أسفرت عن تعيين أكثر من ربع أراضيها كأراضٍ محمية.

تقول سوليس ريفيرا: ”هناك تعارض حقيقي مع جدول الأعمال البيئي“، مشيرةً إلى أن الحملات البارزة قد قلبت الموازين إلى حد كبير. وهي تعتقد أن المبادئ التوجيهية قد أضافت ثقلًا موازنًا حاسمًا لكفة المنظمة وكذلك الهيئة الوطنية لإدارة مصائد الأسماك؛ إذ إن توافرها في متناول اليد يعني أن اهتمامات المجتمع المحلي ستكتسب وزنًا أكبر في السياسة. إنها تعطي صغار الصيادين وجودًا، إن هذا يجعلها مربكة، وفق سوليس ريفيرا.

ووفقًا لما ذكرته نيكول فرانز، محللةً تخطيط مصائد الأسماك التي تقود عمل منظمة ’فاو‘ على المبادئ التوجيهية، فإن مثل هذه الخلافات ليست غير عادية. وتقول: ”إننا نشهد توترات في بعض الأحيان“، مستشهدة بعدم وجود حوار بين الوكالات والمنظمات غير الحكومية التي تقود البرامج المختلفة. ويحدوها الأمل في أن توفر المبادئ التوجيهية ”أساسًا للتعاون البَنَّاء“.

وفي اجتماع عقدته منظمة الأغذية والزراعة العام الماضي في مركز بيلاجيو التابع لمؤسسة روكفلر في إيطاليا، وافق مندوبون من جميع أنحاء العالم على العمل على مؤشرات لرصد تنفيذ المبادئ التوجيهية من خلال مشروعات تجريبية.

تعتقد سوليس ريفيرا، التي شاركت في الاجتماع، أن المبادئ التوجيهية يمكنها إحداث فرق عن طريق ’تجسيد‘ مجموعة من القضايا ذات الصلة بالسياسة التي تؤثر على صغار الصيادين. ”عندما جرت الموافقة على المبادئ التوجيهية [في كوستاريكا]، استطعنا بالفعل الحصول على أداة يمكن استخدامها لتوفير المزيد من المدخلات لوجود حاجة إلى هذا النهج الذي يعتبر حقوق الإنسان العمود الفقري الرئيسي لحفاظ البيئة“، على حد قولها.

الصيادون الذين يبحرون بقواربهم على بعد بضعة كيلومترات من بارا ديل كولورادو، حيث يلتقي مصب ريو كولورادو بمياه البحر الكاريبي، لا يمسكون إلا بكمية الجمبري التي يمكن بيعها للوسطاء في المنطقة، بالإضافة إلى نسبة صغيرة يعود بها كلٌّ منهم لأسرته.

إنهم ’يعرفون‘ أن شباكهم لا تسحب الكثير من الحيوانات مثل سفن الصيد الأخرى. ومع ذلك، فإقناع حكومة كوستاريكا يتطلب دراسات -وهذا ما شرع المجتمع في عمله، بمساعدة منظمة CoopeSoliDar.

تقول سوليس ريفيرا إن المبادئ التوجيهية ساعدت في تأمين الوقت والمال اللازمَين لإجراء الأبحاث. ومنذ فبراير، من خلال ’رخصة أبحاث‘ مؤقتة، استمر الرجال في الصيد بشكل قانوني في أثناء جمع المعلومات حول استدامة ممارساتهم.

من المقرر أن ينتهي هذا الترخيص قريبًا. وفي اجتماع جرى نهاية أبريل الماضي، سمع المجتمع أن النتائج المبكرة للدراسة التي أجرتها المنظمة واعدة.

في مهب الريح

تقول سوليس ريفيرا إن الشيطان يكمن في التفاصيل، عندما يتعلق الأمر بالأدلة على الصيد بشباك الجر: في بعض الحالات يكون الصيد شبه الصناعي أقل ضررًا من أسطول من سفن الصيد الصغيرة. وهي تجادل بأن الإجابة لا تتمثل في حظر الصيد بشباك الجر، ولكن في إدارته والنظر إلى تفاصيل كل حالة.

يقول توني تشارلز -الأستاذ وزميل أبحاث في جامعة سانت ماري في كندا، ومدير شبكة أبحاث الحفاظ على المجتمع-: ”إن الصيد بشباك الجر بواسطة قوارب صغيرة على طول الساحل يختلف بالفعل عن الصيد بالشباك الصناعية الكبيرة“. ويوافق على أن النهج الصحيح هو مزيج من التدابير التي تعتمد على مصائد الأسماك والأنواع وما الذي يجدي نفعًا في منطقة معينة.

من جهته يقول جيسوس شافيز -رئيس جمعية الصيادين والمُوقّع الرئيسي على الرسالة التي احتجت على الحظر-: ”إن الظروف في منطقة البحر الكاريبي مختلفة جدًّا (عن أماكن أخرى في البلد)، والنشاط الإنتاجي مختلف للغاية“.

خورخي خيمينيز هو مدير مارفيفا، إحدى المنظمات غير الحكومية المحلية المعنية بحماية البيئة، وتفضل حظر الصيد بشباك الجر. يقول خورخي: ”لا يوجد دليل لمنح استثناء“، مضيفًا أن الأبحاث تُظهر بوضوح أن الأسلوب يضر بالبيئة فضلًا عن الموارد التي يعتمد عليها الصيادون الحرفيون.

يقول هيمينيز إن الحفاظ على البيئة يجب أن يركز على الرفاهية طويلة المدى للمجتمعات، لكنه يرى أن هذا لا يمكن أن يُبنى على تدمير الموارد البحرية. ”إن إعادة النظر في ممارسات الصيد القائمة… وتوفير أسعار أفضل لمنتجات [الصيادين]… وضمان سلامة النظام البيئي هو التوازن الذي نحتاج إلى تحقيقه“.

يقول تشارلز إنه يمكن تدريب الصيادين على التحول إلى أساليب جديدة -لكن إذا كان الصيد بشباك الجر هو السبيل الوحيدة، فمن المهم تقديم تنازلات والعمل معهم للحد من تأثيره.

ويضيف: ”لا يمكن تحقيق حماية البيئة من خلال قرار واحد“ مثل حظر شباك الجر. ”هل ينبغي على الحكومة أن تكون صارمةً للغاية في حظر الصيد بشباك الجر الذي يضر بالأشخاص الأكثر فهمًا للموائل البحرية الساحلية والذين هم على الأرجح مهتمون بالحفاظ على الأسماك والمحيطات؟ لا يبدو أن هذا هو أفضل سبيل“.

المعلومات والسلطة

تكافح مجتمعات أخرى أيضًا للحصول على ترخيص رسمي لصيد الأسماك. وقد حصلت مجموعة من النساء الجامعات للحيوانات الرخوية في مدينة تسومس، على ترخيص لصيد نوع واحد فقط من الأنواع الأربعة التي يمكنهن جمعها. إنهن يمثلن مجتمعًا لصيد الأسماك يضم حوالي 3000 شخص على ساحل المحيط الهادئ للبلاد.

لقد صرن منظمات الآن بمساعدة منظمة CoopeSoliDar، ويسجلن البيانات بشكل روتيني حول أنواع الرخويات في غابات المانجروف.

تتمثل هذه الفكرة في تحصيل المعارف التي تصب بعد ذلك في مناقشات السياسة. يقول مارفن فونسيكا-بوراس -عالِم الجغرافيا في منظمة CoopeSoliDar-: ”إننا نحتاج حقًّا إلى تقديم معلومات واضحة لهم [للمجتمع]، تكون بسيطةً وبلُغَتهم، ويمكنهم التعامل معها لتحسين مواردهم“.

وبالعودة إلى بارا ديل كولورادو، يقود فونسيكا-بوراس نقاشًا مع الصيادين ومسؤولًا في وزارة البيئة حول خريطة تجسد معرفة المجتمع بالمناطق البحرية وأنواع الأسماك.

يقول فونسيكا-بوراس: ”إن تقنيات التخطيط المكاني البحري هي -على الأرجح- أقوى أداة في جعبتنا للتواصل مع الصيادين“. ”إنها توفر معلومات عن التنوع البيولوجي للنظم البيئية البحرية، فضلًا عن أنها تساعدنا أيضًا على الحد من الاختلافات بين مختلف الجهات الفاعلة. وتتيح لنا إيجاد حلول قابلة للتطبيق للتحدي المتمثل في الجمع بين حماية البيئة والتنمية“.
 

تُنشر هذه المقالة بدعم من مركز بيلاجيو التابع لمؤسسة روكفلر. على مدى ما يقرب من 60 عامًا، قام المركز بدعم الأفراد الذين يعملون لتحسين حياة الفقراء والضعفاء على الصعيد العالمي من خلال برامج تعقد مؤتمرات لهم وتوفر لهم الإقامة خلالها، حفزًا للأفكار والمبادرات والتعاون.
 
مرة واحدة في السنة، يستضيف مركز بيلاجيو إقامة مواضيعية خاصة، تجمع بين كوكبة من العلماء والممارسين والفنانين الذين يرتبط عملهم بموضوع مشترك. في 2018، يوفر المركز إقامة من 5 إلى 30 نوفمبر، سوف تركز على موضوع العلوم من أجل التنمية. أصبحت طلبات إقامة الممارسين مفتوحة الآن، في حين افتُتحت طلبات الحصول على إقامة التدرب على الكتابة الأكاديمية في أول مارس. لتسجيل اهتمامك، يُرجى إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى: [email protected]، واجعل عبارة "Science for Development" عنوانًا لها.