Skip to content

21/07/13

سوريا.. اغتيالات واعتقالات وحصار للعلماء

syria
حقوق الصورة:Flicker/ FreedomHouse

نقاط للقراءة السريعة

  • قمع النظام السوري وبطشه لم يستثن أساتذة الجامعات والباحثين والمخترعين
  • الهجرة الكثيفة للعقول قابلها النظام بقرارات تضغط عليهم للبقاء
  • قائمة طويلة من الاعتقالات والاغتيالات للعلماء والباحثين بدأت في مراحل مبكرة من الثورة

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

ويتواصل نزيف العقول السورية، كان قبل الثورة، وزاد بعدها. اعتقالات واغتيالات وحصار للعقول العلمية.لا جديد يُذكر عن هجرة العقول المبدعة من سوريا؛ فهي بلد طارد للكفاءات العلمية، إذ الفساد والدكتاتورية والتراجع العلمي، والمستوى المادي المتواضع، وقائمة طويلة من الأسباب تدعو للهجرة، وعوامل عدة تحفز عليها.
وهي حقيقة أثبتها التقرير العربي عن المعرفة لعام 2009، نقلا عن مؤشر نزيف العقول (هجرة الأدمغة) المعتمد لدى البنك الدولي، حيث احتلت سوريا المرتبة الأولى بين الدول العربية بنسبة 2.3% على المؤشر المدرج تنازليا من 1 إلى 7.
هذا قبل الثورة السورية، ولما اندلعت عام 2011 راحت تكتب في دفتر أحوال البحث العلمي والعلماء، سطورا أخرى تروي مآسي من اعتقالات واغتيالات وحصار لتلك العقول، إضافة للتعدي على الجامعات والجهات العلمية، فضلا عن زيادة معدل هجرة العقول.
يقول د. سقراط بعاج- العميد السابق للمعهد العالي لبحوث الليزر وتطبيقاته بجامعة دمشق-: “القمع الشديد والبطش الرهيب المتبع من النظام السوري مع كل معارض له، لم يستثن أساتذة الجامعات والباحثين والمخترعين”.
ويضيف سقراط بعاج: “العقول المفكرة هي أكثر العقول التي تخيف النظام”.
زيادة هجرة العقول بعد الثورة قابلها النظام بقرارات تضغط عليهم للبقاء، كما أوضح لموقع SciDev.Net أمين سر جمعية المخترعين السوريين بحلب، محمود عادل باذنجكي، مؤكدا أن الحصول على رخصة سفر من الجامعة صار عسيرًا، وقال: “منعتنا عناصر الأمن على الحدود من الخروج من سوريا رغم توافر كل شروط السفر”.
أيضًا أصدرت جامعة حلب قرارًا يخص طلاب الدراسات العليا، ينص أحد بنوده على أنه “إذا تأخر الطالب عن تقديم ‘السيمينار’ عن الموعد الذي حدده له الأستاذ المشرف أكثر من شهرين يرقن (يسقط) قيده بقرارات من المجالس المتخصصة”، متذرعة في ذلك بضرورة التواجد داخل القطر لإجراء البحوث بالجامعة ومخابرها!
الإرغام على البقاء لا يعني وجود أبحاث علمية أو نشاط أكاديمي، ففي حلب يوضح أستاذ بجامعتها لموقع SciDev.Net أن “نسبة الطلاب الذين يداومون بالجامعة تتراوح بين 40% إلى 50% من أصل العدد الكلي”.
وأضاف الأستاذ الذي أصر على إخفاء هويته مخافة بطش النظام: “توقف البحث العلمي تقريبًا بسبب نقص مستلزمات التجارب، حيث لم نستطع شراءها بسبب ارتفاع الأسعار وانقطاع الطرق الدولية، ولدينا طلاب دكتوراه وماجستير متوقفون عن البحث”.
ولأسباب أخرى، توقف العمل أيضا في عدد من الجامعات الحكومية في سوريا، فمثلا كليات جامعة الفرات بمدينة دير الزور صارت مركزًا لمدفعيات قوات النظام ودباباته، وكذا تعطلت الدراسة بجامعة البعث في حمص، وتوقفت الأنشطة البحثية بها بعد أن استخدمت قوات النظام مقرها لقصف حي بابا عمرو الذي تسيطر عليه قوات المعارضة.
ولم تسلم جامعة دمشق من قصف عشوائي، إذ “سقطت قذائف داخل حرم الجامعة، لكنها لم تصب أحدًا بأذى”، كما تقول ياسمين، الطالبة بكلية الآداب، قسم اللغة الإنجليزية بالجامعة.
ياسمين التي نزحت هربا إلى مصر تؤكد “أن كثيرًا من الأساتذة الجامعيين ذوي الأسماء اللامعة، ورؤساء الأقسام بالكليات سافروا خارج سوريا”.
وحدها مباني جامعة تشرين في مدينة اللاذقية ومنشآتها ظلت بمنأىً من القصف والهدم والاحتلال؛ لأن محيطها الجغرافي يقطن معظمه مؤيدون لنظام الأسد.
بيد أن الطلاب ليسوا بمأمن، حيث يتداول نشطاء الثورة السورية قصصا عن حالات اختطاف واعتقال لطالبات الجامعة وطلابها؛ بسبب انتمائهم الجغرافي لمناطق معارضة لنظام الأسد.
أما الجامعات الخاصة البالغ عددها خمس عشرة، فقد توقف معظمها عن العمل، كما أغلقت مؤسسات ومراكز علمية أجنبية مقراتها بسوريا، مثل المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة ICARDA، وتم توزيع كادره البحثي على فروع أخرى خارج سوريا.
ولا تتوقف الاعتداءات عند الجامعات والمقرات العلمية وحصار العقول فحسب، بل تجاوزتها إلى الاعتقالات والاغتيالات لعدد من الباحثين والأكاديميين.
فلم يجد الطبيب البشري السوري مازن حمدان -الذي فر متخذًا من مصر مهربا ومقرا- صعوبة في التدليل على ذلك؛ إذ قائمة الاغتيالات والاعتقالات طويلة، وساق على سبيل المثال، اغتيال المهندس أوس عبد الكريم خليل، الخبير في الهندسة النووية، يوم 28 سبتمبر 2011، الذي صار محل اتهام متبادل بين الجيش الحر والنظام السوري.
قال حمدان لموقع SciDev.Net: “النظام السوري من جانبه حمَّل من سماهم بالجماعات المسلحة مسؤولية اغتيال عبد الكريم، والمعارضة من جانبها برأت الجيش الحر من دمه، ووصفت حادثة اغتياله بالمدبرة من قبل النظام لتشويه صورة الجيش الحر”.
وأصدر رامي عبد الرحمن -مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن- بيانًا حمَّل فيه من وصفهم بالمقربين من النظام مسؤولية القتل.
عبد الكريم لم يكن هو الحالة الوحيدة التي تنازعتها التصريحات المتبادلة بين النظام السوري والجيش الحر، فحالتا العميد الركن الدكتور نائل الدخيل -مدير كلية الكيمياء في جامعة حمص- والمهندس محمد علي عقيل -الأستاذ في كلية الهندسة المعمارية بجامعة البعث في حمص- تؤكدان أن العلماء السوريين صاروا منذ مراحل مبكرة للثورة في مرمى النيران.
اغتيل الدخيل وعقيل في 26 سبتمبر 2011، أي بعد أشهر قليلة من اندلاع الثورة السورية، وصار اغتيالهما أيضا محل اتهام متبادل بين النظام والجيش الحر، غير أن سونير أحمد -عضو المكتب الإعلامي للائتلاف الوطني السوري المعارض- يحمل النظام مسؤولية قتلهم.
في المقابل، اعتبر التليفزيون السوري الرسمي أن هذين العالمَين دفعا ثمن تأييدهما للرئيس بشار الأسد، ورفضهما لممارسات من أسماهم “جماعات مسلحة”.
ويؤكد سونير لموقع SciDev.Net: أن “من يسميهم النظام بالجماعات المسلحة هم أفراد من المجتمع السوري اضطروا لحمل السلاح للدفاع عن ثورتهم، وهؤلاء مُحال أن يتورطوا في قتل مستقبل سوريا من العقول.. هذا اتهام لا يصدقه عاقل”.
من جانبه، رفض هيثم المالح -رئيس اللجنة القانونية للائتلاف السوري المعارض- وصف هؤلاء العلماء بالمؤيدين لنظام بشار، وتساءل فيما أدلى به لموقع SciDev.Net: “لماذا إذن اعتُقلت الدكتورة فاتن رجب فواز التي أرسل الائتلاف منذ شهر نداء استغاثة لإنقاذها، إذا كانت من مؤيدي النظام؟”.
ووفقا لبيان المرصد السوري لحقوق الإنسان، اعتُقلت فاتن -الحاصلة على شهادة الدكتوراه في الفيزياء وعلوم الذرة- من قِبل جهاز المخابرات الجوية بتاريخ 26 نوفمبر 2011 على خلفية نشاطها السلمي ومناصرتها للثورة السورية.
وأصدر الائتلاف السوري المعارض بيانا قبل أكثر من شهر، طالب فيه المجتمع الدولي ممثلا في المنظمات الإنسانية بالتدخل من أجل إنقاذ عالمة الذرة، التي تعاني في سجون النظام نزيفًا مستمرًّا بالأنف والأذنين، حسب ما جاء في البيان.
ويُخشى أن ما يحدث في سوريا سيدمر مستقبلها العلمي، ومع استمرار الهجرة وفرص العمل المميزة المعروضة على بعض الباحثين السوريين يصير الإغراء بالاستقرار وعدم العودة لا يُقاوم.
كما يرى الدكتور سقراط أنه “مع كل هذا الدمار الذي حل بسوريا لا يمكن الحديث عن بحث علمي بعد سقوط النظام”. 

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع  SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط