Skip to content

23/03/15

الغاز الصخري.. خطر محدق وجدوى مستبعدة

shal gas 222
حقوق الصورة:Panos/ Piet den Blanken

نقاط للقراءة السريعة

  • بلدان عربية تتحسس احتياطاتها من الغاز الصخري وتشرع في وضع وتنفيذ خطط لاستكشافه والتنقيب عنه
  • الخبراء يُبدون قلقًا من تبعات بيئية جمة من جراء التقنيات المستخدمة حاليًّا لاستخراج الغاز الصخري
  • ثبوت الجدوى الاقتصادية مطلب حاسم قبل الشروع في استخراج الغاز الصخري

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

خبراء عرب يحذرون من مغبة الاندفاع وراء فورة استكشافه، ويرون جدواه قد تُرجى في المستقبل البعيد، وفق ما أخبروا سمير محمود
 

في الفيلم الوثائقي الأمريكي ’أرض الغاز‘ الذي أُنتج عام 2010، لقطة لرجل يفتح صنبورًا في مطبخ، وبينما تنزل المياه يشعل فيها ثقابًا فتشتعل وتتوهج! رسالة مفادها أن شركات النفط التي تستخرج الغاز الصخري تلوث مياه الشرب بمواد تهدد حياة البشر.

shale gas debate 2

خروج الفيلم من أمريكا، البلد الذي يقود عمليات البحث والتنقيب عن الغاز الصخري، ويُعد من الخمسة الكبار في الاحتياطات التي قُدرت بـنحو 862 تريليون قدم مكعب، ومعه الصين والأرجنتين والمملكة العربية السعودية حينًا، والجزائر حينًا، يعد مبررًا كافيًا -وحده- للقلق من التبعات البيئية والصحية للتنقيب عن الغاز الصخري.

“مشروع الغاز الصخري كارثة على الجزائر، ليس لمخاطره البيئية والصحية فحسب، لكن لكلفة استخراجه الباهظة وعوائده غير المضمونة“

سقني لعجال -أستاذ البيئة في جامعة قاصدي مرباح بورقلة

ومنذ إعلان الولايات المتحدة الأمريكية عن اكتشافها احتياطات ضخمة من الغاز والنفط محتبسين بين طبقات الصخور، والمراكز البحثية والمعامل تواصل البحث خلال العقد المنصرم عن تقنيات متطورة لاستخراج الغاز والنفط الصخريين من مكامنهما، بطرق آمنة بيئيًّا ومجدية اقتصاديًّا.

ولا يتوقف الجدل حول ذلك الشأن، بل يحتد ويحتدم.

وفي حين تتريث إيطاليا، وفرنسا، وأيرلندا، وهولندا، وبلجيكا، والبرتغال، وروسيا، والصين، بشأن استخراج الغاز الصخري، وتوقفت دول أخرى كانت قد شرعت في استكشافه مثل كندا، وإنجلترا، وبولونيا، وألمانيا؛ لوضع قوانين بمعايير منظمة لاستخراجه، شرعت عدة بلدان في وضع خطط وتنفيذ خطط للاستكشاف وللحفر.

بدأ كل من الأردن والسعودية والكويت ومصر خططًا للتنقيب عن الغاز الصخري. حول هذا الشأن استطلعت شبكة SciDev.Net آراء خبراء عرب ذوي صلة، طالبة منهم أن يدلوا بدلوهم فيه.

ارتفاع فاتورة واردات الأردن النفطية المتزايدة، دفع وزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية إلى الاتفاق مع شركة سعودية لاستخراج النفط الصخري الموجود بكميات كبيرة في وسط الأردن وجنوبه، باستثمارات 2 ملياري دولار.

ووفق فهد بن جمعة، الخبير السعودي في اقتصاديات النفط والغاز، وعضو الجمعية الدولية لاقتصاد الطاقة، ثمة خطة وُضعت منذ عشر سنوات لتطوير الإنتاج من احتياطيات الغاز الصخري في شمال غرب السعودية وصحراء الربع الخالي، والمتوقع أن تظهر بشائر هذه الجهود خلال عشر سنوات على الأقل، بعد إتمام عمليات تقويم هيكل طبقات الغاز الصخرية وحفر الآبار التجريبية، وتجاوز تحديات توفير المياه والتقنية اللازمين لعمليات الاستخراج، مع الاستمرار في دراسات الجدوى الاقتصادية وتقويم التكاليف لاختبارات الإنتاج الأولي في ضوء ارتفاع التكلفة.

أما الباحث الكويتي وليد البزاز، المتخصص في شؤون النفط والغاز بمعهد الكويت للبحث العلمي، فيرى أن النفط والغاز الصخري يحتاجان إلى خطط إنشائية تحتية، وخطط تشغيلية متوسطة وطويلة الأمد، تغذيها خبرات متنوعة محلية وعالمية غير متوفرة الآن بالكويت، مؤكدًا أنه لا تتوفر حاليًّا سوق استيعابية و’لوجيستياتها‘ محليًّا أو عالميًّا.
 
ويتساءل البزاز: ”إذا نجح الاستخراج أين نجد المستهلك؟“.
 

 

”تكلفة إنتاج الغاز والنفط الصخريين تبلغ الآن ما بين 65 إلى 80 دولارًا للبرميل، مقارنة بنحو 7 إلى 15 دولارًا للمستخرجين بالطرق التقليدية“

أحمد مختار، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأهرام الكندية

ومن مصر يشير الدكتور أحمد مختار، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأهرام الكندية، والكاتب المتخصص في اقتصاديات قطاع النفط والغاز، إلى أن هناك مشروعًا تجريبيًّا بمصر تنفذه شركتا شل وأباتشي في الصحراء الغربية، إلا أن عمليات التنقيب لا تزال في البداية، مؤكدًا أن هناك ترحيبًا حكوميًّا بمشروعات إنتاج الغاز؛ نظرًا لكون المواقع المقترحة تقع في الصحراء بعيدًا عن المناطق السكنية.
 
حالة خاصة
 
أول دولة عربية شرعت في حفر آبار لاسكتشاف الغاز الصخري كانت الجزائر، وجرى هذا وسط مباركة حكومية، وبمشاركة فرنسية أوروبية.
 
وفور إعلان استخراج غاز من بئر ’أحنات‘ بعين صالح في الصحراء الجنوبية، اندلعت الموجات الاحتجاجية الغاضبة تطالب بوقف فوري للمشروع، يتقدمها برلمانيون وحركات معارضة ونشطاء وحقوقيون، دشنوا على مواقع التواصل الاجتماعي عشرات الصفحات، والمواقع الإلكترونية الرافضة للاستثمار في الغاز الصخري، وكانت تظاهرات 15 مارس الجاري في ورقلة وعين صالح وعدد من المدن الجنوبية، أحدث تلك الموجات.
 
يرى سقني لعجال -أستاذ البيئة في جامعة قاصدي مرباح بورقلة- أن حالة الجزائر نذير للعالم العربي بفتح ملف الاستثمار في الغاز الصخري على نحو يستند إلى دراسات علمية وبيئية شاملة، بعيدًا عن الدعاية الإعلامية الزائفة المضخمة لجدوى هذا النوع الجديد من المحروقات
 
يقول سقني: ”إن مشروع الغاز الصخري كارثة على الجزائر، ليس لمخاطره البيئية والصحية الناجمة عن تقنيات التنقيب عنه فحسب، لكن لكلفة استخراجه الباهظة وعوائده غير المضمونة“.
 
في حين يرى الجزائري عمر حواش -الأستاذ بقسم هندسة النفط والكيمياء بجامعة السلطان قابوس- أن الجزائر شأنها شأن دول عربية تعتمد بشكل شبه كلي على عائدات تصدير النفط والغاز، وعليها ألا تبقى بعيدة عن المشاركة في استكشاف الغاز الصخري واستغلاله على الرغم من احتجاجات السكان؛ فالبحوث بمجال الأنواع الجديدة من الطاقة ستتوج يومًا ما بالنجاح في التخلي -ولو بشكل جزئي- عن النفط، ومن ثم يمكن للغاز الصخري أن يعوض هذه الخسارة.
 
ولا ينفي حواش احتمال تلويث مصادر المياه الجوفية بسبب المواد الكيماوية المستخدمة في استخراج الغاز الصخري ، موضحًا: ”هذا قد يشكّل عائقًا رئيسًا أمام تطوير هذه الصناعة على المدى القصير والمتوسط، لكن على المدى الطويل سيوجد لهذه المشكلة حل“.
 
مخاوف بيئية
 
تعتمد تقنية استخراج الغاز الصخري بالأساس على التكسير الهيدروليكي للصخور، عبر الحفارات المتعددة الرؤوس والاستخدام الكثيف للطاقة والماء، لدفع الماء المعالج بمحفزات كيميائية خاصة -لا تفصح الشركات العاملة بهذا المجال عادة عن ماهيتها- مع الرمال ومواد كيميائية لا تؤثر على كيمياء الغاز والنفط في الآبار، تضغط رأسيًّا وأفقيًّا لتصل إلى تكوينات صخرية ممتدة على عمق 3 آلاف متر تحت سطح الأرض.
 
يشرح محمد باطويل، الباحث بشركة أرامكو السعودية للبترول، قائلاً: ”تستهلك عملية تكسير الصخر لاستخراج النفط الصخري 1– 2 مليون جالون مياه لإتمام عملية التكسير ببئر واحد“، مشيرًا إلى أنها عملية تستغرق وقتًا طويلاً، ويُحتمل خلالها حدوث تسريبات لغازات ضارة بالبيئة.
 
وخبراء البيئة لا يخفون قلقهم من تبعات بيئية جمة من جراء التقنيات المستخدمة حاليًّا لاستخراج الغاز الصخري.
 

 ”تستهلك عملية تكسير الصخر لاستخراج النفط الصخري 1– 2 مليون جالون مياه لإتمام عملية التكسير ببئر واحد“

محمد باطويل، الباحث بشركة
أرامكو 
السعودية للبترول

فلا يعتقد خبير الهندسة الصناعية والطاقة النظيفة، أحمد عبد الرحمن -الباحث بجامعة تورنتو الكندية- أن الدول العربية جاهزة لمواجهة احتمالات التلوث الناتج عن عمليات تكسير الصخور بالتقنيات المتاحة حاليًّا، موضحًا لشبكة SciDev.Net:”في أثناء التنقيب قد تحدث تسريبات لكيماويات وغازات خطرة وضارة بالبيئة وبالمياه الجوفية، وحيث إننا إقليم جاف يعاني شح المياه فلن نتحمل أن تتلوث مصادرنا الجوفية منه، ناهيك بتلوث الرمال والتي قد تحملها الرياح عبر الصحراء لمسافات بعيدة“.
 
ويؤكد عبد الرحمن: ”يجب الحذر في تطبيق هذه التقنية، وعمل دراسات متأنية لأثرها البيئي بالمنطقة، إلى جانب وضع محددات ومعايير صارمة للشركات تحد من تبعات استخدامها“.
 
إلا أن باطويل يرى أن تلك المشكلات البيئية تعمل البحوث التقنية الحالية على التغلب عليها، لذا ففي الأمد الطويل قد يتم تجاوزها، مشيرًا إلى دراسات تبحث ”التكسير المعتمد على تطوير تقنيات كيميائية تستفيد من مياه البحر في إتمام شق الصخور تحت ضغط عال؛ لتفادي الاستهلاك الضخم من المياه العذبة في أثناء الحفر، إضافة إلى الاستفادة من تقنيات الليزر والبلازما، والتي تساعد على حفر أكثر مأمونية، لا يؤدي إلى تسرب المياه المعالجة والمواد الكيميائية المستخدمة في التنقيب“.
 
لا يجدينا
 
وبخلاف الأثر البيئي والقلق منه، فالجدوى الاقتصادية للغاز الصخري أيضًا تحتاج إلى تقويم.
 
يقول أحمد مختار: ”تكلفة إنتاج الغاز والنفط الصخريين تبلغ الآن ما بين 65 إلى 80 دولارًا للبرميل، مقارنة بنحو 7 إلى 15 دولارًا للمستخرجين بالطرق التقليدية“، ولاتخاذ قرار بالاستثمار في مشروع عملاق مثل استخراج الغاز الصخري لا بد من حفر عشرات الآبار وإخضاعها لفترات تجريب؛ لإثبات الجدوى وتبديد التخوفات المتعلقة بالربحية الضئيلة في ظل انهيار أسعار النفط والغاز الحالية.
 
كما أن معدل نضوب آبار الغاز الصخري -وفق مختار- أعلى كثيرًا من نظيره للتقليدي، ما يعني ”انعدام الجدوى الاقتصادية لهذه الآبار خلال مدد زمنية قصيرة تتراوح بين 3– 5 سنوات، إذ يضمحل إنتاجها ويصبح عبئًا لا جدوى من الاستمرار فيه؛ لارتفاع تكلفته مقابل هشاشة عوائده الإنتاجية والتجارية“.
 
نعم الاحتياجات متزايدة لموارد الطاقة، ونضوب مواردها التقليدية عبر الزمن منتظَر، هكذا يقر مختار، ورأيه ”ألا نغلق باب البحث والتطوير في آفاق وبدائل غير تقليدية للطاقة، شريطة أن تثبت جدواها الاقتصادية، ولا ترهق كاهل الشعوب العربية بأعباء اقتصادية فوق طاقتها، وتظل حماية البيئة واستدامة مواردها مطلبًا حاسمًا قبل الشروع في الاعتماد على الطاقات غير التقليدية كالغاز الصخري“.
 


هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.