Skip to content

25/10/15

ضم الأصوات المحلية إلى المحادثات عن تغير المناخ

Indigenous Peoples
حقوق الصورة:Flickr/Neil Palmer/CIAT

نقاط للقراءة السريعة

  • لم تراع القمم المعنية بتغيُّر المناخ أبناء القبائل ولم تحفل باحتياجاتهم
  • عند التنافس على الاهتمام السياسي تخسر خبرات الشعوب الأصلية لصالح العلوم
  • لم تُحدث الوعود المتعلقة بالتغيُّر المناخي والتنمية تغييرًا يذكر على أرض الواقع

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

يتساءل جوي ترنر في هذا التحليل لماذا لا تضم المفاوضات الدولية مَن ينبغي حمايتهم؟

إن القول بأن أقزام قبيلة ’الباتوا‘ في أوغندا يعيشون معاناة يعد تهوينًا للواقع. فالقبيلة التي طُردت من غابات أجدادها عام 1992 مبتلاة بفقر مدقع، إلى جانب كافة أنواع العلل الاجتماعية التي تصاحب فقدان المأوى وسبل العيش.

لقد تسبب سوء تعاطي العقاقير، والكحوليات، ومرض الإيدز، والكوارث البيئية في خسائر فادحة. وفي عام 2002 عندما أُجري آخر إحصاء للسكان بلغ عدد أبناء الباتوا نحو 3500 فقط.

هذا الرقم أقل من متوسط معدل الحضور في قمم الأمم المتحدة البارزة، اثنتان منها تنعقد في الربع الأخير من هذا العام، في محاولة لمواجهة مشكلات دولية، من بينها تلك التي تواجهها المجتمعات الفقيرة مثل الباتوا.

المؤتمران هما قمة الأمم المتحدة للتنمية 2015، التي انعقدت في المدة 25- 27 سبتمبر الماضي في نيويورك، ونتج عنها تبني 17 هدفًا من أهداف التنمية المستدامة، والدورة الحادية والعشرون لمؤتمر الأطراف (COP21) في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، وتنعقد في ديسمبر المقبل بباريس.

 

”(السكان الأصليون) أصبحوا أكثر فقرًا؛ إذ عمل المستوطنون على تهجيرهم من السهول، وقدمت الحكومة لهم معونات لينزحوا إلى الغابات في مجتمعات المرتفعات“.

فيكتوريا كوربوز، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الشعوب الأصلية

القمتان تتعلقان بالمناخ والتنمية المستدامة، ويؤثر بعضهما في بعض. وإذا لم تتفق الدول على خفضٍ كافٍ لغازات الدفيئة للحد من ظاهرة الاحترار العالمي، فإن تحقيق أهداف التنمية المستدامة سيصبح أصعب؛ ذلك لأن التغير المناخي يؤثر على معدلات سقوط المطر ونمو المحاصيل والغطاء النباتي، وكلها أشياء حاسمة لتحقيق الأهداف المتعلقة بالغذاء والنظافة والصحة.

في المقابل، فإن السعي إلى تنمية اقتصادية سريعة من خلال الوقود الأحفوري قد يؤدي إلى المزيد من الاحترار العالمي؛ إذ تتزايد انبعاثات الكربون بشكل كبير. وهذا يعني أن إحداث التنمية بأسلوب خطأ من شأنه مفاقمة التغيُّر المناخي، لكن إذا ما تُرك التغيُّر المناخي دون مراقبة سيؤدي لإحباط التقدم المؤقت في التنمية.

ولحل هذه المعضلة، تعهد القادة بتحقيق خطة التنمية المستدامة تحت شعار حتى لا نترك أحدًا خلفنا في أثناء التوقيع على أهداف التنمية المستدامة، واعتمدوا 169 غاية لتحقيقها. لكن في الواقع تبقى قرى الباتوا الفقيرة عالمًا منعزلًا عن الأراضي الرخامية الملساء لمراكز المؤتمرات الدولية. وبالنسبة لأشخاص يفتقرون إلى المرافق الأساسية للصحة والتعليم فإن الطريق لا يزال طويلًا لتحقيق القوة والقدرة المالية على الانضمام إلى المفاوضات الدولية، التي تعد أمرًا بالغ الصعوبة.

حضر أندرو ميلر، من المنظمة غير الحكومية ’أمازون ووتش‘ ثلاث قمم COP، ويقول إن هذه الصعوبات تعمل في كلا الاتجاهين. فتلك القمم ينتج عنها بيانات وتعهدات عظيمة، لكن التغيُّر الحقيقي في حياة الفقراء يصعب رؤيته.

ويوضح ميلر قائلًا: ”أجد صعوبة في التفكير في أمثلة محددة أسهمت فيها هذه الجهود بنتائج ملموسة على المستوى الدولي، ثم أثمرت نتائج إيجابية على المستوى المحلي“.
ودون المزيد من المشاركة في صنع السياسات، فإن هناك خطرًا حقيقيًّا يكمن في أن المجموعات المهمشة والسكان الأصليين لن يكون لهم رأي في صياغة السياسات التي تستهدف حل مشكلاتهم.
 
التهميش

خذ فيتنام مثالاً، حيث استخدمت البلاد الأهداف الإنمائية للألفية -التي سبقت أهداف التنمية المستدامة- لتوفير معونات وتدريب واستثمارات دولية للمزارعين، ما أدى إلى تقليل الفقر المدقع، وتحسين التكيُّف مع المناخ في الريف. لكن هناك نقطة مهمة.

ووفق بعض من استراتيجية الحكومة الفيتنامية، أُعطيت معونات للمزارعين الراغبين في إنتاج زراعات أحادية المحصول، وجُرم إنشاء مثل هذه الزراعات في الغابات التي تسكنها مجموعات من السكان الأصليين.

تقول فيكتوريا كوربوز -المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الشعوب الأصلية، وهي أحد قادة السكان الأصليين من شعب كانكاناي إجوروت في الفلبين-: ”إن السكان الأصليين أصبحوا أكثر فقرًا؛ حيث عمل المستوطنون على تهجيرهم من السهول، وقدمت الحكومة لهم معونات لينزحوا إلى الغابات في مجتمعات المرتفعات“.

ويواجه السكان الأصليون عقبات متنوعة في مسعاهم للتأثير على المفاوضات الدولية. فهم ينتشرون في جميع أنحاء العالم في مجتمعات صغيرة منعزلة. وهناك حواجز لغوية وصعوبة في الوصول إلى التعليم، لذا يجد قادة السكان الأصليين صعوبة في فهم المفاوضات المعقدة وصراعات النفوذ التي تحيّر حتى أساتذة الجامعات. فبُعد تلك المجموعات وصغر حجمها يجعلها أقل أهمية، مقارنة بالعلماء الذين يوفرون أدلة لمثل تلك القرارات الكبيرة، مثل صفقة المناخ المرتقبة في مؤتمر COP.

كذلك تمثل الموارد مشكلة أخرى، فالسفر الدولي والفنادق وتكاليف الحجز وحضور المؤتمرات تكلف كل فرد على الأقل بضعة آلاف من الدولارات.

ونتيجة لمثل تلك العقبات، تميل الإجراءات الدولية إلى تنحية احتياجات السكان الأصليين جانبًا أو تهميشها، وفقما يقول بروك بيرساليو، عالم الجغرافيا بجامعة تورونتو في كندا. على سبيل المثال، لا تهتم أهداف التنمية المستدامة كثيرًا بالوفاء باحتياجاتهم، لكنها تهتم بـ”تسهيل الاستثمارات متعددة الجنسيات في الدول النامية“، على حد وصفه.

لقد كان هذا واضحًا على الأخص خلال ’المؤتمر الدولي الثالث لتمويل التنمية‘، الذي انعقد في أديس أبابا بإثيوبيا في يوليو 2015. وخصصت الوثيقة المنبثقة عنه لحقوق السكان الأصليين فقرة واحدة فقط من بين 117، في حين نصت بشكل متكرر على ضرورة دعم الشركات متعددة الجنسيات، وتشجيعها على التوسع لخلق تنمية قائمة على الابتكار.

إن انعدام أنشطة السكان الأصليين في العلوم التقليدية يزيد من حدة هذه المشكلة، إذ يصارع العديد من صانعي السياسات لدمج معارفهم في القرارات، تمامًا كما يتم تضمين نتائج البحوث التقليدية. ويضيف كارلوس موندراجون -باحث الأنثربولوجيا في كلية المكسيك في ميكسيكو سيتي- أن الاتفاقات والمؤسسات الدولية غالبًا ما يكون لديها ”ميل كبير لتجاهل أو تهميش أو تقليل أهمية المعرفة المحلية والخبرات بالبيئة وبنظم الإنتاج المحلية“.
 

حياة مختلفة، أفكار مختلفة

إن جزءًا من المشكلات التي تواجه توصيل أصوات السكان الأصليين في مفاوضات المناخ والتنمية هو تنوعهم الكبير. فهناك على الأقل 370 مليون شخص من السكان الأصليين يعيشون في أكثر من 5 آلاف مجموعة متمايزة. ومن هؤلاء مَن يعيش –مثل شعب الباتوا- في أحوال عشوائية ولديهم احتياجات تنموية معقدة.

لقد طُرد شعب الباتوا البدائي من غابات بويندي الأوغندية في تسعينيات القرن الماضي بسبب إنشاء مشروع لحفظ الغوريلا. وأجبرتهم الحكومة الأوغندية على أن يصبحوا مزارعين، ما أدى إلى نتائج كارثية، فقد كان الباتوا يفتقرون إلى المعرفة والخبرة الضرورية لتحويل الأرض القفر التي أُسكنوها إلى مزارع مزدهرة.

وبعد عقدين من إجلائهم باتت 99% من أسرهم تعاني انعدام الأمن الغذائي، وتشرب مياهًا غير نظيفة.[1] وقد تسبب عدم حصولهم على أطعمتهم التقليدية في مشكلات صحية، كما أن انعدام الدخل يعني صعوبة توفير رعاية صحية وغذاء جيد وتعليم.

مَن على شاكلة شعب الباتوا هم القوم الذين تقصدهم أهداف التنمية المستدامة ومفاوضات مؤتمرات المناخ وتسعى لحمايتهم. فالتغير المناخي بالتحديد يمكن أن يعقد مشكلاتهم، لأنه من المتوقع أن يقلل مستويات المياه، ويزيد من تلف المحاصيل، ويضاعف من انتشار الأمراض المعدية مثل الملاريا في المكان الذي يعيشون فيه.[2] وتعد مقاومة الأمراض مشكلة خاصة أخرى، إذ إن مناعة شعب الباتوا ضد الملاريا أقل بكثير من غيرهم من الأوغنديين؛ لعدم وجود بعوض في غابات بويندي.

ولكن بدلا من مجرد انتظار المساعدة، لدى الباتوا الكثير ليعطوه. تقول ميشيل مايليت: إن أي حلول تُقترح في محادثات الأمم المتحدة القادمة يجب أن تضع في اعتبارها معارف المجتمعات وخبرتها. وتضيف: ”إن المعارف التقليدية قد أكسبت قدرة على التكيف مع مجتمعات السكان الأصليين في الماضي مثل الباتوا“.

وتدير مايليت مشروعًا دوليًّا انطلق من جامعة مكجيل في كندا بالتعاون مع شركاء أوغنديين؛ إذ يجرون أبحاثًا حول قدرة مجموعات السكان الأصليين على التكيف مع التغيرات المناخية. ويعتقد فريقها أن إشراك مجموعات السكان الأصليين في محادثات المناخ سيأتي بمعارف وآراء جديدة للمناقشات حول التكيف الذي يتخطى الأدلة العلمية الموجودة.

وتحذر مايليت من أن ”هذا قد لا يكون كافيًا لمساعدتهم على التكيف مع التغير المناخي في المستقبل“.

العديد من السكان الأصليين في الواقع قد يكونون أكثر وعيًا بالتغيرات المناخية من المفاوضين والباحثين في قمم باريس أو نيويورك. ففي منطقة المرتفعات الوسطى في نيبال، وجد العلماء ممن يعملون مع مزارعين من السكان الأصليين أن لديهم معرفة مباشرة بالتغيرات المناخية؛ بسبب التغيرات التي طرأت على نمو المحاصيل ومستويات المياه، والتي تسببت فيها أنماط التهطال غير المعتادة.[3]

  

 ”ينبغي على الحكومات احترام وحماية حقوق الإنسان الخاصة بالسكان الأصليين“.

فيكتوريا تأولي-كوربوز، المقرر الخاصة للأمم المتحدة المعني بحقوق الشعوب الأصلية 

 

يقول تاريت كومار باول -الباحث الزراعي في جامعة شيتاجونج في بنجلاديش-: إن محاولات حل المشكلة باستيراد تقنيات الزراعة من مناطق أخرى لم تُجدِ نفعا.

وجد باول أن أصناف المحاصيل الجديدة التي أُدخلت لتحسين التغذية لم تستطع أن تجابه التآكل الناجم عن غزارة الأمطار. وهذا أدى إلى استخدام المزارعين المزيد من الأسمدة والمبيدات الحشرية، ما أدى إلى تراجع عام في إنتاجية الغذاء في هذه التربة الهشة.

لكن عندما طُلب من المزارعين المحليين استخدام خبراتهم لحل المشكلة، توصلوا إلى استراتيجيات مبتكرة ناجحة، مثل التنويع ما بين الحبوب والخضروات، واستخدام الماعز للزراعة، واستخدام الأشجار العلفية.
 
وقت عصيب

إن جهود نيبال في الزراعة بمنطقة ميديل هيلز هي واحدة من عدة مقاربات شاملة تحمي معارف السكان الأصليين، وتحاول أن تطبقها جنبًا إلى جنب مع الأدلة العلمية المناسبة. وبحسب باول فإن نجاح المشروع يكمن في الحكمة المحلية، مثل أي من أنواع الأشجار المحلية سينمو بشكل أفضل في أي مكان.[4]

لكن المزارعين النيباليين وشعب الباتوا يُعتبران شعبين مختلفين تمامًا، وما يُفلح مع أحدهما قد لا يُفلح مع الآخر. والمنظمات غير الحكومية -التي تساعد مجموعات السكان الأصليين على حضور القمم الدولية- تعاني بشكل يومي مع حقيقة أن نطاق خبراتهم واسع جدا، وبالتالي يصعب تمثيله وإدماجه في القمم الدولية مثل COP21.

لذلك فإن استمرار غياب السكان الأصليين عن المفاوضات الدولية يشكل خطرًا على الشعوب نفسها. وتشير كوربوز إلى أن هذه المجموعات غالبا ما تكون هي الخاسرة عند تغيُّبها عن القمم التي تبحث قضايا هامة، مثل توزيع الموارد وإدارة الأراضي.

وتضيف كوربوز أنه إذا كان هناك نقص في الغذاء والماء في كل أنحاء البلاد، فإن الدول عامة تكون مستعدة للتضحية بالشعوب القبلية ’للصالح العام‘، والعديد منها مثل أوغندا وفيتنام قد فعلت ذلك، إذ دمرت بيوتهم وسبل معيشتهم من أجل مكاسب اقتصادية.

وتخلُص كوربوز إلى أنه ”ينبغي على الحكومات احترام وحماية حقوق الإنسان الخاصة بالشعوب الأصلية“، بما فيها حقهم في المشاركة في عمليات صنع القرار.

التحليل جزء من ملف بعنوان إضاءات.. العمل المشترك بشأن تغير المناخ منشور بالنسخة الدولية يمكنكم مطالعته عبر العنوان التالي:
    Getting local voices to global talks on climate change

References

[1] Indigenous health adaptation to climate change (IHACC) — Uganda (IHACC-Uganda, 2014)
[2] Lea Berrang-Ford and others Vulnerability of indigenous health to climate change: a case study of Uganda's Batwa Pygmies (Social Science & Medicine, September 2012)
[3] Tarit Kumar Baul and others People’s local knowledge of climate change in the Middle-Hills of Nepal (Indian Journal of Traditional Knowledge, October 2013)
[4] Tarit Kumar Baul and others Agro-biodiversity management: using indigenous knowledge to cope with climate change in the Middle-Hills of Nepal (Agricultural Research, February 2014)