Skip to content

04/11/15

العمل المشترك بشأن تغيُّر المناخ.. حقائق وأرقام

Climate change spotlight, main.jpg
حقوق الصورة:G.M.B. Akash / Panos

نقاط للقراءة السريعة

  • ليس هناك تكامل بين سياسات تغيُّر المناخ والتنمية والكوارث العالمية
  • لكن العلم يقول إن المشاكل، وسبل التصدي لها، غالبًا ما تكون مترابطة
  • تخصيص سياق أرحب لسياسة تغيُّر المناخ قد يحفز اتِّخاذ المزيد من الإجراءات

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

يدرس إيلان كيلمان تاريخ تغيُّر المناخ والتنمية والكوارث، والتداخل والتعارض بينها.
 
بحلول نهاية عام 2015، قد تمهد ثلاث عمليات متعلقة بالسياسات العالمية الطريقَ لكيفية استجابة العالم للتحديات الرئيسة التي تواجه البشرية في السنوات القادمة. ففي مارس الماضي، تم التوصل إلى اتفاق طوعي لمواجهة الكوارث في سينداي، اليابان، ووُضِعت اللمسات الأخيرة على أهداف التنمية المستدامة الطوعية (SDGs) في نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية، في سبتمبر. والآن، يمضي العالم قدمًا نحو مفاوضات تغيُّر المناخ في ديسمبر، التي تهدف لإبرام معاهدة دولية في باريس.[1، 2]

لقد أشار العلم منذ مدة طويلة إلى أن الموضوعات الثلاثة متصلة. ربما يكون الفصل بينها غير ضروري، بل قد يؤدي إلى نتائج عكسية. ومع ذلك، صار الفصل بين السياسات الآن راسخًا إلى حد ما في المستقبل المنظور.
لكن هذا لا يحول دون استخدام الأدلة العلمية لتحديد الإجراءات المشتركة بين الموضوعات الثلاثة. هذا من شأنه الحفاظ على الموارد، وتجنُّب أن تتسبب عملية واحدة في صعوبات لعملية أخرى أو تفاقمها، وتشجيع اتخاذ تدابير تجمع بين هدفين أو أكثر.

لقد طُرحت فكرة ضم تغيُّر المناخ إلى موضوعات التنمية الأرحب منذ برز تغيُّر المناخ بوصفه شأنًا عالميًّا مهمًّا.[3] ومع ذلك يقدم العلماء والسياسيون تغيُّر المناخ في بعض الأحيان باعتباره القضية الأشمل أو الأكثر أهمية. هم يجادلون أن التغيُّرات واسعة وسريعة ومدمرة جدًّا، لدرجة تقتضي تركيز الموارد وصب الاهتمام عليها.

في بعض الأحيان، يكون تغيُّر المناخ في الواقع هو الخطر الرئيس (انظر الإطار 1). لكن دراسته في سياق التنمية الأرحب لا يقلل من أهميته. الأحرى أن ذلك يسلِّط الضوء على كيفية اتِّصال تغيُّر المناخ بالشواغل الإنمائية الأخرى وتأثيره عليها.

الإطار 1: أين يهيمن تغيُّر المناخ
تُجبر بعض المجتمعات على الانتقال بسبب تغيُّر المناخ فقط. ويخطط سكان جزر تاكو وكارتريت في بابوا غينيا الجديدة، لإعادة توطينهم، وكذلك سكان قرى نيوتوك وشيشماريف في ولاية ألاسكا الأمريكية. في بابوا غينيا الجديدة، أدى ارتفاع منسوب مياه البحر إلى فيضانات، وتلوث إمدادات المياه والمحاصيل بمياه مالحة. وفي ألاسكا يتآكل الساحل، وتُطرح المباني في البحر بفعل العواصف متزايدة الشدَّة. والأماكن الواطئة الأخرى، مثل مناطق بنجلاديش وتوفالو وكيريباتي الساحلية في المحيط الهادئ، وجزر المالديف في المحيط الهندي، تواجه أيضًا اضطرابًا شاملًا محتملًا.

ولكن الصورة تعجُّ بتفاصيل تفوق الجزر والسواحل الغارقة أو لاجئي تغيُّر المناخ. على سبيل المثال، لا يرغب العديد من المهدَّدين بالترحيل في أن يوصفوا بـ’اللاجئين.[4] بدلًا من ذلك، هم يطلبون الموارد الخارجية ليحددوا بأنفسهم هل سينتقلون، وكيف، ومتى، وإلى أين.[5] إن تأثيرات ارتفاع مستوى سطح البحر على الجزر المرجانية والسواحل ليست واضحة دائمًا، فبعض المواقع قد تتآكل، لكن البعض الآخر قد ينمو حتى مع ارتفاع منسوب البحر. وتأثيرات تغيُّر المناخ الأخرى، مثل تحمُّض المحيطات أو المياه العذبة الملوثة، قد تجعل بعض المواقع غير صالحة لسكنى بعض الكائنات الحية قبل ارتفاع منسوب مياه البحار بشكل كبير.[6]

من الماضي إلى الحاضر

تاريخ الفكرة التي تطرح أن انبعاثات غازات الدفيئة تؤثِّر على الغلاف الجوي، وتُغيِّر المناخ (انظر الإطار 2)، يرجع إلى القرن التاسع عشر على الأقل.[7] ثم إن التقارير العلمية الكبرى، التي نُشرت في سبعينيات القرن العشرين، قدّمت الأساس لعمليات السياسات بما في ذلك (اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ).[8-11] وتَحثُّ التقارير أيضًا على تقييمات علمية أخرى، من بينها آلية الأمم المتحدة التي تُقيِّم الحكومات من خلالها حالةَ تغيُّر المناخ، الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ (IPCC). (انظر الشكل 1 لرؤية المعالم الرئيسة).

الإطار 2: ما هو تغيُّر المناخ؟
تصدر الأنشطة البشرية غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من ’غازات الدفيئة‘ عن طريق حرق الفحم والنفط والغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء، واستخدام الوقود لتشغيل المركبات، وتربية قطعان كبيرة من الماشية. تتراكم هذه الغازات وتحبس الحرارة في الغلاف الجوي، مما يرفع متوسط درجة حرارة كوكب الأرض ويؤثر على النظام المناخي.

ويعزز هذه التأثيرات التغيُّرات الناجمة عن الإنسان، التي تحد من قدرة الكوكب على امتصاص غازات الدفيئة هذه. على سبيل المثال، تعني إزالة الغابات على نطاق واسع أن الأشجار التي تمتص ثاني أكسيد الكربون في أثناء نموها صار وجودها أقل.

وتمتصُّ المحيطات كذلك ثاني أكسيد الكربون، الذي يتفاعل مع الماء لإنتاج حمض. ويُعدّ تحمُّض المحيطات أحد آثار تغيُّر المناخ: المزيد من ثاني أكسيد الكربون في الهواء يعني محيطات أكثر حمضية، مما قد يُلحق أضرارًا بالنظم البيئية البحرية والساحلية.

وثمة دورات كاملة من التأثيرات التفاعلية العديدة يغذي بعضها بعضًا، وقد يسهم البعض في تغيُّر المناخ والبعض الآخر يخفِّف من حدته -مما يجعل فهم تغيُّر المناخ أشد تعقيدًا. ارتفاع درجة حرارة البحار يجعلها قادرة على امتصاص ثاني أكسيد الكربون بدرجة ما، اعتمادًا على الموقع.[12] وتحجب الثورانات البركانية الكبيرة أشعة الشمس عندما تقذف الرماد في الغلاف الجوي، لكن آثارها مؤقتة. ومن الصعب نمذجة (وضع نموذج حاسوبي) تأثير السحب، بينما يَحُدُّ فقدان الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية –بواسطة الذوبان- من كمية ضوء الشمس المنعكس عن الأرض. ويطلق ذوبان التربة الصقيعية غازات الدفيئة الطبيعية المحتجزة.

مع ذلك، وعلى الرغم من التعقيدات والشكوك، فالعلم واضح عمومًا: هذا الكوكب يمر باحترار سريع، ويسهم فيه النشاط البشري إسهامًا كبيرًا.

آثار تغيُّر المناخ

يؤثِّر تغيُّر المناخ على أنماط الطقس وظواهره المتطرفة. يحمل الهواء الأدفأ المزيد من المياه، مما يزيد من احتمالية الأمطار الشديدة. هذا يعني أنه من المرجح أن تصبح العواصف أشد في أنحاء كثيرة من العالم نتيجة لتغيُّر المناخ، لكنها تصير أقل تواترًا أيضًا في بعض الحالات. ويشمل هذا الأعاصير المدارية.[13، 14]

timeline 1
الشكل 1. معالم سياسات تغيُّر المناخ

 

من المتوقع أن يزيد تغيُّر المناخ من حموضة المحيطات، وأن يرفع منسوب مياه البحار. ومن المحتمل أن يبلغ متوسط ارتفاع مستوى سطح البحر في العالم مترًا تقريبًا قبل عام 2100؛ لأن المياه تتمدد مع ارتفاع حرارتها. وإذا ذابت الصفائح الجليدية الكبيرة على البر في جرينلاند والقطب الجنوبي، فقد يرتفع مستوى سطح البحر حينها بمقدار عدة أمتار، مُغرِقًا مدنًا كبرى.
 
وسوف تغيِّر المناخات الأدفأ النظم البيئية جذريًّا، وربما تنشر أمراض الإنسان والحيوان والنبات إلى مواقع جديدة. وسيؤثر تغيُّر سقوط الأمطار على إمدادات المياه العذبة، حيث تتلقى بعض الأماكن مياهًا أكثر من البعض الآخر، مما يؤثر بدوره على الإمدادات الغذائية. سوف تستفيد بعض المواقع بشكل كبير من جرَّاء تحسُّن الزراعة، في حين أن مواقع أخرى قد تشهد استنفاد مصادر الغذاء المحلية (الشكل 2).[15]
 
الشكل 2. الآثار المنسوبة بثقة عالية إلى تغيُّر المناخ

  في أفريقيا: 

Africa
في آسيا: 

Asia

في أسترالاسيا: 

australasia

في أمريكا الوسطى والجنوبية:
 

central_south-america

في أوربا:

Europe

: في أمريكا الشمالية
North- America

: في المناطق القطبية
Polar Regions

: في الجزر الصغيرة
Small- Islands

أيضًا سوف تختلف تأثيرات تغيُّر المناخ اعتمادًا على عوامل متصلة بالتنمية. فالأخطار، كالعواصف، ليست كافية لتتسبب في كارثة، حيث تمثِّل مَواطن الضعف أيضًا جزءًا من المعادلة. وأي حدث متصل يتحول بالطقس إلى كارثة عندما يضرُّ الناس أو الممتلكات أو العلاقات الاجتماعية؛ لأن العادة جرت على ألا تساعد العمليات السياسية والإنمائية الناس على الحدِّ من مواطن ضعفهم. إن تغيُّر المناخ في حد ذاته لا يمكن أن يتسبب في كارثة.
 

الفصل

وعلى الرغم من هذه الارتباطات، يتعامل المموِّلون والمؤسسات والهياكل الإدارية في كثير من الأحيان مع تغيُّر المناخ على نحو منفرد، وبشكل مستقل. يرجع ذلك بعض الشيء إلى كيفية تطوُّر علم تغيُّر المناخ وسياساته. إذ يبحث العديد من العلماء بُعدًا معينًا فقط من تغيُّر المناخ، ويتخصص العديد من المفاوضين في المعاهدات في موضوع واحد؛ لضمان أن تصير الاتفاقات مفصَّلة وقوية.
 
من حيث السياسات، ينعكس هذا الفصل أيضًا على أهداف التنمية المستدامة. فإن الهدف 13 يدعو إلى ”اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لتغيُّر المناخ وآثاره“، ويُفرد اتفاقيةَ الأمم المتحدة الإطارية بوصفها المحفل الحكومي الدولي الأساسي للتفاوُض بشأن الاستجابة العالمية لتغيُّر المناخ.
 
وفصلت إجراءات الهيئة الحكومية الدولية واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية أيضًا بين تغيُّر المناخ وموضوعات التنمية الأخرى. لقد فرّقت بين تخفيف آثار تغيُّر المناخ (خفض الانبعاثات أو ’احتجاز‘ الكربون) والتكيُّف (التعامل مع آثار تغيُّر المناخ، التي تعدّ جزءًا من الحدِّ من مخاطر الكوارث).
 
أوجه التداخل واضحة
 
وعلى الرغم من الفصل بين السياسات الدولية لتغيُّر المناخ، والحد من مخاطر الكوارث، والأهداف الإنمائية، فإن العلوم تدعم إدماجها تمامًا؛ لتتمكن من التكامل ودعم بعضها البعض.
 
أحد أسباب هذا الدعم أن التعامل مع آثار تغيُّر المناخ لا يختلف في حقيقته عن عمليات الحد من مخاطر الكوارث والتنمية المستدامة. في الواقع، تقع إجراءات التكيُّف مع تغيُّر المناخ في إطار الأهداف الإنمائية الأوسع نطاقًا. على سبيل المثال، فإن حماية الشعاب المرجانية وإعادة زراعة أشجار المانجروف الساحلية (القرم) قد تحد من مخاطر الكوارث؛ حيث يمتص الغطاء النباتي الساحلي طاقة الأمواج في بعض الأحيان، لذلك قد تتعرض البنية التحتية لأضرار أقل. ومن سبل التكيُّف تطوير نظم الصرف الصحي، والتخطيط لتصريف المياه على نحو أفضل بالمناطق الحضرية- لكن تبقى الحاجة لها بغض النظر عن تغيُّر المناخ.
 
وبالمثل، تقع جميع إجراءات التخفيف ضمن نطاق الأهداف البيئية الأرحب. وجهود تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري -باستخدام مصادر الطاقة المتجددة والحد من الطلب على الطاقة- تسبق جدول أعمال تغيُّر المناخ. فلقد كانت الصحة سببًا رئيسًا؛ إذ يُعَدُّ خفض ملوِّثات الهواء والماء وتشجيع أساليب حياة أكثر نشاطًا من المقاربات القياسية لتحسين الرفاهية. وقد حفز حظر النفط في 1973-1974 وأحداث سياسية أخرى أيضًا هذه المحاولات، التي تعثرت بتغيُّر السياسات وأسعار النفط.
 
ولطالما دعم كثير من العلماء العمل المشترك بشأن التخفيف والتكيُّف [16-19]؛ للمساعدة في تجنب تفاقم مشاكل التنمية القائمة. على سبيل المثال، فإن حماية الغابات بوصفها ’بالوعة كربون‘ (للتخفيف) عن طريق حظر دخول الغابات، تعني فقد مستخدمي الغابات المحلية فرص الغذاء والدخل، مما يجعلهم أكثر اعتمادًا على الإمدادات الباهظة والأقل موثوقية من خارج مجتمعهم.[20] وقد تتحمل مشروعات خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها (REDD) هذه التكلفة الخفية.
 
وتبين الطاقة المائية أيضًا مخاطر فصل تغيُّر المناخ عن الشواغل الإنمائية الأوسع. قد يحدُّ بناء السدود الكبيرة من استهلاك الوقود الأحفوري؛ من خلال توفير مصادر طاقة متجددة. لكن في مصر والصين والعديد من البلدان الأخرى، أجبرت الخزانات الضخمة الناتجة خلف السدود الناس على الانتقال عندما غمرت المياه منازلهم.[21] وتؤدي زيادة السيطرة على تدفق المياه أيضًا إلى شعور زائف بالأمان، مما يحد من احتمال اتخاذ الناس للتدابير التي تقلل من تعرضهم للجفاف والفيضانات. من ثم تصير آثار فيضان كبير أو جفاف أسوأ مما لو كان الناس يتعاملون باستمرار مع مخاطر أصغر وأكثر تواترًا.[22]
 
أحد الدروس الرئيسة هو أن الكوارث ليست ظواهر متطرفة غير عادية فحسب، لكنها تجسد أيضًا جوانب الضعف الأساسية المزمنة في حياة معظم الناس. وبعبارة أخرى، تنشأ كوارث عديدة -على المدى الطويل– من فقر تنمية بئيسة أو تخلف، تتأثر بسياسات وممارسات تؤدي إلى الضعف. ولا يعدو التمييز، والسلطة، والهياكل المالية، والثقافة كونَها بعض الأسباب التي تجعل الناس لا يتصرفون دائمًا بناء على معرفتهم بضرورة الحد من مَواطن الضعف.
وتصبح فرص جعل هذه الارتباطات أكثر وضوحًا عندما يُنظر إلى تغيُّر المناخ باعتباره أحد مؤثرات عديدة على المخاطر، وليس قطاعًا مستقلا تمامًا.
 
فرص للعمل المشترك
 
حتى في ظل الفصل الراسخ بين السياسات، والذي يجعل التكامل يبدو مستبعدًا حتى عام 2030 على الأقل (عندما تنتهي اتفاقات أهداف التنمية المستدامة والحد من مخاطر الكوارث)، يمكن للتدخلات الفعلية الجمع بينها في الممارسة العملية من خلال الاعتماد على العلوم القائمة (الجدول 1).

الجدول 1: الروابط بين سياسات الحد من مخاطر الكوارث وتغيُّر المناخ والأهداف الإنمائية
الإجراء الصلات
تشييد إسكان مقاوم للأعاصير والفيضانات في فيتنام باستخدام تقنيات مناسبة في تصميم المأوى. [23] هذا العمل ضروري بالفعل كجزء من الحد من مخاطر الكوارث، بغض النظر عن الحاجة إلى التكيُّف مع المخاطر المتزايدة الناجمة عن تغيُّر المناخ.
تعليم النساء من الطبقة الدنيا كيفية السباحة في جنوب الهند. [24] يجمع بين التكيُّف مع تغيُّر المناخ والحد من مخاطر الفيضانات والعدالة الاجتماعية في النشاط نفسه.
استخدام معارف الصيادين للتعامل مع التغيُّر البيئي والاجتماعي في بربادوس. [25] يضع تغيُّر المناخ في سياق التنمية والتغيُّر الأوسع نطاقًا؛ للتعامل معهما في آن واحد.
معالجة تآكل السواحل في سيشيل، عن طريق إدارة المناطق الساحلية وتخطيط استخدام الأراضي.  يتناول التكيُّف مع تغير المناخ والحد من مخاطر الكوارث في ذات الوقت، ويشيع روح المجتمع من خلال خلق فضاء عام.
التعارض بين الحين والآخر

 
قد تصطدم بعض إجراءات التخفيف والتكيُّف مع الأهداف الإنمائية الأرحب.
 

ومن أساليب التخفيف، تقنية لاحتجاز غازات الدفيئة، تدعى احتجاز الكربون وتخزينه (CCS)، تحتجز الانبعاثات في محطات توليد الكهرباء لتخزينها تحت الأرض أو تحت الماء (انظر الشكل 3).
 
تشمل الاعتراضات على هذه التقنية إمكانية تسرُّب الغازات مرة أخرى في الجو، وتكاليف لبناء محطات توليد الكهرباء المزودة بالتقنية، واستخدام الطاقة لاحتجاز الغازات وضخِّها.[27]
 
والأهم من ذلك، يتناقض احتجاز الكربون وتخزينه مع مبدأ منع التلوُّث طويل الأمد، الذي ينص على أن أرخص الطرق وأكثرها فاعلية للتعامل مع التلوُّث هو تجنُّب إنتاجه في المقام الأول. يشير تطبيق هذا المبدأ، الذي وضع للتعامل مع مشكلات بيئية مثل الأمطار الحمضية، إلى أن التحول إلى الطاقة النظيفة، والحد من الانبعاثات عن طريق الحد من استخدام الطاقة، أفضل من تقنيات مثل احتجاز الكربون وتخزينه.
 
إذا لم تُراعَ شواغل التنمية الأرحب، يمكن أن تُعزِّز تدابير التكيُّف في بعض الأحيان ’سوء التكيُّف‘. على سبيل المثال، إذا أصبحت موجات الحر في المدن الكبرى أكثر تواترًا وتطرُّفًا، قد ينطوي التكيُّف على زيادة استخدام أجهزة التكييف والمراوح -كثيفة استهلاك الطاقة– مما يُسهم في الأسباب الجذرية لتغيُّر المناخ. بدلا من ذلك، قد يكون التصميم المناسب للمباني والمواد المستخدمة، بما في ذلك أساليب التهوية الطبيعية، أرخص وأكثر مرونة.

co2 graphic
الشكل 3. احتجاز الكربون وتخزينه (CCS)

بناء المستقبل

تستند سيناريوهات المناخ والانبعاثات إلى النمذجة الحاسوبية. وتساعد الكميات الهائلة من البيانات التي تُجمع خلال مراقبة الأرض على تنقيح نماذج تغيُّر المناخ باستمرار ومعايرتها، لكن قدرتنا المحدودة على المعالجة والتحليل تعني استمرار عدم اليقين. بالإضافة إلى ذلك، تغتنم المصالح الخاصة في كثير من الأحيان فرصة المناقشات الصحية في إطار علم تغيُّر المناخ لتقويض جهود التخفيف والتكيُّف. إن وضع تغيُّر المناخ في سياقات التنمية الأرحب قد يساعد على التغلُّب على معوِّقات العمل هذه.

ومن المقرر أن تبدأ الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ عملية التقييم السادسة قريبًا، مع رئيس انتُخب مؤخرًا، وربما تصدر التقارير ذات الصلة بحلول عام 2022. وعلى الرغم من أن عملية الهيئة الحكومية مستمرة في رؤية تغيُّر المناخ فرعًا علميًّا مستقلا، تنتج مبادرات أخرى عديدة بحوثًا توثق مجالات التداخل مع اهتمامات أرحب.[28]

ويمكن استخدام هذه المنشورات لنقل علم تغيُّر المناخ وسياساته إلى سياق أرحب، وهو تحدٍّ وفرصة لتقرير التقييم السادس ورئيس الهيئة الجديد. إحدى الطرق الممتازة لجعل علم تغيُّر المناخ متعدِّد التخصصات تكمن في إضافة آلية لدمج المعارف المحلية والأصلية والتقليدية عن آثار تغيُّر المناخ والاستجابة له في تقارير الهيئة.

ومع ذلك، فإن أكبر معالم السياسات الحالية هي المفاوضات في الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الأطراف، المنعقدة في ديسمبر المقبل بباريس. يعتمد مستقبل العمل الحكومي الدولي بشأن تغيُّر المناخ، داخل أو خارج مجال التنمية والحدِّ من مخاطر الكوارث، على الاتفاقات المبرمة في باريس والتصديق عليها لاحقًا.

إضافة إلى ذلك، ينطلق العديد من مبادرات علم تغيُّر المناخ وسياساته وممارساته خارج نطاق الاتفاقية الإطارية والهيئة الحكومية الدولية. ففي سبتمبر 2014، استضافت الأمم المتحدة قمة المناخ في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث تعهدت منظمات من القطاعات العامة وغير الربحية والخاصة بالعمل في ثمانية مجالات: الزراعة، والمدن، والطاقة، والتمويل، والغابات، والصناعة، والمرونة، والنقل.[29] وشددت القمة على مدى ما يمكن أن يحدث خارج نطاق الأمم المتحدة والهيئة الحكومية الدولية، من أجل أن تتعاملا مع إجراءات تغيُّر المناخ والتنمية التي تيسِّر حياة الناس اليومية.

تعريفات
احتجاز الكربون وتخزينه (CCS) عملية لاحتجاز انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتخزينها، معروفة باسم الحجز. تكون مواقع التخزين المقترحة في أعماق الأرض عادة، أو في أعماق الجبال، أو تحت قاع المحيط. ولا يُعَدُّ التخزين في المحيطات مقبولًا الآن؛ لأن من شأنه أن يسهم في تحمض المحيطات. يتم تخزين ثاني أكسيد الكربون غازًا، أو سائلًا فوق الحرج (ليس في صورة غازية ولا سائلة) أو في شكل معدني. ويعد الامتصاص البيولوجي، من خلال نمو الأشجار مثلًا، نظريًّا احتجازًا للكربون وتخزينه، لكن المصطلح يشير عادةً إلى عمليات غير حيوية.
تغيُّر المناخ وفقًا للتعريف العلمي، الذي قدمته الهيئة الحكومية الدولية المعنيَّة بتغيُّر المناخ، تغيُّر المناخ هو تغيُّر في خصائص مناخ الأرض أو عوامله، يقاس إحصائيًّا، ويُعزى إلى أي مصدر، طبيعيًّا كان أو بشريًّا. تعريف السياسة، التي قدمته اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، مطابق لذلك، لكنه يعزوه إلى النشاط البشري فقط.
التكيُّف مع تغيُّر المناخ عملية التكيُّف مع تغيُّر المناخ عن طريق الحد من الآثار الضارة (من خلال نقل البنية التحتية بعيدًا عن السهول الفيضية المتمددة، على سبيل المثال)، وتعزيز أي منافع (عن طريق التحوُّل إلى محاصيل تنمو أفضل في المناخ الجديد، مما قد ينطوي على موسم زراعة مختلف). يمكن أن يكون التكيُّف شأنًا فنيًّا؛ مثل تحسين التحكم في المناخ في المباني، أو اجتماعيًّا؛ مثل قبول ارتداء ملابس في مكان العمل مناسبة لمدى من درجات الحرارة، أو مزيجًا بينهما؛ مثل تحسين التحكُّم في المناخ الداخلي مع تشغيله فقط خلال الظواهر المتطرفة الساخنة أو الباردة.
التخفيف من تغيُّر المناخ عملية تخفيض انبعاثات تغيُّر المناخ من خلال استخدام كميات أقل من الوقود الأحفوري، مما يساعد الغابات على احتجاز المزيد من الكربون أو حتى احتجازه وتخزينه. قد يكون التخفيف شأنًا فنيا؛ مثل تطوير سيارات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود واستخدامها، أو اجتماعيًّا؛ بالحد من مرات السفر؛ أو مزيجًا بينهما؛ مثل تحسين الوصول إلى الإنترنت وقبول مؤتمرات الفيديو بدلًا من الاجتماعات وجهًا لوجه.
مؤتمر الأطراف (COP) هيئة صنع القرار لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، التي انعقدت في معظم السنوات منذ عام 1995. أعضاؤها في الأساس هي الدول الأطراف في الاتفاقية الإطارية، وتتفاوض بشأن اتفاقات معنية بالتخفيف من آثار تغيُّر المناخ والتكيُّف معه، مثل بروتوكول كيوتو.
كارثة وضع يجتمع فيه خطر مع ضعف، مما يتسبَّب في ضرر لا يستطيع الناس التعامل معه دون دعم خارجي. يمكن أن يكون نطاق الوضع محليًّا أو وطنيًّا أو دوليًّا.
الحد من مخاطر الكوارث سياسات وإجراءات تستهدف الأسباب الجذرية للكوارث؛ للحد من الضرر الفعلي والمحتمل. الحد من مخاطر الكوارث قد: يعالج خطرًا؛ مثل إقامة جدران خارج مدينة ما لتفادي انهيارات ثلجية، أو يركز على ضعف؛ مثل توفير حق المساواة في التعليم للأولاد والبنات؛ أو يركز على كل من الخطر والضعف؛ مثل مساعدة مجتمع على اختيار عملية تخطيطه من أجل عمليات تنمية جديدة.
غازات الدفيئة غازات في الغلاف الجوي قد تؤدي إلى ظاهرة الاحتباس الحراري، وذلك من خلال السماح لأشعة الشمس بالوصول إلى الأرض، وامتصاص الموجات الأطول التي لولاها كانت ستنعكس عن سطح الأرض، وبالتالي احتباس الحرارة في الغلاف الجوي. وتشمل الغازات الدفيئة الرئيسة المدرَجة من قِبل الهيئة الحكومية الدولية ثاني أكسيد الكربون، وأكسيد النيتروز، والميثان، والأوزون. تتضمن الغازات الأخرى التي ذكرتها الهيئة الهالوكربونات والجزيئات ذات الصلة، وسادس فلوريد الكبريت، ومركبات هيدروفلوروكربون، والهيدروكربونات المشبعة بالفلور.
إطار عمل هيوجو اتفاق طوعي بتنسيق من مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث (UNISDR) أبرم في عام 2005، شعاره ’بناء قدرة الأمم والمجتمعات على مواجهة الكوارث‘. كان بمنزلة الاتفاقية الدولية الرئيسة للحد من مخاطر الكوارث حتى انتهائه في عام 2015.
الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ (IPCC) لجنة من الأمم المتحدة لحكومات الدول الأعضاء التي تُقيِّم حالة علم تغيُّر المناخ. تعتمد حكومات الدول الأعضاء تقاريرها، مما أسفر عن توافق حكومي حول معارف تغيُّر المناخ.
بروتوكول كيوتو معاهدة دولية متَّصلة باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية وملزِمة قانونًا؛ لوضع بعض القيود على انبعاثات غازات الدفيئة. اعتُمد بروتوكول كيوتو في عام 1997، لكنه لم يدخل حيِّز التنفيذ حتى عام 2005 عندما صادق عليه عددٌ كافٍ من الدول. تعهد العديد من البلدان الأكثر ثراءً بخفض غازات الدفيئة من 2008 إلى 2012، مع فترة التزام أخرى من 2013 إلى 2020.
الأهداف الإنمائية للألفية (MDGs) ثمانية أهداف ذات غايات ومؤشرات كمية أساسًا، استمرت من 2000 إلى 2015 وتغطي الفقر، والتعليم الابتدائي، والمساواة بين الجنسين، ووفيات الأطفال، وصحة الأم، والأمراض المعدية، والاستدامة البيئية، وإقامة شراكات التنمية.
خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها (REDD) آلية لحماية الغابات من الإزالة، وزراعة أشجار في المناطق التي دُمرت فيها غابات بالفعل.
أهداف التنمية المستدامة (SDGs) أعقبت الأهداف الإنمائية للألفية، ولأهداف التنمية المستدامة الـ17، المستمرة من 2015 إلى 2030، تنطوي على 169 غاية و304 مؤشرات مؤقتة، وتستهدف الجوانب البيئية والاجتماعية والاقتصادية للتنمية.
إطار سينداي للحد من مخاطر الكوارث اتفاق طوعي نسقه مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث (UNISDR) مستمر من 2015 إلى 2030، وأعقب إطار عمل هيوجو.
اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (UNFCCC) إحدى معاهدات تغيُّر المناخ الدولية الكبرى، أُبرمت عام 1992 ودخلت حيِّز التنفيذ في عام 1994. في الوقت الراهن، هناك 196 طرفًا في الاتفاقية التي تضم في الأساس دولًا ذات سيادة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، ومناطق الحكم الذاتي، من بينها جزر كوك. فلسطين والكرسي الرسولي من بين المراقبين.

 
التحليل منشور بالنسخة الدولية يمكنكم مطالعته عبر العنوان التالي:
Joint action on climate change: Facts and figures

إيلان كيلمان محاضر عن المخاطر، والمرونة، والصحة العالمية في معهد الحد من المخاطر والكوارث ومعهد الصحة العالمية، بكلية لندن الجامعية في المملكة المتحدة. ويمكن التواصل معه عبر http://www.ilankelman.org/contact.html ومن خلال تويتر @IlanKelman
 

هذا التحليل جزء من إضاءة حول العمل المشترك بشأن تغيُّر المناخ
 

 

References

[1] Sendai framework for disaster risk reduction 2015-2030 (UNISDR, 2015)
[2] https://sustainabledevelopment.un.org [Insert formal citation when they are published.]
[3] Jessica Mercer Disaster risk reduction or climate change adaptation: Are we reinventing the wheel? (Journal of International Development, 2010)
[4] Karen McNamara and Chris Gibson ‘We do not want to leave our land’: Pacific ambassadors at the United Nations resist the category of ‘climate refugees’ (Geoforum, 2009)
[5] IIan Kelman Difficult decisions: migration from small island developing states under climate change (Earth’s Future, 2015)
[6] Roger McLean and Paul Kench Destruction or persistence of coral atoll islands in the face of 20th and 21st century sea‐level rise? (Climate Change, 2015)
[7] John Tyndall The Bakerian Lecture: on the absorption and radiation of heat by gases and vapours, and on the physical connexion of radiation, absorption, and conduction (Philosophical Transactions of the Royal Society of London, 1861)
[8] Study of Critical Environmental Problems Man’s impact on the global environment (Massachusetts Institute of Technology Press, 1970)
[9] Study of Man’s Impact on Climate Inadvertent climate modification (Massachusetts Institute of Technology Press, 1971)
[10] Klaus Beltzner Living with climatic change: proceedings from the Toronto conference workshop, 17-22 November 1975 (Science Council of Canada, 1976)
[11] Edwin Keitz and Dorothy Berks Living with climatic change phase II: a summary report from a symposium and workshop held by the MITRE Corporation, McLean, Virginia, 9-11 November 1976 (Mitre Corporation, 1977)
[12] Adam C. Martiny and others Strong latitudinal patterns in the elemental ratios of marine plankton and organic matter (Nature Geoscience, 2013)
[13] Thomas Knutson and others Tropical cyclones and climate change (Nature Geoscience, 2010)
[14] Matthias Zahn and Hans von Storch Decreased frequency of North Atlantic polar lows associated with future climate warming (Nature, 2010)
[15] Fifth assessment report (Intergovernmental Panel on Climate Change, 2013-14)
[16] Hanha Dang and others Synergy of adaptation and mitigation strategies in the context of sustainable development: the case of Vietnam (Climate Policy, 2003)
[17] Sally Kane and Jason Shogren Linking adaptation and mitigation in climate change policy (Climatic Change, 2000)
[18] Evan Mills Synergisms between climate change mitigation and adaptation: an insurance perspective (Mitigation and Adaptation Strategies for Global Change, 2007)
[19] A. Nyong and others The value of indigenous knowledge in climate change mitigation and adaptation strategies in the African Sahel (Mitigation and Adaptation Strategies for Global Change, 2007)
[20] Jaboury Ghazoul and others REDD: a reckoning of environment and development implications (Trends in Ecology & Evolution, 2010)
[21] World Commission on Dams Dams and development: a new framework for decision-making (Earthscan, 2000)
[22] David Etkin Risk transference and related trends: driving forces towards more mega-disasters (Environmental Hazards, 1999)
[23] Vietnam — 2009 — Typhoons Ketsana and Mirinae (Sheltercasestudies.org, accessed 17 September 2015)
[24] Max Martin A tale of two rivers (Kalvi Kendra, 2011) [link to PDF]
[25] Jonathan Pugh Speaking without voice: participatory planning, acknowledgment, and latent subjectivity in Barbados (Annals of the Association of American Geographers, 2013)
[26] Managing coastal erosion in the Seychelles (YouTube, video published 11 April 2013)
[27] Matthew Boot-Handford and others Carbon capture and storage update (Energy & Environmental Science, 2014)
[28] Jeff Waage and Chris Yap (eds.) Thinking beyond sectors for sustainable development (Ubiquity Press, 2015)