Skip to content

15/03/16

علماء يسابقون الزمن لإيقاف كارثة محدقة بالموز

Banana market.jpg
حقوق الصورة:Abbie Trayler-Smith / Panos

نقاط للقراءة السريعة

  • مرض ’بنما‘ الفطري يفسد موز ’كافنديش‘ الآن، وتلوث جراثيمُه التربة لعقود
  • السلالة الاستوائية 4 تعيث فسادًا بزراعاته بآسيا، وشرق أفريقيا، والشرق الأوسط
  • يكثف علماء أفريقيا وأمريكا اللاتينية البحوث حول المرض

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

يسعى علماء البلدان النامية جاهدين لإيجاد علاج لفطر مدمر يهدد بالقضاء على تجارة الموز العالمية، ويلقي بملايين المزارعين بين براثن الفقر.

ففي أنحاء شتى من العالم، يخوض مزارعو الموز معركة خاسرة ضد السلالة الاستوائية 4 من الفطر الفيورازمي الذي يسبب ذبولًا وعائيًّا متلفًا لصنف ’كافنديش‘، وهو الوحيد الذي يُزرع للسوق الدولية.

رُصد المرض لأول مرة في أوائل تسعينيات القرن الماضي في ماليزيا، لكنه آخذٌ الآن في القضاء على محاصيل الموز في مناطق كبيرة من جنوب شرق آسيا، فضلًا عن أفريقيا والشرق الأوسط.

وقد أفلتت السلالة الاستوائية 4 من فطر التربة المُمرِض هذا، وهي سلالة جديدة مما يُعرف باسم مرض بنما، من آسيا عام 2013. وبحلول عام 2015، كان المرض قد أصاب مزارع في الأردن وموزمبيق، وكذلك في لبنان وباكستان، مع تخوف العديد من العلماء من انتشاره وبائيًّا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

يقول ألتوس فيلجوين -أخصائي علم أمراض النبات في جامعة ستيلينبوش في جنوب أفريقيا-: ”تأثير تلك السلالة هائل على المزارع المتضررة، مع وجود خسائر كبيرة في النباتات، وصعوبة القضاء على الفطريات“.

قد يكون المرض مدمرًا بالنسبة لصغار المزارعين، الذين يوفرون كمية كبيرة من السبعة عشر مليون طن المتداولة من موز كافنديش كل عام، يوجَّه معظمها إلى الدول الغنية التي تروج فيها الثمرة كوجبة خفيفة وصحية. يُعَد الموز أيضًا غذاءً أساسيًّا في العديد من البلدان الاستوائية.

شاهد إحصاءات عن الكارثة

وتنتقل السلالة الاستوائية من خلال المواد النباتية المصابة، وملابس عمال المزارع وأحذيتهم كذلك.
 
 
وفي إندونيسيا وماليزيا، قضى الفطر على أكثر من 5000 هكتار من موز كافنديش في عامي 1992-1993، وفقًا لأوجستين مولينا، الذي يقود جهود أبحاث الموز في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في منظمة التنوع البيولوجي الدولية.

يقول مولينا: ”قضت تلك السلالة على ازدهار تجارة تصدير الموز في ماليزيا وإندونيسيا، وقد يتضرر الآن عشرات الآلاف من مزارعي الموز في الفلبين والصين وتايوان“.

يحاول مولينا وفريقه العمل مع المزارعين المحليين لزيادة الوعي بالخطر، واحتواء انتشار الفطر. ويدعو لاستخدام أحواض الأقدام، وتنظيم حركة العمال، وفرض حجر صحي صارم على الشتلات وغيرها من المواد النباتية المستوردة.

وعلى الرغم من هذه الجهود، عبرت السلالة المحيط الهادي. ومع وجود الفطر الآن في موزمبيق، فإن دول شرق أفريقيا الأخرى -مثل أوغندا- التي تعتمد إلى حد كبير على صادرات كافنديش تخشى على محاصيلها.

يقول إينوك كيكولوي -العالم المشارك في فرع منظمة التنوع البيولوجي الدولية بأوغندا-: ”إذا لم تُتخذ إجراءات كافية في السنوات العشر المقبلة، ستُفقد محاصيل قيمتها مليارات الدولارات“.

إن سبب الانتشار السريع للسلالة هو التجارة العالمية. تستورد أوغندا -ثالث أكبر منتج للموز في العالم- شاحنات ومعدات زراعية مستعملة من الصين، لكن نادرًا ما يتم تطهير هذه الآلات قبل الشحن، مما يعرض البلاد للخطر.

وبالمثل، تصدر السودان الموز بالشاحنات إلى لبنان وسلطنة عمان، في حين تباع الشتلات المزروعة في الأردن أو باكستان إلى موزمبيق.

بمجرد أن يصيب الفطر نباتًا ما، ينتشر في نسيج الخشب به، وهو النسيج الأنبوبي الذي ينقل الماء إلى أنحاء النبات من الجذور. تنسد هذه الأنابيب، ويذبل النبات ويموت. يستمر الفطر في التغذي على الأنسجة الميتة، ويطلق جراثيم تدخل في التربة، وتعلق في أي مادة تتصل بالنبات.

لذا يبذل علماء أفارقة بجنوب الصحراء الكبرى جهودًا حثيثة في أبحاث تتعلق بالمرض؛ أملًا في منع انتشاره المستمر، لكن التمويل شحيح، والحكومات المحلية ليست على دراية بالقدر الكافي حتى الآن، كما يقول إلداد كارامورا، المنسق الإقليمي في شبكة أبحاث الموز بمنطقة شرق وجنوب أفريقيا.

أضاف كارامورا: ”إننا مهددون“، ثم استطرد: ”نحن بحاجة إلى تعميق وعي صناع القرار بالمشكلة، وتدريب المزيد من العلماء، وشراء معدات“.

في الوقت الحاضر، لا يوجد بأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلا مختبر وحيد يمكنه اختبار وجود السلالة، ذلك الكائن بجامعة ستيلينبوش في جنوب أفريقيا. وتقول لجنة خبراء أوغندية معنية بالمرض إن البلاد تستطيع القيام بالاختبارات أيضًا، لكنها تحتاج إلى 2.5 مليون دولار أمريكي لتهيئة منشآت الاختبار. وتقول اللجنة إن الخطط طويلة الأجل الإضافية قد تشمل أبحاثًا حول التعديل الوراثي لإنتاج نباتات مقاومة للفطر، وأصناف موز أخرى لتحل محل كافنديش في الأسواق الدولية.

ومع ذلك، يشكل الفطر أكبر تهديد على أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي. وهي المنطقة التي تنتج ربع الموز المزروع بالعالم، و80% من الصادرات العالمية، لكن لا يزال المزارعون المحليون يرزحون تحت وطأة إصابة سابقة ناجمة عن السلالة الاستوائية 1، وهي الحالة الأولى من مرض بنما.

خافيير شينشيلا -أحد صغار مزارعي موز جروس ميشال في كوستاريكا- متمسك بزراعة صنف موز أقل شعبية، فهو غير قادر على المنافسة مع كبار مزارعي موز كافنديش. ولا يزال شبح مرض بنما يطارده، فقد كان في مزرعته 30 ألف شجرة موز في ثمانينيات القرن العشرين، لكنها انخفضت الآن إلى 500 شجرة.

يوضح شينشيلا: ”نبيع جروس ميشال في سوق المزارعين، لكن صعوبة الحصول على محاصيل جيدة متزايدة“؛ لأن الفطر باقٍ في التربة. وأضاف: ”توقف أخوان لي عن العمل. الآن، لم يستمر سواي، ووالدي، وستة مزارعين آخرين في زراعة الموز“.

يحاول شينشيلا أن ينهض بتمويل مزرعته عن طريق زراعة البن، والقرع، والذرة بين شجر الموز، لكنه -مثل آلاف غيره من المزارعين في المنطقة- قد هجر مساحات واسعة من الأراضي لمرض بنما.

وفي سبيل التصدي لارتفاع مخاطر الإصابة بالسلالة الاستوائية 4 فقد عقدت المنظمة الدولية الإقليمية لصحة النباتات ، ومقرها أمريكا الوسطى، لقاء بين الباحثين وصناع القرار.

تحاول المجموعة حشد أموال من أجل الأبحاث والاستعدادات، مثل تحسين مراقبة المحاصيل. يقول كارلوس رامون أورياس -المدير الإقليمي لصحة النبات بالمنظمة-: ”نحن ننسق الإجراءات أيضًا مع منظمات وقاية النباتات الإقليمية، ونشكل مجموعات متخصصة؛ لمراقبة السلالة والتعامل معها“.

وتدعو المجموعة إلى الابتعاد عن الاعتماد الكبير الحالي على كافنديش. فهناك ما يقرب من 1000 نوع موز. إذا تمت زراعة أصناف أكثر منها، سيصبح المزارعون أقل تأثرًا بوصول المرض، بينما تقل فرصة الفطر أيضًا في الانتشار.

لكن إيثار المستهلكين له -في أوروبا والولايات المتحدة غالبًا- يقيّد هذه الخيارات. حيث يوافق كافنديش، الذي يمثل 47% من جميع الموز المزروع على الصعيد العالمي، تصور العديد من الزبائن للشكل المحبذ للثمرة: كبيرة وطويلة وصفراء.

وبسبب هذا، يخشى المزارعون -مثل شينشيلا- ازدراء المشترين للأصناف المحلية، التي قد تكون أصغر حجمًا، أو غير حلوة، أو حتى حمراء أو خضراء.

وفي ظل الإجراءات الدولية المحدودة، تقع مسؤولية إيجاد حل، أو استراتيجية تأقلُم على الأقل، للسلالة على عاتق علماء من نصف الكرة الأرضية الجنوبي. ويعمل شينشيلا مع باحثين من جامعة كوستاريكا؛ على أمل أن يساعد ذلك مزرعته على الصمود في وجه الفطر، إذا وصل إلى أمريكا الوسطى.

يقول شينشيلا: ”سنستمر في زراعة الموز بحكم الضرورة، لكننا منحنا الباحثين الثقة كذلك. فهم يسعون لإيجاد علاج“.

 الخبر منشور بالنسخة  الدولية يمكنكم مطالعته عبر العنوان التالي:

Scientists race to halt banana catastrophe