Skip to content

09/09/19

آلة زراعية صديقة لأصحاب الحيازات الصغيرة

Agriculture machine
حقوق الصورة:SciDev.Net / Atef Swelam

نقاط للقراءة السريعة

  • الآلة تجعل حائزي الأراضي الصغيرة مالكين لشيء من الميكنة الزراعية، لا مؤجرين
  • تجهِّز وتزرع وتسمِّد، بما يزيد الإنتاجية بمقدار الخُمس ويوفر ربع مياه الري
  • مزاياها العديدة مغرية لصغار المزارعين، ويُتوقع لها انتشار سريع

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[القاهرة] مثل كثير من المزارعين كان ممدوح فانوس -ابن محافظة المنيا في جنوبي مصر- متخوفًا من استخدام آلة زراعية جديدة، على الرغم من محاولات إدارة الإرشاد الزراعي بمحافظته لإقناعه بمزاياها.
 
تجهز الآلة الأرض الزراعية وتزرعها في الوقت ذاته، وتعمل على رفع إنتاجية المحصول بمعدل يتراوح بين 15 و20%، كما توفر حوالي 25% من مياه الرى.
 
الآلة طورها المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة –إيكاردا، بالتعاون مع مراكز البحوث المصرية المعنية، والقطاعين العام والخاص، بهدف التوسُّع في استخدامها لدى أصحاب الحيازات الصغيرة بمصر.
 
بعد مجهود مُضنٍ لإقناعه وحوافز كثيرة، تمثلت في تقديم البذور والسماد مجانًا، وتحمُّل تكاليف استخدام الآلة، وافق فانوس على مضض، ليحصل في الشتاء الماضي على زيادة في إنتاج القمح لم يشهدها من قبل، ويصبح أكبر مروِّج وداعم لهذه الآلة التي انتقلت في أغسطس الماضي من النطاق التجريبي إلى الإنتاج التجاري، بعد أن أُجريت عليها خلال السنوات الخمس الماضية تعديلات رفعت من قيمتها الاقتصادية لدى أصحاب الحيازات الصغيرة.
 
أشرف على تصميم الآلة عاطف سويلم، خبير إدارة المياه والري في ’إيكاردا‘، كما ترأس الفريق البحثي الذي طورها.
 
يقول سويلم لشبكة SciDev.Net: ”في البداية عندما فكرنا في هذه الآلة كان هدفنا هو ترشيد استخدام المياه فى الزراعة، وبدأنا بزراعة القمح، لكن هذا لم يكن مُغريًا لأصحاب الحيازات الصغيرة، الذين يهمهم المكسب المادي“.
 
ويكمل: ”من ثم، راعينا أن يحقق التصميم مميزات تهم المزارعين، مثل زيادة الإنتاجية وتقليل التكاليف، والتى تحقق لهم مكسبًا اقتصاديًّا؛ ليكون الأمر مُغريًا بتطبيق هذه التكنولوجيا الجديدة“.
 
ورغم أن الآلة حققت المطلوب منها مع محصول القمح، عند تجربتها في البداية بمحافظة الشرقية شمال شرق القاهرة، إلا أن معايشة الباحثين لتفاصيل الزراعة والحصاد عند أصحاب الحيازات الصغيرة دفعتهم إلى إجراء تطوير على الآلة؛ لتكون متعددة الأغراض، وتناسب محاصيل عدة وظروف تربة مختلفة وحيازات مختلفة.
 
ولا يملك جميع المزارعين الميكنة الزراعية المستخدَمة لخدمة الأرض، وإنما يحوزها مالكو الجرارات في القرى، ويوفرونها لباقي المزارعين بالقرية، بمقابل مادي يتوقف على عدد ساعات الاستخدام والمساحة المخدومة.
 
أما الآلة الجديدة فهي تتكون في شكلها الأسبق من ثلاث فجاجات كبيرة، مصممة بشكل يسمح بشق خطوط للمياه في الأرض الزراعية، وبين كل اثنتين منها ثلاث فجاجات صغيرة، يتصل كلٌّ منها بصندوق البذور لبذرها بالتربة بين القناة والأخرى بعمق 4 سم تحت سطح التربة، بحركة ميكانيكية بسيطة.
 
كان هذا الشكل ملائمًا للزراعات الكثيفة، مثل القمح والبرسيم والشعير، ولكنه لم يكن مُجديًا مع المحاصيل الأخرى، مثل الذرة الرفيعة والشامية وبنجر السكر والفول البلدي وفول الصويا والقطن، وغيرها من المحاصيل، التي تعتمد على ما يُعرف بزراعة ’الجور‘.
 
 
واكتُفي في التصميم الأول للآلة بالعمل على إلغاء الشكل التقليدي للزراعات الكثيفة، إذ ينثر المزارع البذور يدويًّا على نحو غير منتظم، وفي تصميمها الأحدث شمل التطوير زراعة المحاصيل فى ’جور‘، الأمر الذي جعل زراعة هذه المحاصيل أسهل، وبمجهود وتكاليف أقل.
 
واقتضى ذلك أن يُجريَ المصممون تعديلات عليها، تمثلت في تزويد ’عمود التلقيم‘ -الذي يتلقى البذور من صندوق البذور- بوحدة تحكم يمكن من خلالها جَعْل الماكينة ملائمةً للاستخدام مع أي محصول، كما يجعلها ملائمةً أيضًا للزراعات التحميلية، ’زراعة محصولين في وقت واحد‘، وفق توضيح سويلم.
 
ويضيف سويلم: ”المفارقة المثيرة للعجب أن المزارع كان ذكيًّا بما يكفي لخلق استخدام جديد للآلة بعد تطويرها، وهو الانتفاع بها في التسميد أيضًا، وهو ما لم يكن في تخطيطنا“.
 
وإلى جانب هذا التطوير في أشكال الاستخدام ليصبح أعم وأشمل، أُجريَ تطويرٌ آخر في الهيكل الرئيسي، وبناء الماكينة بخامات أكثر قوةً وصلابة لتناسب مختلف أنواع الأراضي؛ إذ يمكن استخدامها في الزراعة مباشرةً بأرض غير محروثة (أرض بلاط).
 
ومع كل هذه التحديثات أصبحت الآلة مُجديةً جدًّا من الناحية الاقتصادية، وكذلك من حيث تعدد الاستخدامات، وأصبح اقتناؤها مُغريًا لملاك الماكينات الزراعية.
 
وفق دراسة جدوى أعدتها الشركة المنتجة للآلة، فإن العمر الإهلاكي لها حوالي 12 عامًا، ويمكن تعويض تكاليف شرائها، خلال 3 سنوات.
 
ويتوقع محمود نافع -المهندس بالإرشاد الزراعي بمحافظة الفيوم جنوب مصر، والذي يشرف على نشر تكنولوجيا الزراعة على مصاطب بالميكنة- أن يحدث انتشار سريع لهذه الآلة، بعد أن أظهرت نتائجَ إيجابية بين المزارعين المغامرين.
 
يقول نافع لشبكة SciDev.Net: ”عندما نريد نشر أفكار جديدة بين أصحاب الحيازات الصغيرة، نلجأ إلى المزارعين المغامرين من ذوي الحيازات الكبيرة؛ لما لهم من تأثير كبير بين صغار المزارعين، واستعداد لتطبيق الأفكار الجديدة، ويكون نجاح المحصول عند هؤلاء دافعًا لغيرهم من أصحاب الحيازات الصغيرة، وهو ما حدث مع تلك الآلة متعددة الفوائد“.
 
وإضافة إلى المزايا المعروفة لتلك الآلة من حيث زيادة الإنتاج وتوفير المياه، ”فإن هناك مزايا أخرى نلحظها بحكم الخبرة، وهي جودة الإنتاج، حيث يكون النبات قويًّا في بنيته، والسبب يعود إلى طريقة الري“، وفق نافع.
 
يوضح نافع الفرق بين الطريقة التقليدية واستخدام الماكينة قائلًا: ”الأرض عندما نغمرها بالماء تصبح الجذور مثل الابن المدلل الذي وجد كل شيء متاحًا له دون إرهاق نفسه، أما طريقة الزراعة بالمصاطب التي توفرها الآلة فلا تجعل المياه متاحةً بسهولة، ويضطر جذر النبات إلى البحث عنها، وهذا ينعكس إيجابيًّا على جودته ومتانته“.
 
ويشير كمال الدين إبراهيم -المدير العام بالإرشاد الزراعي بمحافظة المنيا- إلى ميزة أخرى تتعلق بجودة المحصول، ويقول للشبكة: ”زراعة المصاطب تسمح بوجود فراغات تستوعب الرياح، كما أن النبات يكون له محتوى جذري قوي مقاوم للرياح، وهذا يجنِّب المحصول ما يسمى الرقاد، الذي يؤثر على جودة المحصول ويجعله يختلط بطين التربة“.
 
من جانبه يقول نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية واستصلاح الأراضي بكلية الزراعة، جامعة القاهرة في مصر: ”كل المزايا التي تحققها الآلة قد تكون ذات بُعد إستراتيجي يهم الدولة، أو يهم ملاك الماكينات الزراعية، ولكن ما لم تكن الآلة مفيدةً في زيادة الإنتاج للمزارع، فلن تشفع لها أي ميزة أخرى، حتى لو كانت تحقق توفيرًا كبيرًا في المياه“.
 

”ولهذا أتوقع الانتشار السريع لتلك الآلة“.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع  SciDev.Netبإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.