Skip to content

18/10/15

تقنية بناء جديدة لإعادة بعث واحة سيوة بمصر

Sewa oasis
حقوق الصورة:Ain Shams University/ IUSD lab

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

 ”هربوا من قسوة الصحراء إلى حضن طبيعتها“، بهذه العبارة يمكن أن نلخص تاريخ توحد سكان واحة سيوة بالصحراء الغربية في مصر مع طبيعة بيئتهم القاسية على مر الأزمنة والعصور، حافظوا خلالها على عاداتهم وتقاليدهم، فأبدعوا في تصميم المباني الطينية المنسجمة مع الطبيعة، والتي تمتص حرارة الشمس خلال النهار، وتحافظ على درجة الحرارة داخل المنزل معتدلة.
 
لكن سكان الواحة لم يقووا على مقاومة رياح التمدن التي اجتاحت الصحراء، فتغير الكثير من عاداتهم وتقاليدهم، وهجروا تقنيات البناء التقليدية التي كانت تنبع من حضن طبيعتهم، واتجهوا نحو محاكاة طرق البناء الحديثة التي تستخدم الإسمنت المسلح والطوب الأحمر.
 
وعلى هامش قمة المدن البيئية 2015، والتي اختتمت أعمالها الثلاثاء الماضي في إمارة أبو ظبي بالإمارات، تحدثت رشا أبو ديب -الباحثة في برنامج العمران المتكامل والتصميم المستدام بكلية الهندسة في جامعة عين شمس  بمصر- بكثير من الحسرة على التغيّر الذي يحدث في هندسة وفن العمارة البيئية في سيوة، والتي أبدع سكانها منذ القدم في عمارة بيوتهم بمادة ’الكرشيف‘، وهي مزيج من الطين والرمل والملح الصخري.
 
تقول رشا لشبكة SciDev.Net: ”رغم مواءمة هذه المادة للبيئة الصحراوية في البناء، لكن السكان فقدوا الثقة بها بعد أن جرفت سيول الأمطار الكثير من هذه المنازل، بسبب ذوبان الملح الموجود بمادة الكرشيف مع مياه الأمطار، كما يعيبها أيضًا تطاير الأتربة داخل المنزل، مما يتطلب كثيرًا من أعمال التنظيف والصيانة“.
 
اتجاه سكان سيوة إلى مواد البناء الحديثة لتشييد منازلهم أضر كثيرًا بالنمط العمراني والمعماري للمنطقة التي تم تصنيفها عام 2002 كمحمية طبيعية، وأجبرت الحكومة السكان على الحفاظ على النمط المعماري وطلاء منازلهم الخارجية المبنية بالحجر الأبيض بمادة الكرشيف؛ للحفاظ على المظهر الخارجي الموحد للبيوت، لكن هذا الإجراء لم يوقف زحف العمارة الحديثة على المنطقة.
 
ترى رشا أن المشكلة في التوجه الاجتماعي الجديد لسكان الواحة الذين أصبحوا يرفضون العيش في مباني الطين، ”فالتوجه نحو العصرنة أقوى من الاتجاه نحو المحافظة على تقاليد البناء الموروثة عن أجدادهم“.
 
وتؤكد رشا أن الباحثين في برنامج العمران المتكامل والتصميم المستدام بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا وخبراء من المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء في مصر، يعملون على ابتكار نموذج معماري متكامل للبناء المستدام المناسب للسياق الاجتماعي والطبيعي لواحة سيوة.
 
تعتمد فكرة المشروع على كيفية استخدام تكنولوجيا منخفضة التكلفة يمكن تنفيذها بسهولة وتبنيها في ممارسات البناء مستقبلا، مع المحافظة على العادات والتقاليد المجتمعية الخاصة، كما توضح رشا.
 
وتضيف الباحثة: ”وضعنا تصميمًا معماريًّا متكاملًا يشمل كل حاجيات البيوت في سيوة وخصوصياتها، وتمت مناقشته مع السكان المحليين، وحظي بالقبول لأنه أخذ بعين الاعتبار النطاق المناخي، وفن العمارة التقليدية، وتنظيم الفراغات الداخلية لضمان التهوية الطبيعية، كما راعينا أيضًا التغيرات الاجتماعية والاقتصادية في نمط البناء والاتجاه من البناء الأفقي إلى الرأسي“، مشيرة إلى ارتفاع أسعار الأراضي وتكاليف البناء.
 
أما فيما يتعلق بالمادة الأساسية للبناء، فتؤكد رشا أن المشروع حاول إيجاد حلول إنشائية من الطبيعة، ”فبعد دراسة أنواع التربة واختبار خلطات لمواد البناء بنسب مختلفة، تم تحديد المزيج الأنسب الذي يمكن استخدامه في عمل طوب باستخدام تقنية ’التربة المدكوكة‘، بالإضافة إلى الحجر الأبيض، لمقاومة العوامل المناخية“.
 
ويسعى المشروع في المرحلة القادمة إلى الانتقال من مرحلة البحث إلى مرحلة مساعدة السكان على بناء بيوتهم باستخدام هذه التقنية الجديدة، تقول رشا: ”نجاح المشروع سيشجع على إنشاء مشروعات أخرى لإعادة تصميم مدن بيئية عرفتها مناطق أخرى في مصر والعالم العربي، زال بعضها وظل البعض الآخر يقاوم الطبيعة وإهمال السكان“.

 هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا