Skip to content

28/12/17

’شتاء داعش‘ يُلزم عراقيين ’العيش تحت سماء سوداء‘

Iraq environment crisis
حقوق الصورة:Hossein velayati

نقاط للقراءة السريعة

  • الحرائق النفطية بالعراق أطلقت أكاسيد الكربون والنتروجين والكبريت في جو سمائه
  • وكذلك الهيدروكربونات عديدة الحلقات ومعادن ثقيلة مع الأمطار الحمضية حمَّضت تربته
  • وكذا تلوثت مياهه الجوفية والسطحية، ما ينذر بمشكلات صحية أخطرها يرتبط بالسرطان

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[نيروبي] ”كانت آبار النفط المشتعلة والمواقع الصناعية المتضررة بشدة، تجذب كالمغناطيس أبصار الإعلام، الذي عرض أهوال سموم الحرب في بثٍّ حي، وما إن خمدت النيران، حتى تلاشى الاهتمام بالعواقب الصحية من جَرَّاء التعرُّض للتلوُّث الذي خلَّفه الصراع. ورغم أن الصحفيين غادروا، فعلى البشر الذين يعيشون بمناطق فيها مخلفات سامة من هذه الحرب، مواجهة الإرث البيئي النكِد للصراع، من هواء لوَّثه اشتعال الآبار، وسخام ينتشر فوق مساحات شاسعة، فيغطي التربة، ويؤثر على الماشية، ومياه جوفية لوَّثها تسرُّب النفط إليها، والمياه العادمة“.

هذه العبارة وردت كما هي -بتصرف طفيف- مطلع المحور الخامس بخلاصة تقرير لمنظمة ’باكس للسلام‘، أصدرته خلال اجتماعات جمعية الأمم المتحدة للبيئة، التي انعقدت 4 :6 ديسمبر الجاري بالعاصمة الكينية نيروبي.

التقرير الصادر بعنوان: ’العيش تحت سماءٍ سوداء‘، خلص إلى أن الحروب التي دامت ثلاث سنوات منذ يونيو 2014، ووضعت أوزارها بإجلاء مسلحي تنظيم ’داعش‘ عن شمال العراق، ترك على البيئة هناك بصمة عميقة، إلى الحد الذي سيعوق حتمًا أية جهود لإعادة البناء والإعمار، وعلى المدى البعيد سيكون وباله على المجتمعات -ثَمَّ وفي الجوار- وخيمًا من الناحيتين، الصحية والاقتصادية.

كاتبه، ﭭيم زﭭﺎيننبرخ يقول لشبكة SciDev.Net: ”أهم ما يميز هذا الجهد هو خلق نموذج للرصد، يمكنه توفير بيانات عن البيئة لا بعد انتهاء النزاع فحسب، بل في أثنائه، ما يجعل صناع القرار أكثر قدرةً وكفاءةً على اتخاذ الإجراءات المناسبة“.

اعتمد الرصد، الذي بدأ العمل فيه مطلع 2015، على جمع البيانات من طرق شملت صورًا ملتقطة بالأقمار الاصطناعية تعرضها للعامة وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) ووكالة الفضاء الأوروبية (إيسا)، وبيانات الأقمار الاصطناعية من شركة ’بلانت لابس‘ الأمريكية، وفحص البيانات الواردة في وسائل الإعلام الاجتماعية، بالإضافة إلى المقالات الإخبارية.

إجمالًا، تحدَّث المحور الأول الذي أوردته نتائج التقرير عن التلوُّث الناجم عن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية لإنتاج النفط، سواء بتدمير مصافي تكرير الزيت الخام، أو رؤوس الآبار، وخطوط الأنابيب. وذكر أن الناس تعرضوا -على نحو حادٍّ ومتطاول- لنطاق واسع من المركبات السامة، والمعادن الثقيلة، ومواد أخرى ضارة، لها آثار سلبية على الصحة.

والتاثت المياه السطحية والجوفية بمختلِف منتجات البترول بسبب التسربات على الأرض، والسخام الذي انتشر في الجو، ما أثر على مياه الشرب والري. وتلوثت كذلك أراضي الرعي والزراعة، بما سيترك آثارًا على الصحة والبيئة، ويثقل كاهل الدولة العراقية فنيًّا وماليًّا.

’التكرير في الفناء الخلفي‘ هو ما تناوله ثاني المحاور، وهو نوع يستخدم تقنيات بدائية -على نطاق صغير وعلى نحو غير شرعي- في تكرير الخام، انتشر في شمال العراق، حتى رصدت منه ’باكس‘ وشركاؤها، 1600 مصفاة، مقسمة على 20 تجمعًا، كان أغلبها في محافظتي نينوى وكركوك. أُجبر عمالها على العمل في تلك المواقع مدةً دامت عامين، تعرضوا لكيماويات شديدة السمية، كما أنها تركت مخلفات سامة ولوثت البيئة بسبب حرق النفط.

وركز المحور الثالث على خراب واسع حل بالحضر في شمال العراق، سواء في المناطق السكنية منه أو الصناعية، إذ شهدت مدن الموصل والرمادي وتكريت والفلوجة مستويات عالية من الدمار، خلفت ركامًا يقدر بعشرات الملايين من أطنان الأنقاض، مختلطةً بمخلفات منزلية وصحية وصناعية، سوف تأخذ الكثير من الجهد والمال في الرفع والنقل والطمر أو المعالجة، والعاملون الذين سيباشرون هذه المهام سوف يتعرضون للأذى.

أما الدمار الذي لحق بالمناطق الزراعية، وهو المحور الرابع، فإن الاستشعار من البُعد، والتقارير الواردة من على الأرض، تذكر التدهور في الأراضي الزراعية الذي أصابها قبل استيلاء عصابات ’داعش‘ عليها، بسبب سوء الإدارة المائية، والتغيُّر المناخي، قد تضخَّم إلى حدٍّ مخيف بعده؛ إذ شهد بعضها اقتتالًا، فرَّ منه مزارعو بعضها، وهجروا الأرض، ما أسفر عن مستويات متدنية للغاية من الإنتاج، وتلوُّث كثير منها.

والمحور الخامس الذي بدأنا به، كان يتعلق بمخاوف واهتمامات الناس الذين بثوا مُر الشكوى من المخلفات السامة، ورفعوا أصواتهم مطالبين بالنظر في أحوالهم التي ساءت، لا سيما في القيارة، التي شكا سكانها من استنشاق أبخرة مهيجة وأدخنة ضارة، انبعثت من الآبار النفطية المشتعلة.

تفصيلًا، في هذه المنطقة الواقعة جنوبي الموصل، أضرم مسلحو ’داعش‘ النيران في 18 بئرًا نفطية بها، وظلت النيران تتأجج قرابة 9 شهور.

هناك يعاني الناس -كما ذكر التقرير- ”حروقًا، وتشوهات، وإعاقات لا تحصى“، و”تحورت جينات الوراثة لدى البشر بسبب الأسلحة الكيماوية التي استُخدمت، واشتعال آبار النفط، وبقايا العسكرة، وأكثر ما أورثته الطفرات الجينية تجلى في العيوب الخلقية بالمواليد الجدد“.

الأسر ”ذات المداخيل المتدنية، والزمنى“ هم جل المتضررين، وبسبب التلوث يعاني الأهالي ”الاختناق، والتحسس، والطفح الجلدي“، ولا قِبَل لأكثرهم بنفقات العلاج.

وكانت المناطق الأكثر تضررًا هي تلال حمرين، الممتدة من ديالى شرقي العاصمة بغداد إلى مدينة كركوك بالشمال، حيث اشتعلت نيران حقلين نفطيين بها لمدة عامين.

لذا تضمن التقرير صورًا للسخام الذي سوَّد المعيشة والناس والحيوان والزرع والجمادات، إحداها لعائلةٍ ربها وأولاده سود الوجوه، وجدران بيتهم كذلك، وأخرى لغنم سوداء الفراء، وثالثة لآبار مشتعلة حجبت زرقة السماء بسواد كثيف.

هذه الحال المزرية دفعت الأهالي إلى إطلاق وصف ’شتاء داعش‘ على الأوقات العصيبة التي يعيشونها، لا سيما بسبب الأدخنة التي تظلُّهم والأبخرة التي يستنشقونها.

يقول جاسم عبد العزيز الفلاحي، وكيل وزارة الصحة والبيئة في العراق: ”ما حدث من دمار صُنِّف على أنه أسوأ كارثة بيئية في عام 2016“.

وبلغت التقديرات الأولية لإعادة الإعمار نحو خمسين مليار دولار أمريكي.

والخطة التي وضعتها الحكومة العراقية لهذا، ضمن مشروع تبدأ مرحلته الأولى مطلع 2018 وتستمرّ حتّى 2022. وتدوم المرحلة النهائيّة من 2023 وحتى 2028.


هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.