Skip to content

06/10/14

من إثيوبيا.. محاولة لاستجلاء غموض ’سد النهضة‘

Ethiopian Dam 1 Lou (FILEminimizer).JPG
حقوق الصورة:Ethiopian Electric Power Corporation

نقاط للقراءة السريعة

  • خبيرة دولية: ”كم محدود للغاية من المعلومات متاح للدول التي ستتأثر ببنائه“
  • المدير الإثيوبي للمشروع: ”بلدنا جاذب للاستثمار، وعلينا تأمين المتطلبات من الكهرباء“
  • خبير مصري: ”أهدافه تجارية.. منها حجز المياه بهدف بيعها لدول الجوار“

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

مقطع صوتي جمعت فيه ’لو ديل بيلو‘ آراء خبراء حول السد المثير للجدل. بتصرف وتحرير طفيفين نعرض محتواه النصي
 
 [أديس أبابا] يجري نهر النيل بطول يبلغ 6695 كيلومترًا، يرفده النيلان الأزرق والأبيض، قبل أن يصب في البحر المتوسط.

ينبع النيل الأزرق من بحيرة تانا في إثيوبيا، ثم يجري شمالاً ليلتقي النيلَ الأبيض في مدينة الخرطوم بالسودان.

وللاستقصاء حول ’سد النهضة‘ الإثيوبي، الذي يلفه شيء من غموض، وحول تأثيره على مياه النهر، قامت لو ديل بيلو -الصحفية في شبكة SciDev.Net– برحلة استغرقت 8 ساعات لتصل إلى العاصمة الإثيوبية ’أديس أبابا‘، في مهمة لجمع بعض الحقائق والآراء المحيطة ببناء السد الواقع على النيل الأزرق بمنطقة بني شنقول- قماز، قرب الجانب الشرقي للحدود السودانية.

المخطط أن ينتهي بناء السد المثير للجدل بحلول 2017؛ ليوفر السد الطاقة لإثيوبيا والدول المحيطة بها. لكن دول المصب -وبالأخص مصر- ترى أنه سيكون للسد نتائج كارثية على الأمن المائي في البلاد.

أول مَن استطلعت رأيه حول هذا الشأن كان كيفين ويلر، وهو باحث ومستشار، ذو خبرة عريضة في تطوير نظم دعم القرار وتطبيقه للتخطيط والإدارة طويلة الأمد، وله اهتمام خاص بمتابعة كل ما يجري حول السد العملاق.

يقول ويلر: ”السدود العملاقة مزاياها عظيمة وتكاليفها ضخمة في الوقت ذاته، وتقييم المزايا والتكاليف مسألة معقدة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأنهار العابرة للحدود، فتوليد الكهرباء مسألة غاية في الأهمية للمنطقة بأسرها، إلى جانب السيطرة على الفيضانات وزيادة رقعة الأراضي المزروعة بالري“.

ويتابع: ”يصعب تحديد عقبات بناء هذه السدود، وغالبًا ما تعتمد على الكيفية التي سيجري تشغيل السد بها، وعلى ماهية الاتفاقات المزمع عقدها، ومن دون وجود اتفاقات بين إثيوبيا والسودان، لا ضمانات لتوفر الماء“.

 وعلى الرغم من أن المسافة بين السد و’أديس أبابا‘ بضع مئات من الكيلومترات، إلا أن الطرق الموصلة له في حالة سيئة.

تقول مراسلةSciDev.Net : ”واجهت عدم ترحيب في أثناء التغطية، كما حاولت بكل جهد الحصول على تصريح من الحكومة لزيارة المشروع لكن السلطات رفضت“.

غير أنها ظفرت بمقابلة سيميجنو بيكيلي، مدير المشروع، الذي يقع مكتبه على مقربة من موقع العمل. وقد أمدها المدير بعدد من الصور الحديثة للمشروع.

يقول بيكيلي: ”المشروع يهدف لخدمة الأجيال القادمة؛ فبلدنا جاذب للاستثمار، وعلينا تأمين المتطلبات من الكهرباء من خلال الاستفادة من مواردنا الطبيعية لتوليد طاقة نظيفة ومتجددة كالطاقة الهيدروليكية المولدة من السدود“.

وعلى وقع جعجعة آلات البناء وصريرها، عرفت ’لو‘ من المدير أن ”7500 عامل يواصلون العمل بالمشروع ليلاً ونهارًا، سبعة أيام في الأسبوع“.

ويستطرد بيكيلي: ”الجميع يتابع هذا المشروع عن كثب؛ فهو بمنزلة فرصة ذهبية لنا، وإلى جانب النفع الذي سيعود به على الجيل القادم، سينظم السد الفيضانات التي تضرب دول المصب من خلال عمل التوربينات التي توفر الماء في مواسم الجفاف والفيض“.

في المقابل، يعلق نادر نور الدين -أستاذ الموارد المائية والأراضي بكلية الزراعة، جامعة القاهرة المصرية- قائلاً: ”أرى أن الآثار المترتبة على بنائه كلها سلبية، وما من أثر إيجابي –ولو واحدًا- يعود على السودان ومصر“.

ويتابع: ”حصة مصر السنوية من المياه ستنخفض بعد الانتهاء من الملء بما يؤدي إلى بوار 2,5 مليون فدان من الأراضي الخصبة، حيث يستهلك كل مليون فدان 5 مليارات متر مكعب من الماء في المتوسط“.

انخفاض حصة مصر من المياه بهذا المعدل يعني تراجع الرقعة الزراعية المصرية بنسبة 30% أو نحو هذا.

ضخامة حجم السد –من منظور نور الدين- تشير بقوة إلى أن أهدافه تجارية، وأن الغرض منه ليس توليد الكهرباء فحسب، بل حجز المياه بهدف بيعها لدول الجوار.

”تملك إثيوبيا قدرات طبيعية جيدة لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح تصل إلى 12 ألف ميجا وات سنويًّا، فيما يولد سد النهضة 6000 ميجا وات سنويًّا فقط“، هكذا يشرح نادر.

دوليًّا حظي المشروع باهتمام جهات شتى. فمن مؤسسة ’إنترناشيونال ريفرز‘ -وهي منظمة غير حكومية مناهضة للسدود- تقول الباحثة لوري بوتينجر، التي عملت في إثيوبيا عدة سنوات: ”لم يحدث أن شهد مشروع عملاق مثل هذا السد، الذي يجري تشييده على نهر مشترك هذا الكم المحدود للغاية من المعلومات المتاحة للدول التي ستتأثر ببنائه“.

وفي طيات حديثها تلمِّح بوتينجر إلى أنه لم تبلَّغ مصر ولا السودان بالمشروع إلا بعد البدء في تشييده فعليًّا، رغم أن السد سيحجز كمية هائلة من مياه النيل، وتقول: ”بالنظر إلى أهمية نهر النيل –وبالأخص لمصر- فهذا يعد تصرفًا غير مسؤول من الجانب الإثيوبي“.

وتتابع: ”لإثيوبيا الحق في تنمية مواردها، لكن الأمر لا يتعلق فقط بكمية المياه الممكن احتجازها، فهناك معايير أمان لا بد أن تُراعَى“.

ومع تنامي المخاوف المتعلقة ببناء السد لدى كل من مصر والسودان، شكلت لجنة ثلاثية لتقييم مخاطر السد. انعقد الاجتماع الرابع للجنة في نوفمبر 2012م.

تقول بوتينجر: ”انعقدت لقاءات دورية بين خبراء وممثلين عن الحكومات الثلاث لمدة عام أو اثنين؛ لتقييم العواقب المترتبة على تشييد السد، لكن لم يُنشر لها ’تقرير‘ كامل في النهاية، وهذه مشكلة كبيرة؛ فهذا المشروع في حاجة ماسة إلى الظهور للشمس“.

كانت اللجنة قد سلمت تقريرها للحكومات المعنية مطلع يونيو 2013م.

في عام 2014 تلقت مؤسسة ’إنترناشيونال ريفرز‘ نسخة مسربة من التقرير، الذي أشار إلى وجود ضعف في الدراسات المبدئية للمشروع، ونقص في البيانات والدراسات المهمة لضمان الأمان وعدم انهيار السد.

كما أشار إلى أنه من بين 20 دراسة مقدمة للجنة ثمة 8 دراسات حُجبت، وفي تعليق لأحد أعضاء لجنة ثلاثية قديمة يقول: ”الأوراق المقدمة ذات طابع عمومي، ولا تحوي معلومات دقيقة خاصة بالمشروع، وتحتاج إلى التحديث“.

وأكد الخبراء في اللجنة أن الأوراق التي قدمت إليهم قديمة وتحتاج إلى التحديث، حيث جرى تعديل التصميم بشكل كبير بين عامي 2010 و2013م.

وفي محاولة لكشف غموض التعديلات التي أجريت على السد والآثار المحتملة لذلك، توجهت ’لو‘ إلى زليلم تسفاي، مهندس الموارد المائية والخبير في مكتب النيل الشرقي بإثيوبيا ENTRO، وهي مؤسسة معنية بإدارة استخدام المياه.

أكد تسفاي: ”نعمل على 3 مشاريع، اثنان منها في إثيوبيا والثالث في السودان، والفكرة الرئيسة قائمة على عمل سلسلة من المشروعات المتعاقبة على النيل الأزرق، ومع وجود بعض العثرات في التمويل وتأخر تنفيذ المشروع، تولت الحكومة الإثيوبية العمل على المشروع، وأجرت بعض التعديلات على التصميم والدراسات الخاصة به التي قمنا بها سلفًا“.

ويقول تسفاي: إن السبب الرئيسي وراء تغيير التصميم ”عمل سلسلة مشروعات متعاقبة على النيل؛ فهذا يعد خيارًا استثماريًّا أفضل، وأسهل تمويليًّا“.

ويجمع خبراء على أن إدارة مياه النيل لا بد أن تتم بموافقة جميع الدول التي يجري فيها النهر، وأن احتياجات الدول لا بد أن توضع في الاعتبار.

يقول تسفاي: ”قمنا بدراسة لتحديد أفضل الخيارات المتاحة لعمل سلسلة السدود من حيث القدرة على توليد الطاقة، ونحاول الآن تقييم الآثار الإيجابية والسلبية المحتملة على دول المصب“.

بعد الانتهاء من تشييد السد، سيكون من المهم تحديد فترة ملء الخزان، فكلما كانت فترة الملء أقصر سارع ذلك من توليد الكهرباء، ولكن في المقابل سيخفض ذلك من سريان المياه لدول المصب بشكل كبير.

يقول نور الدين: ”مصر ستعاني من الجفاف بشدة في أثناء فترة الملء“.

خلال العامين الماضيين عكف كيفن ويلر على أبحاث عن النيل الشرقي، وقام بعمل نموذج محاكاة سماه: ”النهر إلى أين؟“؛ للمساعدة في صياغة توقعات لحركة الأنهار والآثار التي تقع عليها.

يقول ويلر: ”قمنا بعمل نموذج للنهر مع الأخذ في الاعتبار الكيفية التي يدار بها من قبل الدولة باستخدام المعلومات المتاحة، ومن هنا نستطيع تجربة أساليب إدارة مختلفة بعد تحديد النظام القائم حاليًّا“.

ويستطرد: ”بالنسبة لسد النهضة الإثيوبي تحديدًا، سنقوم بعمل نموذج للنهر دون وجود السد، بعدها ندرس الآثار المترتبة على وجود السد، ومن هنا يمكننا تحديد الكيفية التي يفضل تشغيل السد بها“.

في المستقبل من المحتمل أن تتسبب المياه في قيام نزاعات عنيفة بين الدول، خاصة مع تضخم ظاهرة التغير المناخي وازدياد تعداد السكان.

يختم ويلر: ”الدراسات التي أرخت لنهر النيل عديدة وغنية، وهناك الكثير من النماذج التاريخية غير الملتفت لها، التي تحوي معلومات قيمة، وأظن أنه من المهم أن يُنظر إليها ويجري تطويرها من قبل القائمين على إدارة النيل“.

يمكنك سماع المحتوى كاملا على النسخة الدولية للشبكة عبر العنوان التالي:
Ethiopia's Millennium Dam: Science and controversy