Skip to content

21/12/13

تعريب العلوم.. سباحة ضد التيار

Arab forum for scientific research and development
حقوق الصورة:Hazem Badr/ Arab forum for scientific research and development

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

رغم تحيزي الدائم للغة العربية، إلا أني كنت أتفق دومًا مع من يقول إن العلوم لا بد أن تدرس باللغة الإنجليزية؛ ظانا أن تعريبها يفقد الباحثين العرب واحدة من أهم المزايا، وهي الاطلاع على أحدث ما ينتجه الغرب، مما يسهم في تطوير أدائهم.

ولكني الآن أستطيع أن أقول -بعد جلسة جمعتني بالدكتور محمد المرياتي، كبير المستشارين في العلوم والتكنولوجيا للتنمية المستدامة بالمؤسسة الألمانية للتعاون الدولي-: إني كنت مخطئا؛ فالرجل الذي يؤمن بأن عدم تعريب العلوم هو أحد أهم أسباب تأخر العرب، استطاع أن يجعل كثيرا ممن استمع إليه يؤمن بهذه الفكرة.

كانت الجلسة التي جمعتني بالدكتور المرياتي قبل ساعات من بدء فعاليات المنتدى العربي الأول للبحث العلمي والتنمية المستدامة، الذي تستضيفه دولة تونس خلال الفترة من 20 إلى 22 ديسمبر 2013، ويدير فيها ورشة عمل تتحدث عن هذه القضية.

قال الرجل: "عندما تسأل أي باحث: لماذا لا ندرس العلوم باللغة العربية؟ يكون الرد: لأن لغة العلوم هي الإنجليزية، مع أن كوريا الجنوبية -التي تحتل المرتبة الأولى في العالم من حيث نصيب الفرد من براءات الاختراع- تدرس العلوم بلغتها، وكان من أهم تبعات ذلك حدوث زيادة خلال العقود الثلاثة الماضية في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، من ألفي دولار في العام إلى 22 ألف دولار".

بهذه المقدمة فتح المرياتي شهيتي لأسأله: وما علاقة اللغة بهذا التقدم الاقتصادي والعلمي؟

لم يرد أن يدخل مباشرة إلى الإجابة عن سؤالي، قبل أن يوضح نقطة وصفها بأنها في غاية الأهمية، هي أن قرار اعتماد اللغة الكورية في تعليم العلوم لم يأت في جلسة عقدها خمسة مسؤولين في قاعة مغلقة ثم اتخذوا قرارا، كما يحدث في العالم العربي.

وتابع وقد بدت على وجهة الحماسة وهو يتحدث عن هذه التجربة التي عايشها عن قرب من خلال الإقامة في كوريا الجنوبية الشهرين الماضيين: "هذا القرار اتخذه معهد سياسات اللغة، وهو معهد ضمن 23 معهدا متخصصا في بحوث السياسات، ويضم 400 باحث، يعمل بشكل مستقل عن الحكومة، ووظيفته رسم السياسات الخاصة باللغة".

كان القرار الذي اتخذه الكوريون مبنيا على عدة أسباب، تمثل إجابة عن السؤال الذي طرحته على د.المرياتي.

وحاول توضيح فكرته قائلا: "هل تستطيع الرأس أن تعيش بعيدا عن الجسد؟".

الإجابة المنطقية عن السؤال هي: "لا"، ولكن هذا الواقع في العالم العربي، فالرأس -وهي المعرفة- تحتكرها فئة قليلة، وهي النخبة من مهندسين وباحثين، التي تجيد الإنجليزية، بينما جسم المجتمع من الفنيين والحرفيين ومن هم أقل لا تنتقل لهم هذه المعرفة؛ لعدم إجادة اللغة الإنجليزية".

قد يرد البعض على كلام د. المرياتي بقوله: "ولكن اللغة الإنجليزية أصبحت لغة عالمية ترتقي بالشخص الذي يتقنها ماديا وأدبيا".

لم يترك الرجل فرصة لطرح هذه الملاحظة، حيث استدرك قائلا: "الرجل الذي يدرس العلوم بالإنجليزية يمكنه أن يسافر إلى الخارج بسهولة، ويحصل على راتب أعلى، وهو في هذه الحالة يفيد نفسه، لكنه لا يفيد المجتمع الذي يعيش فيه".

"يجب الفصل بين إتقان اللغة الإنجليزية والتعلم بها، فأنا مع إتقان الإنجليزية؛ فهذا أمر ضروري، ولكني ضد استخدامها في تعليم العلوم".
 

هذه بعض من كثير من الأفكار التي أوردها د.المرياتي في هذه القضية، وهي أفكار تبدو ضد تيار قوي وعارم يقف حجر عثرة أمام أي محاولات للتعريب.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط