Skip to content

25/02/20

ضربات فيروس كورونا-19 تقع حيث لا ندري ولا نحتسب

Corona Middle east

نقاط للقراءة السريعة

  • لبس وحيرة بسبب مكان أو ثقل ضربات الفيروس التاجي الجديد، كوفيد-19
  • ولم تزل طرق انتشاره وسرايته عصية على الفهم وملتبسة
  • المنطقة مرشحة لانتشار عدواه باتساع

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[القاهرة] حيرت ضربات فيروس كورونا-19 الجميع من حيث وقعها وموقعها، ولا يزال الغموض يكتنف سلوكه من حيث انتشاره وسرايته كمًّا وكيفًا.
 
”ما زلنا في مراحل مبكرة جدًّا من فهم هذا المرض، ولا يزال هناك الكثير مما لا نعرفه“، هكذا يلخص الموقف مدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس.
 
من ناحية الأرقام، فعلى سبيل المثال، لا الحصر، حتى مساء أمس، وطوال أسابيع، لم تتجاوز حالات الإصابة بالفيروس في الإقليم 5 حالات، كلها لصينيين، 4 في دولة الإمارات، وواحدة فقط بمصر.
 
فجأة، وفي أربعة أيام فقط يعلن رسميًّا في إيران عن وفاة 15 من 61 إصابة مؤكدة بالفيروس، غير 8 حالات في كل من الكويت والبحرين وحالتين في عُمان، وحالة واحدة في كلٍّ من العراق ولبنان، ووصل عدد حالات الإمارات إلى 13، وكلها إيرانية المنشأ أو ذات صلة.
 
لماذا إيران؟ لا أحد يعلم
 
أما بعيدًا عن المنطقة، ففي إيطاليا مثلًا، يموت 7 حالات من بين 270 حالة إصابة مؤكدة، تصاعدت هكذا صاروخيًّا في غضون ساعات، وقد ظلت قبلها لأكثر من شهر حالة واحدة فقط.
 
يضربون أخماسًا لأسداس، لماذا إيطاليا هكذا خلافًا لسائر القارة الأوروبية العجوز؟ والتي تشفى فيها معظم الحالات، إن لم يكن كلها.
 
مدير منظمة الصحة العالمية، غيبرييسوس يقرر أنه ”لم تُرصد تغيرات كبيرة بالحمض النووي للفيروس“.
 
والأعداد تقفز قفزات مريبة وغريبة في كوريا الجنوبية، وصارت تعد بالمئات، حتى ناهزت 1000، وكانت تُحصى بالآحاد على مدار أسابيع. والسبب مجهول.
 
أودى فيروس كورونا المستجد ’كوفيد-19‘ بحياة 2704 نسمة تقريبًا حتى الآن، وأصاب أكثر من 80 ألف شخص، أكثرهم في بر الصين.
 
حالات الإصابة المؤكدة بالفيروس لا تتزايد فحسب، بل ثمة أنماط مختلفة من الانتقال تظهر في مناطق مختلفة من العالم على نحو يدعو للقلق.
 
تنتقل بعض سلالات الفيروس من شخص إلى آخر، بالاتصال عن قُرب مع المصاب، كما يحدث في سياق الأسرة أو العمل، أو في مراكز الرعاية الصحية.
 
دراسة حديثة تقول إن الانتقال ربما يتم أيضًا من طريق براز المصاب، ما يجعل المشافي مباءة، وبؤر انتشار للفيروس.
 
تتصدر إيران بأعلى معدل وفيات، إذ يقترب من 25%، في حين لم يبلغ في الصين 3%، وفق المعلن رسميًّا.
 
هل يرفع هذا حقيقة أعداد المصابين في إيران إلى 300 لتتسق في معدل الوفيات مع ذلك الذي بالصين، والسلطات الإيرانية لا تعرف أو تُخفي الحقيقة؟ أم لا تقوم باللازم تجاه الحالات، أم أن الصين تكذب في معدل الوفيات.
 
الإبلاغ عن حالات إصابة متزايدة في كوريا الجنوبية وإيطاليا، هو أيضًا مصدر قلق بالغ. ”كيف ينتشر الفيروس الآن إلى أنحاء أخرى من العالم؟“.
 
والقلق مبعثه ”عدد الحالات التي ليس لها صلة وبائية واضحة، مثل سجل السفر إلى الصين، أو الاتصال بحالة مؤكدة“.
 
ثمة محاولات لرسم خرائط انتشار متوقعة للفيروس، ولكنها تظل ’محتملة‘، ومحاولات أخرى لفهم ديناميكية انتقاله، ولكنها ’غير مؤكدة‘، خاصةً بعد أن أخذ الفيروس سلوكًا غير متوقع في بعض الدول أثار الحيرة.
 
استندت إحدى الدراسات التي نشرتها دورية ’لانسيت‘ في 20 فبراير الجاري إلى عدة معايير لرسم خريطة انتقال محتمل للفيروس من الصين إلى أفريقيا، واستعدادات المواجهة لدى الدول.
 
وقدرت أن الخطر الإجمالي لاستيراد حالات الفيروس إلى أفريقيا أقل من أوروبا (1٪ مقابل 11٪)، لكن القدرة على الاستجابة ورد الفعل محدودة في القارة السمراء.
 
الدراسة تقول إن مصر والجزائر وجنوب أفريقيا هم الأكثر تعرضًا لخطر الإصابة بالفيروس في أفريقيا، ومع ذلك، فإن هذه البلدان لديها أكثر النظم الصحية استعدادًا للمواجهة في القارة.
 
بيد أن الفيروس يخالف كثيرًا من التوقعات، ويبقى لغزًا محيرًا، ”تتضاءل معه فرص الاحتواء“.
 
يعلق محمد أحمد، أستاذ الفيروسات بالمركز القومي للبحوث في مصر: ”نتائج الدراسة وإن كانت مستندة إلى معايير منطقية بحكم العلاقات التجارية التي تربط دول مصر والجزائر وجنوب أفريقيا بالصين، إلا أن الفيروس الجديد يفاجئنا بأمور غير متوقعة، قياسًا بفيروسات كورونا الأخرى“.
 
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن الفيروس يقضي على 2٪ من الحالات المُبلغ عنها، ويزيد خطر الوفاة مع التقدم في السن، والحالات قليلة نسبيًّا بين الأطفال.
 
والأمر كذلك، ”ثمة حاجة إلى مزيد من البحث، للفهم وحل اللغز“.
 
ولحين هذا، لا سبيل أمام الدول سوى الاستعداد للمواجهة بالطرق التي أعلنت عنها منظمة الصحة العالمية، وأهمها تشديد الرقابة في المطارات والموانئ على المسافرين القادمين من مناطق موبوءة بالفيروس.
 
لقد ظهرت -لأول مرة- حالات لا سافرت إلى الصين ولا احتكت بصينيين، ولا بأناس سافروا إلى الصين، ما يعني أن عددًا كبيرًا يحمل الفيروس في بلدان مختلفة من دون ظهور أعراض عليه، وما يصعِّب من الحد من انتشار العدوى.
 
لن يكون كافيًا مجرد الكشف على حرارة القادمين أو عزل الوافدين من الصين، أو محض السؤال عن الاحتكاك بأحد قادم من الصين، ويعقِّد الأمر الحاجة إلى إجراءات أكثر تعقيدًا وتحاليل أكثر بكثير.
 
وأيضًا، للمرة الأولى تظهر عدوى متكررة في الشخص نفسه، بالفيروس نفسه، وهذا غير معتاد، ويشير إما إلى قدرة كوفيد-19 على التحور بسرعة مذهلة، أو أنه لا يمنح الجسم الفرصة لتكوين أجسام مناعية مضادة له.
 
مدة حضانة الفيروس داخل جسم الإنسان، قبل ظهور الأعراض، قد تصل إلى 14 يومًا، وحتى هذا الزمن مُد فيما بعد إلى 24 يومًا.
 
يبلغ إجمالي عدد الحالات المبلغ عنها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 96 حالة.
 
وعن تسلُّح دول المنطقة بالأدوات اللازمة للكشف عن الفيروس، يقول أمجد الخولي، استشاري الوبائيات بإقليم شرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية: ”الاختبار المعتمد حاليًّا للكشف عن الفيروس هو تفاعل البوليميراز المتسلسل، وهو اختبار ذو حساسية عالية، متاح في كل دول الإقليم تقريبًا“.
 
يقول الخولي لشبكة SciDev.Net: ”تتمتع بلدان إقليم شرق المتوسط بالخبرة الفنية اللازمة لإجراء اختبارات وتشخيص فيروس كوفيد-19 من خلال مختبراتها الوطنية، ولدى عدة دول بالفعل مجموعات كافية من المواد اللازمة للكشف عن الفيروس“.
 
وأعلنت إيران بالأمس عن فرض سلسلة إجراءات مشددة لمواجهة الفيروس، بعد تضاعُف حالات الإصابة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، واضطرت الحكومة إلى تعليق الدراسة أسبوعًا بالجامعات والمدارس في 14 محافظة، وبالعاصمة طهران.
 
ويشدد الخولي على أن المنظمة متيقظة لمشكلة ضعف النظم الصحية في البلدان التي تشهد صراعات، ”لا يزال اهتمامنا الأكبر يتمثل في إمكانية انتشار الفيروس في البلدان التي تعاني من ضعف النظم الصحية“.
 
جدير بالذكر أن لإيران قدمًا أو وجودًا –بشكل أو بآخر- في أكثر بلدان المنطقة التي ظهرت بها ولو حالة واحدة، وهذا يعني أن اليمن وسوريا مرشحان لظهور حالات بهما، كما يُتوقع زيادة أعداد المصابين في العراق ولبنان ودول الخليج كلها تقريبًا.
 
ويقول الخولي: ”نحن نعمل على مدار الساعة مع هذه البلدان لتهيئتها لمواجهة أية تطورات تتعلق بالفيروس الجديد من خلال تعزيز قدراتها على الترصد النشط، والكشف المبكر، والعزل وإدارة الحالات في حالة ظهورها، وتتبُّع المخالطين، وتيسير تبادُل المعلومات بينها وبين البلدان المختلفة“.
  
 

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا