Skip to content

20/09/20

بؤر المرض تزدهر عند التئام المدن بالريف

4 Disease hotspots_favelas - MAIN
الانفجار السكاني يمثل مصدر قلق كبيرًا لمخططي المناطق الحضرية وعلماء الأوبئة في ضوء المشهد العام المتغير في المدن. حقوق الصورة:João Lima, (CC BY-NC 2.0)

نقاط للقراءة السريعة

  • المدن التي تعاني كثافة تعتبر ”بؤرًا للأمراض في المستقبل“
  • الأمراض حيوانية المنشأ تفشَّت بسبب زحف المدن على البراري والأرياف
  • النمو المستدام ممكن إذا اعترفت المدن بفقراء الحضر، وقدَّرت عطاءهم، وأدت حقوقهم

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

مع تعطُّل الحياة بالمدن العالمية في أثناء جائحة كوفيد-19، خضعت قدرة المراكز الحضرية على التعامل مع فاشيات الأمراض المعدية المفاجئة، لفحص دقيق.

ستواجه المدن الكبرى صعوبات في التعامل مع فاشيات الأمراض المعدية المفاجئة ما لم تُعنَ بالنمو المستدام وفقراء المناطق الحضرية؛ إذ يُنتظر أن تزداد أعداد سكان الحواضر والعواصم.

يمثل هذا الانفجار السكاني مصدر قلق كبيرًا لمخططي الحضر وعلماء الأوبئة، في ضوء تغيُّر المشهد العام للمدن والتوقعات بأنها ستجذب 2.5 مليار شخص آخر بحلول عام 2050. من شأن هذا النمو أن يزيد قاطني المدن من 55% من سكان العالم إلى أكثر من الثلثين، مع توقع حدوث 90% من النمو الحضري في آسيا وأفريقيا.

تقودنا هذه الاتجاهات إلى أسئلة كبيرة، كما يقول مؤلفو بحث في دورية 'الدراسات الحضرية'. يقول الباحثون: ”إن الزيادة الهائلة في عدد سكان الحضر في العالم على مدى العقود القليلة الماضية تركزت أساسًا في مناطق البلدات التابعات، مما شكّل تحديات جديدة لمكافحة الأمراض المعدية“. يتم تصنيف البلدة التابعة على أنها منطقة ذات كثافة سكانية أقل من الضاحية وأبعد من تخوم المدينة.

الصراع بين المدينة والطبيعة

يقول المؤلف الرئيس كريتون كونولي، وهو محاضر كبير في مجال دراسات التنمية وبلدان الجنوب في جامعة لينكولن بإنجلترا: ”يستقر المهاجرون من الريف إلى الحضر عادةً على أطراف المدن، حيث لا توجد بالضرورة بنية تحتية أو أنظمة حكم، بالقدر الذي يجعل تلك المناطق أقل عرضةً لخطر فاشيات الأمراض المعدية“.

يجادل كونولي وزملاؤه من جامعة يورك الكندية بأن ثمة ”مراتع بيئية جديدة“ لانتشار الأمراض آخذة في الظهور، مشيرين إلى الزحف الحضري على موائل الحياة البرية، مما يؤدي إلى زيادة التعرُّض للأمراض حيوانية المنشأ، أي الأمراض التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر.

تشير منظمة الصحة العالمية إلى أنه خلال تفشِّي فيروس إيبولا في غرب أفريقيا عام 2014، انتشر المرض إلى المدن بعد ما يقرب من 40 عامًا من الفاشيات في أفريقيا الوسطى، التي كانت محصورةً إلى حدٍّ كبير في المناطق الريفية النائية.

أشار فريق كونولي إلى أن 12 مليون شخص يعيشون بالفعل في كينشاسا، عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهو ما يمثل ثلاثة أضعاف عدد سكان المدن المتضررة مجتمعةً في فاشية عام 2014. أعلنت جمهورية الكونغو الديمقراطية مؤخرًا نهاية الفاشية العاشرة لفيروس إيبولا في شرق البلاد، حيث ظهرت سلالة غير ذات صلة وراثية من المرض في الشمال الغربي.

يقول إريك فِيفر، أستاذ الأمراض البيطرية المعدية في جامعة ليفربول البريطانية، والذي عُيّن في المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية في نيروبي، كينيا: إن النظم الغذائية التي توفر الإمدادات للمناطق الحضرية هي وسيط ”يجلب عناصر من المزرعة إلى عمق المدينة“.

يضيف فِيفر: ”من الواضح أن التفكير في كيفية تصميمنا لبيئاتنا المعمارية سيُحدث فارقًا في حجم المخاطر“.
 
الازدحام مقابل الكثافة

ومع ذلك، يؤكد سامح وهبة –مدير عام قطاع الممارسات العالمية للتنمية الحضرية وإدارة مخاطر الكوارث والقدرة على الصمود والحفاظ على الأراضي في البنك الدولي- أن نمو المدينة في حد ذاته ليس هو المشكلة.

يقول وهبة: ”ليست الكثافة مشكلة في حد ذاتها، ولكن الطريقة التي تدار بها الكثافة -[أي] عندما تُدار إدارةً سيئةً وتصبح الكثافة ازدحامًا، مع سكن غير لائق وبنية تحتية سيئة“.

ويقول وهبة إنه حتى في المدن الأكثر فقرًا ذات القدرة المحدودة في مجال الحوكمة، فإن ”الكثافة المناسبة للعيش“ ممكنة. وهذا يعني فقط حاجة قادة المدن والحكومات إلى التخطيط السابق للنمو الحضري المتوقع بعناية، مع تدخلات بأثر رجعي في الأحياء الفقيرة المزدحمة التي يُحتمل أن تتكلف من أربعة أضعاف إلى سبعة.

يقول وهبة: في الواقع يجب زيادة الكثافة من خلال المباني المرتفعة في مناطق معينة ذات أكواخ من طابق أو طابقين؛ إذ ستتعذر إدارة المدن إذا استمرت في التوسع المحيطي.
بالنسبة لإدارة الأمراض، الازدحام قد يعني كارثة.

خرائط انتشار المرض

تساعد أدوات رسم الخرائط ذات الوصول المفتوح في الكشف عن بؤر مخاطر الأمراض.

يشير وهبة إلى منهجية طورها البنك الدولي تجمع بين البيانات من صور الأقمار الاصطناعية عالية الدقة ومجموعات بيانات وخرائط السكان من ’ورلد بوب‘ وفيسبوك و’أوبن ستريت ماب‘.

خلال جائحة كوفيد-19، استخدم وهبة وزملاؤه هذه المنهجية لرسم خرائط لمومباي وكينشاسا والقاهرة، والتي أشارت إلى مواقع البؤر عالية الخطورة بسبب الاكتظاظ، أو إثقال كاهل المرافق العامة بسبب عدم وجود مرافق مياه وصرف صحي محلية.

وُجد أن أكثر من 80% من السكان في كينشاسا معرضون لخطر متزايد للإصابة بالأمراض، وما يصل إلى 25% في مومباي والقاهرة؛ إذ يشير المنهج إلى المناطق التي تحتاج إلى عناية طارئة على المدى القصير، وتطوير الأحياء الفقيرة على المدى الطويل لتصبح مقاومةً للمرض في المستقبل.

يقول سليم الحق، مدير المركز الدولي لتغير المناخ والتنمية في دكا، بنجلاديش: إن أنظمة الطوارئ الحالية في المدن في البلدان النامية يمكن إعادة توظيفها لإدارة الأوبئة أيضًا.

في هذه الأثناء، يضغط المركز الدولي لتغير المناخ والتنمية من أجل تنفيذ مخطط يحدد بدقة 20 مدينة صغيرة يمكن أن تعيد توطين ما يصل إلى مليون شخص على نحوٍ دائم، لتوزيع العبء الكبير المتوقع من النازحين بسبب الفيضانات على مدى العقدين المقبلين.

مشكلات الإقصاء

ولكن، كما يقول الحق، فإن إحدى أكبر المشكلات هي إسقاط الذين يعيشون في الأحياء الفقيرة والمستوطنات العشوائية التي تنتشر بسرعة من الاعتبار وقت اتخاذ القرارات، وهذا يحدث بانتظام؛ لأسباب منها أن هويتهم غير معروفة في كثير من الأحيان، وسوف يزداد تعرُّضهم للمخاطر دون وجود مخططات فعالة لدمجهم في إستراتيجيات المدينة والإستراتيجيات القومية مع تضخم السكان.

يقول الحق: ”لقد طوى [فقراء] الحضر النسيان، يغادرون قراهم، ويأتون إلى المدينة، ويعيشون في حي فقير، ويبقون على هذا الحال“.

”أعتقد أن أزمة [كوفيد-19] أظهرت لنا للتو حجم هذه المشكلة. لقد غابت عن الأنظار لفترة طويلة … وعادت لتطفو على السطح وتظهر للعيان“.

تعتقد شيلا باتيل -مؤسسة ومديرة جمعية تعزيز مراكز الموارد المحلية، ومقرها الهند، والتي تدعم فقراء الحضر في البلدان النامية- أن المجتمعات الحضرية بحاجة إلى المشاركة منذ البداية في البرامج التي تهدف إلى تحسين مرافق المدينة أو حل المشكلات باستخدام التكنولوجيا. وتظن أن هذه البرامج كثيرًا ما تكون ذات نهج متدرج من القمة إلى القاعدة، وغير قابلة للتوسع، وتفشل في الوصول إلى الأشخاص الذين تستهدفهم.

تقول باتيل: ”نحن بحاجة إلى مبادرات محلية يمكن أن تكون بمنزلة عوامل دعم ومساعدة“، وهي لا تخرج من ’عصا سحرية‘ بالإعلان عن تقنية أو إستراتيجية جديدة لحل جميع المشكلات.

وفي الوقت نفسه، جُمعت مجموعة كاملة من البيانات حول الظروف الحضرية بواسطة سكان الأحياء الفقيرة من خلال مبادرة اعرف مدينتك التابعة للهيئة الدولية لسكان الأحياء الفقيرة، والتي ترأسها باتيل.

لكن على الصعيد العالمي، تخشى باتيل من عودة الأمور إلى ’سابق عهدها‘ بمجرد تطوير لقاح لكوفيد-19، على الرغم من قولها إن السبل موجودة لمعالجة المشكلات التي يواجهها فقراء الحضر والمدن بشكل عام. وأضافت: ”لا يوجد نقص في الموارد في العالم لتحقيق ذلك“.

النمو المستدام

توفر المدن العديد من المزايا الصحية والخدمات العامة الأخرى؛ نظرًا لقرب الناس، لكن أزمة كوفيد-19 سلطت الضوء على الحاجة إلى مدن أكثر ترابطًا وقدرةً على الصمود.

يقول أنيرودا داسجوبتا، المدير العالمي لمركز روس للمدن المستدامة في معهد الموارد العالمية: إن النمو الحضري المستدام ممكن إذا كانت المدن شاملةً لجميع الفئات.

يقول داسجوبتا إن البيانات يمكن أن تجعل الأشخاص المعرضين للخطر مرئيين، وتشجع صانعي القرار على تخصيص الموارد.

وأضاف: ”آمل حقًّا أن يفتح ما نشهده الآن أعين الناس على ما ستبدو عليه الأزمات في المستقبل“.

ويستطرد داسجوبتا: إنه على الرغم من أن وباء كوفيد-19 كارثة حضرية بامتياز، لا تسلط الضوء على ضعف النظم الصحية في المناطق الحضرية فقط، بل تسلطه أيضًا على الاقتصاد ككل عندما يكون الناس معرضين لخطر الإصابة بالمرض على هذا النطاق، إلا أن خطط الإنعاش الوطنية تفتقر في كثير من الأحيان إلى رؤية تتمحور حول المدينة.

ويرى أن هذا ينعكس في حالة الطوارئ المناخية؛ إذ قدّر تقرير حديث أن أقل من بلدين من كل خمسة بلدان لديه إستراتيجيات وطنية واضحة للمدن.

يقول داسجوبتا إنه مع ارتباط المناخ ارتباطًا جوهريًّا بالصحة في المناطق الحضرية، فقد سلط كوفيد-19 الضوء على الحاجة المُلحَّة إلى النمو المستدام.

واختتم بعبارة: ”حيثما يوجد سياسيون تقدميون، سوف يستغلون هذه اللحظة لإحداث تغييرات يدعو إليها مسيس الحاجة“.

التحليل جزء من إضاءة: الجائحة العاقبة، منشور بالنسخة الدولية، يمكنكم مطالعته عبر العنوان التالي:
https://www.scidev.net/disease/feature/disease-hotspots-flourish-when-the-city-meets-the-country.html