Skip to content

27/05/15

الإيبولا يفضح نقاط الضعف في مواجهة الفاشيات

Ebola face editorial close up.jpg
حقوق الصورة:Mads Nissen / Panos

نقاط للقراءة السريعة

  • أظهر وباء الإيبولا احتياجات البشر في صد تفشي الأوبئة، وخاصة للتواصل
  • الاحتكاك المباشر لأطراف دولية بالأزمة ومدى تأثيراتها الاجتماعية قد يخلق نقلة نوعية
  • الإصغاء الفعال قد يحسن الاستجابة، حتى وإن كان الاستعداد للأزمة غير واقعي

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

يحتاج الناس في الأزمات نظامًا يمكنه تلقي المعلومات من أرض الواقع وفي الوقت نفسه يعطي توجيهات قائمة على أساس علمي.

 يبدو أن وباء الإيبولا في غرب أفريقيا قد أصاب العالم بالدهشة. غير أن التعليقات الناقدة والموازية للتدافع في مواجهة التفشي تبدو أقل إدهاشًا، فكما هو الحال في سابقاتها من الطوارئ الصحية الخطيرة يتساءل الجميع -ربما قبل الأوان، ولكن أيضًا لأسباب مفهومة-: ”ماذا يمكننا أن نتعلم من هذا؟“.

لمست العديد من الرؤى الأولية المحاوِلة للرد على هذا السؤال -بما فيها رؤيتنا- نقاطَ ضعف معروفة في مجال الصحة العالمية، بدءًا من النظم الصحية الهشة، مرورًا بالاستجابة العالمية المتأخرة، ووصولًا لعدم وجود حوافز لبحوث وتطوير الدواء. لكن بنفس سرعة انتشار الفيروس وحصده للأرواح، كانت تنتشر ردود الفعل المتخوفة في المجتمعات المتأثرة، فتعالت أصوات تطالب بما هو غير مألوف في حالات الطوارئ، وهو الوقوف على التبعات الاجتماعية غير المباشرة للوباء، كما يتم مراقبة المرض نفسه.

ركزت تقارير وسائل الإعلام المهتمة بتغطية الجانب الإنساني للأزمة على الآثار الصحية طويلة الأمد، والوصمة الاجتماعية التي تطارد الناجين. وتناولت تقارير أخرى مقاومة بعض المجتمعات عملَ المنظمات الطبية والإنسانية، وكيف تفاعل علماء الأنثروبولوجيا لمواجهة ذلك، ودورهم في التغلب على المخاوف وتعزيز الثقة بين المتضررين من الإيبولا والأشخاص المتصدين لها أو مَن نسميهم المستجيبين للأزمة.

كشف تتبع هذا الدرب عن رؤى جديدة. ففي اجتماع انعقد فبراير الماضي للوقوف على الدروس المستفادة من أزمة الإيبولا، تساءل عالم الأنثروبولوجيا بول ريتشاردز، الذي عمل في ليبيريا وسيراليون: لماذا أصرت سيارات الإسعاف على استخدام صفارات الإنذار، خاصة على طرق الأحراش، صوتها كان منذرًا بلا داعٍ لمنطقة سيطر عليها الخوف.[1] وفي اجتماع آخر في الشهر نفسه، تبادلت عالمتا الاجتماع ميليسا ليتش وهيدي لارسون وجهات نظر اجتماعية أخرى.

تلك التحديات التي تواجهها نظم الاستجابة للطوارئ نادرًا ما يتم تسليط الضوء عليها. 

ونحاول عبر مجموعة المقالات التي نقدمها في هذه الإضاءة مناقشة تلك التحديات من مدخلين متلازمين هما الاتصال والعلوم الاجتماعية، فنناقش كيفية إيصال الرسائل الصحية واستراتيجيات المواجهة، وآليات تداولها بين المستجيبين للأزمة والمجتمعات المحلية المتأثرة وبين المنظمات، ونناقش كيف يمكن لعلماء الاجتماع المساعدة في فهم السياق العام لعملية الاتصال بين تلك الأطراف.

التوصل المباشر والنقلة النوعية

تسلط إليزابيث سِمَوِت -باحثة في كلية لندن للصحة العامة والطب الاستوائي- الضوء على الاتصال بوصفه عنصرًا حيويًّا في مواجهة الفاشيات. وتكتب في أثناء وجودها في سيراليون فتصف أمثلة من الأدوات المستخدمة، والمعلومات المتبادلة، موضحة ما كان منها ناجحًا وما فشل عند التطبيق. تتضمن المقالة أيضًا مقابلات مع عالمة الاجتماع ميليسا ليتش، مديرة معهد دراسات التنمية في جامعة ساسكس، المملكة المتحدة، وراشيل آيفيارد، من بي بي سي ميديا أكشن.

وعبر تحقيق صحفي بحث حمزة فساسي -المنسق الإقليمي لشبكة SciDev.Net لإقليم أفريقيا جنوب الصحراء الناطقة بالفرنسية- كيف انتشرت المعلومات المضللة والشائعات في غينيا وغيرها من البلدان المتضررة.


”على الاستجابة العالمية أن تراعي السياق الإنساني في الطوارئ، وتتخير وسائط الاتصال المناسبة لهذا السياق“  

أنيتا ماكري

العلوم الاجتماعية لها دور في هذه الأزمة، قد يمثل نقلة نوعية في الجهود الدولية لمواجهة الطوارئ.
ولكن كيف يمكن أن تساعد العلوم الاجتماعية بالتحديد؟ تجيب آني ويلكنسون، من معهد دراسات التنمية، مستندة إلى أبحاثها وخبرتها في هذه الفاشية، فتشرح كيف ولماذا يجب أن يكون لعلماء الأنثروبولوجيا مقعد على مائدة الاستجابة الدولية للطوارئ.

وتصف روزاموند ساوثجيت -إحدى أطباء منظمة ’أطباء بلا حدود‘- تحديات الاتصال، وفشل التنسيق الذي يواجهه العاملون في مجال الرعاية الصحية عند التعامل مع الأشخاص المتضررين من هذا الوباء.

أنسنة الاستجابة

ظهرت الكثير من مقالات الرأي ترصد الدروس المستفادة من هذه الأزمة، والمزيد منها سيأتي، عبر هذه الإضاءة نحاول بلورة أحد هذه الدروس؛ وهو أنه على الاستجابة العالمية أن تراعي السياق الإنساني في الطوارئ، وتتخير وسائط الاتصال المناسبة لهذا السياق، فتعمل معه لا ضده.

ما الذي تعنيه كل تلك الدروس في الاستعداد للأزمات؟ هنا لا بد أن نعود خطوة للوراء لتفهم ذلك. الإيبولا، التي اكتُشفت في سبعينيات القرن الماضي، واحدة من العديد من الأمراض الناشئة، كما أن فاشيات الإيبولا السابقة كانت نسبيًّا أصغر. وبطبيعة الحال يختلف كل تفشٍّ للمرض وفق عوامل عدة، منها الظروف المعيشية والمناخ وخصائص المُمْرضات المسببة له. من هذا المنظور، وبأخذ محدودية الموارد بعين الاعتبار، فربما يكون من غير الواقعي توقع استعداد كامل لمواجهة الفاشيات.

بالعودة إلى جائحة إنفلونزا الخنازير، يسهل رصد محدودية الاستعداد لمواجهة الأزمات الصحية، فعلى سبيل المثال، وُجهت في ذلك الوقت انتقادات لإدارة منظمة الصحة العالمية، وترويجها لاستخدام الأدوية المضادة للفيروسات، لكن هل ساعدت تلك الآراء والأفكار في تطوير الاستجابة بأزمة الإيبولا في غرب أفريقيا؟ هو أمر مشكوك فيه. لذلك فإمكانية استباق العالم لفاشية الإيبولا المقبلة، هو مجرد طموح في أحسن الأحوال. والسؤال: هل يمكن أن نكون على استعداد لمواجهة المجهول؟

لا يتعلق الاستعداد للأزمات فقط بما يحدث قبل وقوع الطارئة؛ لكنه يتضمن أيضًا القدرة على التفاعل مع ما يحدث عندما تبدأ وعلى مدار تطورها. ومن هذا المنطلق تقترح الإضاءة التي نقدمها أنه من الممكن أن نقدم ما هو أفضل في إطار الاستعداد للأزمات، فهناك دلائل يمكن البناء عليها، بعضها يندرج تقليديًّا تحت مجال التنمية الدولية وليس مجال الصحة العامة.

يستحق الأشخاص الذين يعانون من الأزمات نظامًا مصممًا ليتعلم سريعًا ما ينجح وما يفشل في التعامل مع السياق المحدد لكل فاشية، كما يستحقون أيضًا نظامًا له القدرة على استقبال وإعطاء المعلومات اللازمة لاستجابة فعالة للطوارئ. ويجب على ناقلي المعارف المحلية أن يكون لهم صوت يُسمع في إدارة الأزمات، مثلهم مثل صوت أصحاب المعارف العلمية.
 
**أنيتا ماكري: محررة مقالات الرأي في شبكة SciDev.Net.    

الافتتاحية منشورة بالنسخة الدولية يمكنكم مطالعتها عبر العنوان التالي:
Ebola exposes weak links in outbreak response

هذه الافتتاحية هي جزء من إضاءة: إدارة الأزمات الصحية بعد الإيبولا.
 
 

References

[1] Catherine Grant What lessons can development learn from the Ebola crisis? (Institute of Development Studies, 27 February 2015)