Skip to content

13/03/18

خطة 20,000 محطة أرصاد جوية بأفريقيا

Weather in Africa
حقوق الصورة:Panos

نقاط للقراءة السريعة

  • ستقام المحطات بحيث تبعد كل واحدة عن الأخرى 30 كيلومترًا
  • يقدم أقل من خُمس البلدان الأفريقية بيانات طقس ’وافية‘ وفق البنك الدولي
  • يؤكد مدير المشروع أنه ”سوف يبدل“ قدرات أفريقيا لتحقيق اكتشافات علمية

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[جوهانسبرج] الجميع يحتاج إلى تنبؤات جوية وتوقعات مناخية، وبيانات عن الطقس، المزارعون كي يوفروا الطعام للشعوب، والعلماء الذين يحاولون وضع نموذج حاسوبي عن تغيُّر المناخ، وكيفية انتشار الأمراض. لكن لا تتوافر البيانات في كثير من الأحيان بجميع أنحاء أفريقيا، أو لا يمكن الوصول إليها.

في ثانية كبرى قارات العالم، لا يقدم خدمات أرصاد جوية وافية سوى 10 بلدان من أصل 54 بلدًا، وفق تقديرات البنك الدولي، إذ يستوفي أقل من 300 محطة من محطات الطقس بالقارة معايير الرصد الخاصة بالمنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

ويقدر البنك الدولي تكاليف تحديث البنية التحتية الرئيسية للأرصاد الجوية بمليار دولار أمريكي.

ويَبهَظ استثمارٌ بهذا الحجم البلدانَ التي تفتقر غالبًا إلى الأموال المخصصة للخدمات الأساسية، لكن ربما يكون هناك سبيل للالتفاف حول ذلك الثمن؛ إذ يأمل المرصد الأفريقي للأرصاد الجوية المائية (TAHMO) توسيعَ القدرة على مراقبة الطقس في القارة بجزءٍ ضئيلٍ من تلك التكلفة.

لدى هذه المنظمة غير الربحية خُطةٌ طَموح لنشر محطات أرصاد جوية على بُعد كل 30 كيلومترًا. وهذا من شأنه أن يترجم إلى 20 ألف محطة تقدم بيانات الطقس للعلماء والشركات والحكومات المتعطشة للمعلومات. وتقدّر المنظمة أنها تستطيع عمل ذلك بمبلغ 50 مليون دولار أمريكي، إضافة إلى 12 مليون دولار سنويًّا للصيانة.

من المثير أن نكون في وضع يسمح لنا بتحويل ثقافة رصد المناخ في أفريقيا، ومن ثَم القدرة على تحقيق اكتشافات علمية

جون سيلكر

حتى الآن، تم تركيب نحو 500 محطة للأرصاد الجوية، الواحدة منها عبارة عن أسطوانة بيضاء بطول الساعد، ومسجل بيانات بحجم صندوق أحذية فوق سارية خشبية.

مثل هذه البساطة والعملية، جعلت المدير المشارك للمرصد الأفريقي، جون سيلكر، يقول: ”من المثير أن نكون في وضع يسمح لنا بتبديل ثقافة رصد المناخ في أفريقيا، ومن ثَم القدرة على تحقيق اكتشافات علمية“. والداعي إلى هذا أن بيانات المناخ شحيحة للغاية، وحيثما وُجدت، يضطر العلماء في كثير من الأحيان إلى دفع ثمنها، وإلى القفز فوق العقبات البيروقراطية بُغيةَ الحصول عليها، كما يوضح سيلكر، أستاذ علم المياه في جامعة ولاية أوريجون في الولايات المتحدة.

والمرصد أسّسه سيلكر في عام 2010 هو وزميله نيك فان دي جيسين، من جامعة دلفت الهولندية. نبتت الفكرة في عام 2005، عندما كان الاثنان يُجريان تجربةً في غانا، وكان هناك احتياج إلى بيانات عن هطول الأمطار. يتذكر سيلكر ذلك قائلًا: ”لقد سألت أين يمكننا الحصول على البيانات، وضحك رفيقنا قائلًا إنه لا سبيل للحصول على تلك البيانات من أي أحد“.

كان يعمل حينئذٍ على أساليب القياس الإلكتروني، ويعرف أنه من الممكن تطوير أجهزة استشعار يمكنها توفير هذه البيانات.

ومناخ القارة الأفريقية من أكثر المجالات غير المدروسة بشكلٍ كافٍ على مستوى العالم، وفقًا لتقرير ’مناخ أفريقيا في المستقبل‘. يقول مؤلفو تقرير البنك الدولي حول التكيُّف مع تغيرات الطقس والمناخ: إن ندرة البيانات الشاملة الواردة من محطات رصد الطقس ”تؤدي حتمًا إلى توجيهات وتوقعات رقمية أقل جودةً في تلك المناطق“. ويشرح الباحثون أن معايرة المستشعرات المستخدمة في عمليات الرصد على سطح الأرض أمر بالغ الأهمية، ولكن عمليًّا، يتم معايرة القليل منها وفق المعايير المقبولة دوليًّا.

100 ميجابايت/السنة            
                                                        

يحاول المرصد سد هذه الفجوة من خلال شبكة من محطات الأرصاد الجوية. وتعاونت المنظمة غير الربحية مع شركة ميتر جروب الأمريكية الألمانية لتطوير محطة أرصاد جوية تقيس هطول الأمطار، ودرجة الحرارة، والإشعاع الشمسي، والضغط، وسرعة الرياح، ضمنَ متغيرات أخرى. ولا تحتوي المحطات على أجزاء متحركة، مما يعني أنها أقل عرضةً للتلف وطلبًا للصيانة.

تنتج كل محطة حوالي 100 ميجابايت من بيانات الطقس سنويًّا، وتنقل عبر شريحة إلكترونية في مسجل البيانات إلى قاعدة بيانات مركزية.

تتوافر هذه البيانات مجانًا للعلماء ومرافق الأرصاد الجوية المحلية، لكن الشركات التي تريد الوصول إليها يتوجب عليها الدفع. يذكر سيلكر أن المرصد وقّع حتى الآن مذكرات تفاهم مع 18 دولة أفريقية، وحصل على إذنها لتشغيل الشبكة ضمن نطاق سلطتها.

يقول سيلكر: ”لقد كان إقناع البلدان الأفريقية لإتاحة بياناتها مجانًا، تحديًا هائلًا“.

تشكك دول في عمل ذلك بسبب أفكار السيادة الوطنية والقيمة التجارية، وفقًا لسيلكر. ”لقد كان لدى وكالات الأرصاد انطباع بأنها تستطيع جني الكثير من الأموال من بياناتها، حتى وإن كانت لم تحصّل شيئًا“.

إن الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة تتيح بياناتها مجانًا، وهذا هو أحد الأسباب الرئيسة وراء فهم أنماط المناخ والطقس في الولايات المتحدة بشكل أفضل منه في القارة الأفريقية، على حد قول سيلكر: ”لا يمكنك إجراء البحوث العلمية على بيانات الملكية الخاصة؛ فهي لا تساعد على بناء الفهم العلمي“.

ومع ذلك، هناك سبب في أن وكالات الأرصاد الجوية في البلدان الأفريقية تتقاضى رسومًا عن بياناتها؛ فاستمرار العديد منها قائمٌ على بيعها للبيانات من أجل تعويض نقص الاستثمار -على مستوى القارة- في البنية التحتية للأحوال الجوية، كما يقول مارك نيو، مدير المبادرة الأفريقية للمناخ والتنمية في جامعة كيب تاون.

يموِّل المرصد عملياته، ويوفر المعلومات مجانًا للعلماء والمرافق المحلية، عن طريق بيع بياناته للشركات. وتُعَد شركة IBM أكبر عميل له؛ فهي تحيل البيانات إلى شركتها الفرعية، ’ذا ويذر كومباني‘، لاستخدامها في النمذجة الحاسوبية للطقس. ويبيع المرصد أيضًا البيانات لمنتجي البذور، وشركات التأمين، والشركات الزراعية، والشركات الاستشارية.

ويحتاج الوسطاء، سواء كانوا شركات أو منظمات غير ربحية، إلى بيانات الطقس قبل أن يتمكنوا من تطوير الخدمات المستندة إلى البيانات التي يحتاجها المزارعون.

ويقدّر سيلكر قيمة البيانات للاقتصاد الأفريقي بنحو 100 مليار دولار سنويًّا، من خلال صناعات مثل التأمين. ويقول: ”إذا استطعنا تأمين تلك المحاصيل، يمكن للمزارعين الإقدام على مخاطر أكبر. وما دامت الحكومات تُبقي هذه البيانات مؤمنة، فإنها تفوِّت هذه الفرصة الاقتصادية“.

يقول بن شاب، الباحث الرئيس في مبادرة البيانات العالمية المفتوحة للزراعة والتغذية، إن هناك إيجابيات وسلبيات لتأمين بيانات الطقس. فإذا كانت البيانات مجانية، يمكن للشركات استخدامها بسهولة أكبر للابتكار وإنشاء الخدمات، وإذا كانت محمية، يمكن لمزود البيانات إنشاء نموذج أعمال تجارية حولها بسهولة أكبر، ولكن هذا قد يجعل استخدام البيانات أقل جدوى من الناحية الاقتصادية للشركات الأخرى.

إن نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص، الذي يعمل بموجبه المرصد، يشكل خروجًا عن خدمات توفير البيانات الوطنية ذات الوصول المفتوح، مثل وكالة ’ناسا‘ أو المشروعات الضئيلة الممولة من الجهات المانحة، والتي تهدف إلى تعزيز قدرة استغلال البيانات المناخية. يقول سيلكر إن المشهد الأفريقي زاخر بما خلفته المشروعات الممولة من الجهات المانحة، والتي استمرت طوال مدة المشروع، ثم تردَّت إلى حالة سيئة عندما جفت منابع التمويل.

يستطرد سيلكر: ”هذه المشروعات الأخرى كانت مجرد مشروعات“. ”بدلًا من ذلك، فنحن شركة“.

ومع ذلك، لتعود بيانات المرصد بالنفع على صغار المزارعين الفقراء، تحتاج الشركات إلى معرفة ما تحتاج إليه، وتجد أنه من المفيد تطوير الخدمات من أجلهم، كما يقول شاب.

ووفقًا لخوليو أراوخو، منسق الأبحاث في برنامج ’مناخ أفريقيا في المستقبل‘، هناك جدل مستمر حول أفضل نموذج لتقديم الخدمات المناخية، والمرصد هو إحدى الجهات التي ينبغي مراقبتها. يقول خوليو: ”إن بيع الخدمات للبلدان الأفريقية… يمثل تحسنًا بالمقارنة مع الوضع الراهن“.

التعطش للبيانات

يرحب العلماء بفكرة البيانات المجانية التي يمكن الوصول إليها بسهولة، خاصةً في المناطق التي يعني فيها الصراع وسوء الإدارة أنها ببساطة غير موجودة، كما يرى نيو.

ورحب جون كيولي -رئيس مجموعة العمل المعنية بتغيُّر المناخ في كينيا- بإمكانية الحصول على بيانات مجانية من أرض الواقع. ”نحن بحاجة إلى بيانات للبحوث والتنبؤ بالطقس أيضًا. من المهم الحصول على بيانات موثوقة، وإن أمكن، بيانات قادمة من أفريقيا“.

لقد بدأ العلماء بالفعل في نشر المقالات باستخدام بيانات المرصد، كما يقول سيلكر. كل ما يحتاجونه ببساطة، للوصول إليها، التقدُّم بطلب والتصريح باستخدام البيانات للبحوث. ويستطرد: ”نرسل البيانات إلى علماء في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأوروبا وأفريقيا. ونرى هذا التعطش والطلب على بيانات المناخ الأفريقية في مجتمع العلوم بأفريقيا أيضًا“.

ويمكن للبيانات الصادرة عن محطات الرصد المساعدة في الإجابة عن الأسئلة العلمية حول كيفية تغيُّر المناخ الأفريقي عمومًا، وكذلك حسم أوجه عدم التيقن حول كيفية حدوث هذا التغير على مستوى المدينة.

”هناك العديد من الاحتمالات“، كما تقول ماريكه دي جروين، المنسقة الإقليمية للمرصد في جنوب أفريقيا، والتي تشرف على ثماني محطات في جوهانسبرج. وترى أن بيانات الطقس ضرورية للوقوف بشكل أفضل على احتياجات المياه وتدفقاتها، والتي لها آثار على إدارة مياه الأمطار، وكيفية تجديد مخزون المياه الجوفية.

تشرح دي جروين أنه بالنسبة لمدينة كبيرة مثل جوهانسبرج، حيث يمكن أن تمطر السماء في جزء منها بينما تشرق الشمس في منطقة أخرى، فإن تأثيرات الظواهر الجوية المتطرفة لن تكون موحدةً في جميع أنحاء المدينة. ”عليك أن تكوِّن صورةً عن توزيع الظواهر. وبيانات الأقمار الاصطناعية والرادار تساعد، لكن هذا النهج ينطلق من نقطة الصفر“.

 


تُنشر هذه المقالة بدعم من مركز بيلاجيو التابع لمؤسسة روكفلر. على مدى ما يقرب من 60 عامًا، قام المركز بدعم الأفراد الذين يعملون لتحسين حياة الفقراء والضعفاء على الصعيد العالمي من خلال برامج تعقد مؤتمرات لهم وتوفر لهم الإقامة خلالها، حفزًا للأفكار والمبادرات والتعاون.
 
مرة واحدة في السنة، يستضيف مركز بيلاجيو إقامة مواضيعية خاصة، تجمع بين كوكبة من العلماء والممارسين والفنانين الذين يرتبط عملهم بموضوع مشترك. في 2018، يوفر المركز إقامة من 5 إلى 30 نوفمبر، سوف تركز على موضوع العلوم من أجل التنمية. أصبحت طلبات إقامة الممارسين مفتوحة الآن، في حين افتُتحت طلبات الحصول على إقامة التدرب على الكتابة الأكاديمية في أول مارس. لتسجيل اهتمامك، يرجى إرسال بريد إلكتروني إلى: [email protected]، واجعل عبارة: "Science for Development" عنوانًا له.