Skip to content

21/04/14

البيانات الضخمة.. فرصة لتعزيز القدرات التحليلية

Data centre_CTBTO
حقوق الصورة:The Official CTBTO Photostream

نقاط للقراءة السريعة

  • الإحصاءات الرسمية بطيئة ولا تتجاوب مع المشكلات، لذا فالبيانات الضخمة تعد فرصة بديلة
  • لكن ينبغي على مكاتب الإحصاء الوطنية أن تطور من نفسها لتبقى ذات صلة
  • الشركات والأكاديميون والمنظمات الدولية على أهبة الاستعداد للمساعدة

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

مكاتب الإحصاء الحكومية لديها الكثير لتجنيه من البيانات الضخمة.. تبعًا لرؤية ميخائيل سكاليوتيس وسيري تومسون
 
كثرت النقاشات في الأعوام الأخيرة -بل بلغت حد الجدل- حول البيانات الضخمة. وكان العديد من تلك النقاشات يتمحور حول قدرة البيانات الضخمة على علاج العديد من علل الإنتاج الإحصائي الرسمي، مثل مدى سرعة مكاتب الإحصاء الوطنية في الاستجابة لمتطلبات سياسة جديدة، وارتفاع التكاليف، وسوء التوقيت، والأعباء الواقعة على المتجاوبين، ولم تخل حتى من مشكلة انعدام الدقة.

وبينما ينظر الكثيرون للبيانات الضخمة على أنها منافسة للإحصاءات الرسمية، نرى أن البيانات الضخمة تعد مُكونًا مهمًّا للوصول لنظام إحصائي أفضل.[1] لكن السؤال الأهم هو: كيف تتطور الإحصاءات الرسمية لتظل ملائمة في عصر البيانات الضخمة.
 
بطء الاستجابة

لعقود مضت، كان للإحصاءات الرسمية دور فعال في عملية صنع السياسات، بأسلوب ذي مصداقية وموثوق به. لكنها ظلت تعاني نقطتي ضعف رئيستين: سوء التوقيت، وعدم الاستجابة للاحتياجات الناشئة في السياسة العامة.

غالبًا ما تنتج الإحصاءات السنوية -مثل نفقات الرعاية الصحية- متأخرةً لعدة أعوام، وهي مشكلة حادة للغاية، خاصة في الدول النامية. كما أن التقديرات الفصلية أو الشهرية لمقاييس مثل إجمالي الناتج المحلي تشهد هي الأخرى تأخرًا فادحًا.

وبالمثل، فإن الوقت المستغرق منذ البدء في تصميم مسح جديد يفي باحتياجات إحدى السياسات وحتى إصدار نتائجه بالفعل ونشرها قد يبلغ عدة سنوات. وفي الوقت ذاته، يلجأ صانعو السياسات إلى مصادر بيانات بديلة -غالبًا ما تكون أقل جودة- للوفاء باحتياجاتهم من البيانات. وعندما تصبح الإحصاءات متاحة أخيرًا، فإن جدواها قد تكون محدودة.

نقطة ضعف أخرى للإحصاءات الرسمية، هي أنها إذ تعتمد على المسوحات الاستقصائية للعينات التقليدية فإنها قد تكون غير جديرة بالثقة عند تقدير إحصاءات لمجموعات صغيرة أو مناطق صغيرة أو مشروعات صغيرة. على سبيل المثال، قد لا تكون تقديرات معدلات التوظيف أو نسب التعليم بين المعاقين دقيقة إذا كانت العينة صغيرة جدًّا.

وفي المستقبل القريب، فإن المفاضلة التقليدية بين الالتزام بالتوقيت والدقة سيصبح ضربًا من الماضي إذا ما تبنت مكاتب الإحصاء الوطنية ’المنظومة البيئية للبيانات الضخمة‘ الناشئة؛ حيث تتكون أغلب أنواع البيانات من بصمات رقمية وسجلات مرصودة إلكترونيًّا وسجلات المستشعرات، وغيرها من المنتجات الثانوية التي نتفاعل معها في أنشطتنا اليومية على الأجهزة الرقمية.[2]

وينبغي على مكاتب الإحصاء الوطنية أن تُضَمِّن تحليلات البيانات الضخمة في العمل اليومي. ستكون هناك تحديات منهجية، مثل كيفية التغلب على الانحيازات في البيانات التي لم تكن مصممة على أنها مسوحات رسمية. على سبيل المثال، فإن تحليل الرسائل على تويتر لن يكون ممثلاً لإجمالي عدد السكان؛ لذا قد تعاني التحليلات من ’تحيز انتقائي‘. لكن مثل هذه التحديات هي مجرد صعوبات لا عوائق.
 
وُجدت لتبقى وتنمو

من المهم أن نعرف أن البيانات الضخمة موجودة وستبقى. وتحظى كذلك بدعم دولي رفيع المستوى، لا سيما من الأمم المتحدة، التي دعت إلى ’ثورة بيانات‘ لدعم أهداف إنمائية لما بعد عام 2015.

وهناك أمثلة واعدة تشير إلى أن البيانات الضخمة قد تُستخدم في نهاية المطاف في الإحصاءات الرسمية. على سبيل المثال، تستخدم شركة PriceStats تقنيات ’جمع البيانات عبر الإنترنت‘ لجمع الآلاف من أسعار السلع الاستهلاكية من متاجر حول العالم، وتصدر تقديرات يومية للتضخم في العديد من الدول. وهذه التقديرات ومؤشرات الأسعار تكون مشابهة للأرقام التي تأتي بها الإحصاءات الرسمية. وربما في وقت ما ستحل محل الإحصاءات الرسمية مثل المؤشرات الشهرية عن سعر المستهلك.

بيد أن مثل هذه النقلة لن تعني انتهاء دور مكاتب الإحصاء الوطنية، بل على العكس. ستظل الإحصاءات الرسمية مهمة لغرض القياس -من أجل إعطاء قيمٍ يمكن مقارنتها دوريًّا بالتقديرات البديلة- وأيضًا لدعم تطوير نماذج البيانات الضخمة المناسبة.

وفي ظل محدودية الموارد العامة المتاحة للإحصاءات الرسمية، تواجه مكاتب الإحصاء الوطنية في الدول النامية تحديات كبيرة في تلبية الاحتياجات الإحصائية. لكن الفوائد العظيمة المرجوة من المقاربات الجديدة تتيح حافزًا للابتكار.

وللدول النامية ميزة في هذا الشأن؛ فالبنية التحتية الإحصائية المحدودة تعني أن الدول الفقيرة لديها عوائق أقل نسبيًّا للتحرك باتجاه المقاربات الجديدة. ومن الحقائق السارة أيضًا أن الكثير منها لديه مستويات عالية جدًّا ومتنامية لاستخدام الهواتف النقالة، التي تعد تقنية رئيسية في العديد من سيناريوهات البيانات الضخمة.
 
كيف تبدأ

ينبغي على مكاتب الإحصاء الوطنية أن تبدأ استكشاف البيانات الضخمة من خلال تحديد سؤال واضح للإجابة عليه. قد يستهدف هذا السؤال سد فجوة البيانات، أو جعل الإحصاءات الحالية أكثر مواءمة للوقت.
إن الارتباط القوي بأولويات الإحصاءات الوطنية سيكون مهمًّا في هذا السياق لضمان تطوير أي مشروع للبيانات الضخمة للوفاء باحتياجات حقيقية، بدل أن تكون مدفوعة ببساطة بالانجراف وراء التقنيات الحديثة.

تعد مرحلة التصميم هذه الخطوة الأهم، على الأرجح. ويجب على مكاتب الإحصاء الوطنية أن تحدد بوضوح احتياجاتها، وأن تطرح أسئلة، وتسعى لإيجاد شركاء وأصحاب مصالح وخبراء تقنيين، وأن تتأكد من حقها في الوصول لمصادر البيانات الملائمة.

سيمثل إيجاد الشركاء خطوة حاسمة، فهؤلاء غالبًا ما يشملون مؤسسات عامة وخاصة، إلى جانب مشاركة قوية من الجامعات.

وتتضمن المراحل اللاحقة من دورة حياة المشروع: القيام باختبارات الجدوى، وإثبات المفهوم، وإنشاء النماذج الأولية، وتجريبها.[3]

وبإمكان مكاتب الإحصاء الوطنية التي تطلق مثل هذه المشروعات أن تتواصل مع مبادرة النبض العالمي التابعة للأمم المتحدة (UN Global Pulse initiative)، فضلاً عن المبادرات الأكاديمية الرائدة في هذا المجال مثل ’ميديا لاب‘ التابعة لمعهد ماساتشوستس للتقنية، والشركات الناشئة المبتكرة مثل PriceStats، والجهات الفاعلة في مجال التنمية مثل المنتدى الاقتصادي العالمي.

إن كل هؤلاء الشركاء المحتملين قد أفصحوا لنا عن دعمهم القوي لفكرة مساعدة مكاتب الإحصاء الوطنية على بناء قدرات تحليلية للبيانات الضخمة في الدول النامية.

إن البيانات الضخمة هي فرصة يجب اغتنامها، لا مصدر للتهديد. والفوائد المرجوة من ورائها هائلة. وبإمكان مكاتب الإحصاء الوطنية في كل دولة أن تبدأ الآن في بناء مشروع للبيانات الضخمة.
 
ميخائيل سكاليوتيس هو رئيس فريق العمل بالمكتب الإحصائي للاتحاد الأوروبي في مجال البيانات الضخمة. وسيري تومسون هو قائد فريق في التعاون الإحصائي مع الدول النامية، في المكتب الإحصائي للاتحاد الأوروبي. يمكن التواصل مع سكاليوتيس عبر بريده الإلكتروني [email protected] وعلى تويتر @sitoilaks . ويمكن التواصل مع تومسون عبر بريده الإلكتروني [email protected] وعلى تويتر @cericurious .
 
الآراء المنشورة في هذا المقال تعبر عن كُتّابها، ولا تعكس بالضرورة وجهات النظر الرسمية للمفوضية الأوروبية.

المقال ضمن ملف منشور بالنسخة الدولية بعنوان البيانات الضخمة من أجل التنمية يمكنكم مطالعته عبر العنوان التالي:
Big data: An opportunity to boost analytical capacities
 

References

[1] Martin Karlberg and Michail Skaliotis Big data for official statistics — strategies and some initial European applications (UN Economic Commission for Europe’s Conference of European Statisticians, September 2013)
[2] Michail SkaliotisTimeliness and accuracy in official statistics 2.0 (Eurostat, 2010)    
[3] UN Global Pulse: Research (Accessed 25 March, 2014)