Skip to content

10/04/20

قابلات اليمن وممرضاته تحت وطأة الصراع

4 nurse
حقوق الصورة:Médecins Sans Frontières (MSF)

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

تحت وطأة صراع أهلَكَ الحرث والنسل، تعمل قابلات وممرضات يمنيات بكل حب وتفانٍ وإتقان، يمارسن أدوارهن بشجاعة وإقدام، في ظل منظومة صحية شبه منهارة تمامًا.

توضح أجاثا بيستمان -المنسقة الطبية لمنظمة أطباء بلا حدود في اليمن- لشبكة SciDev.Net: ”نتيجة للصراع في اليمن، فإن الخدمات الصحية إما غير متوافرة في معظم المناطق أو لا يمكن الوصول إليها، وذلك بسبب الأحوال الأمنية في جبهات القتال النشطة، أو العوائق الجغرافية كالمسافات الطويلة أو حالة الطرق السيئة، أو التكلفة المرتبطة بالنقل أو تقديم الخدمات“.

ثمة 49% من مستشفيات اليمن خارج نطاق الخدمة، أما البقية فلا تعمل بكامل طاقتها ولا تتوزع بالتساوي في مختلف أنحاء البلاد، وفي الوقت ذاته فإن الثلث فقط من تلك المستشفيات العاملة يمكنه تقديم خدمات الصحة الإنجابية، التي تمثل الحصة الأكبر من الرعاية الصحية المقدمة للنساء.

1 nurse

Photo Copyright: Médecins Sans Frontières
 
الأمر لا يتوقف عند هذا فحسب، إذ تشير لانكاني سيكوراجاباثي -المسؤولة الإعلامية بصندوق الأمم المتحدة للسكان بالعاصمة اليمينة صنعاء- إلى وجود عجز في أعداد العاملين الصحيين بتلك المشافي، وعدم وجود المستلزمات أو الأجهزة الطبية الضرورية، وعدم القدرة على توفير نفقات التشغيل اللازمة للمرافق الصحية.
 
لقد تركت الأزمة بصمتها في أعداد القوى العاملة الصحية لتصبح 10 عاملين صحيين فقط لكل 10 آلاف نسمة. الرقم الذي لا يبلغ نصف العدد الأدنى الذي حددته منظمة الصحة العالمية، وفق ما أوضحت سيكوراجاباثي لشبكة SciDev.Net.
 
في المقابل، يظل إحضار طواقم طبية دولية أمرًا معقدًا، يستغرق الكثير من الوقت والمجهود للحصول على الأوراق والتصاريح اللازمة. كما أن توفير إمدادات الأدوية والمستلزمات الطبية يجابه العديد من العوائق الإدارية لاستيرادها من خارج اليمن أو حتى نقلها من مكان إلى آخر داخل البلاد، وفق بيستمان.
 
لا سبيل إلا بالاعتماد على قابلات اليمن وممرضاته، المؤمنات بواجبهن تجاه وطنهن.*
 
2 nurse
Photo Copyright: Médecins Sans Frontières
 
أمل، 28 عامًا، تعمل قابلة في مستشفى الأم والطفل في الحوبان، محافظة تعز. بدأت العمل مع منظمة أطباء بلا حدود في عام 2017.
 
تروي أمل: ”نزحنا عن منزلنا في أوائل عام 2013 حين تصاعد العنف. كنت أعيش وقتها في حي كلابة بمحافظة تعز، على مقربةٍ من خطوط القتال، لكنني اضطررت إلى الرحيل والانتقال إلى القرية التي ينحدر منها أسلافي“.
 
ساعدت أمل نساء المنطقة حين انتقلت إلى هناك؛ نظرًا لغياب خدمات طبية قريبة منهن. فقد كانت بالنسبة لهن بمنزلة طبيبة قادرة على حل مشكلاتهن الصحية.
 
”فهم لم يعاملوني قَط على أنني مجرد قابلة“.
 
القبالة من وجهة نظر أمل هي مسؤولية كبيرة تحملها على عاتقها؛ إذ اعتادت أمل المغادرة أحيانًا تحت جنح الظلام متجهةً إلى مناطق ريفية نائية تفتقر إلى الكهرباء، لمساعدة العائلات. وتضطر إلى استخدام ’مصباح جيب‘ لإجراء المعاينة الطبية.
 
”لم أمانع قَط في هذا، ولم يمانع زوجي الذي يدعم عملي بشدة“.

3 nurse

Photo Copyright: Médecins Sans Frontières
 
تحكي أمل: ”كنت أحضر جميع أدواتي الطبية التي أحتاج إليها للتوليد والعلاج في حالات النزف؛ فقد كنت دائمة الاستعداد للطوارئ، إذ أشعر دومًا بأنني مسؤولة عن روحين في الوقت ذاته: الأم وطفلها“.
 
تعمل أمل كقابلة على مدار الساعة، ولا تنتهي مهمتها بنهاية يوم عملها، إذ تغادر المستشفى أحيانًا بعد انتهاء مناوبتها، ولا يكون وضع المرأة الحامل التي تعتني بها قد استقر. ”أصل إلى البيت وذهني لا يزال مشغولًا، إذ تنتابني مشاعر مختلطة بين القلق والفضول. وأجد نفسي وقد أمسكت لا شعوريًّا بالهاتف لأتصل بزملائي في المستشفى وأسألهم: ’كيف حالها؟ هل استقر وضعها؟ هل وضعت مولودها؟‘، أبقى قلقة إلى أن أحصل على كل الإجابات؛ فهذه المرأة مسؤوليتي“.

4 nurse
Photo Copyright: Médecins Sans Frontières

لا يختلف حال وضحة، 33 عامًا، عن حال زميلتها أمل، إذ عملت كقابلة في مستشفى الكندي بتعز لمدة 11 سنة، قبل أن تنزح إلى منطقة الحوبان عام 2016، وحينها بدأت العمل مع منظمة أطباء بلا حدود.
 
تشير وضحة إلى أن سكان القرى والمناطق النائية الفقراء لا يستطيعون زيارة المرافق الصحية. فقد تخضع النساء لتصوير بالأمواج فوق الصوتية مرةً واحدة خلال حملهن، أو قد لا يزرن المستشفى مطلقًا إلى حين موعد الولادة.
 
”المسافات الطويلة والتكاليف من أهم الأسباب التي تحول دون زيارة النساء للمستشفيات كي يخضعن للمعاينة والفحوصات“.

5 nurse

Photo Copyright: Médecins Sans Frontières 
وفي مستشفى الأم والطفل أيضًا، تعمل رائدة، 31 عامًا، كممرضة منذ مارس 2016.
 
وعلى الرغم من أن التمريض مهنة متعبة، إلا أن رائدة تحبها؛ لأنها توفر فرص العيش للناس، وتحاول تخفيف معاناتهم.
 
تقول رائدة: ”أشعر من خلال هذه المهنة بأنني أقدّم خدمة لشعبي ولبلدي“.
 
وبالمثل تقول زميلتها في المستشفى نفسه، مروة، ٢٩ سنة: ”إنه عمل إنساني بطبيعته، وفي نهاية المطاف تشعر بأن ضميرك مرتاح، ذلك أنك أسهَمت بطريقة أو بأخرى في تخفيف المعاناة التي يعيشها أشخاص، أو حتى إنقاذ أرواح. كما أن هذه المهنة تقربك من الناس؛ إذ نقضي الكثير من الوقت مع المرضى ونشاركهم أصغر تفاصيل حياتهم، وربما أكثر من الوقت الذي يقضيه الأطباء معهم“.
 
أحد المشاعر الرائعة التي تصفها مروة، عندما تساعد شخصًا بالغًا أو طفلًا يعاني من الألم في التخلص من هذا الألم، وعندما ترى تحسنًا في صحة الأشخاص الذين تقدم لهم الرعاية -مثلما يحدث عندما يبدأ الطفل في الرضاعة الطبيعية بعد أيام من البكاء– ”فهذا شعور رائع أيضًا“.
 
”أحيانًا أعود للعمل بمشاعر من الحماس بشكل كامل، وأفكر: هل سأرى مرضاي الذين اعتنيت بهم الأمس لا يزالون في السرير، أم ستكون حالتهم قد تحسنت وخرجوا من المستشفى؟ أشعر بالسعادة عندما أعرف أن صحة أي مريض قد تحسنت وسيخرج من المستشفى، فهذه هي ثمرة عملنا الشاق“.
 
6 nurse
Photo Copyright: Médecins Sans Frontières
 
ولا يتوقف دور رائدة ومروة عند المستشفى، فهو يرافقهم أينما ذهبوا. الكل ينظر إليهن على أنهن طبيبات الحي، وكثيرًا ما يطرق الجيران بابهن ليلًا، لا سيما إذا كان أحد أطفالهم مريضًا.
 
يكشف تقرير حديث أعدّته منظمة الصحة العالمية بالشراكة مع المجلس الدولي للممرضات وحملة ’التمريض الآن‘، أن ثمة أقل من 28 مليون ممرض وممرضة حول العالم.
 
وعلى الرغم من ازدياد عدد العاملين بمجال التمريض في الفترة بين عامي 2013 و2018 بواقع 4.7 ملايين شخص، لا تزال هناك فجوة عالمية يتعين سدّها بواقع 5.9 ملايين ممرض وممرضة، حيث تتركز الفجوات الأكبر في بلدان أفريقيا وجنوب شرق آسيا وإقليم المنظمة لشرق المتوسط، بالإضافة إلى بعض مناطق أمريكا اللاتينية. 
 
* شهادات القابلات والممرضات والصور هي لمنظمة أطباء بلا حدود تم عرضها في اليوم العالمي للمرأة.

 
هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net  بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.